ساترفيلد ينقل رسالة إسرائيلية إلى بيروت

على أمل أن تتيح إجراء مفاوضات على ترسيم الحدود البحرية

ساترفيلد خلال لقاء سابق مع رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري
ساترفيلد خلال لقاء سابق مع رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري
TT

ساترفيلد ينقل رسالة إسرائيلية إلى بيروت

ساترفيلد خلال لقاء سابق مع رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري
ساترفيلد خلال لقاء سابق مع رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري

بعد عدة جلسات مع المسؤولين الإسرائيليين، يصل المبعوث الأميركي ديفيد ساترفيلد، إلى بيروت، اليوم الاثنين، لينقل رد تل أبيب إلى المسؤولين اللبنانيين، وسط تقديرات تتحدث عن «تقدّم كبير» لصالح بدء المفاوضات المباشرة لترسيم الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل. وقد رجّح مسؤول إسرائيليّ أن تبدأ المفاوضات المباشرة بين الطرفين في الشهر المقبل «إن لم تطرأ معوقات إضافيّة».
وقال المسؤول الإسرائيلي إنه خلال مباحثات ساترفيلد في لبنان وإسرائيل، الأسبوع الماضي، تمت حلحلة عدد من المعوقات التي منعت إطلاق المفاوضات حتى الآن، ومنها الجدول الزمني للمفاوضات، إذ رفض لبنان مقترحاً إسرائيلياً تكون المفاوضات، بموجبه، محكومة بجدول زمني مدّته 6 أشهر، قبل أن يتفق ساترفيلد مع وزير الطاقة الإسرائيلي يوفال شطاينتس، ألا يكون الجدول الزمني للمفاوضات صارماً، والاكتفاء بإعلان الولايات المتحدة، في بيان المفاوضات الافتتاحي، عن أملهما بأن تنتهي المفاوضات خلال 6 أشهر.
ويأمل ساترفيلد أن يغادر بيروت إلى تل أبيب وهو يحمل موافقة المسؤولين اللبنانيين النهائيّة. وقد اتفق حتى الآن على أن تعقد المفاوضات في مقرّ الأمم المتحدة في معبر الناقورة الغربي على شاطئ البحر المتوسط، بمشاركة مندوب من الأمم المتحدة، غير أن من سيقوم بدور الوسيط هو المندوب الأميركيّ. وستكون هذه المرّة الأولى التي يجتمع فيها مسؤولون سياسيون رسميون، إسرائيليون ولبنانيون، بصورة مباشرة وعلنيّة في غرفة مغلقة منذ تسعينيّات القرن الماضي.
وتقدر السلطات الإسرائيلية أن «حزب الله» اللبناني، الذي عرقل هذه المفاوضات حتى الآن، اتخذ قراراً استراتيجياً بإجراء المفاوضات، على أمل أن تؤدي إلى خفض التوتر مع إسرائيل. ولكنها لم تستبعد أيضاً أن يقرر التخريب عليها في مراحل لاحقة.
كانت هذه المفاوضات قد بدأت في الرابع من شهر يونيو (حزيران) الحالي، بهدف ترسيم الحدود البحرية مع لبنان بوساطة أميركية. واشترطت الحكومة الإسرائيلية لموافقتها على المحادثات أن تجري بوساطة أميركيّة فقط، من دون تدخل من الأمم المتحدة، وأن تتناول المحادثات مسألة الحدود البحرية فقط، دون التطرق للقضايا الخلافية الأخرى، مثل الحدود البرية، أو النزاع حول مزارع شبعا المحتلة إسرائيلياً. والنزاع على الحدود البحرية يدور حول البلوك النفطي الرقم 9 الممتد بمحاذاة ثلاثة من خمسة بلوكات (حقول نفط) طرح لبنان مناقصة لاستثمارها، أوائل العام 2018 الماضي.
ويعود تاريخ «البلوك 9» إلى عام 2009، حين اكتشفت شركة «نوبل للطاقة» الأميركية كمية من احتياطي النفط والغاز في الحوض الشرقي من البحر الأبيض المتوسط، تبلغ مساحته 83 ألف كم مربع، قرب منطقة الحدود البحرية اللبنانية الإسرائيلية. ويبلغ مجمل مساحة المياه الإقليمية اللبنانية نحو 22 ألف كيلومتر مربع، بينما تبلغ المساحة المتنازع عليها مع إسرائيل 854 كيلومتراً مربعاً. وتم تقسيم المساحة المتنازع عليها إلى 10 مناطق أو بلوكات، ويمثل «البلوك 9» أحدها. وتقدر حصة لبنان من الغاز الطبيعي، الذي يحتويه هذا الجزء من البحر المتوسط، بنحو 96 تريليون قدم مكعب. وهذه ثروة يمكن أن تساعد لبنان على خفض حجم دينه العام، الذي بلغ حتى نهاية 2017، نحو 77 مليار دولار أميركي، وهو أحد أعلى معدلات الدين العام في العالم.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».