«حماس» تعلن عن مرحلة جديدة من التفاهمات في غزة

تشمل إلى جانب تلقي الأموال تدشين خطوط كهرباء ومياه من إسرائيل

طوابير في غزة لتسلم المساعدة المالية من مكتب البريد أمس (أ.ف.ب)
طوابير في غزة لتسلم المساعدة المالية من مكتب البريد أمس (أ.ف.ب)
TT

«حماس» تعلن عن مرحلة جديدة من التفاهمات في غزة

طوابير في غزة لتسلم المساعدة المالية من مكتب البريد أمس (أ.ف.ب)
طوابير في غزة لتسلم المساعدة المالية من مكتب البريد أمس (أ.ف.ب)

قالت حركة «حماس» إنه سيتم البدء بتنفيذ «رزمة أوسع» من تفاهمات «كسر» الحصار الإسرائيلي عن قطاع غزة، بفضل وساطات إقليمية.
وقال المتحدث باسم الحركة، حازم قاسم، لصحافيين في غزة، أمس، إن رزمة التفاهمات الأوسع تشمل في هذه المرحلة ملفات دعم الأسر الفقيرة، والكهرباء، والمياه، والتشغيل المؤقت، وحركة المعابر.
وذكر قاسم أن «الوسطاء نقلوا للفصائل خلال الأيام القليلة الماضية، التزام الاحتلال الإسرائيلي بتفاهمات كسر الحصار عن غزة». وأضاف أن «الفصائل تتابع التزام الاحتلال بتنفيذ ما عليه بموجب التفاهمات»، واصفاً هذه الرزمة من التفاهمات، بواحدة من «إنجازات مسيرات العودة التي تهدف بالأساس لتثبيت الحقوق الوطنية».
وجاءت تصريحات قاسم حول مرحلة جديدة، مع بدء فروع بنك البريد في قطاع غزة في صرف مساعدة نقدية مقدمة من قطر بواقع 100 دولار لكل أسرة. وبدأ دفع الأموال بعد وصول السفير القطري محمد العمادي إلى قطاع غزة في وقت متأخر، الأحد، قادماً من إسرائيل.
وقالت وسائل إعلام إسرائيلية، إن إسرائيل سمحت للسفير القطري بنقل مبلغ 15 مليون دولار أميركي إلى قطاع غزة، لصرف مساعدات نقدية، وتمويل برامج مشروعات تشغيل مؤقت تحت إشراف الأمم المتحدة. وبعد وصول الوفد القطري وصل إلى قطاع غزة كثير من الوفود الأجنبية.
وقال المكتب الإعلامي لمعبر بيت حانون، إن جيمس ماغولدرك، نائب منسق عملية السلام في الشرق الأوسط نيكولاي ميلادينوف ووفداً مرافقاً له وصلوا إلى غزة. وتأتي زيارة ماغولدرك بعد يومين فقط من زيارة ميلادينوف إلى غزة، لمتابعة ملفات التهدئة ومشروعات الأمم المتحدة بغزة.
وأوضح المكتب أن السفير الياباني تاكيشي أكوبو، مع وفد رفيع مرافق له وصل للقطاع. ووصلت سارة موسكروفت، مديرة مكتب حقوق الإنسان في الأمم المتحدة، ونيل توبن مدير مكتب حقوق الإنسان بغزة.
كذلك وصل مدير مكتب منظمة الصحة العالمية في القدس، جيرالد روكن شواب، ووفد مرافق له إلى القطاع.
وبدأ القطريون بالاتفاق مع إسرائيل بدراسة خطة لإنشاء خط إضافي، من أجل إمدادات الكهرباء من إسرائيل إلى قطاع غزة.
لكن توجد مشكلة في هذا الخط مع السلطة الفلسطينية، التي ترى أن قطر تجاوزتها فيه. وقال رئيس سلطة الطاقة في فلسطين، ظافر ملحم، إن دولة قطر تعدت على السيادة الفلسطينية، من خلال التواصل مع الجانب الإسرائيلي، بخصوص مشروع خط كهرباء 161، دون الرجوع لسلطة الطاقة الفلسطينية، التي تُعتبر المُخول الأول والأخير بتنفيذ المشروع.
وأضاف ملحم في تصريحات له نقلتها وسائل إعلام محلية: «لم يتم التنسيق معنا من قبل القطريين، وقطر تنفذ المشروع بعيداً عن سلطة الطاقة في الضفة والقطاع». وأكد ملحم: «سنوجه رسائل احتجاجية إلى الجانبين».
ويدور الحديث كذلك عن تركيب خط ناقل لمياه الشرب من إسرائيل إلى قطاع غزة، ضمن التفاهمات الجديدة.
وقالت وسائل إعلام إسرائيلية إن شركة المياه الإسرائيلية وسلطة المياه، تعملان على وضع خط أنابيب مياه جديد من إسرائيل إلى قطاع غزة، سيتم ربطه بشبكة المياه الفلسطينية في قطاع غزة، سيحسن من إمدادات المياه التي تنقلها إسرائيل إلى القطاع.
وانطلقت عملية حفر القناة لوضع خط الأنابيب الجديد بمحاذاة خط المياه القديم، ومن ثم سيتم ربط خط المياه الجديد في الأيام المقبلة بشبكة المياه في قطاع غزة، ومن هناك إلى المنازل، علماً بأن المشروع سيكلف ملايين الدولارات.
ويقع خط المياه في الأراضي الإسرائيلية بموازاة وسط قطاع غزة، ويتم العمل تحت حراسة أمنية، خشية أن يتعرض العمال والمعدات لأي هجوم. وسيتمكن الخط الجديد من ضخ المياه إلى قطاع غزة بطريقة ميسرة.
وتوفر إسرائيل مياه الشرب لقطاع غزة من خلال ثلاثة خطوط مياه رئيسية على طول الحدود. ووفقاً للاتفاق بين الجانبين، فإن إسرائيل ملزمة بنقل 10 ملايين متر مكعب من المياه سنوياً إلى قطاع غزة. وكل عام تنقل إسرائيل 11.5 مليون متر مكعب من الماء الصالح للشرب إلى القطاع. وتجري المحادثات بين إسرائيل وقطاع غزة لإعادة التأهيل في مجال المياه.
ويعاني قطاع غزة من مشكلات مياه الصرف الصحي، وتتدفق معظم هذه المياه في الشوارع، أو عبر نهر حانون في شمال القطاع، وصولاً إلى البحر الأبيض المتوسط، مما يتسبب في تلوث المياه الجوفية التي تتغذى منها إسرائيل أيضاً. وهناك دائماً تخوف من حدوث أوبئة في غزة تضر بسكان القطاع، وكذلك بسكان إسرائيل المجاورة.
من جهة ثانية، قالت مصادر في تل أبيب، إن إسرائيل تفضل منح الأموال القطرية إلى حكومة «حماس» وإشرافها، على أن تمررها إلى أجهزة الأمم المتحدة. والسبب في ذلك هو أن «حماس» تزود إسرائيل بقوائم أسماء المستفيدين من هذه الأموال، بدقة وبالتفصيل، بينما الأمم المتحدة توزع الأموال بشكل لا يخضع للسيطرة.
المعروف أن إدخال الأموال إلى غزة ومواصلة التفاهمات على التهدئة، رغم استمرار إطلاق البالونات الحارقة باتجاه إسرائيل، يثير موجة واسعة من الانتقادات ضد حكومة نتنياهو. ولكن بالمقابل يدافع نتنياهو عن هذه السياسة بالقول إن هدفه هو تشجيع الانقسام الفلسطيني.
ونشرت أوساط مقربة من نتنياهو، أمس، نص رسالة كان قد بعثت بها إليه مجموعة من المسؤولين السابقين في جهاز الأمن الإسرائيلي، يؤيدون فيها سياسته ويشجعونه على تهدئة الوضع الأمني المتوتر في قطاع غزة، والدفع نحو تطبيق تفاهمات بين إسرائيل وحركة «حماس» بوساطة مصر، من أجل إزالة احتمال «صدام عسكري».
وقد كتب المحلل العسكري في «واللا»، أمير بوحبوط، في هذا السياق، إن «المؤسسة السياسية (الإسرائيلية) ليست ناضجة وليست معنية، في هذه المرحلة قبل الانتخابات في إسرائيل، بتوزيع هدايا على الفلسطينيين في غزة؛ خصوصاً أن رئيس السلطة الفلسطينية أبو مازن لا يتعاون، وبإمكانه أن يهزّ أي قرار لا يمر من خلاله بواسطة عقوبات ووقف أموال الرواتب ودعم حكومي لدفعات المياه والطاقة». وتابع بوحبوط: «رئيس (حماس) في غزة، يحيى السنوار، يعرف قراءة الخريطة السياسية في إسرائيل بصورة جيدة، ويدرك أن نتنياهو سيواجه صعوبة بتوزيع هدايا في الوقت الحالي بينما تجري معركة انتخابية؛ لكن لا يبدو أنه بقي أمام قيادة (حماس) خيارات كثيرة. وأشهر الصيف الملتهبة دائماً تسخن الأجواء في الشارع الفلسطيني في قطاع غزة بكل معنى الكلمة، والتخوف من انتقال الانتقادات الشعبية من حدود إسرائيل – غزة إلى قادة (حماس) ورموز الحكم بات ملموساً في الأشهر الأخيرة. والسؤال الأكبر هو: كم من الوقت سيبقى نتنياهو مستعداً لامتصاص انتقادات شعبية حول الحرائق وتنقيط القذائف الصاروخية من غزة، واتباع توجه لا يبادر إليه وإنما يردّ عليه، بصورة مدروسة ومنضبطة. وحتى حسم الموضوع، ستكون الحكومة الحالية منشغلة بالأساس بكسب الوقت، وتتوقع أن القوات الميدانية ستعرف كيف تحتوي الأحداث التي تتفجر».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.