نشر طائرات تجسس أميركية وجنود في بولندا يثير قلق موسكو

الكرملين يرى أن العلاقات مع واشنطن تزداد سوءاً ويهدد وارسو بضربة انتقامية

الرئيس الأميركي دونالد ترمب ونظيره البولندي أندريه دودا (إ.ب.أ)
الرئيس الأميركي دونالد ترمب ونظيره البولندي أندريه دودا (إ.ب.أ)
TT

نشر طائرات تجسس أميركية وجنود في بولندا يثير قلق موسكو

الرئيس الأميركي دونالد ترمب ونظيره البولندي أندريه دودا (إ.ب.أ)
الرئيس الأميركي دونالد ترمب ونظيره البولندي أندريه دودا (إ.ب.أ)

تثير خُطط واشنطن لنشر طائرات تجسس مسيّرة وإرسال جنود إلى بولندا، قلق موسكو، كما عبّر عنها نائب وزير الخارجية سيرغي ريابكوف، الذي وصف النيات الأميركية بـ«العدوانية»، مهدداً بولندا بأنها قد تتعرض لضربة انتقامية في حال مهاجمة روسيا. وكان الرئيس الأميركي دونالد ترمب، قد وعد نظيره البولندي أندريه دودا أول من أمس (الأربعاء)، بنشر ألف جندي أميركي في بلاده في خطوة سعت إليها وارسو لردع عدوان محتمل من جانب روسيا. وأوضح ترمب أنه يمكن سحب هؤلاء الجنود من القوات المتمركزة بالفعل في ألمانيا أو موقع آخر، مضيفاً: «لن يتم نشر قوات إضافية في أوروبا». ولا يوجد قرار نهائي بشأن عدد القوات، لكن ترمب أكد أنها ستكون «قوة محدودة».
وقال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، في مقابلة نُشرت أمس (الخميس)، إن العلاقات بين موسكو وواشنطن تسوء أكثر فأكثر، مشيراً إلى أن الإدارة الأميركية الحالية فرضت عشرات العقوبات على روسيا. وأعلن بوتين تقييمه المتشائم للعلاقات قبيل قمة مجموعة العشرين في اليابان هذا الشهر والتي قد يجتمع خلالها مع نظيره الأميركي دونالد ترمب.
وأعلن الجانبان، الأميركي والبولندي، أن الدولة الأوروبية الشرقية التي كانت جزءاً من حلف وارسو سابقاً، ستشتري 32 طائرة مقاتلة متطورة من طراز «إف – 35» من الولايات المتحدة، وأن وارسو ستنشئ قاعدة تضم 1000 جندي أميركي على نفقتها. وقال دودا إن الولايات المتحدة «ستكون أكثر وجوداً تدريجياً في بلدنا من الناحية العسكرية».
وظلت العلاقات بين واشنطن وموسكو متوترة بسبب عدد من القضايا مثل سوريا وأوكرانيا إلى جانب مزاعم بشأن تدخل روسيا في السياسة الأميركية، وهو ما تنفيه موسكو. وفي نص نشره الكرملين، كما جاء في وكالة الأنباء الروسية، قال بوتين لتلفزيون «مير»: «إنها (العلاقات) تتدهور، وتسوء أكثر فأكثر». وأضاف: «أرى أن الإدارة الحالية أقرت عشرات القرارات بشأن فرض عقوبات على روسيا في الأعوام القليلة الماضية». وقارن الرئيس الروسي علاقات بلده المضطربة مع واشنطن بما وصفها بعلاقاتها المزدهرة مع الصين، وهي صداقة استراتيجية تثير قلق بعض صناع القرار في الولايات المتحدة. وأشاد بوتين خلال المقابلة بالصين في حربها التجارية الراهنة مع الولايات المتحدة، وقال إنه يأمل في علاقات أكثر سلاسة مع واشنطن على الرغم من الصدع الحالي في العلاقات.
وقال ترمب للصحافيين أول من أمس (الأربعاء)، كما نقلت عنه «رويترز»، إنه سيجتمع مع بوتين خلال قمة مجموعة العشرين في اليابان. لكن الكرملين أعلن قبل ذلك بيوم أن فكرة الاجتماع «غير محسومة» ولم تجرِ أي مناقشات بشأن التفاصيل بعد. وعبر ترمب عن أمله في أن تكون للولايات المتحدة «علاقات عظيمة مع روسيا». وفي خطوة أخرى ستثير قطعاً غضب موسكو قال ترمب إنه يبحث فرض عقوبات على مشروع خط أنابيب الغاز الطبيعي «نورد ستريم 2» الروسي، وحذر ألمانيا من الاعتماد على روسيا للحصول على الطاقة. وأضاف: «نأمل حقاً أن يسود المنطق السليم في النهاية». واستكمل: «يمكننا التوصل مع جميع شركائنا، بمن في ذلك الأميركيون، لبعض القرارات في إطار قمة مجموعة العشرين المقبلة التي ستكون بنّاءة وستهيئ الأوضاع المستقرة الضرورية للتعاون الاقتصادي».
واستغل ترمب الفرصة لانتقاد برلين، مشيراً إلى أنه في الوقت الذي تلتزم فيه بولندا بإنفاق 2% من إجمالي الناتج المحلي على الدفاع «لا تفي ألمانيا بالتزاماتها فيما يتعلق بحلف شمال الأطلسي (ناتو)». كما استغل ترمب الاجتماع مع نظيره البولندي للإعلان عن أنه يدرس فرض عقوبات على أفراد وكيانات شاركت في إقامة خط أنابيب «نورد ستريم 2»، الذي سينقل الغاز الروسي إلى ألمانيا. وقال الرئيس الأميركي عن عقود الطاقة: «أعتقد أن ألمانيا تضع نفسها في وضع غير مواتٍ للغاية»، مضيفاً أن الاعتماد على موسكو «يجعل ألمانيا بالفعل رهينة لروسيا إذا وقعت أمور سيئة». وأعلن دودا وترمب أن بولندا ستزيد مشترياتها من الغاز الطبيعي الأميركي، حيث أشاد البلدان بتنويع مصادر استيراد الطاقة. وقال دودا إنه يريد إبقاء بولندا راسخة في الغرب وضمان عدم عودتها إلى دائرة نفوذ موسكو، مشيراً إلى النزاعات الأخيرة في جورجيا وأوكرانيا. وكان الرئيس الأميركي قد قال في وقت سابق، أمس، إنه «غير مهتم» بما يتردد عن تراجع الديمقراطية في بولندا. وأضاف ترمب خلال اجتماعه مع دودا بالبيت الأبيض: «إنهم لا يريدون التراجع، لن يتراجعوا». وقال الرئيس، في إشارة إلى النمو الاقتصادي لبولندا: «إنهم يعلمون أنهم إذا تراجعوا، لن يكون حالهم في نفس المستوى الجيد». وأشار دودا إلى أنه «لا توجد مشكلة بشأن الديمقراطية في بولندا».



هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
TT

هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)

تخضع «هيئة تحرير الشام»، التي قادت قوات المعارضة للإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد، لعقوبات من الأمم المتحدة منذ فترة طويلة، وهو ما وصفه المبعوث الخاص للمنظمة الدولية إلى سوريا غير بيدرسون، بأنه «عامل تعقيد لنا جميعاً».

كانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف في السابق باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت العلاقات بالتنظيم في عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما فُرض عليها تجميد عالمي للأصول وحظر أسلحة.

ويخضع عدد من أعضاء «هيئة تحرير الشام» أيضاً لعقوبات الأمم المتحدة مثل حظر السفر، وتجميد الأصول، وحظر الأسلحة، ومنهم زعيمها وقائد إدارة العمليات العسكرية أحمد الشرع، المكنى «أبو محمد الجولاني»، المدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.

وقال دبلوماسيون إنه لا يوجد حالياً أي مناقشات عن رفع العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة على الجماعة. ولا تمنع العقوبات التواصل مع «هيئة تحرير الشام».

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟ (رويترز)

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

فرضت الأمم المتحدة عقوبات على «جبهة النصرة»، لأن الجماعة مرتبطة بتنظيم «القاعدة»، ولأنها كانت «تشارك في تمويل أو تخطيط أو تسهيل أو إعداد أو ارتكاب أعمال أو أنشطة» مع «القاعدة» أو دعماً لها وتستقطب أفراداً وتدعم أنشطة «القاعدة».

وجاء في قائمة العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة: «في يناير (كانون الثاني) 2017، أنشأت جبهة النصرة (هيئة تحرير الشام)، وسيلة لتعزيز موقعها في التمرد السوري وتعزيز أهدافها باعتبارها فرعاً لتنظيم (القاعدة) في سوريا»... ورغم وصف ظهور «هيئة تحرير الشام» بطرق مختلفة (على سبيل المثال كاندماج أو تغيير في الاسم)، فإن جبهة «النصرة» استمرت في الهيمنة والعمل من خلال «هيئة تحرير الشام» في السعي لتحقيق أهدافها.

وفُرضت عقوبات على الجولاني بسبب ارتباطه بتنظيم «القاعدة» وعمله معه.

كيف يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة؟

تستطيع أي دولة عضو في الأمم المتحدة في أي وقت تقديم طلب لرفع العقوبات عن كيان أو شخص إلى لجنة عقوبات تنظيمي «داعش» و«القاعدة» التابعة لمجلس الأمن الدولي المؤلف من 15 دولة.

وإذا جاء الطلب من دولة لم تقترح في البداية فرض عقوبات الأمم المتحدة، فإن اللجنة تتخذ القرار بالإجماع.

وإذا تقدمت الدولة التي اقترحت في البداية فرض العقوبات بطلب الشطب من القائمة، فسيمحى الاسم من القائمة بعد 60 يوماً، ما لم توافق اللجنة بالإجماع على بقاء التدابير.

لكن إذا لم يتم التوصل إلى إجماع، يستطيع أحد الأعضاء أن يطلب إحالة الطلب إلى مجلس الأمن للتصويت عليه في غضون 60 يوماً.

ولم تتضح بعد الدول التي اقترحت فرض عقوبات على جبهة «النصرة» والجولاني.

ويستطيع أيضاً الشخص أو الكيان الخاضع للعقوبات أن يطلب إزالة التدابير عن طريق الاتصال بأمين عام المظالم، وهو منصب أنشأه المجلس في عام 2009، ليقوم بمراجعة الطلب.

وإذا أوصى أمين عام المظالم بإبقاء اسم ما على القائمة، فسيظل مدرجاً على القائمة. وإذا أوصى أمين عام المظالم بإزالة اسم ما، فسترفع العقوبات بعد عملية قد تستغرق ما يصل إلى 9 أشهر، ما لم توافق اللجنة في وقت أسبق بالإجماع على اتخاذ إجراء أو الإحالة إلى المجلس لتصويت محتمل.

هل هناك استثناءات من العقوبات؟

يستطيع الأشخاص الخاضعون لعقوبات الأمم المتحدة التقدم بطلب للحصول على إعفاءات فيما يتعلق بالسفر، وهو ما تقرره اللجنة بالإجماع.

ويقول المجلس إن عقوباته «لا تستهدف إحداث عواقب إنسانية تضر بالسكان المدنيين».

وهناك استثناء إنساني للأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة يسمح «بتوفير أو معالجة أو دفع الأموال أو الأصول المالية الأخرى أو الموارد الاقتصادية، أو توفير السلع والخدمات اللازمة لضمان تقديم المساعدات الإنسانية في الوقت المناسب، أو لمساندة الأنشطة الأخرى التي تدعم الاحتياجات الإنسانية الأساسية».