مبادرة مصرية ـ هولندية توثق 12 حرفة يدوية مرتبطة بالخط العربي

مهنة النقش على النحاس
مهنة النقش على النحاس
TT

مبادرة مصرية ـ هولندية توثق 12 حرفة يدوية مرتبطة بالخط العربي

مهنة النقش على النحاس
مهنة النقش على النحاس

وثقت مبادرة «القلم» المصرية، بالتعاون مع مؤسسة «ديكو تايب» الهولندية لدعم الحرف اليدوية، 12 حرفة يدوية مرتبطة بالخط العربي في جميع محافظات مصر، بات أغلبها مهدداً بالاندثار بسبب نقص الدعم، وارتفاع أسعار المواد الخام، وانخفاض ربحيتها للعاملين بها عاماً بعد آخر.
واختار القائمون على المبادرة اسم «جميل جمال»، وهو مطلع مأخوذ من أغنية للمطرب الراحل فريد الأطرش، لإظهار الجانب الجمالي المتفرد لتلك الحرف، كما يؤكد محمد وهدان أحد مؤسسي مبادرة «القلم».
وقد استغرق توثيق الحرف المرتبطة بفن الخط العربي قرابة الأربعة أشهر، وتضمنت كلاً من: الرسم على الجلد، والنقش على النحاس، وفن الخيامية (المشتقة من كلمة خيام، وارتبطت حتى الستينات من القرن الماضي بإعداد كسوة الكعبة، وتوجد منطقة تحمل الاسم نفسه بالقاهرة الفاطمية، حيث مقر أهم صناعها، ممن توارثوا فن الخيامية جيلاً بعد جيل).
كما وثقت المبادرة أيضاً اللوحات الخطية التي يتمسك بإعدادها عدد من قدامى الخطاطين، رغم المنافسة غير العادلة لطباعة الكومبيوتر، من حيث السرعة والخامات. وكذلك حرفة الأويما (الحفر على الخشب) المكملة لحرفة صناعة الأثاث، التي تنتشر أغلب ورشها في القاهرة الفاطمية ومدينة دمياط، وأيضاً حرفة الحفر على الرخام.
وتضمنت الفيديوهات التوثيقية حرفة صناعة الحصير السمار، التي كانت تستخدم فيما مضي كبديل للسجاجيد في المساجد والمنازل، ولا تقبل عليها الأجيال الجديدة، وأيضاً صناعة الأحبار الخطية التي تعاني من ارتفاع سعر المواد الخام.
وكذلك حرفة الصدف اليدوي المرتبطة بالخط العربي، التي تراجعت كثيراً أمام مثيلها من المنتجات الصينية المصنعة، وحرفة فن الإيبرو، أو الرسم على الماء، الذي كان يستخدم قديماً في زخرفة أغلفة الكتب ولوحات الخط العربي.
وشمل التوثيق أيضاً حرفة تجليد الكتب التراثية، وحفر الأسماء عليها بالزنكوغراف يدوياً، وحرفة السيرما، وهو فن التطريز بخيوط من الذهب والفضة، ومرتبط أيضاً بفن الخط العربي. وبعض الحرف التي رصدتها مبادرة «القلم» من الممكن أن تختفي تماماً خلال بضع سنوات بسبب عدم نقلها للأجيال الجديدة، ويرجع ذلك في الغالب إلى صعوبتها، وانخفاض العائد المادي لها. يقول محمد وهدان إنه تعرف على فنان يدعى محمد فوزي، يعمل بحرفة الكتابة على حصاد الثمار بمنطقة دمنهور بمحافظة البحيرة، وأكد له فوزي أنه الفنان الأخير في قريته، وربما في مصر المهتم بتلك المهنة.
وتشبه مهنة الكتابة على حصاد الثمار مهنة صناعة الحصير، حيث تستخدم مخلفات نباتية كالجريد في نسج اللوحة باستخدام نول مخصوص، ثم الكتابة عليها. أما أمنية فوزي فتتمثل في كتابة القران الكريم بشكل كامل على لوحات من حصاد الثمار.
وأبرزت الحلقات المصورة التحديات التي يواجهها المشتغلين بالصناعات اليدوية، كنقص العمالة وضعف التسويق، وارتفاع أسعار الخامات، مع عدم وجود كيانات داعمة تساند عملهم بالشكل المطلوب.
كما تحدث أصحاب الحرف عن رغبتهم في نشر فنهم، ونقلها إلى أجيال جديدة، خوفاً عليها من الضياع، كما أعرب المشاركون عن أمنيتهم في دعم الدولة لهم، وفتح قنوات تسويقية خارجية وداخلية، عبر المشاركة الفعالة في المعارض المحلية والدولية لعرض منتجاتهم وتسويقها بشكل احترافي.
ومن المقرر أن توثق مبادرة «القلم» المزيد من الحرف اليدوية المرتبطة بالخط العربي خلال الفترة المقبلة، علماً بأن المبادرة قائمة في الأساس على نشر فنون الخط العربي عبر ورش تدريبية وفعاليات فنية.



مسرحية «جبل الأمل» تحية لأطفال جنوب لبنان

«جبل الأمل» تحية لأطفال الجنوب (سيناريو)
«جبل الأمل» تحية لأطفال الجنوب (سيناريو)
TT

مسرحية «جبل الأمل» تحية لأطفال جنوب لبنان

«جبل الأمل» تحية لأطفال الجنوب (سيناريو)
«جبل الأمل» تحية لأطفال الجنوب (سيناريو)

18 طفلاً من جنوب لبنان اختارتهم «سيناريو» للتعليم التشاركي والفني لتقديم مسرحية بعنوان «جبل الأمل». الهدف من هذه المبادرة هو دعم هؤلاء الأطفال وتزويدهم بفسحة أمل. فما يعانونه من الحرب الدائرة في بلداتهم وقراهم دفعهم إلى النزوح وترك بيوتهم.

تأتي هذه المسرحية من ضمن برنامج «شو بيلد» (إظهار البناء) الذي بدأته «سيناريو» في 22 يوليو (تموز) الجاري في بلدة الزرارية الجنوبية. فأقيمت التمارين للمسرحية التي ستعرض في 29 الجاري، وتستضيفها مؤسسة سعيد وسعدى فخري الاجتماعية في البلدة المذكورة.

«جبل الأمل» تحية لأطفال الجنوب (سيناريو)

غالبية الأطفال يقيمون في البلدة وبعضهم الآخر يأتيها من بلدتي أرزاي والخرايب على الشريط الحدودي. وتشير مخرجة المسرحية ومدرّبتهم زينة إبراهيم، إلى أن فكرة العمل وضعها الأطفال بأنفسهم. وتتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد زودناهم بكلمات محددة كي يستلهموا منها أفكارهم. وتتألف هذه الكلمات من حب وسفر وأمل ورحلة ومغامرة واكتشاف... وغيرها. وعلى أساسها كتبوا قصة المسرحية بعنوان (جبل الأمل). وكما تلاحظون ابتعدنا عن استخدام كلمة حرب ضمن المفردات التي عرضناها عليهم».

يتراوح أعمار الأولاد المشاركين ما بين 10 و17 عاماً. خضعوا في برنامج «شو بيلد» إلى 7 جلسات شائقة تركز على اللعب والتمثيل والأداء المسرحي. وتستغرق كل جلسة نحو ساعتين، وذلك على مدى أسبوعين. وتأتي هذه المسرحية لتختتم البرنامج الفني لـ«سيناريو». وتضيف إبراهيم: «هذا البرنامج يوفّر للأولاد متنفساً للتعبير والإبداع، لا سيما خلال هذه الأوقات الصعبة التي يعيشونها في منطقة الجنوب».

تصف زينة إبراهيم هذه التجربة باللبنانية بامتياز. فقد سبق أن قامت ببرامج تعليمية سابقة شملت أولاداً لبنانيين وغيرهم من فلسطينيين وسوريين. وتقول إننا نرى قلقاً كبيراً في عيون أطفال الجنوب. وتتابع: «أكثر ما يخافونه هو أصوات الانفجارات. فهي تشكّل مفتاح الرعب عندهم، ويحاولون قدر الإمكان تجاوزها بابتسامة. وبينهم من كان يطمئنني ويقول لي (لا تخافي إنه ببساطة خرق لجدار الصوت). لا أعرف ما إذا كان تجاوزهم لهذه الأصوات صار بمثابة عادة يألفونها. وقد يكون أسلوباً للهروب من واقع يعيشونه».

تتناول قصة المسرحية رحلة تخييم إلى جبل يصادف فيه الأولاد مجموعة مساجين. وعندما يهمّون بالتواصل معهم يكتشفون أنهم يتحدثون لغة لا يفهمونها. ولكنهم ينجحون في التعبير عن أفكارهم المشتركة. ويقررون أن يمكثوا على هذا الجبل حيث يشعرون بالأمان.

وتعلق المخرجة إبراهيم: «اسم المسرحية استوحيته من عبارة قالتها لي فتاة في العاشرة من عمرها. فبرأيها أن الأمل هو نتيجة الأمان. وأنها ستحارب للوصول إلى غايتها هذه. أما فكرة اللغة غير المفهومة فنشير فيها إلى ضرورة التواصل مع الآخر مهما اختلف عنا».

تروي إبراهيم عن تجربتها هذه أنها أسهمت في تقريب الأولاد بعضهم من بعض: «لقد بدوا في الجلسة الأولى من برنامج (شو بيلد) وكأنهم غرباء. حتى في الحلقات الدائرية التي كانوا يرسمونها بأجسادهم الصغيرة كانوا يحافظون على هذا البعد. أما اليوم فتحولوا إلى أصدقاء يتحدثون في مواضيع كثيرة. كما يتشاركون الاقتراحات حول أفكار جديدة للمسرحية».

أثناء التدريبات على مسرحية «جبل الأمل» (سيناريو)

إضافة إلى التمثيل ستتلون مشاهد المسرحية بلوحات راقصة وأخرى غنائية. وتوضح إبراهيم: «حتى الأغنية كتبوها بأنفسهم ورغبوا في أن يقدموا الدبكة اللبنانية كتحية للبنان».

إحدى الفتيات المشاركات في العمل، وتدعى غزل وعمرها 14 عاماً، تشير في حديثها لـ«الشرق الأوسط» إلى أن هذه المسرحية تعني لها الكثير. وتتابع: «لقد نقلتني من مكان إلى آخر وزادتني فرحاً وسعادة. وكان حماسي كبيراً للمشاركة في هذه المسرحية التي نسينا معها أننا نعيش حالة حرب».

بدورها، تقول رهف ابنة الـ10 سنوات: «كل شيء جميل في هذا المكان، ويشعرني بالسعادة. أنا واحدة من أبطال المسرحية، وهي جميلة جداً وأدعوكم لمشاهدتها».