قال الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، إن أصل المشكلة في العلاقة بين الدول العربية من جهة وإيران وتركيا، يتمثل في أن كلتا الدولتين «تحمل مشروعاً سياسياً ترى تطبيقه خارج حدودها، وبالتحديد في المنطقة العربية».
واعتبر أبو الغيط خلال كلمته في ندوة «نحو بناء استراتيجية موحدة للتعامل مع دول الجوار الجغرافي» التي نظمها البرلمان العربي، أمس، أن العرب تأخروا «كثيراً في تناول موضوع العلاقات العربية مع دول الجوار بصورة مُعمقة تتجاوز الجاري من الأحداث أو الطارئ من القضايا... إلى ما هو استراتيجي ومستقبلي وبعيد المدى، مضيفاً: «من هنا تأتي أهمية اجتماعنا الذي يطرح مسألة التعامل مع دول الجوار الجغرافي على طاولة البحث الفكري، والحوار العملي، معرباً عن يقينه بأن علاقة صحية وصحيحة، تنطلق من أسس سليمة مع دول الجوار، ينبغي أن تحتل مكانها كأولوية رئيسية على أجندة الفكر الاستراتيجي العربي، في جانبه النظري وتطبيقاته العملية على حدٍ سواء».
وأشار أبو الغيط إلى أنه من حيث المبدأ، فإن الحوار المباشر يظل السبيل الأنجع والجسر الأقصر لتناول هذه المعضلات جميعاً، بصورة تستجيب لشواغل الجميع وتحقق مصالح الجميع، موضحاً أن «الأمور تأزمت مع إيران وتركيا في الآونة الأخيرة إلى حد صار معه الحوار صعباً، بل وغير مجدٍ في الوقت الحالي، فالحوار لغرض الحوار، من دون إطار مفاهيمي يحكمه أو نقاط مرجعية تضبطه، لا يكون سوى تمرين ذهني، أو استعراض شكلي، لا يُعالج القضايا الجوهرية ولا يؤسس لعلاقة صحية».
وأكد أبو الغيط: «لا أريد أن أخوض فيما هو معروف للجميع من مظاهر التوتر الشديد في العلاقة مع هاتين الجارتين؛ ولكن يكفي أن أقول إنه كان هناك منتدى للتعاون العربي التركي، تأسس منذ عام 2007، وعقدت 5 دورات له على المستوى الوزاري، قبل أن يتوقف في 2013 لأسباب معروفة لنا جميعاً»، مشيراً إلى أن تدخلات إيران في الشؤون الداخلية للدول العربية، صارت بنداً دائماً على أجندة مجلس الجامعة العربية منذ 2015.
وقال: «نشاهد اليوم ما تُباشره إيران وأذرعها من تهديدات خطيرة للأمن القومي العربي؛ بل وللأمن العالمي في واحدٍ من أدق مفاصله المتعلقة بأمن طرق التجارة والممرات البحرية وسلامة المنشآت البحرية»، مضيفاً أن «إيران تعتبر المنطقة العربية ساحة مفتوحة ومباحة لمشروعها التوسعي، وتُعطي لنفسها حق التدخل في أزمات الدول العربية، بل إشعال هذه الأزمات في أحيان كثيرة، من أجل الدفع قُدماً بهذا المشروع الذي يتعارض مع أسس الدولة الوطنية على طول الخط... ويضرب بمبدأ السيادة وعدم التدخل في الشؤون الداخلية عرض الحائط، ويدفع بالمنطقة إلى أتون حروب طائفية نرى تجلياتها - للأسف - في عدد من نزاعات المنطقة اليوم».
ولفت إلى أن تركيا تدفع بمشروع آخر لا يقل خطورة... يعتنق الإسلام السياسي في ثوب من العثمانية الجديدة، ويسعى إلى الترويج لمنطلقاته الآيديولوجية في منطقة ثبت أنها ترفض هذا المشروع، موضحاً أن تركيا، تُعطي لنفسها الحق بالتدخل والتوغل في أراضي دولٍ عربية دفاعاً عما تعتبره أمنها القومي، ومن دون أي اعتبار لأمن الآخرين أو سيادة الدول، وهو توجه مرفوض ولا يؤسس لعلاقة سليمة ومتوازنة بين طرفين تقوم على الاحترام المتبادل، مشدداً على أن كلا المشروعين، الإيراني والتركي، توسعي ويؤسس لعلاقة تقوم بين طرف مهم وآخر تابع، وكلاهما يقفز فوق الدول وسيادتها، وكلاهما يرى في الصراعات الدائرة في المنطقة فُرصة للتغلغل والتمدد، وهو نظر قاصر يقتنص مغانم قريبة ولا يهتم بعلاقة طويلة الأمد تقوم على الثقة المتبادلة، وتُحقق منفعة مشتركة للجميع عبر التعاون في مواجهة تهديدات، هي بطبيعتها، تستلزم حواراً إقليمياً.
وتحدث أبو الغيط عن العلاقات مع الجوار الأوروبي، مشيراً إلى أن الحوار العربي الأوروبي مستمر منذ سبعينات القرن الماضي، ويستند إلى مصالح راسخة وقواسم مشتركة وأطر مؤسسية ممتدة، سواء على الصعيد المتوسطي أو الأوروبي العام، منوهاً باختراق مهم تحقق أخيراً بانعقاد القمة العربية - الأوروبية الأولى بشرم الشيخ في فبراير (شباط) الماضي، حيث مهدت هذه القمة الطريق لحوار صريح وبناء يخاطب شواغل الطرفين؛ العربي والأوروبي.
وبالنسبة للعلاقات مع الجوار الأفريقي. قال أبو الغيط إنها - وبكل صراحة - تحتاج إلى دفعة تُنشطها وتبث الحياة في أوصالها، مشيراً إلى أن أربع قمم عربية - أفريقية قد عُقدت، معرباً عن التطلع إلى انعقاد الخامسة بالمملكة العربية السعودية في نوفمبر (تشرين الثاني) القادم.
وعن إسرائيل، قال أبو الغيط: «لم نذكر إسرائيل في سياق الحديث عن الجوار العربي، إلا أننا ننظر إليها أيضاً بوصفها دولة جوار، بيننا وبينها قضية واضحة ومحددة هي القضية الفلسطينية»، مضيفاً: «إذا اختارت إسرائيل السبيل الوحيد المعقول والمقبول من جانبنا كعرب لحل هذه القضية، وهو إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على حدود الرابع من يونيو (حزيران) 1967، وعاصمتها القدس الشرقية، فسيتم قبولها في المنطقة كطرف إقليمي طبيعي، وهذا هو جوهر مبادرة السلام العربية».
من جهته، دعا الدكتور مشعل بن فهم السلمي، رئيس البرلمان العربي، إلى بلورة استراتيجية عربية موحدة للتعامل مع دول الجوار الجغرافي العربي وحماية الأمن القومي العربي.
8:2 دقيقة
أبو الغيط: الحوار مع إيران وتركيا صار الآن صعباً وغير مجدٍ
https://aawsat.com/home/article/1772331/%D8%A3%D8%A8%D9%88-%D8%A7%D9%84%D8%BA%D9%8A%D8%B7-%D8%A7%D9%84%D8%AD%D9%88%D8%A7%D8%B1-%D9%85%D8%B9-%D8%A5%D9%8A%D8%B1%D8%A7%D9%86-%D9%88%D8%AA%D8%B1%D9%83%D9%8A%D8%A7-%D8%B5%D8%A7%D8%B1-%D8%A7%D9%84%D8%A2%D9%86-%D8%B5%D8%B9%D8%A8%D8%A7%D9%8B-%D9%88%D8%BA%D9%8A%D8%B1-%D9%85%D8%AC%D8%AF%D9%8D
أبو الغيط: الحوار مع إيران وتركيا صار الآن صعباً وغير مجدٍ
- القاهرة: سوسن أبو حسين
- القاهرة: سوسن أبو حسين
أبو الغيط: الحوار مع إيران وتركيا صار الآن صعباً وغير مجدٍ
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة