طهران تستعد لوقف تعهدات نووية في مفاعل «آراك»

غداة إعلان الرئيس الإيراني حسن روحاني عزم بلاده على مواصلة مسار خفض الاتفاق النووي، أعلنت منظمة الطاقة الذرية الإيرانية، أمس، أنها تتجه اليوم الاثنين إلى الكشف عن خطوات في منشأة «آراك» للماء الثقيل.
وأفادت وكالات رسمية عن منظمة الطاقة الذرية الإيرانية بأنها ستعلن خطوات إضافية لخفض التزاماتها بموجب الاتفاق النووي المبرم في يوليو (تموز) 2015؛ وهو ما حذرت منه الأطراف الأوروبية التي تريد الحفاظ على الاتفاق النووي.
ونقلت وسائل إعلام الأسبوع الماضي عن المنظمة أنها ستفتح منشأة «آراك» لإقامة مؤتمر صحافي بحضور مسؤولين في الملف النووي للكشف عن الخطوات التي هددت بها إيران الشهر الماضي.
ونشرت الوكالات بياناً رسمياً يقول: «ستعلن منظمة الطاقة الذرية الإيرانية غداً في موقع (آراك) للماء الثقيل خطوات تمهيدية اتخذت لتقليص التزامات طهران بموجب الاتفاق النووي بدرجة أكبر». وقال البيان إن المنظمة ستعلن خطوات لزيادة مخزونات اليورانيوم المخصب وإنتاج الماء الثقيل في «آراك».
وهذه ليست المرة الأولى التي تنظم فيها إيران مؤتمراً صحافياً لإعلان خطوات نووية رداً على الانسحاب الأميركي؛ فقبل شهر تحديداً خرج المتحدث باسم منظمة الطاقة الذرية الإيرانية بهروز كمالوندي إلى جانب عالم نووي ملثم في منشأة «ناتانز» لإعلان رفع قدرة إنتاج اليورانيوم المخصب إلى نحو 4 أضعاف.
ووافقت إيران بموجب الاتفاق على نزع قلب مفاعل «آراك»؛ ما يحول دون إنتاج البلوتونيوم، وهو من المواقع التي تخشى الدول الغربية من أن تنتج مواد تستخدم في صنع أسلحة نووية.
وخلال المفاوضات النووية في 2014 اقترح رئيس منظمة الطاقة الذرية الإيرانية علي أكبر صالحي خفض إنتاج البلوتونيوم؛ وهو ما فتح الباب أمام تسوية بشأن مفاعل «آراك» في وقت كان فيه من أصعب القضايا في المفاوضات النووية بين إيران وأطراف الاتفاق.
وكان مفاعل «آراك» من بين مواقع سرية لم تعلن عنها إيران وكشفت عنه صور بالأقمار الصناعية من «معهد العلوم والأمن الدولي» الذي مقره الولايات المتحدة في ديسمبر (كانون الأول) 2002، لكن السلطات الإيرانية لم تسمح بوصول مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية وتفقد الموقع إلا بعد 9 سنوات، أي في أغسطس (آب) 2011. وتوقفت إيران عن عمليات تشغيل المفاعل في 2014.
ويستخدم الماء الثقيل للتبريد في المحطات النووية. وكان إزالة قلب مفاعل «آراك» النووي من بين الخطوات الأخيرة التي أعلن عنها مفتشو وكالة الطاقة الدولية للطاقة الذرية في الساعات الأخيرة من إعلان دخول الاتفاق النووي حيز التنفيذ في منتصف يناير (كانون الثاني) 2016، ولكن لاحقا قال المتحدث باسم المنظمة الإيرانية بهروز كمالوندي إن «فتحات قلب المفاعل ستُسد بالإسمنت... كان من المفترض في البداية قطع قلب المفاعل إلى أجزاء، لكننا لم نقبل لأننا نريد الاحتفاظ به رمزاً للصناعة النووية الإيرانية».
وكان من المفترض أن تشارك الولايات المتحدة والصين في إعادة تصميم مفاعل «آراك» بموجب الاتفاق النووي، ومع انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق قال المتحدث باسم منظمة الطاقة الذرية إن بريطانيا والصين تتعاونان في إعادة تصميم «آراك». وفي نهاية يناير الماضي وجّه رئيس منظمة الطاقة الذرية علي أكبر صالحي لوماً إلى الصين بسبب «التباطؤ» في تطوير مفاعل «آراك» وقال: «مع انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق، خفضت الصين من سرعة التعاون معنا رغم تعهداتها. بالطبع، كان توقعنا من الجانب الصيني شيئاً آخر».
وتقيد إزالة قلب مفاعل «آراك» قدرة إيران بدرجة كبيرة على إنتاج بلوتونيوم بدرجة نقاء تسمح باستخدامه وقوداً في تصنيع قنبلة نووية. وأصرت إيران خلال السنوات الماضية على أن المفاعل «صمم لإنتاج النظائر المشعة للأغراض الطبية». وتعتقد الولايات المتحدة والوكالة الدولية للطاقة الذرية أن إيران كان لديها برنامج أسلحة نووية وتخلت عنه. وتنفي طهران امتلاكها برنامج أسلحة نووية في أي وقت من الأوقات.
وأوقفت إيران الشهر الماضي الحد من مخزون الماء الثقيل بعد أيام من إعلان الولايات المتحدة سحب إعفاءات تسمح بتخزين الفائض من المخزون الإيراني في سلطنة عمان. وفضلاً عن مخزون الماء الثقيل، قالت طهران إنها لم تعد ملتزمة بسقف مخزون اليورانيوم المخصب. وقالت إنها ستبدأ في تخصيب اليورانيوم لدرجة أعلى؛ إلا إذا تمكنت قوى عالمية من حماية اقتصادها من تبعات العقوبات الأميركية خلال 60 يوماً.
وشهد التوتر بين الولايات المتحدة وإيران مزيداً من التصعيد في الأيام الماضية؛ إذ اتهمت واشنطن طهران بتنفيذ هجمات الخميس الماضي على ناقلتي نفط قرب ممر حيوي للشحن.
وقالت وكالة «إيسنا» الحكومية أمس نقلاً عن العلاقات العامة في منظمة الطاقة الذرية، إن «ممثلين عن وسائل الإعلام سيطلعون على آخر مسارات إنتاج الماء الثقيل امتثالاً لقرار المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني».
وكان المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني قد وجّه خطاباً يحمل توقيع الرئيس حسن روحاني إلى أطراف الاتفاق النووي بأنه يوقف العمل بتعهدات الاتفاق النووي «في إطار صيانة الأمن ومصالح الشعب الإيراني وبناء على حقوقه في الفقرتين (26) و(36) في الاتفاق النووي».
ويعدّ الرئيس الإيراني حسن روحاني رئيساً للمجلس الأعلى للأمن القومي، ولكن اللاعب الأبرز هو سكرتير المجلس الأعلى للأمن القومي علي شمخاني الذي يختاره المرشد الإيراني مباشرة، وكذلك ينوب عن خامنئي مبعوث خاص به في المجلس هو الآن سعيد جليلي المفاوض النووي السابق في زمن محمود أحمدي نجاد ومن بين منتقدي الاتفاق النووي.
ويفتح قرار المجلس الأعلى للأمن القومي حول الاتفاق النووي إمكانية عودة نقل صلاحيات المفاوضات الخاصة بالملف النووي من وزارة الخارجية إلى المجلس الأعلى للأمن القومي. ووافق خامنئي منذ بداية رئاسة حسن روحاني في 2013 على نقل صلاحيات المفاوضات النووية من المجلس الأعلى للأمن القومي إلى وزارة الخارجية.