البشر يبتلعون جزيئات بلاستيك أسبوعياً بحجم بطاقة ائتمان

الشخص العادي يبتلع 5 غرامات من البلاستيك أسبوعياً أي ما يعادل حجم بطاقة ائتمان
الشخص العادي يبتلع 5 غرامات من البلاستيك أسبوعياً أي ما يعادل حجم بطاقة ائتمان
TT

البشر يبتلعون جزيئات بلاستيك أسبوعياً بحجم بطاقة ائتمان

الشخص العادي يبتلع 5 غرامات من البلاستيك أسبوعياً أي ما يعادل حجم بطاقة ائتمان
الشخص العادي يبتلع 5 غرامات من البلاستيك أسبوعياً أي ما يعادل حجم بطاقة ائتمان

أظهرت دراسة جديدة صادرة عن الصندوق العالمي للطبيعة أن الشخص العادي يبتلع نحو 5 غرامات من البلاستيك أسبوعياً، أي ما يعادل حجم بطاقة ائتمان.
ووفقاً لصحيفة «التلغراف» البريطانية، فقد قام الباحثون، الذين ينتمون إلى جامعة نيوكاسل في أستراليا، بتحليل أكثر من 50 دراسة حول تناول الناس للبلاستيك.
ووجد الباحثون أن الناس يستهلكون ما يصل إلى 102 ألف قطعة صغيرة من البلاستيك كل عام، وأن 90% منها قادمة من مياه الشرب، سواء المعبأة في زجاجات أو الآتية من الصنبور.
وأشارت الدراسة إلى أن المحار وملح الطعام أيضاً يحتويان على مستويات عالية من البلاستيك.
وقال ثافا بالانيسامي، الباحث في جزيئات البلاستيك، والذي شارك في الدراسة «بينما يزداد يومياً الوعي بمدى تأثير جزيئات البلاستيك الدقيقة على البيئة، فإن هذه الدراسة تساعد في حساب تأثير هذه الجزيئات على الإنسان بشكل دقيق».
وعلى الرغم من أن الآثار طويلة المدى لابتلاع البلاستيك على جسم الإنسان غير معروفة حتى الآن، فقد أظهر بعض الدراسات أن استنشاق الألياف البلاستيكية ينتج عنه التهاب خفيف في الجهاز التنفسي.
بالإضافة إلى ذلك، يحمل بعض أنواع البلاستيك مواد كيميائية ومواد مضافة قد تؤثر على خصوبة الإنسان وتزيد من احتمالات حدوث الطفرات الوراثية والسرطانات.
وقال أليك تايلور، رئيس السياسة البحرية في الصندوق العالمي للطبيعة: «البلاستيك يلوث كوكبنا، وإن وُجد في أعمق خنادق المحيطات، كما أنه يلوث أجسامنا أيضاً، من خلال الطعام الذي نأكله والماء الذي نشربه».
وأضاف: «يجب أن يكون هذا التقرير بمثابة دعوة استيقاظ للحكومات، نحن لا نريد البلاستيك في محيطاتنا، ولا نريده في طعامنا. نحتاج إلى إجراء عاجل على مستوى الحكومات وقطاع الأعمال والمستهلكين لمعالجة الأسباب الجذرية لهذه الأزمة».
وأشارت الدراسة إلى أنه إذا لم تتم معالجة هذه الأزمة، فمن المتوقع أن تفوق كمية البلاستيك الموجودة في المحيطات كمية الأسماك فيها بحلول عام 2050.



«المرايا» رؤية جديدة لمعاناة الإنسان وقدرته على الصمود

شخوص اللوحات تفترش الأرض من شدة المعاناة (الشرق الأوسط)
شخوص اللوحات تفترش الأرض من شدة المعاناة (الشرق الأوسط)
TT

«المرايا» رؤية جديدة لمعاناة الإنسان وقدرته على الصمود

شخوص اللوحات تفترش الأرض من شدة المعاناة (الشرق الأوسط)
شخوص اللوحات تفترش الأرض من شدة المعاناة (الشرق الأوسط)

في النسيج الواسع لتاريخ الفن التشكيلي، تبرز بعض الأعمال الفنية وتكتسب شهرة عالمية، ليس بسبب مفرداتها وصياغاتها الجمالية، ولكن لقدرتها العميقة على استحضار المشاعر الإنسانية، وفي هذا السياق تُعدّ لوحات الفنان السوري ماهر البارودي بمنزلة «شهادة دائمة على معاناة الإنسان وقدرته على الصمود»، وهي كذلك شهادة على «قوة الفن في استكشاف أعماق النفس، وصراعاتها الداخلية».

هذه المعالجة التشكيلية لهموم البشر وضغوط الحياة استشعرها الجمهور المصري في أول معرض خاص لماهر البارودي في مصر؛ حيث تعمّقت 32 لوحة له في الجوانب الأكثر قتامة من النفس البشرية، وعبّرت عن مشاعر الحزن والوحدة والوجع، لكنها في الوقت ذاته أتاحت الفرصة لقيمة التأمل واستكشاف الذات، وذلك عبر مواجهة هذه العواطف المعقدة من خلال الفن.

ومن خلال لوحات معرض «المرايا» بغاليري «مصر» بالزمالك، يمكن للمشاهدين اكتساب فهم أفضل لحالتهم النفسية الخاصة، وتحقيق شعور أكبر بالوعي الذاتي والنمو الشخصي، وهكذا يمكن القول إن أعمال البارودي إنما تعمل بمثابة تذكير قوي بالإمكانات العلاجية للفن، وقدرته على تعزيز الصحة النفسية، والسلام، والهدوء الداخلي للمتلقي.

لماذا يتشابه بعض البشر مع الخرفان (الشرق الأوسط)

إذا كان الفن وسيلة للفنان والمتلقي للتعامل مع المشاعر، سواء كانت إيجابية أو سلبية، فإن البارودي اختار أن يعبِّر عن المشاعر الموجعة.

يقول البارودي لـ«الشرق الأوسط»: «يجد المتلقي نفسه داخل اللوحات، كل وفق ثقافته وبيئته وخبراته السابقة، لكنها في النهاية تعكس أحوال الجميع، المعاناة نفسها؛ فالصراعات والأحزان باتت تسود العالم كله». الفن موجود إذن بحسب رؤية البارودي حتى يتمكّن البشر من التواصل مع بعضهم بعضاً. يوضح: «لا توجد تجربة أكثر عالمية من تجربة الألم. إنها تجعلهم يتجاوزون السن واللغة والثقافة والجنس لتعتصرهم المشاعر ذاتها».

الفنان السوري ماهر البارودي يحتفي بمفردة الخروف في لوحاته (الشرق الأوسط)

لكن ماذا عن السعادة، ألا تؤدي بالبشر إلى الإحساس نفسه؟، يجيب البارودي قائلاً: «لا شك أن السعادة إحساس عظيم، إلا أننا نكون في أقصى حالاتنا الإنسانية عندما نتعامل مع الألم والمعاناة». ويتابع: «أستطيع التأكيد على أن المعاناة هي المعادل الحقيقي الوحيد لحقيقة الإنسان، ومن هنا فإن هدف المعرض أن يفهم المتلقي نفسه، ويفهم الآخرين أيضاً عبر عرض لحظات مشتركة من المعاناة».

وصل الوجع بشخوص لوحاته إلى درجة لم يعد في استطاعتهم أمامه سوى الاستسلام والاستلقاء على الأرض في الشوارع، أو الاستناد إلى الجدران، أو السماح لعلامات ومضاعفات الحزن والأسى أن تتغلغل في كل خلايا أجسادهم، بينما جاءت الخلفية في معظم اللوحات مظلمةً؛ ليجذب الفنان عين المشاهد إلى الوجوه الشاحبة، والأجساد المهملة الضعيفة في المقدمة، بينما يساعد استخدامه الفحم في كثير من الأعمال، وسيطرة الأبيض والأسود عليها، على تعزيز الشعور بالمعاناة، والحداد على العُمر الذي ضاع هباءً.

أحياناً يسخر الإنسان من معاناته (الشرق الأوسط)

وربما يبذل زائر معرض البارودي جهداً كبيراً عند تأمل اللوحات؛ محاولاً أن يصل إلى أي لمسات أو دلالات للجمال، ولكنه لن يعثر إلا على القبح «الشكلي» والشخوص الدميمة «ظاهرياً»؛ وكأنه تعمّد أن يأتي بوجوه ذات ملامح ضخمة، صادمة، وأحياناً مشوهة؛ ليعمِّق من التأثير النفسي في المشاهد، ويبرز المخاوف والمشاعر المكبوتة، ولعلها مستقرة داخله هو نفسه قبل أن تكون داخل شخوص أعماله، ولمَ لا وهو الفنان المهاجر إلى فرنسا منذ نحو 40 عاماً، وصاحب تجربة الغربة والخوف على وطنه الأم، سوريا.

أجواء قاتمة في خلفية اللوحة تجذب العين إلى الألم البشري في المقدمة (الشرق الأوسط)

وهنا تأخذك أعمال البارودي إلى لوحات فرنسيس بيكون المزعجة، التي تفعل كثيراً داخل المشاهد؛ فنحن أمام لوحة مثل «ثلاث دراسات لشخصيات عند قاعدة صلب المسيح»، نكتشف أن الـ3 شخصيات المشوهة الوحشية بها إنما تدفعنا إلى لمس أوجاعنا وآلامنا الدفينة، وتفسير مخاوفنا وترقُّبنا تجاه ما هو آتٍ في طريقنا، وهو نفسه ما تفعله لوحات الفنان السوري داخلنا.

لوحة العائلة للفنان ماهر البارودي (الشرق الأوسط)

ولا يعبأ البارودي بهذا القبح في لوحاته، فيوضح: «لا أحتفي بالجمال في أعمالي، ولا أهدف إلى بيع فني. لا أهتم بتقديم امرأة جميلة، ولا مشهد من الطبيعة الخلابة، فقط ما يعنيني التعبير عن أفكاري ومشاعري، وإظهار المعاناة الحقيقية التي يمر بها البشر في العالم كله».

الخروف يكاد يكون مفردة أساسية في أعمال البارودي؛ فتأتي رؤوس الخرفان بخطوط إنسانية تُكسب المشهد التصويري دراما تراجيدية مكثفة، إنه يعتمدها رمزيةً يرى فيها تعبيراً خاصاً عن الضعف.

لبعض البشر وجه آخر هو الاستسلام والهزيمة (الشرق الأوسط)

يقول الفنان السوري: «الخروف هو الحيوان الذي يذهب بسهولة لمكان ذبحه، من دون مقاومة، من دون تخطيط للمواجهة أو التحدي أو حتى الهرب، ولكم يتماهى ذلك مع بعض البشر»، لكن الفنان لا يكتفي بتجسيد الخروف في هذه الحالة فقط، فيفاجئك به ثائراً أحياناً، فمن فرط الألم ومعاناة البشر قد يولد التغيير.