فنانة مصرية تنفُذ للتراث عبر جماليات «الأبواب القديمة»

تهتم بإبراز نقوشها وزخارفها بأعمال تشكيلية

الفنانة أميمة السيسي  -  نماذج لأبواب قديمة تعكس التراث والجمال
الفنانة أميمة السيسي - نماذج لأبواب قديمة تعكس التراث والجمال
TT

فنانة مصرية تنفُذ للتراث عبر جماليات «الأبواب القديمة»

الفنانة أميمة السيسي  -  نماذج لأبواب قديمة تعكس التراث والجمال
الفنانة أميمة السيسي - نماذج لأبواب قديمة تعكس التراث والجمال

لم تكن أبواب المنازل القديمة في مصر مجرد منفذ للولوج أو الخروج منها، بل كانت «ضلفتي الباب (مصراعيه)» أشبه بعمل فني، فعليها يمكن الحفر والرسم وإضافة النقوش والزخارف والأشكال الجمالية، بما يكشف عن الذائقة الجمالية لأهل البيت، وبما جعل هذه الأبواب حالياً تراثاً كونها أصبحت من العناصر القديمة المندثرة.
برؤية فنية لهذه الأبواب القديمة؛ تخوض التشكيلية المصرية أميمة السيسي رحلة إلى الماضي، لاستكشاف جماليات الأبواب، وتحويلها من عناصر قديمة مهملة ومندثرة إلى مفرداتٍ تشكيلية، ولتنتج زاوية خاصة بها تنفُذ بها إلى التراث المصري.
«لدي عشق كبير للأبواب القديمة، ولها سحر خاص عندي... لذا أرسمها بحب»، تقول: أميمة السيسي لـ«الشرق الأوسط»، وتضيف: «كلما شاهدت باباً قديماً أجد نفسي منجذبة إليه، فأقترب منه وأظل أتأمله طويلاً، وأدقق في تفاصيله، وإبداعات صانعه، ثم أحاول رسمه بفرشاتي وألواني، وهو ما يشعرني بسعادة بالغة، لأني ساهمت في تجسيد مظهر من مظاهر الإبداع المصري القديم».
مظاهر هذا الإبداع تنقله أميمة عبر التركيز على نقوش الأبواب التي تعكس التراث والجمال الخلاب وبساطة وروعة الإنسان المصري، أو بإبراز الفارق بين أبواب القاهرة التي مرّت عليها حضارات مختلفة، وبين أبواب الريف بما تحمله من بساطة وجماليات بدائية، وكيف تختلف ألوان الأبواب من منطقة إلى أخرى، أو بالاهتمام بنقل تفاصيل ما تحتضنه الأبواب من أقفال ومزاليج وزخارف، بل وإلى الشقوق التي تعكس آثار الزمان على الأخشاب.
تحمل لوحات التشكيلية المصرية أيضاً فلسفة خاصة بصاحبتها تجاه الأبواب، تقول عنها: «أنظر للأبواب دائماً بشكل إنساني، فعلى سبيل المثال أرى أن الأبواب تحمل معاني كثيرة، مثل الأمل، فمع فتح الباب ينفتح أمل جديد أو نلمح فرصة جديدة فيتجدد الأمل، كما أرى أن الأبواب القديمة وراءها حكايات عدة كانت تخص أصحاب المنزل وتوقفت عند حدود هذه الأبواب، لذا أحاول أن أكشف ما وراءها من حكايات وما كانت تخفيه من أماكن، وقد أشرت إلى هذه الفكرة فِي أحد معارضي الفنية والذي كان بعنوان (أبواب بهية)، والذي قدمت من خلاله 45 لوحة زيتية عن أبواب مصر القديمة، وما زلت أقدمها في أعمالي الجديدة».
كما تتسع هذه الرؤية الفلسفية الفنية لتشمل الصانع الذين صنع الباب، فتراه أميمة السيسي «فناناً استطاع عمل تفاصيل الباب، وتشكيل الزخارف التي يحملها بحرفية عالية».
وتشير التشكيلية المصرية إلى أنها تتطوف بشكل مستمر في العديد من الأماكن القديمة لرسم الأبواب القديمة، «فلوحاتي هي من المخزون البصري الذي تكوّن لدي من مشاهداتي للحياة من حولي في مصر»، حيث تجولت في المناطق والحواري والأماكن الأثرية مثل شارع المعز لدين الله، والذي تعتبره «أكبر متحف مفتوح للآثار الإسلامية في العالم»، ومنطقة السلطان حسن، وجامع ابن طولون، وقصر الأمير طاز، والبيوت العثمانية التي تتسم بجمال عمارتها وديكوراتها، إلى جانب بيوت الأجداد القديمة في الريف، مثل التردد على مدينة المحلة الكبرى بمحافظة الغربية (دلتا مصر) مسقط رأسها وأصل عائلتها بدلتا النيل.
أما عن رؤيتها للتراث، فتقول: «أعشق كل ما له علاقة بالقديم، فلدي شغف بجوانب الحياة المصرية التقليدية وتراثها العريق والتي تنعكس بشدة على موضوعات أعمالي، فإذا كنت أتناول الأبواب القديمة بشكل خاص، فبشكل عام ومن خلال لوحاتي أتطرق لمظاهر هذه الحياة المصرية، لا سيما في المناطق الشعبية والريفية وصعيد مصر، التي تضم الجمال الساحر الأخّاذ، والذي أجسده تارة عبر نقل ألوان الطبيعة الخلابة النابضة بالحيوية، وتارة عبر ملابس وحُلي المرأة المصرية التي تتميز بألوانها الزاهية المستمدة من البيئة، أو فِي الحرفية العالية في صناعة النحاس والأواني الفخارية والسجاجيد التي لها طابع خاص ومميز».
لا تقتصر أعمال أميمة السيسي على محاولة نقل التراث عبر معارضها الفردية والجماعية داخل مصر فقط، بل تحاول نقل تُراث وطنها أمام ثقافات أخرى، وفي سبيل ذلك أقامت معرضاً فردياً قبل أشهر عدة بعنوان «واحة الجمال» في العاصمة الإنجليزية لندن، تحت رعاية المكتب الثقافي بالسفارة المصرية بالمملكة المتحدة، ومن بعده كانت مشاركتها في «معرض الفنانين العرب الأول» في العاصمة الفنلندية هلسنكي الذي ضم أعمال 23 فناناً عربياً، كما تستعد لمعرض جديد الشهر المقبل في العاصمة الإيطالية روما، يدور أيضاً حول الهوية والتراث.
تقول: «أحمل رسالة تتمثل في نقل التراث المصري أمام الثقافات الأخرى، وتعريف الجمهور الأجنبي بما نملكه من جماليات وإبداعات، بما يعمل على ترويج ثقافتنا، وأن نصل بتراثنا المميز إلى العالم».



قضية ابنة شيرين عبد الوهاب تجدد الحديث عن «الابتزاز الإلكتروني»

شيرين وابنتها هنا (إكس)
شيرين وابنتها هنا (إكس)
TT

قضية ابنة شيرين عبد الوهاب تجدد الحديث عن «الابتزاز الإلكتروني»

شيرين وابنتها هنا (إكس)
شيرين وابنتها هنا (إكس)

جدد الحكم القضائي الصادر في مصر ضد شاب بتهمة ابتزاز وتهديد الطفلة «هنا»، ابنة الفنانة المصرية شيرين عبد الوهاب، الحديث عن «الابتزاز الإلكتروني» عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وسبب انتشاره بكثافة، ومدى المخاطر التي يحملها، لا سيما ضد المراهقات.

وقضت محكمة جنايات المنصورة بالحبس المشدد 3 سنوات على المتهم، وهو طالب بكلية الهندسة، بعد ثبوت إدانته في ممارسة الابتزاز ضد ابنة شيرين، إثر نجاحه في الحصول على صور ومقاطع فيديو وتهديده لها بنشرها عبر موقع «تيك توك»، إذا لم تدفع له مبالغ مالية كبيرة.

وتصدرت الأزمة اهتمام مواقع «السوشيال ميديا»، وتصدر اسم شيرين «الترند» على «إكس» و«غوغل» في مصر، الجمعة، وأبرزت المواقع عدة عوامل جعلت القضية مصدر اهتمام ومؤشر خطر، أبرزها حداثة سن الضحية «هنا»، فهي لم تتجاوز 12 عاماً، فضلاً عن تفكيرها في الانتحار، وهو ما يظهر فداحة الأثر النفسي المدمر على ضحايا الابتزاز حين يجدون أنفسهم معرضين للفضيحة، ولا يمتلكون الخبرة الكافية في التعامل مع الموقف.

وعدّ الناقد الفني، طارق الشناوي، رد فعل الفنانة شيرين عبد الوهاب حين أصرت على مقاضاة المتهم باستهداف ابنتها بمثابة «موقف رائع تستحق التحية عليه؛ لأنه اتسم بالقوة وعدم الخوف مما يسمى نظرة المجتمع أو كلام الناس، وهو ما يعتمد عليه الجناة في مثل تلك الجرائم».

مشيراً لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «أبناء المشاهير يدفعون أحياناً ثمن شهرة ومواقف ذويهم، مثلما حدث مع الفنانة منى زكي حين تلقت ابنتها حملة شتائم ضمن الهجوم على دورها في فيلم (أصحاب ولاّ أعز) الذي تسبب في موجة من الجدل».

وتعود بداية قضية ابنة شيرين عبد الوهاب إلى مايو (أيار) 2023، عقب استدعاء المسؤولين في مدرسة «هنا»، لولي أمرها وهو والدها الموزع الموسيقي محمد مصطفى، طليق شيرين، حيث أبلغته الاختصاصية الاجتماعية أن «ابنته تمر بظروف نفسية سيئة للغاية حتى أنها تفكر في الانتحار بسبب تعرضها للابتزاز على يد أحد الأشخاص».

ولم تتردد شيرين عبد الوهاب في إبلاغ السلطات المختصة، وتبين أن المتهم (19 عاماً) مقيم بمدينة المنصورة، وطالب بكلية الهندسة، ويستخدم حساباً مجهولاً على تطبيق «تيك توك».

شيرين وابنتيها هنا ومريم (إكس)

وأكد الدكتور سعيد صادق، أستاذ علم الاجتماع، أن «الوعي لدى الفتيات والنساء هو كلمة السر في التصدي لتلك الجرائم التي كثُرت مؤخراً؛ نتيجة الثقة الزائدة في أشخاص لا نعرفهم بالقدر الكافي، ونمنحهم صوراً ومقاطع فيديو خاصة أثناء فترات الارتباط العاطفي على سبيل المثال»، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «كثيراً من الأشخاص لديهم وجه آخر صادم يتسم بالمرض النفسي أو الجشع والرغبة في الإيذاء ولا يتقبل تعرضه للرفض فينقلب إلى النقيض ويمارس الابتزاز بكل صفاقة مستخدماً ما سبق وحصل عليه».

فيما يعرّف أستاذ كشف الجريمة بالمركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية بمصر، الدكتور فتحي قناوي، الابتزاز الإلكتروني بوصفه «استخدام التكنولوجيا الحديثة لتهديد وترهيب ضحية ما، بنشر صور لها أو مواد مصورة تخصها أو تسريب معلومات سرية تنتهك خصوصيتها، مقابل دفع مبالغ مالية أو استغلال الضحية للقيام بأعمال غير مشروعة لصالح المبتزين».

ويضيف في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «مرتكب الابتزاز الإلكتروني يعتمد على حسن نية الضحية وتساهلها في منح بياناتها الخاصة ومعلوماتها الشخصية للآخرين، كما أنه قد يعتمد على قلة وعيها، وعدم درايتها بالحد الأدنى من إجراءات الأمان والسلامة الإلكترونية مثل عدم إفشاء كلمة السر أو عدم جعل الهاتف الجوال متصلاً بالإنترنت 24 ساعة في كل الأماكن، وغيرها من إجراءات السلامة».

مشدداً على «أهمية دور الأسرة والمؤسسات الاجتماعية والتعليمية والإعلامية المختلفة في التنبيه إلى مخاطر الابتزاز، ومواجهة هذه الظاهرة بقوة لتفادي آثارها السلبية على المجتمع، سواء في أوساط المشاهير أو غيرهم».