«الرسوم العقابية» قفاز ترمب لـ«لكم الخصوم»

«الرسوم العقابية» قفاز ترمب لـ«لكم الخصوم»
TT

«الرسوم العقابية» قفاز ترمب لـ«لكم الخصوم»

«الرسوم العقابية» قفاز ترمب لـ«لكم الخصوم»

من ميزان التجارة مع الصين إلى النبيذ الفرنسي، مروراً بضبط الحدود المكسيكية، لا يتوقف الرئيس الأميركي دونالد ترمب عن استخدام الرسوم الجمركية العقابية كأداة يراها فائقة المفعول لإبرام الاتفاقات وتحسين اقتصاد بلاده... ورغم الانتقادات الداخلية والخارجية التي يتلقاها، والتحذيرات من مغبة هذه الإجراءات على الاقتصادين العالمي، والأميركي ذاته، فإنه يوماً بعد يوم يزيد اقتناعاً بمفعول ضغوطه على شركائه التجاريين.
وبالأمس، أعلن ترمب أن لقاءً مع نظيره الصيني شي جينبينغ مقرر خلال قمة مجموعة العشرين المرتقبة نهاية الشهر الحالي، محذراً من أنه سيفرض رسوماً جديدة في حال لم ينعقد.
ورداً على سؤال لشبكة «سي إن بي سي» التلفزيونية بشأن ما إذا كان عدم حضور شي إلى القمة المقررة في اليابان سيؤدي إلى فرض رسوم جمركية جديدة ضخمة، قال ترمب: «نعم سيؤدي إلى ذلك»... لكنه تدارك أن اللقاء «تقرر» و«أعتقد أنه سيذهب»، وأضاف: «أعتقد أنه سيحضر، لم أسمع عكس ذلك. من المتوقع أن نجتمع». من جانبه، قال متحدث باسم وزارة الخارجية الصينية إنه «لا معلومات حالياً» لديه عن محادثات بين ترمب وشي.
كان الرئيس الأميركي الذي يدين باستمرار الفائض في الميزان التجاري مع الصين لمصلحة بكين، قد فرض العام الماضي رسوماً جمركية عقابية على العديد من السلع الصينية. وكانت المحادثات التجارية بين الصين والولايات المتحدة قد تعثرت الشهر الماضي، حيث قالت واشنطن إن بكين انسحبت منها في اللحظة الأخيرة فيما قالت بكين إنها مستعدة لمعركة طويلة. وستُعقد قمة مجموعة العشرين في أوساكا في 28 و29 يونيو (حزيران) الجاري.
من جهة أخرى، أشار ترمب إلى أنه قد يفكر في فرض غرامات، على نسق الاتحاد الأوروبي، على شركات التكنولوجيا الكبيرة، فيما حذر من أنه قد يرى مثل هذه الشركات باعتبارها كيانات احتكارية.
غير أن ترمب انتقد أيضاً الاتحاد الأوروبي قائلاً إن الغرامات تعد اعتداءً على الشركات الأميركية، وإن الجهات التنظيمية في بروكسل تعتبر مثل هذه الإجراءات العقابية «أموالاً سهلة» لخزائنها.
وقال ترمب عبر شبكة «سي إن بي سي»: «أعتقد أنه موقف سيئ بكل وضوح... ولكنني أعتقد أن هناك شيئاً يحدث فيما يتعلق بالاحتكار». ولطالما اتهم ترمب عمالقة التكنولوجيا بأنهم متحيزون سياسياً ضد المحافظين، رغم أن الشركات ترفض هذه الاتهامات. وفرضت المفوضية الأوروبية غرامات بمليارات الدولارات على شركات التكنولوجيا الأميركية العملاقة، بما في ذلك شركة «غوغل» على خلفية قضايا تتعلق بمكافحة الاحتكار، وعلى «آبل» بشأن الضرائب. كما أن الجهات التنظيمية تجري تحقيقاً بشأن شركة «فيسبوك»، وأشارت إلى أن شركات أخرى قد تكون تواجه غرامات في إطار إجراءات ضمان حرية المنافسة.
وفي خطوة جديدة على صعيد استخدام أداته المفضلة، لمح ترمب أمس إلى أنه قد يفرض مزيداً من الرسوم الجمركية على النبيذ الفرنسي معتبراً أن النبيذ الأميركي ضحية منافسة غير عادلة.
وأعلن الرئيس الأميركي على قناة «سي إن بي سي» أن «فرنسا تفرض رسوماً جمركية باهظة على النبيذ، ونحن رسومنا الجمركية منخفضة على النبيذ الفرنسي». وأضاف: «هذا البلد (الولايات المتحدة) يجيز دخول النبيذ الفرنسي -الذي يعد فاخراً- بأسعار زهيدة». وتابع: «هذا غير عادل، سنفعل شيئاً لإعادة التوازن في هذا الملف».
وفي نوفمبر الماضي، أدان ترمب انعدام التوازن التجاري بين فرنسا والولايات المتحدة حول النبيذ في تغريدات استهدفت الرئيس إيمانويل ماكرون. وغرد قائلاً: «تصعّب فرنسا الأمور لبيع النبيذ الأميركي في فرنسا وتفرض رسوماً جمركية كبيرة، في حين تسهّل الولايات المتحدة الأمور بالنسبة إلى النبيذ الفرنسي وتفرض أدنى الرسوم الجمركية. هذا ليس عدلاً ويجب أن تتغير الأمور!». وتأتي هذه التعليقات في وقت تتفاوض الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي في شأن اتفاق تجاري. وحالياً لا تريد بروكسل إدخال القطاع الزراعي في معاهدة. وكونها دولة عضواً في الاتحاد الأوروبي، لا تحدد فرنسا بنفسها مستوى الضريبة على المنتجات المستوردة. وثمة خلل في الرسوم الجمركية، ففي الولايات المتحدة تتراوح الرسوم بين 5,3 و14,9 سنت للزجاجة وفقاً لنوع النبيذ ودرجة الكحول فيه وفقاً للجنة الأميركية للتجارة الدولية. وفي أوروبا تتراوح بين 11 و29 سنتاً.
لكن الأسواق الأوروبية مفتوحة أمام النبيذ الأميركي بما أن واردات هذا النبيذ في فرنسا زادت بـ200% بين 2007 و2018، وتعد أوروبا أول سوق تصدير للمنتجات الأميركية، حسب الجمارك الفرنسية.
وخلافاً لذلك، فإن الأسواق الأميركية غير منفتحة كما تدّعي، وتعترف واشنطن بالماركات المسجلة لكن ليس بتسمية المنشأ، ما يعد عائقاً أمام المنتجات الفرنسية.


مقالات ذات صلة

«الفيدرالي» على وشك خفض الفائدة مجدداً يوم الأربعاء

الاقتصاد مبنى «الاحتياطي الفيدرالي» في واشنطن (رويترز)

«الفيدرالي» على وشك خفض الفائدة مجدداً يوم الأربعاء

من المتوقع على نطاق واسع أن يخفض بنك الاحتياطي الفيدرالي تكاليف الاقتراض خلال اجتماعه يوم الأربعاء المقبل.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد يقوم أحد عمال البريد الأميركي بتفريغ الطرود من شاحنته في مانهاتن أثناء تفشي فيروس كورونا (رويترز)

ترمب يدرس خصخصة خدمة البريد وسط خسائر مالية ضخمة

يبدي الرئيس المنتخب دونالد ترمب اهتماماً بالغاً بخصخصة خدمة البريد الأميركية في الأسابيع الأخيرة، وهي خطوة قد تُحْدث تغييرات جذرية في سلاسل الشحن الاستهلاكي.

«الشرق الأوسط» (واشنطن )
الاقتصاد أعلام أميركية خارج بورصة نيويورك (رويترز)

ارتفاع تقييمات الأسهم الأميركية يثير مخاوف المستثمرين من تصحيح وشيك

تتزايد المخاوف في الأسواق المالية بعد الارتفاعات الكبيرة في تقييمات الأسهم الأميركية في الأسابيع الأخيرة؛ ما يشير إلى أن السوق قد تكون على وشك تصحيح.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
الولايات المتحدة​ شعار شركة ديلويت المسؤولة عن البوابة الإلكترونية للولاية (وسائل إعلام محلية)

اختراق معلومات شخصية ومصرفية لمئات الآلاف من سكان ولاية أميركية

اخترقت مجموعة دولية من المجرمين المعلومات الشخصية والمصرفية لمئات الآلاف من سكان ولاية رود آيلاند الأميركية.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
خاص ترمب وشي في قمة زعماء مجموعة العشرين بأوساكا باليابان عام 2019 (أرشيفية - رويترز)

خاص قنابل موقوتة تهدد الاقتصاد العالمي في 2025

يقف عام 2025 عند منعطف محوري مع تنامي المواجهة التجارية بين الولايات المتحدة والصين ووسط استمرار التوترات الجيوسياسية.

هلا صغبيني (الرياض)

الدولار يقترب من أعلى مستوى في 3 أسابيع

حُزم من الأوراق النقدية بالدولار الأميركي في محل لصرف العملات بالمكسيك (رويترز)
حُزم من الأوراق النقدية بالدولار الأميركي في محل لصرف العملات بالمكسيك (رويترز)
TT

الدولار يقترب من أعلى مستوى في 3 أسابيع

حُزم من الأوراق النقدية بالدولار الأميركي في محل لصرف العملات بالمكسيك (رويترز)
حُزم من الأوراق النقدية بالدولار الأميركي في محل لصرف العملات بالمكسيك (رويترز)

استقر الدولار قرب أعلى مستوى في ثلاثة أسابيع مقابل العملات الرئيسية، يوم الاثنين، وسط توقعات بأن يخفّض مجلس الاحتياطي الفيدرالي أسعار الفائدة، هذا الأسبوع، مع إشارات إلى وتيرة معتدلة للتيسير النقدي في عام 2025.

وحصل الدولار على دعم إضافي من ارتفاع عوائد سندات الخزانة الأميركية، حيث يثق المتداولون في خفض الفيدرالي أسعار الفائدة بمقدار ربع نقطة مئوية، يوم الأربعاء، مع توقعات بأن يتراجع البنك عن مزيد من الخفض في يناير (كانون الثاني) المقبل، وفقاً لأداة «فيد ووتش».

ورغم تجاوز التضخم هدف البنك المركزي السنوي البالغ 2 في المائة، صرَّح صُناع السياسة في «الاحتياطي الفيدرالي» بأن الارتفاعات الأخيرة في الأسعار تُعدّ جزءاً من المسار الصعب لخفض ضغوط الأسعار، وليست انعكاساً لانخفاض الأسعار. ومع ذلك يحذر المحللون من أن «الفيدرالي» قد يتوخى الحذر من تجدد التضخم مع تولي ترمب منصبه في يناير.

وقال جيمس كنيفوتون، كبير تجار النقد الأجنبي في «كونفيرا»: «أظهر الاقتصاد الأميركي مرونة أمام أسعار الفائدة المرتفعة، مما يعني أن احتمال زيادة التضخم إذا انتعش الاقتصاد سيكون قضية يجب أن يعالجها الاحتياطي الفيدرالي». وأضاف: «هناك قلق من أن السياسات الاقتصادية للإدارة المقبلة قد تكون تضخمية، لكن، كما أشار محافظ بنك كندا، في وقت سابق من هذا الشهر، لا يمكن أن تستند القرارات إلى السياسات الأميركية المحتملة، وربما يتبع رئيس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول هذا النهج نفسه».

واستقرّ مؤشر الدولار الأميركي، الذي يتتبع العملة مقابل اليورو والجنيه الاسترليني والين وثلاث عملات رئيسية أخرى، عند 106.80، بحلول الساعة 06:05 (بتوقيت غرينتش)، بعد أن بلغ 107.18، يوم الجمعة، وهو أعلى مستوى له منذ 26 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

وزادت العملة الأميركية بنسبة 0.1 في المائة إلى 153.87 ين، بعد أن سجلت 153.91 ين، في وقت سابق، وهو أعلى مستوى لها منذ 26 نوفمبر. كما ارتفع الجنيه الاسترليني بنسبة 0.22 في المائة إلى 1.2636 دولار، بعدما سجل أدنى مستوى له منذ 27 نوفمبر عند 1.2607 دولار. في حين ارتفع اليورو بنسبة 0.2 في المائة إلى 1.0518 دولار، بعد أن هبط إلى 1.0453 دولار في نهاية الأسبوع الماضي، وهو أضعف مستوى له منذ 26 نوفمبر، متأثراً بخفض وكالة «موديز» التصنيف الائتماني لفرنسا بشكل غير متوقع، يوم الجمعة.