المصريون يقهرون التحديات «الأمنية والتنظيمية» ويتأهبون لنسخة استثنائية من البطولة الأفريقية

يترقب المصريون بشغف، انطلاق منافسات بطولة كأس الأمم الأفريقية 2019، بعد غد (الجمعة)، آملين أن تعيد إحياء احتفاليات النسخ السابقة التي استضافوها، على رغم التحديات الأمنية والتنظيمية الراهنة.
وعد ّكثير من المتابعين هذه النسخة «استثنائية» نظير مشاركة 24 منتخباً لأول مرة في تاريخ البطولة.
وقام الدكتور أشرف صبحي وزير الشباب والرياضة المصري، اليوم (الثلاثاء)، بجولة تفقدية لاستاد الإسماعيلية الذي يستضيف مباريات المجموعة السادسة.
وكان برفقة صبحي خلال الجولة، اللواء حمدي عثمان محافظ الإسماعيلية، ومحمد شيحة عضو اللجنة المنظمة للبطولة ورئيس المجموعة السادسة.
وأثنى وزير الرياضة على الاستعدادات والتجهيزات كافة التي تم الانتهاء منها، كما شدد صبحي على ضرورة التنظيم الجيد أثناء فعاليات البطولة لكل المباريات، مؤكداً على ثقته الكاملة في مجموعة العمل القائمة على المجموعة السادسة.
ووجّه صبحي الشكر والتقدير للواء حمدي عثمان محافظ الإسماعيلية، على مجهوداته الكبيرة في توفير الاحتياجات كافة، وتذليل أي عقبات أمام المنتخبات التي ستستضيفها محافظة الإسماعيلية.
كما قام وزير الشباب والرياضة بزيارة الفنادق التي سوف تستقبل منتخبات المجموعة السادسة؛ حيث أعرب عن سعادته باستعدادات الفنادق لاستقبال الوفود والبعثات المرافقة لمنتخبات مجموعة الإسماعيلية.
يذكر أن المجموعة السادسة تضم منتخبات غانا، الكاميرون، غينيا بيساو، بنين. وتقام مباراة الافتتاح لهذه المجموعة يوم الثلاثاء المقبل، عندما يلعب المنتخب الكاميروني مع غينيا بيساو.
واختيرت مصر لتنظيم البطولة للمرة الخامسة، والأولى منذ 2006. في يناير (كانون الثاني) الماضي فقط، بعد منافسة مع جنوب أفريقيا، في أعقاب قرار الاتحاد القاري (كاف) سحب التنظيم من الكاميرون، بسبب التأخر في تجهيز البنية التحتية اللازمة والقلق من الوضع الأمني.
ورغم ضيق الوقت المتاح لمصر منذ الإعلان عن اختيارها بلداً مضيفاً، أكدت السلطات في القاهرة مراراً جاهزيتها، ولا سيما من ناحية الملاعب والبنية الأساسية وتقديم التسهيلات للمشجعين المحليين والزائرين، من دون إغفال الجدل الذي أثير حول أسعار التذاكر والبثّ التلفزيوني.
وستحلّ البطولة الرياضية الأولى من هذا الحجم التي تستضيفها مصر منذ ثورة يناير 2011 التي أطاحت بالرئيس الأسبق حسني مبارك، بعد أيام من وفاة الرئيس الأسبق محمد مرسي الإثنين «أثناء حضوره جلسة محاكمة»، ومواراته الثرى فجر الثلاثاء في القاهرة.
وأكد مصدر في الاتحاد الأفريقي، طالباً عدم ذكر اسمه، أن «لا سبب» يدعو لتأجيل البطولة أو إلغائها بعد وفاة مرسي.
وأكدت السلطات استعدادها للاستضافة في الملاعب الستة (3 في القاهرة، وملعب في كل من السويس والإسكندرية والإسماعيلية)، وهو ما عكسه الاتحاد القاري بقول رئيس اللجنة المنظمة النيجيري أماجو بينيك: «الملاعب الستة مذهلة، على طراز عالمي».
وأضاف: «لا تفاصيل للعمل عليها، كل شيء جاهز».
وفي مقابل الجاهزية الإنشائية، أثارت أسعار التذاكر انتقادات واسعة، ولا سيما في ظل الصعوبات الاقتصادية التي يواجهها المصريون.
ففي أواخر أبريل (نيسان) أعلنت اللجنة المنظمة أسعاراً لاقت انتقادات حادة من المشجعين، بعدما سجلت تذاكر مباريات المنتخب المصري؛ خصوصاً مقاعد الدرجة الثالثة، السعر الأعلى.
ودفعت هذه الانتقادات اللجنة إلى إعادة النظر في الأسعار وخفض سعر تذاكر الدرجة الثالثة للمصريين، لتصل إلى 150 جنيهاً (9 دولارات) بدلاً من 200 جنيهاً، بينما بقيت أسعار تذاكر الدرجة ذاتها لحضور مباريات المنتخبات الأخرى على حالها (100 جنيه).
ويرى الصحافي الرياضي المصري وليد العدوي أن «عدم الاستعداد (من قبل المنظمين) ظهر في جدل إعلان أسعار التذاكر، وما صاحبه من ثورة غضب عارمة، ساهمت في تخفيضها (الأسعار) قليلاً فيما بعد».
وأضاف أن أزمة التذاكر امتدت «إلى حصر المشجعين في المدرجات على فئة معينة، وهي التي تتعامل مع الإنترنت فقط».
وجعلت اللجنة المنظمة حجز تذاكر المباريات من خلال موقع إلكتروني، يحصل الراغبون من خلاله على «هوية مشجع» أولاً، ليتمكنوا من حجز المقاعد.
ويقول العدوي: «ثمة شريحة عريضة من المصريين المعتادين على حضور المباريات يجهلون كيفية التعامل الإلكتروني»، متابعاً: «إذا كان سعر التذكرة منخفضاً، كان من الممكن أن تجد مقاهي الإنترنت مليئة بالزبائن الذين يحاولون الحجز إلكترونياً. لكن الأسعار لم تحمّس عدداً كبيراً من الجماهير».
وفي 2006 امتلأت مدرجات الملاعب بالمشجعين من كل الأعمار والفئات، ما حوّل مباريات البطولة إلى ما يشبه الأجواء الاحتفالية التي انعكست على الشوارع والمنازل، توّجت بإحراز «منتخب الفراعنة» اللقب.
وفي تعليق على الحجز الإلكتروني، علّق اللاعب المصري السابق ومدير بطولة 2019 محمد فضل بالقول: «أي تجربة تواجه صعوبات في البداية».
وأضاف: «لقد قررنا كدولة وكجهة منظمة أن نخاطر بالتطوير ونطبق التذكرة أونلاين (إلكترونياً) حتى نتعلم»، موضحاً أن «هوية المشجعين» (التي اعتمدت أيضاً في مونديال روسيا 2018) تشكل طريقة مثالية لكي تتوفر لدى السلطات معلومات عن المشجعين وتوفير الأمن.
ووضع فضل ذلك في إطار أن «تكون مطمئناً عندما تذهب أسرتك لمشاهدة المباراة في الملعب».
إلى ذلك، يشكل البثّ التلفزيوني إحدى العقبات الأساسية التي أثارت تذمر المشجعين المصريين، نظراً لأن الحقوق الحصرية تعود إلى شبكة «بي إن سبورتس» القطرية، أو من خلال القنوات المصرية الأرضية، التي يحتاج التقاط بثّها إلى تركيب هوائي خاص.
وفي بلد يبلغ تعداد سكانه زهاء 100 مليون نسمة، ويعاني من ارتفاع في نسبة التضخم، تقتصر القدرة على الاشتراك بالقنوات المالكة لحقوق البثّ على الميسورين أو أصحاب المقاهي الراغبين في جذب الزبائن.
ووعد وزير الرياضة أشرف صبحي، في تصريحات نشرتها الصحف الحكومية، في فبراير (شباط): «عدم وجود أزمات في بثّ مباريات أمم أفريقيا 2019»، وأن المباريات ستبث «على الأرضي مجاناً لكل المصريين».
وتنتشر على القنوات الفضائية المصرية هذه الأيام أشرطة مصورة موجهة للمشاهدين، حول كيفية تركيب هوائيات لنقل القناة الأرضية وأسعارها. ويقول أحمد عبد المجيد، وهو موظف مصري مولع بكرة القدم: «هل من المعقول أن تكون مصر البلد المضيف ولا يستطيع أن ينقل المباريات على قنواته الفضائية؟ ... هذه سخافة».
وأضاف بابتسامة ساخرة: «الكرة في مصر أهم من السياسة، إنها وسيلة الشعب الوحيدة للترفيه».
من جانبه، وجّه محمد النني لاعب وسط الفريق الأول لكرة القدم بنادي آرسنال الإنجليزي ومنتخب مصر رسالة للاعبي المنتخبات الأفريقية المشاركة في بطولة أمم أفريقيا 2019.
وقال النني، عبر حسابه بموقع التواصل الاجتماعي على الإنترنت «تويتر»: «إخوتنا في جميع بلدان أفريقيا، إنه لمن دواعي سروري وفخري أن تكونوا هنا في مصر». وأضاف: «استمتعوا بإقامتكم، واشعروا أنكم في بيتكم... مرحباً بكم في بيتكم».