تراشق وإغراءات ضريبية في اليوم الأول من السباق على خلافة ماي

انطلق أمس السباق على خلافة رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي، بالكثير من التراشق والوعود الانتخابية «المغرية». وأُعلنت اللائحة النهائية للمرشحين العشرة رسميا أمس، وتضم جيريمي هانت وبوريس جونسون ومايكل غوف وإستر ماكفاي وروري ستيوارت ومات هانكوك وساجد جافيد وأندريا ليدسوم ودومينيك راب ومارك هاربر.
وكان الهجوم الأشرس موجها نحو أحد المرشحين الأوفر حظا، هو بوريس جونسون، لجهة تصريحاته بشأن بريكست والمساهمات البريطانية لميزانية الاتحاد الأوروبي، ولمنافسه مايكل غوف الذي اعترف أخيرا بتعاطي الكوكايين.
وأقفلت باب الترشيحات أمس بعد تقديم ماي استقالتها الجمعة. وترؤس حزب المحافظين يعني تلقائيا ترؤس الحكومة، لأن هذا المنصب يعود إلى الحزب الذي يتمتع بأغلبية برلمانية كافية ليتمكن من الحكم. وستكون مهمة رئيس الوزراء الجديد إنجاز خروج المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي، وهذا ما لم تنجح ماي في تحقيقه في الموعد الذي كان محددا في 29 مارس (آذار)، ما دفعها لإرجائه إلى 31 أكتوبر (تشرين الأول).
وبدأ الكثير من المرشحين حملتهم بمهاجمة استراتيجية بوريس جونسون في ملف بريكست. وأكد وزير الخارجية جيريمي هانت الطابع «الجدي» لترشحه في مواجهة جونسون المعروف بارتكاب الأخطاء. وقال هانت الذي حظي بدعم وزيرة الدفاع بيني مورداونت، إن الزعيم الجديد لحزب المحافظين عليه أن يتقن «فن التفاوض، وليس فن الخطاب الفارغ من أي مضمون». بدوره، اعتبر دومينيك راب الوزير السابق لبريكست وأحد أشد المدافعين عن الخروج من الاتحاد الأوروبي: «لن نحقق بريكست بثرثرات».
أما وزير البيئة مايكل غوف، فيواجه تشكيكا في صدقيته بعدما أقر بأنه تعاطى الكوكايين في السابق وتأكيده علنا أنه ضد استخدام هذا المخدر.
وهدّد جونسون نهاية الأسبوع في مقابلة مع صحيفة «صانداي تايمز»، بعدم دفع فاتورة بريكست، وهو مبلغ يقدر بما بين 40 و45 مليار يورو، إذا لم يوافق الاتحاد الأوروبي على شروط أفضل لبلده. وردت أوساط الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الأحد بأن «عدم تنفيذ موجبات الدفع، هو عدم احترام للالتزامات الدولية الموازي للتخلف عن سداد ديونها السيادية، مع عواقب نعرفها».
وقدم جونسون «مغريات ضريبية» لتحسين حظوظه، مقترحا خفض الضرائب للبريطانيين الذين يجنون أكثر من 50 ألف جنيه (56 ألف يورو)، في إجراء تُقدّر كلفته بـ9.6 مليار جنيه (10.8 مليار يورو) سنوياً وسيتمّ تمويله بشكل جزئي من مدخرات الحكومة لاحتمال حصول بريكست من دون اتفاق، حسب ما ذكرت صحيفة «التلغراف» أمس.
وبوعده بالتشدد مع الاتحاد الأوروبي وبالعمل على توحيد بلده، يقدم جونسون نفسه على أنه الرجل الوحيد القادر على منع انهيار كامل للمحافظين عبر التصدي لخصمين كبيرين لهم، هما حزب بريكست الرابح الأكبر في الانتخابات الأوروبية الذي يقوده الشعبوي نايجل فاراج، والعماليين في أكبر حزب معارض بقيادة جيريمي كوربن.
وحزب المحافظين يواجه في الواقع صعوبة كبيرة. فقد كشف استطلاع للرأي أجراه معهد يوغوف في الخامس والسادس من يونيو (حزيران)، أن الحزب الذي جاء في المرتبة الخامسة في الانتخابات الأوروبية وهي نتيجة مهينة، لن يتجاوز في حال جرت انتخابات تشريعية، المرتبة الرابعة ولن يحصل على أكثر من 18 في المائة من الأصوات.
وبات بقاء الحزب مرتبطا بقدرة أو عدم قدرة رئيسه على تنفيذ بريكست بعد ثلاث سنوات على الاستفتاء الذي جرى في يونيو 2016، الذي صوت 52 في المائة من البريطانيين فيه على الخروج من الاتحاد الأوروبي.
وفي عطلة نهاية الأسبوع، أكد هانت أنه «واثق تماما من أنه إذا تبنينا الأسلوب الصحيح في هذا الشأن، فإن الأوروبيين سيكونون مستعدين للتفاوض»، مستندا في ذلك إلى حديث يقول إنه أجراه مع المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل.
وكررت الدول الـ27 أنها لن تغير اتفاق الخروج من الاتحاد الأوروبي الذي تم التوصل إليه في نوفمبر (تشرين الثاني) بين لندن والمفوضية، ورفضه النواب البريطانيون ثلاث مرات. وسيجري النواب المحافظون سلسلة عمليات تصويت يستبعدون خلالها المرشحين الواحد تلو الآخر، إلى أن يبقى منهم اثنان. وعندها يكون على أعضاء حزب المحافظين، الذين يبلغ عددهم 160 ألف ناشط، اختيار الفائز الذي سيتولى مهامه رسميا على رأس الحكومة قبل نهاية يوليو (تموز)، على أن تقود ماي المرحلة الانتقالية حتى ذلك التاريخ.