رام الله تنفي سعيها لتشكيل قائمة انتخابية يهودية ـ عربية

TT

رام الله تنفي سعيها لتشكيل قائمة انتخابية يهودية ـ عربية

قالت صحيفة «هآرتس» الإسرائيلية، إن السلطة الفلسطينية تدفع نحو تشكيل إطار يهودي - عربي مشترك لخوض انتخابات الكنيست المقررة في سبتمبر (أيلول) المقبل. وأوضحت أن هذه الجهود تنصب على محورين، إما تشكيل قائمة يهودية - عربية أو تعزيز مكانة حزب «ميرتس». لكن السلطة نفت التقرير.
ونقلت عن مصادر مطلعة أنه منذ الانتخابات الأخيرة قبل شهرين أجرى مسؤولون كبار في السلطة الفلسطينية اتصالات مع نشطاء سياسيين في المجتمع العربي لفحص هذه الإمكانية. وأشارت «هآرتس» إلى أن لجنة التواصل مع المجتمع الإسرائيلي في منظمة التحرير هي التي تبادر إلى إقامة مثل هذا الإطار.
ولفتت إلى أن الرئيس الفلسطيني محمود عباس يريد لهذه القوة أن تكون مؤثرة لاحقاً على الحياة السياسية وعلى اتخاذ القرارات. ومن أجل تحقيق هذه الفكرة، قالت المصادر إن مسؤول ملف التواصل مع المجتمع الإسرائيلي لدى منظمة التحرير الفلسطينية محمد مدني، وهو من المقربين من الرئيس الفلسطيني، يجري اتصالات مع شخصيات يسارية إسرائيلية وأخرى عربية فاعلة على الساحة السياسية من دون أن تكون من الشخصيات المؤطرة في التشكيلات السياسية الممثلة في الكنيست.
وقال ناشط سياسي شارك في هذه الاتصالات إن الانطباع السائد لديه هو أن «رام الله ترغب في تقوية حزب ميرتس أكثر من الأحزاب العربية». وأكد النائب عيساوي فريج من «ميرتس» أنه على علم بالاتصالات الجارية لإقامة قائمة يهودية - عربية. غير أنه لا يعرف ما إذا كان الهدف هو ممارسة ضغوط على الأحزاب العربية.
ونوّهت «هآرتس» بأن الأحزاب العربية نقلت رسالة إلى السلطة الفلسطينية مفادها أن تدخلها قد ينعكس سلباً على مكانة هذه الأحزاب.
وبحسب الصحيفة، توجد قطيعة بين الأحزاب العربية والقيادة الفلسطينية منذ تعثر محاولات إعادة تشكيل «القائمة المشتركة» للأحزاب العربية في إسرائيل لخوض الانتخابات في قائمة شاملة تجمعها معاً.
وكان عباس طلب عشية الانتخابات السابقة من رئيس بلدية الناصرة علي سلّام التوسط بين مختلف الأطراف السياسية العربية في إسرائيل لمساعدتها على تخطي الخلافات بينها وإعادة تشكيل «القائمة المشتركة». غير أن جهوده باءت بالفشل وفي نهاية المطاف تشكلت قائمتان عربيتان خاضتا الانتخابات في إسرائيل فجاءت النتيجة بتراجع التمثيل العربي في الكنيست من 13 نائباً إلى 10.
ونفت لجنة التواصل مع المجتمع الإسرائيلي هذا التقرير. وتوجد عادة حساسية سياسية لدى السلطة من أي اتهام لها بمحاولة التدخل في الانتخابات الإسرائيلية.
وقال عضو الكنيست السابق طلب الصانع إن السلطة ليس لها علاقة مباشرة بما يجري، لكنها تراقب ما يحدث سياسيا في إسرائيل. غير أن رئيس بلدية الطيبة شعاع منصور أكد وجود مثل هذه التحركات للترشح ضمن قائمة موحدة، وأن لقاءات جرت في مناطق مختلفة بهذا الشأن منها في رام الله، وأنه قرر عدم الترشح مع تأييده لإعادة تشكيل «القائمة المشتركة».
وجاء تقرير «هآرتس» بعد أيام من تأكيد عضو الكنيست عيساوي فريج، النائب عن «ميرتس»، أن اتصالات ولقاءات جرت بينه وبين النائبين أحمد الطيبي وأيمن عودة لمناقشة فكرة إقامة إطار سياسي يجمع في صفوفه سياسيين من العرب واليهود بحيث يكون برئاسة يهودية - عربية مشتركة لخوض الانتخابات المقبلة.
وأضاف فريج في حديث مع الإذاعة الإسرائيلية الرسمية أنه اتفق مع تمار زاندبيرغ، رئيسة حزبه «ميرتس» على تفويض يانيف ساغي، المدير العام لمركز المجتمع المشترك في «جفعات حَفيفا»، بمواصلة هذه الاتصالات.
ولم يستبعد أيمن عودة التعاون مع أحزاب المعارضة اليهودية من أجل سد الطريق أمام بنيامين نتنياهو لتشكيل حكومة جديدة بعد الانتخابات المقبلة.
ويفترض أن تُجرى انتخابات في إسرائيل في سبتمبر المقبل بعدما فشل نتنياهو بتشكيل حكومة بعد فوز اليمين في الانتخابات التي جرت في أبريل (نيسان) الماضي. وصوّت الكنيست الشهر الماضي على حل نفسه وإعادة الانتخابات.



«الوفد» المصري يدخل أزمة جديدة بعد فصل أحد قادته

رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
TT

«الوفد» المصري يدخل أزمة جديدة بعد فصل أحد قادته

رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)

دخل حزب «الوفد» المصري العريق في أزمة جديدة، على خلفية قرار رئيسه عبد السند يمامة، فصل أحد قادة الحزب ورئيسه الأسبق الدكتور السيد البدوي، على خلفية انتقادات وجَّهها الأخير إلى الإدارة الحالية، وسط مطالبات باجتماع عاجل للهيئة العليا لاحتواء الأزمة، فيما حذَّر خبراء من «موجة انشقاقات» تضرب الحزب.

وانتقد البدوي في حديث تلفزيوني، دور حزب الوفد الراهن، في سياق حديثه عمّا عدَّه «ضعفاً للحياة الحزبية» في مصر. وأعرب البدوي عن استيائه من «تراجع أداء الحزب»، الذي وصفه بأنه «لا يمثل أغلبية ولا معارضة» ويعد «بلا شكل».

وذكر البدوي، أن «انعدام وجوده (الوفد) أفقد المعارضة قيمتها، حيث كان له دور بارز في المعارضة».

و«الوفد» من الأحزاب السياسية العريقة في مصر، وهو الثالث من حيث عدد المقاعد داخل البرلمان، بواقع 39 نائباً. في حين خاض رئيسه عبد السند يمامة، انتخابات الرئاسة الأخيرة، أمام الرئيس عبد الفتاح السيسي، وحصل على المركز الرابع والأخير.

المقر الرئيسي لحزب «الوفد» في القاهرة (حزب الوفد)

وأثارت تصريحات البدوي استياء يمامة، الذي أصدر مساء الأحد، قراراً بفصل البدوي من الحزب وجميع تشكيلاته.

القرار ووجه بانتقادات واسعة داخل الحزب الليبرالي، الذي يعود تأسيسه إلى عام 1919 على يد الزعيم التاريخي سعد زغلول، حيث اتهم عدد من قادة الحزب يمامة بمخالفة لائحة الحزب، داعين إلى اجتماع طارئ للهيئة العليا.

ووصف عضو الهيئة العليا للحزب فؤاد بدراوي قرار فصل البدوي بـ«الباطل»، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن «لائحة الحزب تنظم قرارات فصل أي قيادي بالحزب أو عضو بالهيئة العليا، حيث يتم تشكيل لجنة تضم 5 من قيادات الحزب للتحقيق معه، ثم تُرفع نتيجة التحقيق إلى (الهيئة العليا) لتتخذ قرارها».

وأكد بدراوي أن عدداً من قيادات الحزب «دعوا إلى اجتماع طارئ للهيئة العليا قد يُعقد خلال الساعات القادمة لبحث الأزمة واتخاذ قرار»، معتبراً أن «البدوي لم يخطئ، فقد أبدى رأياً سياسياً، وهو أمر جيد للحزب والحياة الحزبية».

ويتخوف مراقبون من أن تتسبب الأزمة في تعميق الخلافات الداخلية بالحزب، مما يؤدي إلى «موجة انشقاقات»، وقال أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة الدكتور طارق فهمي لـ«الشرق الأوسط» إن «مشكلة فصل البدوي قد تؤدي إلى موجة انشقاقات داخل الحزب، وهي ظاهرة مرشحة للتفاقم في الحياة السياسية المصرية خلال الفترة القادمة، فمشكلة (الوفد) مثل باقي الأحزاب... لا توجد قناعة بتعدد الآراء والاستماع لجميع وجهات النظر».

وأكد فهمي أن «اجتماع الهيئة العليا لحزب (الوفد) لن يحل الأزمة، والحل السياسي هو التوصل إلى تفاهم، للحيلولة دون حدوث انشقاقات، فمشكلة (الوفد) أنه يضم تيارات وقيادات كبيرة تحمل رؤى مختلفة دون وجود مبدأ استيعاب الآراء كافة، وهو ما يؤدي إلى تكرار أزمات الحزب».

وواجه الحزب أزمات داخلية متكررة خلال السنوات الأخيرة، كان أبرزها إعلان عدد من قياداته في مايو (أيار) 2015 إطلاق حملة توقيعات لسحب الثقة من رئيسه حينها السيد البدوي، على خلفية انقسامات تفاقمت بين قياداته، مما أدى إلى تدخل الرئيس عبد الفتاح السيسي في الأزمة، حيث اجتمع مع قادة «الوفد» داعياً جميع الأطراف إلى «إعلاء المصلحة الوطنية، ونبذ الخلافات والانقسامات، وتوحيد الصف، وتكاتف الجهود في مواجهة مختلف التحديات»، وفق بيان للرئاسة المصرية حينها.

وأبدى فهمي تخوفه من أن «عدم التوصل إلى توافق سياسي في الأزمة الحالية قد يؤدي إلى مواجهة سياسية بين قيادات (الوفد)، ومزيد من قرارات الفصل، وهو ما سيؤثر سلباً على مكانة الحزب».

في حين رأى نائب مدير «مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» في مصر الدكتور عمرو هاشم ربيع، أن «(الوفد) سيتجاوز هذه الأزمة كما تجاوز مثلها»، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «الأزمة ستمر مثل كثير من الأزمات، لكنها لن تمر بسهولة، وستحدث عاصفة داخل الحزب».

واستنكر ربيع فصل أحد قيادات حزب ليبرالي بسبب رأيه، قائلاً: «من الغريب أن يقوم رئيس حزب ليبرالي ينادي بحرية التعبير بفصل أحد قياداته بسبب رأيه».

كان البدوي قد أعرب عن «صدمته» من قرار فصله، وقال في مداخلة تلفزيونية، مساء الأحد، إن القرار «غير قانوني وغير متوافق مع لائحة الحزب»، مؤكداً أنه «لا يحق لرئيس الحزب اتخاذ قرار الفصل بمفرده».

وأثار القرار ما وصفها مراقبون بـ«عاصفة حزبية»، وأبدى عدد كبير من أعضاء الهيئة العليا رفضهم القرار، وقال القيادي البارز بحزب «الوفد» منير فخري عبد النور، في مداخلة تلفزيونية، إن «القرار يأتي ضمن سلسلة قرارات مخالفة للائحة الحزب، ولا بد أن تجتمع الهيئة العليا لمناقشة القرار».

ورأى عضو الهيئة العليا لحزب «الوفد» عضو مجلس النواب محمد عبد العليم داوود، أن قرار فصل البدوي «خطير»، وقال في مداخلة تلفزيونية إن «القرار لا سند له ولا مرجعية».

وفي يوليو (تموز) الماضي، شهد الحزب أزمة كبرى أيضاً بسبب مقطع فيديو جرى تداوله على نطاق واسع، على منصات التواصل الاجتماعي، يتعلق بحديث لعدد من الأشخاص، قيل إنهم قيادات بحزب «الوفد»، عن بيع قطع أثرية؛ مما أثار اتهامات لهم بـ«الاتجار غير المشروع في الآثار».