في الذكرى الخامسة لسقوط الموصل... تضارب مواقف حول إعادة التحقيق

رغم مرور 5 سنوات على سقوط الموصل، ثانية كبرى المدن العراقية، بيد تنظيم «داعش» الإرهابي، و3 سنوات على تحريرها بعد معارك دامية لا تزال تثير كثيراً من ردود الفعل بين مختلف الأوساط السياسية والشعبية، فإن المواقف تتضارب بشأن ما إذا كانت تتوجب إعادة التحقيق في سقوطها الذي لا يزال كثير من جوانبه غامضاً.
وكان البرلمان العراقي السابق قد شكل لجنة رئيسية للتحقيق في أسباب سقوط المدينة؛ ومن ثم محافظة نينوى، بيد «داعش» في شهر يونيو (حزيران) عام 2014، وخلص التحقيق إلى نتائج مهمة أدانت قيادات عسكرية بارزة وحملت مسؤولين كباراً؛ بمن فيهم رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي، جزءاً مما حصل.
وبينما دعا إياد علاوي، زعيم «ائتلاف الوطنية» ورئيس الوزراء الأسبق، إلى فتح تحقيق شامل في سقوط الموصل، فإن رئيس لجنة الأمن والدفاع السابق حاكم الزاملي، رئيس لجنة التحقيق في سقوط الموصل، أكد عدم وجود مبرر لفتح تحقيق جديد. وقال علاوي في تغريدة أمس إن «تداعيات هروب المتطرفين من السجون أدت إلى احتلال (داعش) لثلث العراق»، داعياً إلى «فتح تحقيق شامل ومراجعة وطنية حقيقية تناقش أسباب ما حصل».
من جهته، دعا رئيس «تحالف الإصلاح والإعمار»، عمار الحكيم، إلى دراسة أسباب انتكاسة مدينة الموصل، وقال في بيان: «من الضروري دراسة أسبابها - بعيداً عن الانفعالية والتسييس - وذلك للحيلولة دون تكرارها مستقبلاً».
إلى ذلك، أكد الزاملي في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أنه «تم التحقيق بشكل مهني في أسباب سقوط الموصل، وتم تشكيل لجنة مهنية من 26 نائباً من كل الكتل السياسية»، مشيراً إلى أنه «تم التحقيق بشكل مفصل مع مائة شخصية بين عسكرية وسياسية، وتوصلنا إلى الأسباب الحقيقية لسقوط الموصل؛ وهي أسباب سياسية، بالإضافة إلى الفساد المالي والإداري، فضلاً عن التقاطعات والأجندات الخارجية». وأضاف الزاملي أنه «تمت إدانة 36 شخصية؛ بدءاً من رئيس الوزراء الأسبق (نوري المالكي) ومحافظ نينوى الأسبق (أثيل النجيفي)، وعدد من كبار القادة العسكريين؛ من بينهم عبود قنبر وعلي غيدان ومهدي الغراوي ورئيس أركان الجيش آنذاك بابكر زيباري والوكيل الأقدم لوزارة الداخلية عدنان الأسدي والقنصل التركي، وضباط آخرون».
وحول ما إذا كان يؤيد إعادة التحقيق التي يدعو إليها عدد من السياسيين والكتل البرلمانية، يقول الزاملي: «ليس هناك داعٍ لإعادة التحقيق، لأنه أولاً لا جدوى منه، وثانياً في حال تم تطبيق توصيات التقرير الذي أعددناه؛ فإن كل شيء سيكون واضحاً».
من جهته؛ فإن محافظ نينوى آنذاك أثيل النجيفي وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» يتمنى «إعادة التحقيق من قبل جهة مهنية»، مضيفاً: «إنني واثق بأنني الوحيد الذي حاول منع سقوط الموصل بكل الوسائل، كما حاولت إيقاف المؤامرة على الموصل؛ لكن الجهات المتآمرة كانت أكبر وأقوى». وبشأن الوضع الذي تعيشه الموصل حالياً، يقول النجيفي إن «الوضع الحالي غير مستقر، ويحتاج إلى استنهاض المجتمع الموصلي وإعادة تفاعله مع الواقع الحالي».
بدوره، فإن عدنان الأسدي، الوكيل الأقدم لوزارة الداخلية آنذاك والذي أدانه التقرير، قال في بيان له أمس الثلاثاء إن «‏العاشر من حزيران (يونيو) مصداق واضح للتآمر المحلي والإقليمي والدولي لسقوط الموصل من أجل تغيير نتائج الانتخابات التي حصلت وفازت فيها (دولة القانون) وكانت قاب قوسين أو أدنى لتشكيل الحكومة».
أما عضو البرلمان العراقي عن تحالف «سائرون» برهان المعموري فيرى في حديثه لـ«الشرق الأوسط» أن «إعادة التحقيق في قضية الموصل مطلب شعبي ومطلب عوائل الشهداء؛ مع العلم بأن هذا الملف تم التحقيق فيه وتم التصويت عليه في الدورة السابقة، لكن لم يرَ النور لغاية الآن. هناك كثير من المتورطين في هذا الملف، وتم الإعلان عن أسمائهم، لكن لغاية الآن لم تتم محاسبة المتورطين».
إلى ذلك، يرى القيادي في «تحالف الإصلاح والإعمار» حيدر الملا في حديثه لـ«الشرق الأوسط» أن «آثار سقوط الموصل لم تعالج؛ بدءاً من قضايا النزوح والمدن المدمرة، فضلاً عن أن الآثار الاجتماعية ما زالت قائمة»، مبيناً أن «المطالبات بإعادة التحقيق في سقوط الموصل قضية عبثية لسبب بسيط؛ هو أن هناك لجنة تحقيق شكلت بعد سقوط الموصل وأصدرت قرارات مهمة، وبالتالي فإن تفعيل قرارات تلك اللجنة سيؤدي إلى معاقبة الفاعلين الأساسيين في أكبر جريمة حصلت بحق المناطق الغربية السنية». وبين الملا أن «اللجنة التحقيقية التي شكلت في حينها شخصت كثيراً من المتسببين بسقوط الموصل؛ خصوصاً القادة العسكريين الكبار والذين يتحملون هذه المسؤولية».