المتمردون يعززون وجودهم في الحديدة ويهددون بمزيد من الاعتداءات

TT

المتمردون يعززون وجودهم في الحديدة ويهددون بمزيد من الاعتداءات

استمرأت الجماعة الحوثية التراخي الدولي إزاء إلزامها بخيار السلام وفي المقدم منه تنفيذ اتفاق السويد بما في ذلك الانسحاب الفعلي من الحديدة وموانئها، وعاد كبار قادتها لإطلاق التهديدات الإرهابية باستهداف المدن والأعيان والمطارات السعودية.
جاء ذلك في وقت دفع زعيم الجماعة الحوثية عبد الملك الحوثي أمس بكبار قادته في حكومة الانقلاب وكبار العسكريين في ميليشياته إلى مدينة الحديدة التي تزعم الجماعة أنها انسحبت من موانئها الثلاثة بمباركة أممية، وذلك في مسعى لتعزيز الوجود العسكري للميليشيات ولتأكيد عدم نية الجماعة الخضوع لاتفاق السويد.
وفيما تتهرب ميليشيات التمرد من استحقاقات السلام وإنهاء الانقلاب على الشرعية، هدد المتحدث باسم الجماعة الحوثية محمد عبد السلام فليتة، في تصريحات نقلتها وسائل إعلام الجماعة بأن الميليشيات الحوثية المدعومة إيرانياً ستواصل إطلاق الصواريخ والطائرات المسيّرة باتجاه المطارات السعودية من أجل إغلاقها أو إصابتها بالشلل التام، على حد زعمه. وأوضح المتحدث باسم الميليشيات أن جماعته تريد من أفعالها الإرهابية إجبار الحكومة الشرعية والتحالف الداعم لها على إعادة فتح مطار صنعاء ليكون بمثابة الشريان الذي يربط حركة الجماعة بالخارج من أجل تلقي الدعم الإيراني العسكري واللوجيستي، تحت غطاء المبررات الإنسانية.
ورغم أن الحكومة الشرعية في أثناء مشاورات السويد في ديسمبر (كانون الأول) الماضي وافقت على إعادة فتح مطار صنعاء ليكون مطاراً داخلياً وتكون عملية توقف الطائرات في مطار عدن للتفتيش باعتباره مطاراً سيادياً ودولياً في مسعى منها للتخفيف من معاناة السكان في مناطق سيطرة الانقلاب فإن الجماعة الحوثية رفضت عرض الشرعية وأصرت على أن يكون الطيران مباشراً إلى مطار صنعاء.
وفي سياق التهديدات الإرهابية الحوثية لاستهداف الأراضي السعودية، غرّد القيادي في الجماعة حسين العزي المعيّن نائباً لوزير خارجية الانقلاب في الحكومة الحوثية غير المعترف بها، على «تويتر»، بأن جماعته مضطرة إلى القيام بتلك الهجمات لإجبار الحكومة والتحالف الداعم لها على فتح مطار صنعاء.
وفي ذات الاتجاه الذي تتغافل فيه الميليشيات عن تطبيق اتفاق السويد للشهر السابع على التوالي، ركز القيادي البارز في الجماعة والرجل الثالث فيها محمد علي الحوثي على مسألة الموارد المالية وتحييد الاقتصاد، على الرغم من رفض الجماعة توريد الأموال التي تقوم بجبايتها إلى البنك المركزي في عدن في أثناء مشاورات السويد نفسها.
كانت الحكومة الشرعية قد بدأت في صرف رواتب المتقاعدين المدنيين كافة في مناطق سيطرة الميليشيات إلى جانب قيامها بصرف رواتب عدد من القطاعات في مناطق حكم الانقلاب بما في ذلك قطاع القضاء والنيابة والجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة وموظفي الجامعات الحكومية إلى جانب موظفي القطاع الصحي وفق الإمكانيات والموارد المتاحة لها في العاصمة المؤقتة عدن.
وتحاول الميليشيات الحوثية المتاجرة بالقضايا الإنسانية في مناطق سيطرتها على الرغم من تسببها المباشر في معاناة السكان وحرمان الموظفين الحكوميين الخاضعين لها من رواتبهم للسنة الثالثة على التوالي، في مقابل استغلال الموارد المتاحة كافة وما تنهبه من التجار والضرائب وموانئ الحديدة والمساعدات الدولية لمصلحة المجهود الحربي، كما تتهمها بذلك الحكومة الشرعية. وبينما أوعزت الجماعة إلى كبار قادتها بالنزول الميداني إلى محافظة الحديدة خلال أيام العيد، ذكرت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» أن القادة الحوثيين وصلوا لتفقد أوضاع مقاتلي الميليشيات في الجبهات مصطحبين معهم القوافل الغذائية والمؤن القتالية ومئات المسلحين الجدد. ووفق ما أفاد به الإعلام العسكري التابع للقوات الحكومية ترافقت زيارة القادة الحوثيين إلى الحديدة مع تصعيد ميليشياتهم للهجمات المتنوعة على مواقع القوات الحكومية والمناطق والقرى السكنية بامتداد مناطق التماس شرقي الحديدة وجنوبها، وذلك استمراراً لخرق الجماعة للهدنة الأممية التي بدأت عقب اتفاق السويد في 18 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.
وذكرت وسائل إعلام حوثية أن قوافل غذائية سيّرتها الجماعة من محافظات إب والمحويت وعمران وصنعاء باتجاه الساحل الغربي، فيما انتشر معظم القادة الحوثيين في مختلف الجبهات من أجل رفع معنويات مقاتلي الجماعة التي صعّدت عملياتها في الضالع والجوف وتعز وحجة مستغلةً توقف معركة تحرير الحديدة.
ويرجح مراقبون أن توقِف الضرباتُ الجوية في محافظة الحديدة والتزامُ القوات الحكومية بالهدنة منحَ الميليشيات الحوثية الفرصة لتعزيز قدراتها وتحصيناتها في المدينة وموانئها وإطلاق يدها من أجل التعبئة والتحشيد وإجبار السكان على تجنيد أبنائهم في صفوفها بالترغيب والترهيب، وهو الأمر الذي جعل الجماعة هي الرابح الأكبر من اتفاق السويد الذي رفضت تنفيذه.
وتزعم الميليشيات أنها نفّذت انسحاباً لميليشياتها من موانئ الحديدة بإشراف أممي، غير أن الحكومة الشرعية ترى في ذلك مجرد «خدعة مفضوحة» لجهة أن الجماعة ألبست عناصرها الزي الخاص بقوات خفر السواحل وقامت بتسليم الميناء إليهم.
وشوهد عشرات المسلحين الحوثيين في موانئ الحديدة وهم يستقبلون قادتهم خلال فترة العيد بترديد الهتافات الطائفية للجماعة أو ما تُعرف بالصرخة الخمينية، وهو ما رأى فيه الناشطون اليمنيون دليلاً واضحاً على عدم انسحاب الجماعة من الموانئ كما تزعم. وكان الفريق الحكومي المشارك في لجنة إعادة تنسيق الانتشار برئاسة الجنرال الأممي مايكل لوليسغارد، قد قام بتعليق مشاركته في عمل اللجنة منذ ستة أسابيع احتجاجاً على الانسحاب الحوثي الأحادي وعدم التحقق منه من قِبل الفريق، إلى جانب عدم نزع الألغام وعدم تسليم الموانئ لقوات الأمن الموالية للشرعية.


مقالات ذات صلة

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

المشرق العربي عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح خلال الاجتماع (سبأ)

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

دعا عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح إلى ما أسماه «وحدة المعركة»، والجاهزية الكاملة والاستعداد لتحرير العاصمة اليمنية صنعاء من قبضة الميليشيات الحوثية.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
المشرق العربي جانب من اجتماع سابق في عمّان بين ممثلي الحكومة اليمنية والحوثيين خاص بملف الأسرى والمحتجزين (مكتب المبعوث الأممي)

واشنطن تفرض عقوبات على عبد القادر المرتضى واللجنة الحوثية لشؤون السجناء

تعهَّدت واشنطن بمواصلة تعزيز جهود مساءلة مرتكبي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في اليمن، بمَن فيهم «مسؤولو الحوثيين».

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي من عرض عسكري ألزم الحوثيون طلبة جامعيين على المشاركة فيه (إعلام حوثي)

حملة حوثية لتطييف التعليم في الجامعات الخاصة

بدأت الجماعة الحوثية فرض نفوذها العقائدي على التعليم الجامعي الخاص بإلزامه بمقررات طائفية، وإجبار أكاديمييه على المشاركة في فعاليات مذهبية، وتجنيد طلابه للتجسس.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني (سبأ)

​وزير الإعلام اليمني: الأيام المقبلة مليئة بالمفاجآت

عقب التطورات السورية يرى وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني أن المنطقة مقبلة على مرحلة جديدة تحمل الأمل والحرية

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي خلال عام أُجريت أكثر من 200 ألف عملية جراحية في المستشفيات اليمنية (الأمم المتحدة)

شراكة البنك الدولي و«الصحة العالمية» تمنع انهيار خدمات 100 مستشفى يمني

يدعم البنك الدولي مبادرة لمنظمة الصحة العالمية، بالتعاون مع الحكومة اليمنية، لمنع المستشفيات اليمنية من الانهيار بتأثيرات الحرب.

محمد ناصر (تعز)

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.