تسويات اللحظة الأخيرة تؤجل إعلان حكومة العبادي

توقعات بالتصويت على التشكيلة غدا.. وواشنطن تدخل على خط الضغوط

تسويات اللحظة الأخيرة تؤجل إعلان حكومة العبادي
TT

تسويات اللحظة الأخيرة تؤجل إعلان حكومة العبادي

تسويات اللحظة الأخيرة تؤجل إعلان حكومة العبادي

دخلت الولايات المتحدة الأميركية على خط الضغوط الخاصة بتسريع إعلان تشكيل الحكومة العراقية الجديدة، في وقت طمأن فيه رئيس الوزراء المكلف حيدر العبادي العراقيين بأن حكومته سترى النور «في غضون ساعات».
ومع اقتراب نهاية موعد المهلة الدستورية في العاشر من سبتمبر (أيلول) الحالي، فقد بدا الجميع في صراع مع الزمن من أجل استكمال الأوراق التفاوضية الصعبة التي خاضتها الكتل السياسية طوال الأيام السبعة والعشرين الماضية. وفيما أعلن رئيس البرلمان العراقي والقيادي في تحالف القوى العراقية (الكتلة السنية الأكبر)، سليم الجبوري، أن «القبول بالتشكيلة الوزارية مرهون بالاستجابة لمطالب جماهير تحالف القوى العراقية»، فإن مصدرا مسؤولا في كتلة «متحدون للإصلاح» التي يتزعمها أسامة النجيفي، رئيس البرلمان السابق، أبلغ «الشرق الأوسط» بأن «المفاوضات الأخيرة التي أجريت في غضون اليومين الماضيين بين تحالف القوى العراقية والتحالف الوطني (الشيعي) أسفرت عن التوصل إلى نتائج جيدة في المقدمة منها منح وزارة الدفاع إلى المكون السني بدلا من الداخلية مع بقاء المفاوضات بشأن الحصول على وزارة سيادية أخرى».
ونفى المصدر المسؤول وجود انشقاق في تحالف القوى، قائلا إن «بعض الأشخاص الذين لا وزن لهم ولا تأثير ومن خلال استخدامهم من قبل بعض القنوات الفضائية حاولوا ليس ركوب الموجة وإنما المزايدة على أصحاب الحقوق الأصليين»، مشيرا إلى أنه «من الطبيعي القول إننا لم نحصل على كل ما نريد ولكن ما تم الحصول عليه يعتبر أمرا جيدا يمكن البناء عليه للمستقبل».
وكانت الولايات المتحدة الأميركية أرسلت نائب مساعد وزير الخارجية، بريت ماكجورك، إلى بغداد للوقوف على العقد الأساسية الخاصة بتشكيل الحكومة. وفي هذا السياق التقى ماكجورك رئيس البرلمان سليم الجبوري، الذي أكد بيان صدر عن مكتبه أنه يدعو «الكتل السياسية إلى التفاعل بصورة أفضل للاستفادة من عامل الوقت»، لافتا إلى «عدم وجود استجابة كبيرة لمطالبهم حتى الآن». وأشار البيان إلى أن «رئيس مجلس النواب شدد خلال اللقاء على أهمية تحديد البرنامج الحكومي بجداول زمنية للاستجابة للمطالب المطروحة».
من جانبه، أعرب ماكجورك عن دعم الولايات المتحدة «لتشكيل حكومة متوازنة وممثلة لجميع الأطراف لكي تستطيع مواجهة الأخطار المحدقة بالبلاد»، داعيا إلى «تضمين البرنامج الحكومي جداول زمنية محددة للاستجابة للمطالب المطروحة».
بدوره، طمأن العبادي الشارع العراقي إلى تشكيل الحكومة الجديدة وفقا للمدة الدستورية المحدد. وقال بيان للمكتب الإعلامي للعبادي أمس إن رئيس الوزراء المكلف «يطمئن الشارع العراقي بأنه سيشكل حكومته في الوقت المحدد، وإنه يسعى جاهدا من أجل إجراء الإصلاحات التي ينتظرها أبناء شعبنا العراقي والعيش بأمن وأمان ورفاهية وتجاوز أخطاء الماضي». وأضاف أن «تشكيلة الحكومة المقبلة ستعرض على مجلس النواب خلال الساعات المقبلة». وأوضح البيان أن «العبادي كان يأمل من الكتل السياسية أن تتعاون بشكل أكبر معه في مسعاه لتشكيل حكومة كفؤة قادرة على النهوض بالبلد وحل جميع إشكالاته السياسية والأمنية والاقتصادية، ومراعاة الظروف التي يمر بها العراق».
في سياق ذلك، كشف عضو البرلمان العراقي عن كتلة التحالف الكردستاني الدكتور فرهاد قادر، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «المفاوضات بين الكتل السياسية أفضت إلى دمج بعض الوزارات ذات الاختصاصات المتقاربة مع بعضها من أجل ترشيق الكابينة الحكومية». وأضاف قادر أن «الوزارات التي تم دمجها هي وزارة الثقافة مع وزارة السياحة والآثار، بحيث أصبحت وزارة واحدة، كما تم دمج وزارة البلديات مع وزارة الإسكان والإعمار ووزارة الدولة لشؤون مجلس النواب مع وزارة شؤون المحافظات». وبخصوص ما إذا كانت المفاوضات بين التحالف الكردستاني والتحالف الوطني قد حسمت قال قادر إن «الكثير من الأمور حسمت بالفعل، حيث تم الاتفاق على تحديد سقف زمني لتطبيق المادة 140 من الدستور، أقصاها سنة، كما تم التفاهم على المسائل الأخرى سواء ما يتعلق منها بالدستور أو القضايا الأخرى التي كانت موضع خلاف خلال السنوات الماضية». وبشأن الوزارات التي حصل عليها الكرد قال قادر إن «الكرد حصلوا على منصب نائب رئيس الوزراء الذي سيشغله هوشيار زيباري ووزارات المالية والثقافة والآثار والهجرة والمهجرين واحتمال أن تسند لنا وزارة أخرى لم تحسم بعد»، متوقعا أن يتم التصويت على الحكومة غدا.
من جهته، قال زيباري في اتصال هاتفي لـ«الشرق الأوسط» إن استمرار المناقشات حول تشكيل الحكومة ووثيقة برنامجها يحول دون مشاركته في اجتماعات وزراء الخارجية العرب المقرر ظهر اليوم الأحد. وأكد أن فريق التفاوض من أجل تشكيل الحكومة يأمل في إعلانها قبل الموعد القانوني المحدد.
وأفاد زيباري بأن المفاوضات تسير على قدم وساق، معللا ذلك بأن «الخلافات كثيرة، وعلى كل شيء»، وأن المرحلة صعبة ودقيقة وحساسة، والكل يأمل الخروج من المأزق الراهن. وأضاف أن «العملية ليست سهلة، والخلافات بين الأطراف حول التشكيلة الوزارية، وأيضا وثيقة البرنامج الوزاري». إلا أنه عاد وأكد أن كل الجهود مبذولة «لأن الخطر يطال الجميع».
وردا على سؤال عما إذا كان رئيس الوزراء قد تجاوب مع المطالب الكردية، أوضح زيباري، بصفته رئيس الوفد الكردي في مفاوضات تشكيل الحكومة، أن «الاهتمام ينصب على تلبية مطالب الشعب العراقي ككل، وكيفية التخلص من التجربة السابقة، والانطلاق بعمل الحكومة الجديدة إلى مرحلة تخدم مصالح الشعب العراقي وتنهي مأساته»، مشيرا إلى أن «خطر تنظيم داعش يستوجب وحدة الصف العراقي وتقليص مساحات الاختلاف».



الإرياني يتهم الحوثي بالعيش في «غيبوبة سياسية» غداة تهديده المنادين بسيناريو سوريا

زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
TT

الإرياني يتهم الحوثي بالعيش في «غيبوبة سياسية» غداة تهديده المنادين بسيناريو سوريا

زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)

تعليقاً على الخطبة الأخيرة لزعيم الحوثيين عبد الملك الحوثي، والتي حاول فيها ترهيب اليمنيين من الانتفاضة ضد انقلاب جماعته على غرار ما حدث في سوريا، بشّر وزير الإعلام اليمني معمر الإرياني باقتراب ساعة الخلاص من طغيان الانقلابيين في بلاده، وقال إن تلك الخطبة تؤكد أن الرجل «يعيش حالة من الغيبوبة السياسية، ولا يرى ما يحدث حوله».

وكان الحوثي حاول في أحدث خطبه، الخميس الماضي، أن يطمئن جماعته بأن الوضع في اليمن يختلف عن الوضع السوري، مراهناً على التسليح الإيراني، وعلى عدد المجندين الذين استقطبتهم جماعته خلال الأشهر الماضية تحت مزاعم محاربة أميركا وإسرائيل ومناصرة الفلسطينيين في غزة.

معمر الإرياني وزير الإعلام والثقافة والسياحة في الحكومة اليمنية (سبأ)

وقال الإرياني في تصريح رسمي: «إن المدعو عبد الملك الحوثي خرج من كهفه بخطاب باهت، مرتبك ومتشنج، في محاولة بائسة لترهيب اليمنيين، وتصوير ميليشياته الإيرانية كقوة لا تُقهر».

وأضاف أن تلك الخطبة «تؤكد مرة أخرى أن زعيم الميليشيا الحوثية يعيش حالة من الغيبوبة السياسية، لا يرى ما يحدث من حوله، ولا يدرك حجم الزلزال الذي ضرب المنطقة وأدى إلى سقوط المشروع التوسعي الإيراني، الذي سُخرت له على مدار أربعة عقود الإمكانات البشرية والسياسية والإعلامية والاقتصادية والعسكرية والدينية، وارتداداته القادمة على اليمن بكل تأكيد».

وأشار وزير الإعلام اليمني إلى أن الحوثي بدلاً من الاعتراف بأخطائه وخطاياه، والاعتذار والبحث عن مخرج له ولعصاباته، خرج ليهدد اليمنيين مجدداً بسفك دمائهم، مُكرراً مفردات التهديد والتخويف التي سبق أن استخدمها حسن نصر الله زعيم «حزب الله» ضد اللبنانيين والقوى السياسية اللبنانية.

وتساءل الإرياني بالقول: «ألم يردد حسن نصر الله، زعيم ميليشيا (حزب الله)، نفس الكلمات والوعيد؟ أين هو اليوم؟ وأين تلك (القوة العظيمة) التي وعد بها؟».

خطاب بائس

تحدث وزير الإعلام اليمني عن اقتراب ساعة الخلاص من الانقلاب، ووصف الخطاب الحوثي بـ«البائس»، وقال إنه يعكس واقعاً متجذراً في عقلية التطرف والعنف التي يُروج لها محور طهران، ويُظهر مدى تماهي الحوثي مع المشروع الإيراني المزعزع للأمن والاستقرار في المنطقة، وأضاف: «إن ما يمر به الحوثي اليوم هو مجرد صدى لما مر به نصر الله وغيره من زعماء الميليشيات المدعومة من إيران».

مسلح حوثي خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

ونوّه الإرياني إلى أن البعض كان ينتظر من زعيم الميليشيا الحوثية، بعد سقوط المحور الفارسي والهزيمة المُذلة لإيران في سوريا، التي كانت تمثل العمود الفقري لمشروعها التوسعي في المنطقة، و«حزب الله» خط دفاعها الأول، أن يخرج بخطاب عقلاني يعتذر فيه لليمنيين عن الانقلاب الذي أشعل نار الحرب، وعن نهر الدماء والدمار والخراب الذي خلّفه، وعن الجرائم والانتهاكات التي ارتكبها بحقهم على مدى السنوات الماضية.

وتابع الوزير اليمني بالقول: «على عبد الملك الحوثي أن يعلم أن ساعة الخلاص قد اقتربت، فقد بات اليمنيون الذين عانوا الويلات منذ عقد من الزمان، وسُفكت دماؤهم ونهبت أموالهم، وهُتكت أعراضهم، وشهدوا بأم أعينهم أسوأ أنواع التعذيب والانتهاكات في المعتقلات السرية، أكثر إصراراً من أي وقت مضى على تحرير وطنهم من قبضة ميليشياته الفاشية، ولن يفوتوا هذه اللحظة التاريخية، وسيبذلون الغالي والنفيس لتحرير وطنهم والحفاظ على هويتهم الوطنية والعربية».

مفاجآت سارة

أكد الإرياني أن المستقبل يحمل النصر لليمنيين، وأن الأيام «حبلى بالمفاجآت السارة» - وفق تعبيره - وأن مصير الميليشيات الحوثية لن يكون مختلفاً عن باقي الميليشيات الإيرانية في المنطقة. وشدد الوزير على أن اليمن لن يكون إلا جزءاً من محيطه العربي، وسيظل يقاوم ويواجه الظلم والطغيان والتسلط حتى يستعيد حريته وسيادته، مهما كلف ذلك من تضحيات.

اليمنيون يأملون سقوطاً قريباً لانقلاب الجماعة الحوثية المدعومة من إيران (إ.ب.أ)

وأضاف الوزير بالقول: «الشعب اليمني، الذي دفع ولا يزال أثماناً باهظة في معركة البقاء، لن يتوانى عن دفع المزيد من التضحيات لإعادة وطنه حراً مستقلاً خالياً من النفوذ الإيراني التخريبي، وتحقيق النصر والتحرر والكرامة».

يشار إلى أن الأحداث المتسارعة في سوريا التي قادت إلى سقوط نظام بشار الأسد فتحت باب التطلّعات في اليمن نحو سيناريو مشابه يقود إلى إنهاء انقلاب الجماعة الحوثية المدعومة من إيران بأقل التكاليف، خصوصاً بعد الضربات التي تلقتها طهران في لبنان، وصولاً إلى طي صفحة هيمنتها على دمشق.