المغرب: «العدل والإحسان» المعارضة ترفض اتهام الحكومة لها بالتحريض

تزايد التوتر بين الطرفين إثر توقيف 3 أساتذة أعضاء في الجماعة

TT

المغرب: «العدل والإحسان» المعارضة ترفض اتهام الحكومة لها بالتحريض

انتقدت جماعة العدل والإحسان الإسلامية المغربية (شبه محظورة) الاتهامات التي وجهتها إليها الحكومة المغربية بالوقوف وراء احتجاجات الطلبة الأطباء ومقاطعتهم الامتحانات، واعتبرتها «محاولة للهروب من تحمل المسؤولية في إيجاد حلول منصفة» لمشاكل الطلبة الأطباء، التي وصفتها بأنها ذات «طبيعة مهنية وأكاديمية صرفة».
وكانت الحكومة المغربية قد اتهمت، مساء أول من أمس، الجماعة بتحريض طلبة كليات الطب والصيدلة وطب الأسنان على مقاطعة الامتحانات، ولوحت باتخاذ إجراءات قانونية ضدها، وقالت إن جماعة العدل والإحسان «استغلَّت هذه الوضعية لتحريض الطلبة لخدمة أهداف لا تخدم مصالحهم»، مؤكدة أنها «لن تتوانى في اتخاذ الإجراءات القانونية المعمول بها ضد كل من سعى إلى عرقلة السير العادي لهذه الامتحانات».
من جانبها، ربطت الجماعة في بيان أصدره مجلس الإرشاد، التابع لهذا التنظيم المعارض، بين اتهامات الحكومة لها، وقرار السلطات المغربية توقيف ثلاثة أساتذة في كليات الطب والصيدلة ينتمون للجماعة، فضلاً عن تشميع أربعة بيوت لأعضائها الأربعاء الماضي. ونددت الجماعة بموقف السلطات المغربية، وقالت إنه «يحاول تحريف الوقائع والنيل من ذكاء نخبة مهمة من المجتمع بمحاولة اتخاذ (العدل والإحسان) شماعة تعلق عليها السلطات فشلها المتواصل»، كما أدانت الجماعة قرارات التوقيف في حق الأساتذة، وقالت إن «التوقيف لا يتعلق بالإخلال بالتزاماتهم المهنية كما ادعت الوزارة، بل يتعلق بنشاطهم النقابي، وتميزهم الأكاديمي وانتمائهم السياسي»، مطالبة السلطات بـ«رفع يدها عن بيوت أعضاء العدل والإحسان، وفتح البيوت المشمعة منها أمام أصحابها وذويهم وأبنائهم»، كما أعربت عن احتفاظها بحقها في الدفاع عن حقوقها بجميع الوسائل المشروعة. وحملت أصحاب القرار «مسؤولية الأضرار الناجمة عن هذه الانتهاكات، التي تسوق بلدنا نحو المجهول، وتزج به في مسار التأزيم».
في سياق متصل، قال أنس الدكالي وزير الصحة إن وزارته وافقت على الاستجابة لـ14 مطلباً من بين 16 من مطالب طلبة الطب، ودعاهم إلى العودة إلى مدرجات الدراسة لاجتياز الامتحانات واختبار الإقامة.
وقاطع طلبة الطب الامتحانات بعد سلسلة من الاحتجاجات ضد ما وصفوه بـ«سوء جودة التدريب»، بسبب الاكتظاظ، وعدم استيعاب مراكز التدريب لأعداد الطلبة، ونقص أعداد الأساتذة الجامعيين ممن باتوا يُدرّسون بكليات الطب الخاصة، في وقت دعوا إلى «تحصين الجامعة العمومية».
وأثارت الاتهامات المباشرة للجماعة من طرف الحكومة موجة من التساؤلات داخل أحزاب الغالبية، حيث عبر عدد من أعضاء الأحزاب المشكلة للائتلاف الحكومي، الذي يضم 6 أحزاب، عن رفضهم لها في تعليقات على صفحاتهم بمواقع التواصل الاجتماعي. ونفى مصدر من داخل الغالبية الحكومية في اتصال هاتفي مع «الشرق الأوسط»، أن تكون مكونات الغالبية قد اتفقت على الصيغة النهائية التي جرى بها توجيه الاتهام لجماعة «العدل والإحسان» بخصوص ملف الطلبة الأطباء.
وقال قيادي في الغالبية (لم يرغب في ذكر اسمه) إن الاجتماع الذي عقده قادة التحالف ليلة الأربعاء تدارس الموضوع، لكن لم يتم الاتفاق على الصيغة التي خرج بها بيان الحكومة، مؤكداً أن هذا الموقف «اتخذته الحكومة، وليس أحزاب الغالبية»، الأمر الذي يؤشر بشكل جلي على عدم رضا بعض أحزاب التحالف على موقف الحكومة ورئيسها.
وفي تعليقه على القرار، اعتبر النائب عمر بلافريج، المنتمي لفيدرالية اليسار المعارضة، أن تصريحات الحكومة بشأن احتجاجات الطلبة الأطباء «هروب إلى الأمام»، مؤكدا أن المغاربة «لن يصدقوا الاتهامات التي وجهتها الحكومة لجماعة العدل والإحسان بالوقوف وراء مقاطعة الطلبة الأطباء للامتحانات».
وأضاف بلافريج في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن تصريحات الناطق الرسمي باسم الحكومة تبين أن هذه الأخيرة «لم تعد قادرة على تتبع ما يجري في الساحة من احتجاجات اجتماعية»، مشدداً على أنه من غير المعقول أن «نستبلد الرأي العام والطلبة الأطباء بهذه المبررات غير المنطقية».
وحذر بلافريج من استمرار المزيد من الاحتقان الاجتماعي في البلاد، بقوله: «اقتربنا من الانفجار، إذ لا يمر شهر دون أن يخرج مواطنون أو فئة للاحتجاج والتعبير عن عدم رضاها عن الأداء الحكومي»، لافتاً إلى أنه «لو كنا في دولة ديمقراطية لأسقطت الحكومة وأجريت انتخابات مبكرة»، حسب تعبيره.
من جانبه، رفض نور الدين مضيان رئيس الفريق البرلماني لحزب الاستقلال المعارض، إبداء موقف واضح من اتهامات الحكومة لجماعة «العدل والإحسان»، مؤكداً أن الأهم بالنسبة لفريق حزبه وباقي الفرق النيابية هو «البحث عن مخرج للأزمة».
في السياق ذاته، يرى المحلل السياسي محمد شقير اتهام السلطات لجماعة «العدل والإحسان» بتحريك احتجاجات الطلبة الأطباء «ليس أمراً جديداً، بل تابعناه في ملف الأساتذة المتعاقدين واحتجاجات الريف وجرادة»، معتبراً أن هذا التطور الحاصل في الملف يمهد الطريق أمام «وزارة الداخلية من أجل التدخل لحسم نتائج الملف والاحتجاجات التي طال أمدها».



3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
TT

3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)

قدمت الحكومة اليمنية عبر سفارتها في واشنطن 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية في مواجهة الجماعة الحوثية المدعومة من إيران، في حين تحدثت الجماعة، الأحد، عن غارة ضربت موقعاً لها في جنوب محافظة الحديدة.

ووصف الإعلام الحوثي الغارة بـ«الأميركية - البريطانية»، وقال إنها استهدفت موقعاً في مديرية التحيتا الخاضعة للجماعة في جنوب محافظة الحديدة الساحلية على البحر الأحمر، دون إيراد تفاصيل عن آثار الضربة.

مقاتلات أميركية من طراز «إف 35» شاركت في ضرب الحوثيين باليمن (أ.ب)

وفي حين لم يتبنَّ الجيش الأميركي على الفور هذه الغارة، تراجعت خلال الشهر الأخير الضربات على مواقع الحوثيين، إذ لم تسجل سوى 3 غارات منذ 12 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

وكانت واشنطن أنشأت تحالفاً بقيادتها سمّته «حارس الازدهار» وبدأت - ومعها بريطانيا في عدد من المرات - في شن ضربات على مواقع الجماعة الحوثية ابتداء من 12 يناير (كانون الثاني) 2024، في مسعى لإضعاف قدرة الجماعة على مهاجمة السفن.

وإذ بلغت الغارات أكثر من 800 غارة غربية استأثرت محافظة الحديدة الساحلية بأغلبها، كانت الجماعة تبنت مهاجمة نحو 215 سفينة منذ نوفمبر 2023، وأدت الهجمات إلى غرق سفينتين وإصابة أكثر من 35 سفينة ومقتل 3 بحارة.

وتزعم الجماعة الموالية لإيران أنها تشن هجماتها ضد السفن إلى جانب عشرات الهجمات باتجاه إسرائيل مساندة منها للفلسطينيين في غزة، في حين تقول الحكومة اليمنية إن الجماعة تنفذ أجندة طهران واستغلت الأحداث للهروب من استحقاقات السلام.

تصنيف ودعم وتفكيك

في وقت يعول فيه اليمنيون على تبدل السياسة الأميركية في عهد الرئيس المنتخب دونالد ترمب، لتصبح أكثر صرامة في مواجهة الحوثيين الذين باتوا الذراع الإيرانية الأقوى في المنطقة بعد انهيار «حزب الله» وسقوط نظام بشار الأسد، قدم السفير اليمني لدى واشنطن محمد الحضرمي 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ لدعم بلاده.

وتتضمن المقترحات الثلاثة إعادة تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية، ودعم الحكومة اليمنية لتحرير الحديدة وموانئها، واستهداف قيادات الجماعة لتفكيك هيكلهم القيادي.

محمد الحضرمي سفير اليمن لدى الولايات المتحدة ووزير الخارجية الأسبق (سبأ)

وقال السفير الحضرمي إن تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية على غرار تصنيف «حزب الله» و«الحرس الثوري» الإيراني، من شأنه أن يبعث برسالة قوية مفادها أن أفعال الحوثيين (ترويع المدنيين، واستهداف الأمن البحري، وزعزعة استقرار المنطقة) غير مقبولة.

وبخصوص دعم الحكومة اليمنية لتحرير ميناء الحديدة، أوضح الحضرمي في مداخلته أمام مجلس الشيوخ الأميركي أن تأمين هذا الميناء الحيوي على البحر الأحمر، من شأنه أن يمكن الحكومة من حماية البحر الأحمر وإجبار الحوثيين على الانخراط في السلام، وكذلك منع وصول الدعم الإيراني إليهم.

وأكد الحضرمي أن تحرير الحديدة لن يكلف الحكومة اليمنية الكثير، وقال: «كنا على مسافة قليلة جداً من تحرير الحديدة في 2018، وتم إيقافنا من قبل المجتمع الدولي. وأعتقد أنه حان الأوان لتحرير هذا الميناء».

وفيما يتعلق باستهداف قيادات الحوثيين لتفكيك هيكلهم القيادي، شدد السفير اليمني في واشنطن على أهمية هذه الخطوة، وقال إن «محاسبة قادة الميليشيات الحوثية على جرائمهم ستؤدي إلى إضعاف عملياتهم وتعطيل قدرتهم على الإفلات من العقاب».

وأضاف: «ستعمل هذه التدابير على تعزيز أمن البحر الأحمر، وحفظ دافعي الضرائب وهذا البلد (الولايات المتحدة) للكثير من المال، ومحاسبة الحوثيين على أفعالهم، وتوفير الضغط اللازم لإجبار الجماعة على الانخراط في المفاوضات، مما يمهد الطريق لسلام دائم في اليمن».

ورأى السفير اليمني أن الدبلوماسية وحدها لا تجدي نفعاً مع النظام الإيراني ووكلائه، وقال: «حاولنا ذلك معهم لسنوات عديدة. (السلام من خلال القوة) هو المجدي! وأنا واثق بأن الشعب اليمني والإيراني سيتمكنون يوماً ما من تحرير أنفسهم من طغيان النظام الإيراني ووكلائه».

اتهام إيران

أشار السفير الحضرمي في مداخلته إلى أن معاناة بلاده كانت النتيجة المتعمدة لدعم إيران للفوضى وعدم الاستقرار في المنطق، وقال: «منذ أكثر من 10 سنوات، قامت إيران بتمويل وتسليح جماعة الحوثي الإرهابية، وتزويدها بالأسلحة الفتاكة لزعزعة استقرار اليمن وتهديد خطوط الملاحة الدولية في البحر الأحمر».

وأوضح أنه من المأساوي أن الدعم الإيراني مكّن الحوثيين من أن يصبحوا خطراً ليس فقط على اليمن، بل على المنطقة والعالم، إذ يعدّ البحر الأحمر ممراً مهماً للشحن التجاري، حيث يمر منه أكثر من 10 في المائة من التجارة العالمية و30 في المائة من شحن البضائع السنوي، لافتاً إلى أن الولايات المتحدة وحدها تنفق مليارات الدولارات للتصدي لهجمات لا تكلف إيران إلا القليل.

صاروخ وهمي من صنع الحوثيين خلال تجمع في صنعاء دعا له زعيم الجماعة (إ.ب.أ)

وخاطب الحضرمي أعضاء مجلس الشيوخ الأميركي بالقول: «يجب إيقاف الحوثيين، ويمكن لليمنيين إيقافهم! فنحن نمتلك العزيمة والقوة البشرية لمواجهة الحوثيين والتهديد الإيراني في اليمن والبحر الأحمر. ولكننا لا نستطيع أن نفعل ذلك بمفردنا؛ نحن بحاجة لدعمكم».

وأشار السفير اليمني إلى أن الحوثيين يحصلون على النفط والغاز مجاناً من إيران، وباستخدام الأسلحة الإيرانية يمنعون اليمن من تصدير موارده الطبيعية، مما أعاق قدرة الحكومة على دفع الرواتب، أو تقديم الخدمات، أو شن هجوم مضاد فعال ضد الجماعة. وقال: «يمكن أن يتغير ذلك بدعم الولايات المتحدة».

وأكد الحضرمي أن اليمنيين لديهم العزيمة والقدرة على هزيمة الحوثيين واستعادة مؤسسات الدولة وإحلال السلام، واستدرك بالقول إن «وجود استراتيجية أميركية جديدة حول اليمن يعدّ أمراً بالغ الأهمية لمساعدتنا في تحقيق هذا الهدف».

ومع تشديد السفير اليمني على وجود «حاجة ماسة إلى نهج جديد لمعالجة التهديد الحوثي»، أكد أن الحوثيين «ليسوا أقوياء بطبيعتهم، وأن قوتهم تأتي فقط من إيران وحرسها الثوري، وأنه بوجود الاستراتيجية الصحيحة، يمكن تحييد هذا الدعم».