«مختارات عربية»... 250 عملاً لـ100 فنان عربي في القاهرة

تشكل المعروضات بتنوع مدارسها الفنية حالة خاصة من الإبداع

جانب من المعرض
جانب من المعرض
TT

«مختارات عربية»... 250 عملاً لـ100 فنان عربي في القاهرة

جانب من المعرض
جانب من المعرض

لا يشبه معرض «مختارات عربية»، المقام الآن في القاهرة، أي معرض آخر في المشهد التشكيلي المصري، منذ سنوات طويلة، فالمعرض الضخم الذي يضم نحو 250 عملاً لـ100 فنان، ينتمون لـ6 دول عربية، جاء ظاهرياً في غير توقيته. ففي مصر، بل في كثير من الدول، يندر أن يقام معرض تشكيلي بهذا الكم من الأعمال الفنية التي لم يسبق عرضها من قبل، بخلاف تعدد جنسيات الفنانين المشاركين، في موسم الصيف، إلا أن غاليري «ضي... أتيليه العرب للثقافة والفنون» فعلها، ليقيم بجرأة في ذروة العطلات الصيفية معرضه غير المألوف.
وربما يكون ذلك بسبب هذا الحضور الطاغي للوطن العربي، بهويته، وقضاياه، وتراثه، وفنونه، في الأعمال التي يحتضنها لنخبة من التشكيليين المصريين والعرب، منهم السيد عبد الرسول، وعبد العزيز درويش، وعز الدين نجيب، وعدلي رزق الله، وشاكر المعداوي، وصلاح طاهر، وسلمى عبد العزيز، وأحمد نبيل، وعصمت داوستاشي، ومحمد عبلة، وصلاح المليجي، وطارق الكومي، وأيمن السمري، وعصام معروف، وأحمد الجنايني، بجانب مشاركة أعمال لفنانين عرب بارزين، منهم العراقي سعدي الكعبي، والسعوديون بكر شيخون، وعبد الرحمن السليمان، وعبد الله حماس، وعبد الله إدريس، وعبد الرحمن المغربي، وعبد الله الشاهر، والسودانيون عوض أبو صلاح، والشيخ إدريس.
تشكل لوحات المعرض ومنحوتاته وصوره، بتنوع موضوعاتها، وتقنياتها، ومدارسها الفنية، حالة خاصة من الإبداع، فكأن المشاركين من الرواد والفنانين العالميين والصاعدين قد اتفقوا على محاكاة الوطن والتعبير عنه، والتطلع إلى مستقبل مزدهر له.
من جهته، قال هشام قنديل، رئيس مجلس إدارة غاليري «ضي» لـ«الشرق الأوسط»، «أردت أن أستثمر إقامة بينالي القاهرة، بعد عودته، واجتذاب ضيوفه والمشاركين فيه من الفنانين والجمهور من مصر والخارج، لمشاهدة هذا الزخم الفني الذي يتميز به معرض (مختارات عربية) في رسالة واضحة بأن مصر تسترد قوتها وحضورها الثقافي من جهة، ومن جهة أخرى، وجدتها فرصة لا تعوض لالتقاء الفنانين العرب وتحاورهم، سواء عبر فضاءات اللوحات وسطح القطع النحتية التي يتضمنها المعرض أو عبر المناقشات التي ستتضمنها الندوات المقامة على هامش المعرض المستمر لمدة شهر».
وجاء افتتاح المعرض، يوم الثلاثاء الماضي، كتظاهرة عربية، شهدت مناقشات وجلسات عمل تدفق فيها الحديث حول الفن التشكيلي العربي، في الماضي والحاضر، مع استشراف المستقبل، وبدأت بندوة حول الحركة التشكيلية السعودية بمشاركة النقاد والفنانين المصريين والسعوديين، وبحضور الوفد الثقافي السعودي «مسافر فن»، الذي يزور القاهرة برئاسة المهندس نواف عطار، والفنانة التشكيلية أسماء الدخيل، وتضمنت الندوة رحلة هشام قنديل مع الفن التشكيلي السعودي، التي تجاوزت الثلاثين عاماً، حيث ألقى الضوء على بدايات الحركة السعودية عندما سافر إلى المملكة، وأنشأ «أتيليه جدة»، وأدار العديد من الغاليريهات، واستعرض تطور الفن حتى أصبحت هناك أسماء سعودية معروفة عالمياً حصدت جوائز دولية، وأكد قنديل أن «الحركة التشكيلية السعودية المعاصرة أصبحت تضاهي كبريات الحركات التشكيلية العربية، ما لم تتفوق عليها بحكم اهتمام الفنانين السعوديين بزيارة المتاحف العالمية، ودراسة الفنون في أعرق الأكاديميات بالعالم».
ووصف قنديل العلاقة بين الحركتين المصرية والسعودية تشكيلياً بـ«الوطيدة»، موضحاً أن «كبار التشكيليين المصريين أمثال فرغلي عبد الحفيظ، وأحمد نوار، وعمر النجدي، وصلاح طاهر، قد ساهموا في تحقيق حراك فني مميز في وقت مبكر بالمملكة عبر زياراتهم المتكررة، وإقامة معارض، إضافة إلى قيامهم بالتدريس الأكاديمي هناك». وأضاف: «لم ينقطع التواصل، فمن جهة أخرى أقام الفنانون السعوديون في مصر العديد من المعارض التي لاقت حفاوة بالغة من الجمهور والنقاد، وساهمت في إثراء وتنوع المشهد المصري عند إقامتها».
وأمام لوحتها الجدارية من الموزاييك، التي تجمع بين التراث الإسلامي والمعاصرة، في تعبير بصري بليغ عن الهوية العربية، ذكرت د. صفية القباني العميد السابق لكلية الفنون الجميلة، جامعة حلوان، أن «هذا المعرض الذي يأتي تزامناً مع البينالي إنما يؤكد أن مصر لا تزال هي الملاذ لأبنائها من التشكيليين المصريين والعرب، حتى لو كانت قد مرت بظروف وتغيرات صعبة، ولكم أتمنى أن يعود الجميع أيضاً للدراسة بكلياتها المتخصصة في الفنون والرائدة في الشرق الأوسط».
ووصف الفنان السعودي، عبد الله شاهر، المعرض، بأنه «احتفالية فنية رائعة بامتياز، ففي مصر أشعر أنني دوماً في بلدي الثاني، وعندما يتحقق ذلك وسط هذه الكوكبة من المبدعين العرب في معرض يقتصر على أعمالهم بعيداً عن أي مشاركات أجنبية، فإن الأمر يصبح أكثر ثراءً إلهاماً ودفئاً، وتأكيداً على أن الفنان العربي يحظى في وطنه بالتقدير الذي يستحقه».
وتُعد مشاركة الفنان التشكيلي الدكتور صلاح المليجي، رئيس قطاع الفنون التشكيلية السابق، من أهم المشاركات في المعرض لرصدها قلب مصر مكانياً وثقافياً، إذ تضم 3 أعمال تجسد اثنتان منهما منطقة وسط البلد بالقاهرة، شريان العاصمة بعبقها التاريخي وحيويتها وتعدد مصادر إلهامها، إضافة إلى العمل الثالث الذي يقدم رؤية تشكيلية لقصيدة «الأرض بتتكلم عربي» للمبدع فؤاد حداد، يقول المليجي لـ«الشرق الأوسط»: «أروع ما في المعرض أنه يجتمع حول فكرتي العروبة والقومية، وكأنه يساهم في تحقيق انتعاشة لهما، ليس فقط من خلال ما يضمه من لوحات ومنحوتات وفوتوغرافيا، لكن أيضاً عبر تلك المناقشات المستمرة والحوارات بين الفنانين والجمهور».
ويرى المصور الأردني عبد الرحيم العرجان، مدير غاليري «قدرات»، أن أهم ما يميز المعرض أنه يضم قامات مهمة ومعروفة من الفن التشكيلي العربي من الجيلين الثاني والثالث، إلى جانب الرواد، الذين من النادر للغاية التوصل إلى أعمال لهم في الوقت الراهن، ويتابع: «ومن الملاحظ أن كل عمل في الغاليري يستوفي كامل شروط العرض في الراحة البصرية، والرسالة والتكنيك، ومثل هذا المعرض يشجع على نشر ثقافة الاقتناء والاستثمار في الفن».



احتفاء مصري بالذكرى الـ113 لميلاد «أديب نوبل» نجيب محفوظ

فعاليات متعددة في الاحتفال بذكرى ميلاد محفوظ (متحف محفوظ على فيسبوك)
فعاليات متعددة في الاحتفال بذكرى ميلاد محفوظ (متحف محفوظ على فيسبوك)
TT

احتفاء مصري بالذكرى الـ113 لميلاد «أديب نوبل» نجيب محفوظ

فعاليات متعددة في الاحتفال بذكرى ميلاد محفوظ (متحف محفوظ على فيسبوك)
فعاليات متعددة في الاحتفال بذكرى ميلاد محفوظ (متحف محفوظ على فيسبوك)

احتفت مصر بالذكرى الـ113 لميلاد «أديب نوبل» نجيب محفوظ، عبر فعاليات متنوعة في متحفه وسط القاهرة التاريخية، تضمّنت ندوات وقراءات في أعماله وسيرتيه الأدبية والذاتية، واستعادة لأعماله الروائية وأصدائها في السينما والدراما.

وأعلن «متحف نجيب محفوظ» التابع لصندوق التنمية الثقافية في وزارة الثقافة، أن الاحتفال بـ«أديب نوبل» يتضمّن ندوة عن إبداعاته ومسيرته، يُشارك فيها النّقاد، إبراهيم عبد العزيز، ومحمد الشاذلي، والدكتور محمود الشنواني، والدكتور تامر فايز، ويديرها الدكتور مصطفى القزاز. بالإضافة إلى افتتاح معرض كاريكاتير عن نجيب محفوظ، وشاعر الهند الشهير رابندراناث طاغور، ومعرض لبيع كتب نجيب محفوظ.

وأوضح الكاتب الصحافي والناقد محمد الشاذلي أن «الاحتفالية التي أقامها (متحف نجيب محفوظ) في ذكرى ميلاده الـ113 كانت ممتازة، وحضرها عددٌ كبير من المهتمين بأدبه، وضمّت كثيراً من المحاور المهمة، وكان التركيز فيها على السيرة الذاتية لنجيب محفوظ».

«متحف نجيب محفوظ» احتفل بذكرى ميلاده (صفحة المتحف على فيسبوك)

ولد نجيب محفوظ في حيّ الجمالية بالقاهرة التاريخية في 11 ديسمبر (كانون الأول) عام 1911، وقدم عشرات الأعمال الروائية والقصصية، بالإضافة إلى سيناريوهات للسينما، وحصل على جوائز عدة أهمها جائزة «نوبل في الأدب» عام 1988، ورحل عن عالمنا عام 2006.

حضر الاحتفالية بعض ممن كتبوا عن سيرة نجيب محفوظ، من بينهم إبراهيم عبد العزيز، الذي له أكثر من كتاب عن «أديب نوبل»، بالإضافة إلى الطبيب الدكتور محمود الشنواني الذي رافق الأديب لمدة 30 سنة تقريباً، وفق الشاذلي، الذي قال لـ«الشرق الأوسط»: «تَحدّث كلُّ شخص عن الكتاب الذي أصدره عن نجيب محفوظ. وإبراهيم عبد العزيز كان مرافقاً له في ندواته، وتحدّث عن كتاب (أنا نجيب محفوظ)، الذي تضمّن ما قاله محفوظ عن نفسه، بيد أني أرى أن كتابه الأهم هو (ليالي نجيب محفوظ في شيبرد) لأنه كان عبارة عن كناسة الدكان، فقد رصد السنوات الأخيرة لنجيب محفوظ».

وعن كتاب الشاذلي حول نجيب محفوظ يقول: «تعرّفت عليه بصفتي صحافياً منذ بداية الثمانينات، وقد تحدّثت عن موضوعين تناولتهما في كتابي عنه (أيام مع نجيب محفوظ ذكريات وحوارات)، وهو ما أُشيع عن هجومه على العهد الناصري، خصوصاً في روايته (الكرنك)، وهذا ليس صحيحاً، وفي الحقيقة كان محفوظ يُركّز على حقوق الإنسان والحريات أكثر من أي شيء آخر، وقد أنصف عبد الناصر في كثيرٍ من كتاباته، خصوصاً شهاداته عن هذا العصر، والنقطة الثانية ما أُشيع حول الاتهامات التي وجّهها بعضهم لنجيب محفوظ بحصوله على (نوبل) بدعم إسرائيل، وهذا ليس صحيحاً بالمرّة، وكانت تُهمة جاهزة لمن أراد إهانة الجائزة أو النّيل ممّن حصل عليها».

وأشار الشاذلي إلى أن محفوظ كان له رأيُّ مهم في السينما، وقد ترأس مؤسسة السينما في إحدى الفترات، وكان يرى أنه أصبح كاتباً شعبياً ليس بفضل القراءات ولكن بفضل السينما، فكان يحترم كلّ ما له علاقة بهذه المهنة، ويعدّها مجاورة للأدب.

محفوظ وطاغور في معرض كاريكاتير (منسق المعرض)

وتحوّلت روايات نجيب محفوظ إلى أعمال سينمائية ودرامية، من بينها أفلام «بداية ونهاية»، و«الكرنك»، و«ميرامار»، و«ثرثرة فوق النيل»، وثلاثية «بين القصرين»، و«قصر الشوق»، و«السكرية»، وأيضاً «زقاق المدق»، و«اللص والكلاب»، بالإضافة إلى مسلسلات «الحرافيش - السيرة العاشورية»، و«أفراح القبة»، و«حديث الصباح والمساء».

وضمّ المعرض الذي أقيم بالتعاون بين سفارة الهند في القاهرة، ومتحف الكاريكاتير بالفيوم، ومنصة «إيجيبت كارتون»، 38 لوحة لفنانين من 12 دولة من بينها مصر والهند والسعودية وصربيا والصين ورومانيا وروسيا وفنزويلا.

وأشار الفنان فوزي مرسي، أمين عام «الجمعية المصرية للكاريكاتير» ومنسِّق المعرض إلى أن هذا المعرض اقتُرح ليُعرض في الاحتفال بذكرى طاغور في مايو (أيار) الماضي، إذ عُرض في المركز الثقافي الهندي، وكذلك في يوم الاحتفال بعيد ميلاد «أديب نوبل» المصري نجيب محفوظ.

وقال مرسي لـ«الشرق الأوسط»: «يُعدّ المعرض جزءاً من الاحتفالية التي نظّمتها وزارة الثقافة (لأديب نوبل) الكبير، واهتمّ معظم الفنانين برسم البورتريه بشكلٍ تخيُّلي، في محاولة لعقد الصلة بين طاغور ومحفوظ».

فنانون من 12 دولة رسموا الأديبين طاغور ومحفوظ (منسق المعرض)

وفي السياق، أعلنت «دار المعارف» عن إصدار كتابٍ جديدٍ عن نجيب محفوظ في الذكرى الـ113 لميلاده، وكتب إيهاب الملاح، المُشرف العام على النشر والمحتوى في «دار المعارف» على صفحته بـ«فيسبوك»: «في عيد ميلاد الأستاذ نُقدّم هدية للقراء ولكل محبي نجيب محفوظ وهي عبارة عن كتاب (سردية نجيب محفوظ) للناقد الدكتور محمد بدوي».