إعلان تشكيلة حكومة العبادي والتصويت عليها في البرلمان مساء اليوم

تسبقه صراعات داخلية حادة بين مكونات الكتل السياسية حول المناصب

قياديون في تحالف القوى العراقية (الكتلة السنية الأكبر) في مؤتمر صحافي بمبنى البرلمان العراقي أول من أمس (إ.ب.أ)
قياديون في تحالف القوى العراقية (الكتلة السنية الأكبر) في مؤتمر صحافي بمبنى البرلمان العراقي أول من أمس (إ.ب.أ)
TT

إعلان تشكيلة حكومة العبادي والتصويت عليها في البرلمان مساء اليوم

قياديون في تحالف القوى العراقية (الكتلة السنية الأكبر) في مؤتمر صحافي بمبنى البرلمان العراقي أول من أمس (إ.ب.أ)
قياديون في تحالف القوى العراقية (الكتلة السنية الأكبر) في مؤتمر صحافي بمبنى البرلمان العراقي أول من أمس (إ.ب.أ)

فيما حدد رئيس مجلس النواب العراقي، سليم الجبوري، أمس الجلسة التي يعقدها البرلمان اليوم لإعلان تشكيلة الحكومة، بطلب من رئيس الوزراء المكلف حيدر العبادي، استمرت الصراعات الداخلية بين مكونات الكتل السياسية حول المناصب الوزارية.
وجاء في بيان صادر عن البرلمان أن رئيس مجلس النواب تلقى طلبا من رئيس الوزراء المكلف حيدر العبادي لتحديد جلسة البرلمان التي ستعقد اليوم «لإعلان تشكيلة الحكومة». وأضاف البيان أن الجبوري حدد الساعة الثامنة من مساء اليوم لإعلان تشكيلة الحكومة المقبلة ومنحها الثقة.
وفيما وضعت حرب الكتل السياسية الرئيسية (التحالف الكردستاني وتحالف القوى العراقية السنية والتحالف الوطني الشيعي) أوزارها على صعيد البرنامج الحكومي وورقة المطالب والحقوق فقد بدأت ومع بدء العد التنازلي بالساعات للمهلة الدستورية لتشكيل الحكومة حرب من نوع آخر وهي الصراعات الداخلية بين مكونات الكتل السياسية نفسها.
ففي الوقت الذي تبدو فيه كتلة التحالف الكردستاني هي الأكثر تماسكا بين الكتل بعد حسم أسماء مرشحيها للحقائب الوزارية وتقديمها ورقة موحدة بشأن المطالب الكردية فإن الخلافات داخل كتلتي التحالف السني والشيعي تفجرت في الأيام الأخيرة من المهلة الدستورية التي تنتهي الأربعاء المقبل.
الكتلة الوحيدة التي أعلنت رسميا أنها تفضل الجلوس في مقاعد المعارضة هي كتلة التحالف المدني الديمقراطي (4 مقاعد نيابية) التي يترأسها مثال الآلوسي والتي أعلنت انسحابها من مفاوضات تشكيل الحكومة بناء على ما أعلنه الآلوسي. الآلوسي برر انسحاب كتلته من المفاوضات في تصريح لـ«الشرق الأوسط» بأن «التحالف المدني رغم قلة مقاعده فإنه لا يريد أن يتورط مع هذه الكتل السياسية المتلهفة على المواقع والمناصب وما تترتب عليها من امتيازات وليس على ما تدعيه من حقوق ومطالب لمن انتخبها وبالتالي نتحول إلى شهود زور على ما يجري». وأضاف الآلوسي «لقد حاولنا خلال الفترة الماضية أن نقدم رؤية لبناء دولة وأن تتشكل حكومة تكنوقراط فعلا من خلال عناصر ذات كفاءة ومستقلة بعيدا عن الحسابات الضيقة التي وصلت حد التفاصيل المخجلة»، مبينا أن «المطلوب ليس حكومة وطنية قادرة على النهوض بما ينوء به البلد من مشاكل بل حكومة تمثيل حزبي وعرقي وطائفي ومناطقي وهو ما يعني ترهلا كاملا في كل شيء وعدم القدرة على النهوض بأي شيء».
وطبقا لآخر التسريبات من داخل الكتل السياسية فإنه في الوقت الذي حسم الكرد أمرهم على صعيد حصتهم من الوزارات بما في ذلك منصب نائب رئيس الوزراء (يشغله هوشيار زيباري) فإن الوزارة السيادية التي حصلوا عليها وهي المالية تشير الترشيحات إلى إنها ستسند إما إلى نائب رئيس الوزراء السابق روز نوري شاويس أو المرشح السابق لرئاسة الجمهورية برهم صالح. وفيما لا يوجد خلاف كردي - كردي حول أي من الشخصيتين سوف تتولى هذه الوزارة إلا إنه وطبقا لقيادي كردي أبلغ «الشرق الأوسط»، طالبا عدم الإشارة إلى اسمه: «ليس هناك خلاف بمعنى الخلاف لكن كون زيباري سيشغل منصب نائب رئيس الوزراء، وهو من الحزب الديمقراطي الكردستاني، فإن إسناد منصب وزارة المالية إلى روز نوري شاويس وهو من نفس الحزب يحتاج إلى منح الاتحاد الوطني الكردستاني حقيبة وزارية أخرى برغم أن الاتحاد الوطني قد استنفد نقاطه بمنصب رئيس الجمهورية علما بأن هناك رأي مفاده أن رئاسة الجمهورية استحقاق قومي وليس انتخابيا».
وعلى الجبهتين السنية والشيعية لا تزال الحرب سجالا بين أطراف كل مكون. ففيما يخص التحالف السني (تحالف القوى العراقية)، وطبقا لما أكده النائب عنه في البرلمان ظافر العاني في تصريح لـ«الشرق الأوسط»: «هنالك بلا شك مشاكل جدية لم تحسم بعد سواء داخل التحالف الوطني نفسه حول توزيع الحقائب الوزارية أو بين رئيس الوزراء المكلف حيدر العبادي والكتل السياسية الشريكة الأخرى وبالذات التحالف الكردستاني وتحالف القوى العراقية». وفيما خفف العاني من طبيعة الخلافات داخل تحالف القوى العراقية فإنه قال: إن «المادة 76 من الدستور العراقي رسمت خارطة طريق في حال عجز رئيس الوزراء المكلف عن تشكيل حكومة تحوز على الأغلبية المطلقة، وهو أن يكلف رئيس الجمهورية شخصا آخر يختاره خلال فترة 15 يوما يمنحه الفرصة لتشكيل حكومة في مدة لا تتجاوز أيضا الثلاثين يوما»، موضحا أن «هناك إرادات داخلية وخارجية لا تريد للدكتور العبادي أن ينجز مهمته في موعدها».
تحالف القوى العراقية، الذي نجح في استرداد وزارة الدفاع التي كانت قد ذهبت إلى التحالف الشيعي وأسندت أول الأمر إلى زعيم منظمة بدر هادي العامري، لم يتمكن حتى الآن من حسم مرشحه لهذه الوزارة بسبب الخلافات داخل أطراف هذا التحالف. ففيما رشح لها أول الأمر محافظ صلاح الدين السابق أحمد الجبوري فإنه وبسبب تبادل الأمكنة والحقائب بات يتنافس عليها اثنان وهما خالد العبيدي وجابر الجابري.
وعلى الجبهة الشيعية فإن الخلافات بدأت تحتدم بين مكونات التحالف الوطني بعد أن كانت مواقفهم شبه موحدة طوال فترة المفاوضات مع الكتل الأخرى. العامري الذي أسندت له وزارة الداخلية بدلا من الدفاع لم يتمكن من إقناع نواب كتلته بهذا التغيير الأمر الذي أدى إلى انسحاب اثنين من أعضائها أحدهم فضل أن يواصل عمله نائبا مستقلا في البرلمان، أما الثاني فقد انضم إلى كتلة الوفاء العراقي بزعامة محافظ النجف السابق عدنان الزرفي.
السياسي المخضرم أحمد الجلبي، الذي كان طامحا بمنصب نائب رئيس الوزراء، أسندت له وزارة البلديات والإعمار بعد دمج وزارتين، فيما لا يزال حسين الشهرستاني الذي أسندت له حقيبة التعليم العالي ينافس إبراهيم الجعفري على حقيبة الخارجية. أما وزارة النفط التي كان يفترض أن تسند إلى إبراهيم بحر العلوم فإن رغبة رئيس الوزراء المكلف حيدر العبادي بإسناد وزارتي النقل والنفط إلى شخصيتين من محافظة البصرة ستقف عائقا دون ذلك لأن بحر العلوم ينتمي إلى عائلة نجفية معروفة.



الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)

كثّفت الجماعة الحوثية استهدافها مدرسي الجامعات والأكاديميين المقيمين في مناطق سيطرتها بحملات جديدة، وألزمتهم بحضور دورات تعبوية وزيارات أضرحة القتلى من قادتها، والمشاركة في وقفات تنظمها ضد الغرب وإسرائيل، بالتزامن مع الكشف عن انتهاكات خطيرة طالتهم خلال فترة الانقلاب والحرب، ومساعٍ حثيثة لكثير منهم إلى الهجرة.

وذكرت مصادر أكاديمية في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن مدرسي الجامعات العامة والخاصة والموظفين في تلك الجامعات يخضعون خلال الأسابيع الماضية لممارسات متنوعة؛ يُجبرون خلالها على المشاركة في أنشطة خاصة بالجماعة على حساب مهامهم الأكاديمية والتدريس، وتحت مبرر مواجهة ما تسميه «العدوان الغربي والإسرائيلي»، ومناصرة فلسطينيي غزة.

وتُلوّح الجماعة بمعاقبة مَن يتهرّب أو يتخلّف من الأكاديميين في الجامعات العمومية، عن المشاركة في تلك الفعاليات بالفصل من وظائفهم، وإيقاف مستحقاتهم المالية، في حين يتم تهديد الجامعات الخاصة بإجراءات عقابية مختلفة، منها الغرامات والإغلاق، في حال عدم مشاركة مدرسيها وموظفيها في تلك الفعاليات.

أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

وتأتي هذه الإجراءات متزامنة مع إجراءات شبيهة يتعرّض لها الطلاب الذين يجبرون على حضور دورات تدريبية قتالية، والمشاركة في عروض عسكرية ضمن مساعي الجماعة لاستغلال الحرب الإسرائيلية على غزة لتجنيد مقاتلين تابعين لها.

انتهاكات مروّعة

وكان تقرير حقوقي قد كشف عن «انتهاكات خطيرة» طالت عشرات الأكاديميين والمعلمين اليمنيين خلال الأعوام العشرة الماضية.

وأوضح التقرير الذي أصدرته «بوابة التقاضي الاستراتيجي»، التابعة للمجلس العربي، بالتعاون مع الهيئة الوطنية للأسرى والمختطفين، قبل أسبوع تقريباً، وغطّي الفترة من مايو (أيار) 2015، وحتى أغسطس (آب) الماضي، أن 1304 وقائع انتهاك طالت الأكاديميين والمعلمين في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية التي اتهمها باختطافهم وتعقبهم، ضمن ما سمّاها بـ«سياسة تستهدف القضاء على الفئات المؤثرة في المجتمع اليمني وتعطيل العملية التعليمية».

أنشطة الجماعة الحوثية في الجامعات طغت على الأنشطة الأكاديمية والعلمية (إكس)

ووثّق التقرير حالتي وفاة تحت التعذيب في سجون الجماعة، وأكثر من 20 حالة إخفاء قسري، منوهاً بأن من بين المستهدفين وزراء ومستشارين حكوميين ونقابيين ورؤساء جامعات، ومرجعيات علمية وثقافية ذات تأثير كبير في المجتمع اليمني.

وتضمن التقرير تحليلاً قانونياً لمجموعة من الوثائق، بما في ذلك تفاصيل جلسات التحقيق ووقائع التعذيب.

ووفق تصنيف التقرير للانتهاكات، فإن الجماعة الحوثية نفّذت 1046 حالة اختطاف بحق مؤثرين، وعرضت 124 منهم للتعذيب، وأخضعت اثنين من الأكاديميين و26 من المعلمين لمحاكمات سياسية.

وتشمل الانتهاكات التي رصدها التقرير، الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري والتعذيب الجسدي والنفسي والمحاكمات الصورية وأحكام الإعدام.

عشرات الأكاديميين لجأوا إلى طلب الهجرة بسبب سياسات الإقصاء الحوثية وقطع الرواتب (إكس)

وسبق أن كشف تقرير تحليلي لأوضاع الأكاديميين اليمنيين عن زيادة في طلبات العلماء والباحثين الجامعيين للهجرة خارج البلاد، بعد تدهور الظروف المعيشية، واستمرار توقف رواتبهم، والانتهاكات التي تطال الحرية الأكاديمية.

وطبقاً للتقرير الصادر عن معهد التعليم الدولي، ارتفعت أعداد الطلبات المقدمة من باحثين وأكاديميين يمنيين لصندوق إنقاذ العلماء، في حين تجري محاولات لاستكشاف الطرق التي يمكن لقطاع التعليم الدولي من خلالها مساعدة وتغيير حياة من تبقى منهم في البلاد إلى الأفضل.

إقبال على الهجرة

يؤكد المعهد الدولي أن اليمن كان مصدر غالبية الطلبات التي تلقّاها صندوق إنقاذ العلماء في السنوات الخمس الماضية، وتم دعم أكثر من ثلثي العلماء اليمنيين داخل المنطقة العربية وفي الدول المجاورة، بمنحة قدرها 25 ألف دولار لتسهيل وظائف مؤقتة.

قادة حوثيون يتجولون في جامعة صنعاء (إعلام حوثي)

لكن تحديات التنقل المتعلقة بالتأشيرات وتكلفة المعيشة والاختلافات اللغوية الأكاديمية والثقافية تحد من منح الفرص للأكاديميين اليمنيين في أميركا الشمالية وأوروبا، مقابل توفر هذه الفرص في مصر والأردن وشمال العراق، وهو ما يفضله كثير منهم؛ لأن ذلك يسمح لهم بالبقاء قريباً من عائلاتهم وأقاربهم.

وخلص التقرير إلى أن العمل الأكاديمي والبحثي داخل البلاد «يواجه عراقيل سياسية وتقييداً للحريات ونقصاً في الوصول إلى الإنترنت، ما يجعلهم يعيشون فيما يُشبه العزلة».

وأبدى أكاديمي في جامعة صنعاء رغبته في البحث عن منافذ أخرى قائمة ومستمرة، خصوصاً مع انقطاع الرواتب وضآلة ما يتلقاه الأستاذ الجامعي من مبالغ، منها أجور ساعات تدريس محاضرات لا تفي بالاحتياجات الأساسية، فضلاً عن ارتفاع الإيجارات.

إجبار الأكاديميين اليمنيين على المشاركة في الأنشطة الحوثية تسبب في تراجع العملية التعليمية (إكس)

وقال الأكاديمي الذي طلب من «الشرق الأوسط» التحفظ على بياناته خوفاً على سلامته، إن الهجرة ليست غاية بقدر ما هي بحث عن وظيفة أكاديمية بديلة للوضع المأساوي المعاش.

ويقدر الأكاديمي أن تأثير هذه الأوضاع أدّى إلى تدهور العملية التعليمية في الجامعات اليمنية بنسبة تتجاوز نصف الأداء في بعض الأقسام العلمية، وثلثه في أقسام أخرى، ما أتاح المجال لإحلال كوادر غير مؤهلة تأهيلاً عالياً، وتتبع الجماعة الحوثية التي لم تتوقف مساعيها الحثيثة للهيمنة على الجامعات ومصادرة قرارها، وصياغة محتوى مناهجها وفقاً لرؤية أحادية، خصوصاً في العلوم الاجتماعية والإنسانية.

وفي حين فقدت جامعة صنعاء -على سبيل المثال- دورها التنويري في المجتمع، ومكانتها بصفتها مؤسسة تعليمية، تُشجع على النقد والتفكير العقلاني، تحسّر الأكاديمي اليمني لغياب مساعي المنظمات الدولية في تبني حلول لأعضاء هيئة التدريس، سواء في استيعابهم في مجالات أو مشروعات علمية، متمنياً ألا يكون تخصيص المساعدات لمواجهة المتطلبات الحياتية للأكاديميين غير مشروط أو مجاني، وبما لا يمس كرامتهم.