المبعوث الخاص لبوتين في بيروت لاستطلاع جهود عودة النازحين

مصادر لبنانية تشير إلى أن النظام لم يوجه أي نداء للسوريين للعودة إلى بلدهم

TT

المبعوث الخاص لبوتين في بيروت لاستطلاع جهود عودة النازحين

يبدأ المبعوث الخاص للرئيس الروسي، ألكسندر لافرينتيف، اليوم (الثلاثاء)، زيارته الرسمية إلى العاصمة اللبنانية بيروت، التي يستطلع خلالها آخر التطورات المرتبطة بملف عودة النازحين السوريين إلى سوريا، ويوجه دعوة للبنان، إلى جانب الدول المحيطة بسوريا (أي العراق والأردن) للمشاركة في الجولة المرتقبة من مؤتمر آستانة خلال يوليو (تموز) المقبل، بصفة «مراقب».
لافرينتيف يحط في لبنان قبل زيارته إلى سوريا، وينتظر أن يلتقي في بيروت الرئيس اللبناني ميشال عون، ورئيس البرلمان نبيه برّي، ورئيس الحكومة سعد الحريري، ووزير الخارجية جبران باسيل. وأفادت مصادر سياسية واسعة الاطلاع لـ«الشرق الأوسط» بأن مهمة لافرينتيف «استطلاعية» لموضوع عودة النازحين، بالنظر إلى أن عوامل إنضاج المبادرة الروسية لإعادتهم وتهيئة الظروف المناسبة لعودتهم «لم تتوافر بعد».
للعلم، تأتي الزيارة بموازاة تصعيد سياسي تجاه النازحين السوريين، وإجراءات حكومية جرى اتخاذها أخيراً، أهمها تحت بند «تفعيل القوانين المرتبطة بالعمالة الأجنبية وإجازات العمل»، والخطاب السياسي العالي اللهجة تجاه النازحين، خصوصاً من قبل «التيار الوطني الحر».
وقالت مصادر سياسية تعارض تصعيد الخطاب ضد النازحين لـ«الشرق الأوسط» إنه «لا طرف في لبنان يربط العودة بالحل السياسي، والجميع متفق على ضرورة إعادتهم حتى قبل إنجاز الحل السياسي، لكن هناك عوامل أخرى لا يأخذها بعين الاعتبار الذين يطالبون بعودة النازحين الفورية... أهمها أنه لم تصدر دعوة على مستوى عالٍ من النظام السوري للنازحين بالعودة، وهناك وزراء لبنانيون يواظبون على زيارة دمشق لم يسمعوا بنداء سوري للنازحين للعودة».
وتضيف هذه المصادر: «ليس دقيقاً القول إن النظام السوري يسيطر على كامل سوريا، بالنظر إلى أن هناك مربّعات تسيطر عليها قوى عسكرية وقوى أمر واقع، حتى لو كانت حليفة للنظام، وبالتالي فهي ليست النظام الذي بات ملعباً وليس لاعباً على الجغرافيا السورية».
وكشفت المصادر أن اللبنانيين الذين يزورون دمشق حاولوا مع مسؤولين أمنيين سوريين يلتقون بهم، عدة مرات في السابق، أن يبادر النظام إلى توجيه نداءات للسوريين في لبنان للعودة، لكن كبار المسؤولين الأمنيين قالوا إن النظام غير قادر على كفاية من يقيمون في سوريا، وتأمين ظروف العيش لهم، وبالتالي فهو غير قادر على استيعاب المزيد، وتوفير ظروف العيش لهم، في ظل العقوبات الدولية عليه، وعلى إيران. كذلك سجلت المصادر أنه «حتى الآن، لا يوجد أي بيان سوري رسمي يدعو السوريين للعودة، وهو ما يدفع لدعوة النظام لتوجيه نداء للسوريين للعودة».
أخيراً، وعشية زيارة المسؤول الروسي، ترى مصادر سياسية لبنانية مواكبة للتطورات أن «المبادرة الروسية جامدة» حتى هذا الوقت، وتنتظر دفعاً دولياً يتوقع أن تظهر معالمه في الاجتماع المنتظر بين الرئيس الأميركي دونالد ترمب والروسي فلاديمير بوتين على هامش قمة «مجموعة العشرين» التي ستعقد في مدينة أوساكا اليابانية في 28 - 29 يونيو (حزيران) الجاري.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».