حرب «قوائم مطلوبين» بين «النصرة» و«داعش» و«حزب الله» تثير ذعر سكان عرسال

نزوح عشرات العوائل.. ورئيس البلدية لـ «الشرق الأوسط»: هناك قائمتان تضمان مطلوبين سوريين

عرسال
عرسال
TT

حرب «قوائم مطلوبين» بين «النصرة» و«داعش» و«حزب الله» تثير ذعر سكان عرسال

عرسال
عرسال

ارتفعت وتيرة الخوف في بلدة عرسال (شرق لبنان) الحدودية مع سوريا، أمس، إثر تسلم جثة أحد سكانها كايد غدادة مقتولا برصاصة في الرأس، بعد اختطافه على يد تنظيم «داعش» في جرود البلدة، والحديث عن قوائم بـ«مطلوبين» لفصيلين متشددين هما «جبهة النصرة» و«داعش»، بتهمة «التعاون مع (حزب الله)» خلال المعارك الأخيرة، مقابل مطلوبين للدولة اللبنانية و«حزب الله» بتهمة «التعامل مع المسلحين السوريين» في المعركة نفسها، حسبما قال رئيس بلدية عرسال علي الحجيري لـ«الشرق الأوسط».
وفيما قال مصدر في البلدة خرج منها خوفا من استهدافه، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، إن المطلوبين للتنظيمين المتشددين «يُقدّرون بالعشرات»، مشيرا إلى «حالات نزوح من البلدة خوفا من التعرض لهم وعائلاتهم»، كشف الحجيري في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» أن هناك قائمتين تضمان مطلوبين من السوريين المقيمين في عرسال، ومن أبناء البلدة.. «الأولى تمتلكها الدولة اللبنانية و(حزب الله) بتهمة تعامل هؤلاء مع المسلحين، والثانية وضعتها جبهة النصرة مستندة إلى تحقيقات وإلى اعترافات بعض الموقوفين لديها»، قائلا: «سمعت أن المتهمين من قبل المتشددين مطلوبون للقتل».
ويأخذ أهالي عرسال تلك القوائم على محمل الجدّ، بعدما تسلمت عائلة المواطن اللبناني كايد غدادة جثة ابنها الذي قُتل بعدما خطف في أواخر أغسطس (آب) الماضي من البلدة التي شهدت مواجهات بين الجيش اللبناني ومسلحين. وذكرت «الوكالة الوطنية للإعلام» الرسمية اللبنانية إن غدادة «كان خطفه تنظيم (داعش) من عرسال وأعدمه لاحقا»، مشيرة إلى أن العائلة «تسلمت الجثة وهي مصابة بطلق ناري في الرأس».
وبدأ الحديث عن قوائم مطلوبين من السوريين وأهالي عرسال لتنظيمات متشددة هاجمت مواقع الجيش اللبناني في البلدة، مطلع الشهر الماضي، عندما أعلنت «النصرة» في حساب ذراعها الإعلامية «المنارة البيضاء» في «تويتر»: «القبض على عملاء لـ(حزب الله) الإيراني» في منطقة عرسال، ثم بث الحساب إياه شريط فيديو يظهر فيه مواطنان يعرفان عن نفسيهما بالاسم، ويقولان إنهما سوريان، ثم يرويان أنهما كانا يعملان مع كايد غدادة لصالح «حزب الله» الذي دربهما، وطلب منهما القيام بمهام مراقبة وإطلاق نار في عرسال.
ورفع هذا الواقع وتيرة الخوف في البلدة، إذ أكد مصدر بارز في عرسال لـ«الشرق الأوسط» أن ما يزيد على مائة عائلة «نزحت من البلدة بسبب الخوف من اختطافهم على يد (داعش)، وبسبب الركود الاقتصادي الذي شلّ البلدة خلال الشهر الماضي»، مشيرا إلى أن المطلوبين في قوائم المجموعات المسلحة «تعدّهم (النصرة) و(داعش) خونة ويجب قتلهم، لأنهم يعارضون تجاوزاتهم ووجود السلاح داخل البلدة، وكانوا معارضين لدخول المسلحين إلى عرسال في فترة المعارك». وقال المصدر إن جزءا من البلدة وسكانها الآن «مخطوفون للمجموعات المسلحة»، فيما «تعد جرودها ومقالع الحجر ومناشره فيها، وهي مصدر عيش العرساليين، محتلة من قبلهم».
لكن رئيس البلدية ينفي أن يكون المسلحون يحتلون مناشر الحجر ومقالعه، قائلا إن العمل «بدأ يعود تدريجيا منذ مطلع هذا الشهر»، مؤكدا في الوقت نفسه نزوح «ما يقارب الـ500 شخص من البلدة، وهم من المتمولين الذين يمتلكون شققا سكنية في بيروت، أو قادرون على دفع بدلات الإيجار»، قائلا إن بعض النازحين من عرسال «هم من يعرفون أنفسهم بأنهم كانوا يعملون لصالح (حزب الله)، ويخافون على مصيرهم».
ولم ينفِ الحجيري أن يكون هناك مطلوبون، قائلا إن «القوائم والاتهامات متبادلة بين الجماعات المسلحة من طرف، و(حزب الله) والدولة اللبنانية من طرف آخر»، موضحا أن بعض السوريين وبعض أهالي البلدة «مطلوبون للتنظيمات المسلحة، بتهم العمل لصالح (حزب الله) إبان المعركة، وإطلاق النار على الجيش وعلى السوريين بهدف إثارة الفتنة». وفي المقابل «هناك مطلوبون للدولة اللبنانية ولـ(حزب الله) بتهمة التعاون مع المسلحين».
وشهدت عرسال، مطلع أغسطس (آب)، مواجهة دامية بين الجيش اللبناني ومسلحين قدموا من سوريا.
وذكرت تقارير أمنية أنهم مزيج من «داعش» و«جبهة النصرة» وكتائب مقاتلة أخرى. وانتهت المواجهة بعد أيام بانسحاب المسلحين إلى جرود عرسال وسوريا، بعد مقتل 20 عسكريا في الجيش، و16 مدنيا وعشرات المسلحين.
وفي سياق متصل بالتطورات في عرسال ومحيطها، أعلن الجيش اللبناني أمس أنه أثناء مرور دورية تابعة لفرع مخابرات منطقة البقاع في بلدة القاع - وادي فايق (المحاذية لعرسال) تعرضت لإطلاق نار من دراجتين ناريتين على متنهما 3 عناصر مسلحة»، مشيرا إلى أن الدورية «ردّت عليهم بالمثل حيث أردت واحدا منهم وأصيب آخر ونقل إلى أحد المستشفيات في منطقة البقاع، وألقت القبض على الثالث، وجميعهم من التابعية السورية».
وجاء هذا التطور، عقب إعلان الجيش أنه أوقف خلال أغسطس (آب) الماضي، 2157 شخصا من جنسيات مختلفة، في مختلف المناطق اللبنانية، لتورط بعضهم في جرائم إرهابية وإطلاق نار واعتداء على المواطنين والاتجار بالمخدرات والقيام بأعمال تهريب وحيازة أسلحة وممنوعات، وارتكاب بعضهم الآخر مخالفات متعددة، تشمل التجوال داخل الأراضي اللبنانية من دون إقامات شرعية، وقيادة سيارات ودراجات نارية من دون أوراق قانونية.



الإرياني يتهم الحوثي بالعيش في «غيبوبة سياسية» غداة تهديده المنادين بسيناريو سوريا

زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
TT

الإرياني يتهم الحوثي بالعيش في «غيبوبة سياسية» غداة تهديده المنادين بسيناريو سوريا

زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)

تعليقاً على الخطبة الأخيرة لزعيم الحوثيين عبد الملك الحوثي، والتي حاول فيها ترهيب اليمنيين من الانتفاضة ضد انقلاب جماعته على غرار ما حدث في سوريا، بشّر وزير الإعلام اليمني معمر الإرياني باقتراب ساعة الخلاص من طغيان الانقلابيين في بلاده، وقال إن تلك الخطبة تؤكد أن الرجل «يعيش حالة من الغيبوبة السياسية، ولا يرى ما يحدث حوله».

وكان الحوثي حاول في أحدث خطبه، الخميس الماضي، أن يطمئن جماعته بأن الوضع في اليمن يختلف عن الوضع السوري، مراهناً على التسليح الإيراني، وعلى عدد المجندين الذين استقطبتهم جماعته خلال الأشهر الماضية تحت مزاعم محاربة أميركا وإسرائيل ومناصرة الفلسطينيين في غزة.

معمر الإرياني وزير الإعلام والثقافة والسياحة في الحكومة اليمنية (سبأ)

وقال الإرياني في تصريح رسمي: «إن المدعو عبد الملك الحوثي خرج من كهفه بخطاب باهت، مرتبك ومتشنج، في محاولة بائسة لترهيب اليمنيين، وتصوير ميليشياته الإيرانية كقوة لا تُقهر».

وأضاف أن تلك الخطبة «تؤكد مرة أخرى أن زعيم الميليشيا الحوثية يعيش حالة من الغيبوبة السياسية، لا يرى ما يحدث من حوله، ولا يدرك حجم الزلزال الذي ضرب المنطقة وأدى إلى سقوط المشروع التوسعي الإيراني، الذي سُخرت له على مدار أربعة عقود الإمكانات البشرية والسياسية والإعلامية والاقتصادية والعسكرية والدينية، وارتداداته القادمة على اليمن بكل تأكيد».

وأشار وزير الإعلام اليمني إلى أن الحوثي بدلاً من الاعتراف بأخطائه وخطاياه، والاعتذار والبحث عن مخرج له ولعصاباته، خرج ليهدد اليمنيين مجدداً بسفك دمائهم، مُكرراً مفردات التهديد والتخويف التي سبق أن استخدمها حسن نصر الله زعيم «حزب الله» ضد اللبنانيين والقوى السياسية اللبنانية.

وتساءل الإرياني بالقول: «ألم يردد حسن نصر الله، زعيم ميليشيا (حزب الله)، نفس الكلمات والوعيد؟ أين هو اليوم؟ وأين تلك (القوة العظيمة) التي وعد بها؟».

خطاب بائس

تحدث وزير الإعلام اليمني عن اقتراب ساعة الخلاص من الانقلاب، ووصف الخطاب الحوثي بـ«البائس»، وقال إنه يعكس واقعاً متجذراً في عقلية التطرف والعنف التي يُروج لها محور طهران، ويُظهر مدى تماهي الحوثي مع المشروع الإيراني المزعزع للأمن والاستقرار في المنطقة، وأضاف: «إن ما يمر به الحوثي اليوم هو مجرد صدى لما مر به نصر الله وغيره من زعماء الميليشيات المدعومة من إيران».

مسلح حوثي خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

ونوّه الإرياني إلى أن البعض كان ينتظر من زعيم الميليشيا الحوثية، بعد سقوط المحور الفارسي والهزيمة المُذلة لإيران في سوريا، التي كانت تمثل العمود الفقري لمشروعها التوسعي في المنطقة، و«حزب الله» خط دفاعها الأول، أن يخرج بخطاب عقلاني يعتذر فيه لليمنيين عن الانقلاب الذي أشعل نار الحرب، وعن نهر الدماء والدمار والخراب الذي خلّفه، وعن الجرائم والانتهاكات التي ارتكبها بحقهم على مدى السنوات الماضية.

وتابع الوزير اليمني بالقول: «على عبد الملك الحوثي أن يعلم أن ساعة الخلاص قد اقتربت، فقد بات اليمنيون الذين عانوا الويلات منذ عقد من الزمان، وسُفكت دماؤهم ونهبت أموالهم، وهُتكت أعراضهم، وشهدوا بأم أعينهم أسوأ أنواع التعذيب والانتهاكات في المعتقلات السرية، أكثر إصراراً من أي وقت مضى على تحرير وطنهم من قبضة ميليشياته الفاشية، ولن يفوتوا هذه اللحظة التاريخية، وسيبذلون الغالي والنفيس لتحرير وطنهم والحفاظ على هويتهم الوطنية والعربية».

مفاجآت سارة

أكد الإرياني أن المستقبل يحمل النصر لليمنيين، وأن الأيام «حبلى بالمفاجآت السارة» - وفق تعبيره - وأن مصير الميليشيات الحوثية لن يكون مختلفاً عن باقي الميليشيات الإيرانية في المنطقة. وشدد الوزير على أن اليمن لن يكون إلا جزءاً من محيطه العربي، وسيظل يقاوم ويواجه الظلم والطغيان والتسلط حتى يستعيد حريته وسيادته، مهما كلف ذلك من تضحيات.

اليمنيون يأملون سقوطاً قريباً لانقلاب الجماعة الحوثية المدعومة من إيران (إ.ب.أ)

وأضاف الوزير بالقول: «الشعب اليمني، الذي دفع ولا يزال أثماناً باهظة في معركة البقاء، لن يتوانى عن دفع المزيد من التضحيات لإعادة وطنه حراً مستقلاً خالياً من النفوذ الإيراني التخريبي، وتحقيق النصر والتحرر والكرامة».

يشار إلى أن الأحداث المتسارعة في سوريا التي قادت إلى سقوط نظام بشار الأسد فتحت باب التطلّعات في اليمن نحو سيناريو مشابه يقود إلى إنهاء انقلاب الجماعة الحوثية المدعومة من إيران بأقل التكاليف، خصوصاً بعد الضربات التي تلقتها طهران في لبنان، وصولاً إلى طي صفحة هيمنتها على دمشق.