جوزيف عطية: أبتعد عما يدور في الساحة من محاربات ومصالح شخصية

الفنان اللبناني عد أن المال لا يمكن أن يصنع النجومية

جوزيف عطية
جوزيف عطية
TT

جوزيف عطية: أبتعد عما يدور في الساحة من محاربات ومصالح شخصية

جوزيف عطية
جوزيف عطية

قال الفنان جوزيف عطية بأنه عادة ما يتكّل على إحساسه الشخصي في كيفية اختيار أغانيه، مشيرا إلى أن أغنيته الأخيرة «ويلك» التي حققت، مؤخرا، رواجا كبيرا شعر مسبقا بأنها ستنجح. وأضاف في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «لا أكتفي فقط بإحساسي بل أستشير المقرّبين منّي وخاصة الشركة المنتجة لأعمالي (ستار سيستم) كون القيمين عليها (ومنهم أمين أبي ياغي) لديهم خبرة عالية في هذا المجال. أثق بإحساسي نعم ولكني أحيانا أضطر إلى الأخذ في عين الاعتبار برأي الآخرين، لأنه أيضا يكون صائبا مرات عدّة».
وكان الفنان اللبناني قد أطلق ألبوما جديدا منذ فترة وجيزة، ولاقت أغانيه الصدى الطيب لدى مستمعيه، وبينها أغنية «حلوة» ذات النفح الصيفي بامتياز. وعمّا إذا خياراته الفنيّة تعتمد على حسّ «البيزنيس» أكثر من أي شيء آخر أجاب: «لا يمكن الفصل بين الفن الناجح وعالم (البيزنيس)، فهذا نتيجة ذاك ولكن الأهم هو أن لا ترتكز خياراتنا على الكلام الهابط من أجل حصد نجاح مؤقت نستثمره ماديا بالحفلات، لأن هذا الأسلوب لا يعيش كثيرا. وهناك أمثلة كثيرة عن هذا الموضوع على الساحة». وتابع: «الأهم هو أن نحافظ على العمل بإحساس مرهف، أي على الكلمة واللحن الجميلين وعندما يحبهما الناس فهما تلقائيا يفرزان عملا فنيا مربحا».
وأكد جوزيف عطيّة أنه في كلّ مرة يقوم بعمل ناجح، يعتمره القلق فيما يخص الخطوة التي ستليها. وقال: بعد كل أغنية ناجحة يتملكني الشعور بضرورة تقديمي الأفضل، فبعد «لا تروحي» كانت أغنية «صدفة غريبة» و«لو غربوها» و«تعب الشوق» و«لبنان رح يرجع» وغيرها، فكنت أصر على تقديم الأغنية التي تحافظ على استمراريتها في المرتبة الأساسية.
وعن الهواجس التي تراوده في مجال عمله قال: «لا هواجس معينة لدي غير تقديم عملي من أعماق قلبي، فأنا بعيد كلّ البعد عما يدور على الساحة من محاربات ومصالح شخصية، فهدفي أن أكتسب الخبرة والاحتراف ليس أكثر، فلا أحد، في النهاية، يمكنه أن يحلّ مكان أحد آخر».
وعما اكتسبه من رحلته الفنية التي لم تتعدّ العشر سنوات أجاب: «لقد تعلّمت أن أهتم بعملي وأن لا أتدخّل في شؤون الآخرين، وأن أرضي مستمع أغاني جوزيف عطيّة».
وعن مشاركته في حفلة تكريم الراحل وديع الصافي ضمن مهرجانات «أعياد بيروت» ردّ قائلا: «هي محطة أعتزّ بها، فالدكتور وديع الصافي عملاق من عمالقة الفن العربي، وشعرت بمسؤولية كبيرة عندما تمّ اختياري لهذه المهمة، فمهما حاولنا أن نجيد أداء أغانيه لا يمكننا أن نشكّل نقطة في بحره». وأضاف: «كان ردّ فعل الجمهور جيدا مما أراحني ولعلّ أغنية (يا بني) التي أديتها ضمن برنامج الحفلة كانت الأصعب والأجمل بالنسبة لي، لا سيما أنني استهللتها بموّال على طريقتي».
ووصف المطرب الراحل بأنه تربّى على أغانيه منذ نعومة أظافره وبأن المطربين أمثاله لن يتكرروا وأن أداءهم يدرّس في الجامعات والمدارس، ولذلك علينا أن نأخذ مكانتهم بعين الاعتبار وأن لا نستخف بها. وأشار إلى أنه كان محظوظا كونه عايش حقبة الراحل وديع الصافي وتعرّف إليه عن كثب، فتأثّر أيضا بإنسانيته اللافتة والتي أصبحت نادرة بين أهل الغناء.
وأكد بأنه مستمع جيّد لجميع المطربين على الساحة، وبأنه متابع دائم لأي جديد يطرأ عليها. وعما إذا كان أيضا من متتبعي المغنيين من آل الديك (علي وحسين) أجاب: «آه طبعا فهم من المطربين المتواجدين على الساحة ولا يمكنني أن أتغاضى عن نجاحهم».
وعما إذا كان يعد نفسه آخر العنقود بالنسبة لبرامج المواهب الفنية، فبعد سطوع نجمه أغلق الباب وراءه فلم يسطع نجم أحد بعده، قال: «لا يمكنني أن أتحدث عن هذا الموضوع فتقييم موهبتي تعود إلى الناس، ولكني لا أعتقد أنني أغلقت الباب خلفي لأنه ما زالت هناك مواهب فنيّة جديدة لامعة تظهر هنا وهناك».
وعبّر جوزيف عطية عما وصل إليه حتى اليوم بالجيد، واصفا طريق الفن بالصعب والذي يتطلّب عملا شاقا ومستمرا. وقال: «ليس هناك وصفة خاصة للنجاح في مجال الفن، فالأوراق جميعها متداخلة في بعضها البعض، ولا قاعدة للنجاح أو النجومية فيها. فالناس هي التي تقرر مصير الفنان وعليه أن يبذل الجهد الدائم لإرضائهم دون أن يقع في مطبّات هذا الطريق».
وعن أهمية العنصر المادي في صناعة النجوم الرائجة في الفترة الأخيرة أجاب: «المال لا يصنع النجومية وكم من مرة لاحظنا وشاهدنا فنانين دفعت أموال باهظة لإطلاقهم في مجال الفن، إلا أن جميع هذه المحاولات باءت بالفشل وعادوا أدراجهم خائبين، لأن الفن إحساس وليس مجرّد حفنة من عملة نادرة أو غيرها».
وعن مشاريعه المستقبلية قال: «أستعد لإطلاق أغنية فردية قريبا، كما أنني أحضّر أغاني ألبومي الجديد الذي أتعاون فيه مع عدد من الموسيقيين وبينهم سليم سلامة الذي سيحمل عملي الجديد أول تعاون لنا معا، وكذلك سأتعاون مع رواد رعد وداني حلو وغيرهم».
وعن الأغاني التي يحنّ إليها والتي يمكن أن يعيد تقديمها بصوته وبتوزيع جديد قال: «هناك كمّ كبير من الأغاني التي تربيت عليها وحفظتها منذ صغري، ولكني لا أفكر حاليا بإعادة غناء أغنية قديمة، وأفضل تقديم أعمال تشبهها».



إيلي العليا لـ«الشرق الأوسط»: دورنا هو الحفاظ على هوية الأغنية اللبنانية

المايسترو العليا عاصر حقبات فنية متعددة (ايلي العليا)
المايسترو العليا عاصر حقبات فنية متعددة (ايلي العليا)
TT

إيلي العليا لـ«الشرق الأوسط»: دورنا هو الحفاظ على هوية الأغنية اللبنانية

المايسترو العليا عاصر حقبات فنية متعددة (ايلي العليا)
المايسترو العليا عاصر حقبات فنية متعددة (ايلي العليا)

قد يكون المايسترو إيلي العليا من الموسيقيين القلائل الذين لا يزالون يمارسون مهنتهم بنجاح منذ نحو 40 سنة حتى اليوم. عاصر حقبات فنية عدة فشهد زمن الفن الجميل كما الحديث. يطلبه الفنانون بالاسم كي يرافقهم في حفلاتهم على المسرح.

وقف إلى جانب نجوم عرب ولبنانيين حتى صار حضوره تكملة للمشهد الفني في المنطقة. ومن النجوم الذين تعاون معهم واعتبر جزءاً لا يتجزأ من إطلالاتهم، الراحل ملحم بركات، وكذلك الفنان جورج وسوف. كما واكب محمد عبده وعبد الله الرويشد ونبيل شعيل، وصولاً إلى هاني شاكر وأحمد عدوية. وهو ما جعل اسمه يلمع في عالم الأغنية العربية لنحو نصف قرن.

يقول إيلي: مع جورج وسوف تلقّنت دروساً في فن الغناء (إيلي العليا)

ويقول إنه كان لا يزال تلميذاً على مقاعد الدراسة عندما بدأ مشواره. بعدها تحول إلى دراسة الحقوق. ولكنه عاد واتخذ قراره بدراسة الموسيقى. وهو اليوم يعتب على موسيقيين كثر لا يعطون الدراسة الموسيقية حيزاً من اهتماماتهم. ويقول لـ«الشرق الأوسط»: «معظمهم لا وقت لديهم للدرس، ويفضلون ممارسة العمل وتأمين رزقهم». ويعتب على الجيل الجديد: «هذا الجيل ليس لديه أي استعداد ليسمع النصيحة. وبدل أن ينتظرها بحماس من والديه يفضّل عليها تلك التي يزوده بها موقع (غوغل)». ويتابع العليا في سياق حديثه: «إنهم يصفوننا بـ(المعزوفة القديمة)، وبأننا ما عدنا نستوفي شروط هذا العصر. ولكنني أقول لهم (من الجميل أن نتطور). ولكن لا يجب أن نفقد الإحساس البشري ونتحوّل إلى (روبوتات)».

في حفل الفنانة نجوى كرم في سوريا (ايلي العليا)

مشواره الطويل في الفن وفّر له تعلّم دروس جمّة لا يستطيع إيجازها بكلمتين: «الفنانون هم أيضاً بشر ولديهم ميزاتهم وعيوبهم. عشت تجارب كثيرة مع الجميع. وقطفت من كل منها ما يضيف إليّ وإلى مهنتي. ومهما بلغت إيجابياتهم أو سلبياتهم خزّنت منها الدروس كي أستفيد».

يقول إن كل حقبة فنية عاشها تعلّم منها الدروس فزادته تقدماً ونضجاً. «لقد لاحظت بعد مرور الوقت أني صرت أفكر بنضج وبأسلوب آخر. واتجهت نحو موضوع الحفاظ على الأغنية اللبنانية. فقد لمست فوضى على الساحة بما يخص ثقافتنا الفنية. فرحت أركز على هذا الموضوع. وصرت داعماً قوياً لكل مطرب يتمسك بها. واكبت أحد أعمدة هذا الفن، وهو الراحل الموسيقار ملحم بركات. واليوم أطبّقه مع الفنانة نجوى كرم. (تمسكها بالأغنية اللبنانية لفتني، ولطالما بحثت بالتالي عن دور للحفاظ على مستوى الأغنية بشكل عام). ففي مهنتنا كلما ارتفع مستوى الموسيقى والغناء شعرنا بأننا بخير».

برأيه معظم الجيل الجديد من الموسيقيين لا يثقلون مهنتهم بالعلم (ايلي العليا)

مع الفنان جورج وسوف تلقّن دروساً في فن الغناء. ويقول: «إنه قمة في الأداء وسلطان بالطرب، مما يجعله مدرسة بحد ذاته. وعلينا الاجتهاد للحفاظ على هؤلاء الفنانين، وعلى التراث الفني الذي يمثّلونه».

في الماضي أيضاً كان يحضر الفن الهابط كما يذكر لـ«الشرق الأوسط». «ولكن كان هناك من يفلتر ويفصل بينه وبين الفن الحقيقي. هذا الدور كان يلعبه الإعلام من صحافيين كبار تركوا بصمتهم في هذا الموضوع. وكانوا يضيئون على الفن الأصيل ويعتّمون على عكسه. اليوم بات الفلتان هو السائد على الساحة. وأسهمت بتفشّيه وسائل التواصل الاجتماعي. فليس صحيحاً أن كل من خطر على باله أن يغني يمكنه القيام بهذه المهمة. هنا يجب أن تلعب الدولة اللبنانية دورها. فالدول التي تتمتع بقانون مهني ونقابي لا تزال تحافظ على مستواها الفني ككل، وأكبر مثال على ذلك مصر. الإذاعة المصرية لا تزال حتى اليوم تجري امتحانات لهواة الفن والغناء».

ردة فعلي في حادثة حفل نجوى كرم بسوريا طبيعية

بحماس كبير يتحدث إيلي العليا عن هذا الموضوع ويعرّج خلاله على «تريندات» خاطئة. ويوضح: «الفولكلور الساحلي مثلاً يشكل (تريند) بين المغنين وبينهم اللبنانيون. هذا الفن يعود إلى الساحل السوري ولا علاقة له بالفن اللبناني. نحن لدينا أيضاً الفولكلور الخاص بنا، ويتمثّل بالدبكة اللبنانية. فلماذا نستعير فنوناً من هنا وهناك بدل الحفاظ على هويتنا؟ الراحل زكي ناصيف أمضى عمره يعلّمنا تراثنا الفني اللبناني. وكذلك الرحابنة وروميو لحود وغيرهم. حملوا هذه الراية وساروا بها حتى النهاية. فهل يصح أن نهمل تعبهم وركائز الأغنية اللبنانية الأصيلة؟».

وتابع: «فظاهرة (ما حدا الو معي) ليست مسموحة. والأسوأ أنه عندما نكرر ذلك ينعتونا بمحاربة الحريات. وعلينا أن نقاتل ونحارب من أجل هدفنا هذا».

فكرة فنية جديدة أتعاون فيها مع الشاعر نزار فرنسيس

في حفل نجوى كرم الأخير في سوريا قفز أحد المعجبين على المسرح ليغمرها. فما كان من المايسترو إيلي العليا إلا أن ظهر فجأة أمامه ليحميها منه. «إنها ردة فعل طبيعية؛ لأني أعتبر نجوى كرم مثل أختي تماماً. ثم هناك علاقة وطيدة نشأت بيني وبينها بفضل عِشرة طويلة. وهي خارج الفن صديقة عزيزة، والأمر نفسه يطبق على جورج وسوف. ولذلك أبقى دائماً قريباً منهما من باب خوفي عليهما من الأذية».

قريباً في 28 سبتمبر (أيلول) المقبل، يحيي إيلي العليا حفلاً بعنوان «الجمهور يغني إيلي العليا» في كازينو لبنان. سبق وقدّم ما يشبهه في مايو (أيار) الفائت. ويختم: «إنه نوع من العلاج الذي يحب الناس تلقيه في حفل ما. فهم يشاركون فعلياً بالحفل غناء وطلبات وإصغاء. وهو أمر يحرّك غرور الموسيقي مكرّماً الفنانين بعزف أغانيهم. كما لدي حفلات أشارك في إحيائها في أميركا وكنكون وأخرى مع نجوى كرم. ولدي فكرة فنية جديدة أتعاون فيها مع الشاعر نزار فرنسيس وابنتي فانيسا».