الفلسطينيون يسعون إلى جبهة رفض واسعة لخطة السلام الأميركية

هجوم جديد على غرينبلات بعد تأييده ضم أجزاء من الضفة

فلسطينيات يجلسن قرب ركام منزل دمرته القوات الإسرائيلية في بلدة يطا بالضفة الغربية أمس (إ.ب.أ)
فلسطينيات يجلسن قرب ركام منزل دمرته القوات الإسرائيلية في بلدة يطا بالضفة الغربية أمس (إ.ب.أ)
TT

الفلسطينيون يسعون إلى جبهة رفض واسعة لخطة السلام الأميركية

فلسطينيات يجلسن قرب ركام منزل دمرته القوات الإسرائيلية في بلدة يطا بالضفة الغربية أمس (إ.ب.أ)
فلسطينيات يجلسن قرب ركام منزل دمرته القوات الإسرائيلية في بلدة يطا بالضفة الغربية أمس (إ.ب.أ)

قال عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، صالح رأفت، إن القيادة الفلسطينية تعمل على تشكيل جبهة رفض دولية وعربية لخطة السلام الأميركية المعروفة باسم صفقة القرن.
وأضاف رأفت في تصريحات بثتها الوكالة الرسمية الفلسطينية: «لقد دعونا كل الدول العربية ألا تلبي دعوة الولايات المتحدة الأميركية بالمشاركة في الورشة الاقتصادية في البحرين، كما دعونا الأحزاب العربية لممارسة الضغوط على حكوماتها من أجل عدم المشاركة لأن مجرد المشاركة فيها يعني التعاطي مع ما يسمى (صفقة القرن)، والشق الاقتصادي الذي ستطلقه الإدارة الأميركية من الصفقة وتطبيع العلاقات مع دولة الاحتلال الإسرائيلي التي ستشارك في ورشة المنامة».
وتابع أن «من ضمن الجهود التي قامت بها القيادة الفلسطينية القيام باتصالات مستمرة مع روسيا الاتحادية والصين الشعبية اللتين اتخذتا قرارهما بعدم المشاركة في ورشة المنامة، كما تم الاتصال بعدد من الدول الصديقة لرفض دعوة أميركا، وهناك عدد من الدول العربية التي رفضت المشاركة وفي مقدمتها سوريا ولبنان والعراق».
وأكد رأفت أن هناك تواصلا مع الصين الشعبية وروسيا وجنوب أفريقيا والاتحاد الأوروبي والكثير من الدول الكبرى من أجل مواصلة العمل لعقد مؤتمر دولي حقيقي يضع آليات لتسوية الصراع الفلسطيني - الإسرائيلي، وفقا لقرارات الشرعية الدولية والقانون الدولي.
وجاءت محاولات السلطة لتشكيل جبهة رفض للجهود الأميركية، في وقت قال فيه الرئيس الفلسطيني محمود عباس «أبو مازن»، إن خطة السلام الأميركية المعروفة باسم «صفقة القرن» لن تمر وستواجه الفشل.
ويرى الفلسطينيون أن رفضهم التعامل مع الخطة، سيفشلها، ويستشهدون بالصعوبات التي تواجهها الولايات المتحدة في إعلان خطتها والتراجع عن ذلك عدة مرات، ثم إطلاق ورشة اقتصادية كجزء من الخطة في هذا الوقت.
وقال تيسير خالد، عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، إن الوقت لم يفت بعد لانسحاب الدول العربية المعنية، التي أعلنت موافقتها على المشاركة في ورشة المنامة الاقتصادية، وذلك احتراما للإجماع الوطني الفلسطيني بالمقاطعة والتركيز الفلسطيني على إفشال الورشة الاقتصادية الذي تصاعد قبل نحو أسبوع من إطلاقها في البحرين.
ورفض الفلسطينيون المشاركة في هذه الورشة انطلاقا من رفض الصفقة الأميركية برمتها. ويقول الفلسطينيون إن الخطة تهدف إلى تصفية القضية الفلسطينية عبر حسم أخطر الملفات مثل: القدس واللاجئين والحدود، لصالح الرواية الإسرائيلية. ويتهمون الولايات المتحدة بدعم خطة إسرائيلية لضم الضفة الغربية كذلك.
وأدانت وزارة الخارجية الفلسطينية تصريحات مبعوث الرئيس الأميركي دونالد ترمب لـ«الشرق الأوسط» جيسون غرينبلات التي أيد فيها حق إسرائيل بضم أجزاء من الضفة.
وقالت الخارجية، إن «حالة من الانصهار والتبني المطلق لرواية الاحتلال واليمين الإسرائيلي الحاكم وأطماعه الاستعمارية يبديها بلا خجل أو دبلوماسية، فريق ترمب المُتصهين، في عداءٍ مكشوف وعلني للحقوق الفلسطينية والعربية، وفي الوقت الذي كان فيه السفير الأميركي في تل أبيب ديفيد فريدمان يحتفل مع نتنياهو بتدشين مستوطنة ترمب في الجولان، كان غرينبلات في مؤتمر جريدة صحيفة (جروزاليم بوست) يتبنى تصريح فريدمان بشأن ما ادعاه عن حق إسرائيل في ضم أجزاء من الضفة الغربية المحتلة، معلناً إعجابه بنص ومضمون تصريح فريدمان ودعمه له، في اعتراف صريح بدعم إدارة ترمب لفرض القانون الإسرائيلي على المستوطنات في الضفة الغربية المحتلة، وذلك طبعاً دون تحديد طبيعة الكتل الاستيطانية وحدودها ومخططاتها الهيكلية، ومضامين ومعاني فرض القانون الإسرائيلي عليها، والتي قد تتدحرج لضم كامل الضفة الغربية المحتلة». وفريدمان قال للصحيفة نفسها قبل ذلك إنه «في ظروف معينة، أعتقد أن لإسرائيل الحق بالاحتفاظ بجزء من الضفة الغربية، ولكن ليس بكاملها على الأرجح».
وفي المؤتمر أشار غرينبلات أيضا إلى أن البيت الأبيض قد يقوم بتأجيل الطرح الكامل لخطة السلام حتى شهر نوفمبر (تشرين الثاني)، بسبب الأزمة السياسية التي تمر بها إسرائيل، إلا أنه قال إن القرار النهائي في هذا الشأن لم يُتخذ بعد. وقال إن إدارة ترمب كانت ستقوم بنشر برنامج عمل خطتها للسلام هذا الصيف لو لم تقم إسرائيل بحل برلمانها في الشهر الماضي وإعلانها التوجه لانتخابات جديدة - الثانية هذا العام - في سبتمبر (أيلول) 2019، وقال غرينبلات: «الانتخابات الجديدة أخرجتنا عن المسار».
وأقر غرينبلات بوجود حدود للتنازلات العربية للدولة اليهودية. وقال: «هناك حد إلى أي مدى سيذهب فيه العرب مع إسرائيل، فهم لا يريدون خيانة الفلسطينيين. لن نجبر أي بلد على الذهاب إلى أبعد مما هو مريح بالنسبة له».
لكنه حذر من أن «الفشل سيضع القضية في الصندوق لفترة طويلة»، وسيشكل مثل هذا التطور «مأساة للشعب الفلسطيني».
وأكد غرينبلات أيضا على أن واشنطن لا تسعى إلى الإطاحة بقيادة السلطة الفلسطينية، التي سبق وأعلنت رفضها لخطة السلام، ولكنها تأمل بأن يكون الشعب الفلسطيني قادرا على أن يقرر بنفسه ما إذا كان معنيا أو غير معني بقبول خطة السلام.
وكان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو قد أعلن قبل الانتخابات العامة الأخيرة في أبريل (نيسان) الماضي، أنه ينوي الضم التدريجي للمستوطنات في الضفة الغربية، وهي خطوة أثارت غضبا فلسطينيا كبيرا.
ولأول مرة يظهر الفلسطينيون بشتى انتماءاتهم وتوجهاتهم موحدين ضد الخطة الأميركية. ودعت حركة فتح أمس إلى تصعيد المواجهات مع الجيش الإسرائيلي، بالتزامن مع انعقاد المؤتمر الأميركي الاقتصادي في البحرين الأسبوع المقبل، بعدما ألغت الدعوة لإضراب يوم 25 من الشهر الجاري بسبب امتحانات الثانوية العامة.
لكن حركة حماس قررت في غزة إجراء إضراب شامل.
وقال خليل الحية عضو المكتب السياسي لحماس، إن حركته بالتنسيق مع القوى الوطنية والإسلامية، تدعو للإضراب الشامل يوم الثلاثاء 25 يونيو (حزيران) الجاري، تزامناً مع انطلاق مؤتمر البحرين، ورفضاً لمخرجاته.



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم