شبح الحرب الطائفية يهدد ديالى ومساعٍ للتهدئة

تشهد عمليات قتل وتهجير... ورئيس {منظمة بدر} يعلن براءته منها

فتى يجمع المواد القابلة للتدوير من النفايات في النجف (أ.ف.ب)
فتى يجمع المواد القابلة للتدوير من النفايات في النجف (أ.ف.ب)
TT

شبح الحرب الطائفية يهدد ديالى ومساعٍ للتهدئة

فتى يجمع المواد القابلة للتدوير من النفايات في النجف (أ.ف.ب)
فتى يجمع المواد القابلة للتدوير من النفايات في النجف (أ.ف.ب)

على الرغم من تحرير المناطق التي احتلها تنظيم «داعش» من محافظة ديالى (56 كم شمال شرقي بغداد) قبل نحو 3 سنوات، فإن عمليات القتل والتهجير على أسس طائفية عادت إلى بعض النواحي في هذه المحافظة المختلطة (سنة وشيعة وكرد). وحذّر رعد الدهلكي، النائب في البرلمان العراقي عن ديالى، مما أسماه خطورة الوضع الأمني وتفاقمه في بعض مناطق المحافظة بعد عودة عمليات القتل والتهجير ضد المواطنين وتكرار سيناريو الخراب الذي شهدته المحافظة عامي 2006 و2007.
وقال الدهلكي، في بيان، إن «هناك ميليشيات وعصابات مسلحة تفرض سطوتها على القانون، إذ منعت تلك الجهات القادة الأمنيين من إجراء أي تغييرات للمسؤولين المحليين على المناطق التي تسيطر عليها، وهذا يدل على قوة هذه المجاميع الخارجة عن القانون وضعف القرار الأمني من قبل المسؤولين عنه في الحكومة الاتحادية». وأشار إلى أن «ضعف القرار الأمني جاء بسبب المحاباة والمجاملات السياسية على حساب أرواح المواطنين. الأمر الذي شجع تلك الجهات المنفلتة على المضي في أعمالهم التخريبية والعدائية ضد المواطنين».
وبيّن الدهلكي أن «ما يجري اليوم في محافظة ديالى هو مخطط جديد لتقويض الأمن والاستقرار وإعادة مسلسل القتل والتشريد والتهجير. الأمر الذي سيقود المحافظة نحو الهاوية، هي وباقي والمحافظات الأخرى، ما سيعيد الفوضى لها ويهدر جميع التضحيات والجهود المضنية خلال السنوات الماضية لإعادة الاستقرار والسلام إليها»، وشدد «على ضرورة التصدي الفوري والحازم للميليشيات والعصابات العابثة بأمن البلاد ومعاقبتها، كونها مارست أعمالاً مشينة في منطقة كصيبة، بناحية العيارة، في قضاء بعقوبة».
ودعا الدهلكي رئيس الوزراء والقائد العام للقوات المسلحة عادل عبد المهدي «بتحمل مسؤولياته القانونية والوطنية بالتدخل العاجل لإنهاء حالة الفوضى، عبر إرسال قوات من بغداد تعمل على فرض القانون ومنح صلاحيات مطلقة للقادة الأمنيين لاتخاذ ما يرونه مناسباً لإعادة الأمن والاستقرار، وإلا فإن حالة الصمت والسكوت ستجرّ البلاد إلى ما لا تحمد عقباه، وستكون لها تداعيات خطيرة، ليس على ديالى فحسب، بل على عموم البلد لا قدر الله».
من جهته، أعلن زعيم تحالف الفتح ورئيس منظمة بدر هادي العامري براءته من الذين يقومون بعمليات قتل وتهجير طائفي في ديالى وينتسبون إلى منظمته، وقال في كلمة له خلال اجتماع أمني عقد في ديالى بحضور محافظ ديالى وعدد من القادة الأمنيين: «أُعلن براءتي من كل من يحاول إعادة الطائفية إلى المحافظة»، داعياً السياسيين إلى «الخطاب الوطني والابتعاد عن إثارة الفتنة». وأضاف العامري: «أعطي صلاحيات كاملة للقوات الأمنية باعتقال أي شخص في (بدر) عليه مذكرة إلقاء قبض، ولديه ارتباط بالجماعات المسلحة».
في السياق ذاته، عقدت الهيئة السياسية لتحالف الإصلاح والإعمار برئاسة رئيس التحالف عمار الحكيم اجتماعاً لها، أمس (الأحد)، ناقشت فيه الأوضاع في كل من ديالى وكركوك. وقال بيان لمكتب الحكيم إن «المجتمعين ناقشوا مستجدات الأوضاع السياسية في العراق والمنطقة، وتقييم الأوضاع الأمنية في محافظات ديالى وكركوك، كانت على رأس الملفات التي تمت مناقشتها».
وتتوزع الاتهامات لما يجري في ديالى بين محاولات لتنظيم «داعش» التسلل مجدداً إلى بعض مناطق المحافظة، مستفيداً من عدم إحكام السيطرة من قبل القوات الأمنية ومن سيطرة فصائل مسلحة على القرار الأمني هناك، ما يجعل الصراع يتحول في بعض مفاصله إلى صراع طائفي يدفع ثمنه الشيعة والسنة على حدّ سواء.
وفي هذا السياق، قال لـ«الشرق الأوسط» برهان المعموري، عضو البرلمان العراقي عن كتلة سائرون في محافظة ديالى، إنه «منذ تحرير ديالى يوجد فيها كثير من المناطق الرخوة، التي تسبب لنا بين آونة وأخرى مشكلات أمنية، خاصة مناطق حمرين، وناحية أبي صيدا والمخيسة وبزايز بهرز، حيث لا تزال فيها جيوب لـ(داعش)».
وأضاف أن «المحافظة لا تخلو من سيطرة بعض الفصائل هنا وهناك، وهو ما يزيد الأمور تعقيداً، وغالباً ما تحصل عمليات ردود فعل جراء ما تتعرض له الأجهزة الأمنية من زرع عبوات أو غيرها». وأكد أن المطلوب حالياً الضبط الأمني بصورة صحيحة بتعزيز القوات، مبيناً أن «عناصر (داعش) بدأوا يبتزون أبناء المناطق السنية. الأمر الذي يتطلب تعزيز الجهد الاستخباري، فضلاً عن تعزيز الأجهزة الخاصة بزيادة تمكينها من أداء دورها، ولا سيما وجود سيارات مصفحة وهمرات وأجهزة حرارية وغيرها».
إلى ذلك، أكد أحد قادة «الحشد العشائري» من المحافظة عدم تسلم رواتب من يطلق عليهم «حراس حدود النار» منذ شهور. وقال رئيس مجلس ناحية العظيم محمد ضيفان العبيدي، في بيان له، إن «(الحشد العشائري) الذي يتولى أمن أكثر من 20 قرية محررة على الحدود بين ديالى وصلاح الدين، والذين يتراوح عددهم نحو 400 مقاتل لم يتسلموا رواتبهم منذ عدة شهور، فضلاً عن أنهم بلا أي جهد تسليحي»، مضيفاً أن «المنطقة التي يتولون حراستها هي إحدى المناطق الملتهبة، التي لا تزال تعاني مزيداً من التحديات الأمنية».



فيروس «HMPV»... ما هو؟ وهل يتحوّل إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
TT

فيروس «HMPV»... ما هو؟ وهل يتحوّل إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

أثارت تقارير عن تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري (HMPV) في الصين قلقاً متزايداً بشأن إمكانية تحوله إلى وباء عالمي، وذلك بعد 5 سنوات من أول تنبيه عالمي حول ظهور فيروس كورونا المستجد في ووهان بالصين، الذي تحول لاحقاً إلى جائحة عالمية أسفرت عن وفاة 7 ملايين شخص.

وأظهرت صور وفيديوهات انتشرت عبر منصات التواصل الاجتماعي في الصين أفراداً يرتدون الكمامات في المستشفيات، حيث وصفت تقارير محلية الوضع على أنه مشابه للظهور الأول لفيروس كورونا.

وفي الوقت الذي تتخذ فيه السلطات الصحية تدابير طارئة لمراقبة انتشار الفيروس، أصدر المركز الصيني للسيطرة على الأمراض والوقاية منها بياناً، يوضح فيه معدل الوفيات الناتج عن الفيروس.

وقال المركز، الجمعة، إن «الأطفال، والأشخاص الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة، وكبار السن، هم الفئات الأكثر تعرضاً لهذا الفيروس، وقد يكونون أكثر عرضة للإصابة بعدوى مشتركة مع فيروسات تنفسية أخرى».

وأشار إلى أن الفيروس في الغالب يسبب أعراض نزلات البرد مثل السعال، والحمى، واحتقان الأنف، وضيق التنفس، لكن في بعض الحالات قد يتسبب في التهاب الشعب الهوائية والالتهاب الرئوي في الحالات الشديدة.

وحاولت الحكومة الصينية التقليل من تطور الأحداث، مؤكدة أن هذا التفشي يتكرر بشكل موسمي في فصل الشتاء.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية، ماو نينغ، الجمعة: «تعد العدوى التنفسية شائعة في موسم الشتاء»، مضيفةً أن الأمراض هذا العام تبدو أقل حدة وانتشاراً مقارنة بالعام الماضي. كما طمأنت المواطنين والسياح، مؤكدة: «أستطيع أن أؤكد لكم أن الحكومة الصينية تهتم بصحة المواطنين الصينيين والأجانب القادمين إلى الصين»، مشيرة إلى أن «السفر إلى الصين آمن».

فيروس «الميتانيمو» البشري

يُعد «الميتانيمو» البشري (HMPV) من الفيروسات التي تسبب التهابات الجهاز التنفسي، ويؤثر على الأشخاص من جميع الأعمار، ويسبب أعراضاً مشابهة للزكام والإنفلونزا. والفيروس ليس جديداً؛ إذ اكتُشف لأول مرة عام 2001، ويُعد من مسببات الأمراض التنفسية الشائعة.

ويشير أستاذ اقتصاديات الصحة وعلم انتشار الأوبئة بجامعة «مصر الدولية»، الدكتور إسلام عنان، إلى أن نسبة انتشاره تتراوح بين 1 و10 في المائة من الأمراض التنفسية الحادة، مع كون الأطفال دون سن الخامسة الأكثر عرضة للإصابة، خاصة في الحالات المرضية الشديدة. ورغم ندرة الوفيات، قد يؤدي الفيروس إلى مضاعفات خطيرة لدى كبار السن وذوي المناعة الضعيفة.

أفراد في الصين يرتدون الكمامات لتجنب الإصابة بالفيروسات (رويترز)

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الفيروس ينتشر على مدار العام، لكنه يظهر بشكل أكبر في فصلي الخريف والشتاء، ويمكن أن يُصاب الأشخاص به أكثر من مرة خلال حياتهم، مع تزايد احتمالية الإصابة الشديدة لدى الفئات الأكثر ضعفاً.

وأوضح أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي الناتج عن السعال أو العطس، أو من خلال ملامسة الأسطح الملوثة ثم لمس الفم أو الأنف أو العينين. وتشمل أعراضه السعال واحتقان الأنف والعطس والحمى وصعوبة التنفس (في الحالات الشديدة)، وتُعد الأعراض مختلفة عن فيروس كورونا، خاصة مع وجود احتقان الأنف والعطس.

هل يتحول لجائحة؟

كشفت التقارير الواردة من الصين عن أن الارتفاع الحالي في الإصابات بالفيروس تزامن مع الطقس البارد الذي أسهم في انتشار الفيروسات التنفسية، كما أن هذه الزيادة تتماشى مع الاتجاهات الموسمية.

وحتى الآن، لم تصنف منظمة الصحة العالمية الوضع على أنه حالة طوارئ صحية عالمية، لكن ارتفاع الحالات دفع السلطات الصينية لتعزيز أنظمة المراقبة.

في الهند المجاورة، طمأن الدكتور أتول غويل، المدير العام لخدمات الصحة في الهند، الجمهور قائلاً إنه لا داعي للقلق بشأن الوضع الحالي، داعياً الناس إلى اتخاذ الاحتياطات العامة، وفقاً لصحيفة «إيكونوميك تايمز» الهندية.

وأضاف أن الفيروس يشبه أي فيروس تنفسي آخر يسبب نزلات البرد، وقد يسبب أعراضاً مشابهة للإنفلونزا في كبار السن والأطفال.

وتابع قائلاً: «لقد قمنا بتحليل بيانات تفشي الأمراض التنفسية في البلاد، ولم نلاحظ زيادة كبيرة في بيانات عام 2024».

وأضاف: «البيانات من الفترة بين 16 و22 ديسمبر 2024 تشير إلى زيادة حديثة في التهابات الجهاز التنفسي الحادة، بما في ذلك الإنفلونزا الموسمية، وفيروسات الأنف، وفيروس الجهاز التنفسي المخلوي (RSV)، و(HMPV). ومع ذلك، فإن حجم وشدة الأمراض التنفسية المعدية في الصين هذا العام أقل من العام الماضي».

في السياق ذاته، يشير عنان إلى أن الفيروس من الصعب للغاية أن يتحول إلى وباء عالمي، فالفيروس قديم، وتحدث منه موجات سنوية. ويضيف أن الفيروس لا يحمل المقومات اللازمة لأن يصبح وباءً عالمياً، مثل الانتشار السريع على المستوى العالمي، وتفاقم الإصابات ودخول المستشفيات بكثرة نتيجة الإصابة، وعدم إمكانية العلاج، أو عدم وجود لقاح. ورغم عدم توافر لقاح للفيروس، فإن معظم الحالات تتعافى بمجرد معالجة الأعراض.

ووافقه الرأي الدكتور مجدي بدران، عضو «الجمعية المصرية للحساسية والمناعة» و«الجمعية العالمية للحساسية»، مؤكداً أن زيادة حالات الإصابة بالفيروس في بعض المناطق الصينية مرتبطة بذروة نشاط فيروسات الجهاز التنفسي في فصل الشتاء.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الصين تشهد بفضل تعدادها السكاني الكبير ومناطقها المزدحمة ارتفاعاً في الإصابات، إلا أن ذلك لا يعني بالضرورة تحول الفيروس إلى تهديد عالمي. وحتى الآن، تظل الإصابات محلية ومحدودة التأثير مقارنة بفيروسات أخرى.

وأوضح بدران أن معظم حالات فيروس «الميتانيمو» تكون خفيفة، ولكن 5 إلى 16 في المائة من الأطفال قد يصابون بعدوى تنفسية سفلى مثل الالتهاب الرئوي.

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

وأكد أنه لا توجد تقارير عن تفشٍّ واسع النطاق للفيروس داخل الصين أو خارجها حتى الآن، مشيراً إلى أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي والاتصال المباشر، لكنه أقل قدرة على الانتشار السريع عالمياً مقارنة بكوفيد-19، ولتحوله إلى جائحة، يتطلب ذلك تحورات تزيد من قدرته على الانتشار أو التسبب في أعراض شديدة.

ومع ذلك، شدّد على أن الفيروس يظل مصدر قلق صحي محلي أو موسمي، خاصة بين الفئات الأكثر عرضة للخطر.

طرق الوقاية والعلاج

لا يوجد علاج محدد لـ«الميتانيمو» البشري، كما هو الحال مع فيروسات أخرى مثل الإنفلونزا والفيروس المخلوي التنفسي، حيث يركز العلاج بشكل أساسي على تخفيف الأعراض المصاحبة للعدوى، وفق عنان. وأضاف أنه في الحالات الخفيفة، يُوصى باستخدام مسكنات الألم لتخفيف الأوجاع العامة وخافضات الحرارة لمعالجة الحمى. أما في الحالات الشديدة، فقد يتطلب الأمر تقديم دعم تنفسي لمساعدة المرضى على التنفس، بالإضافة إلى توفير الرعاية الطبية داخل المستشفى عند تفاقم الأعراض.

وأضاف أنه من المهم التركيز على الوقاية وتقليل فرص العدوى باعتبارها الخيار الأمثل في ظل غياب علاج أو لقاح مخصص لهذا الفيروس.

ولتجنب حدوث جائحة، ينصح بدران بتعزيز الوعي بالوقاية من خلال غسل اليدين بانتظام وبطريقة صحيحة، وارتداء الكمامات في الأماكن المزدحمة أو عند ظهور أعراض تنفسية، بالإضافة إلى تجنب الاتصال المباشر مع المصابين. كما يتعين تعزيز الأبحاث لتطوير لقاحات أو علاجات فعّالة للفيروس، إلى جانب متابعة تحورات الفيروس ورصد أي تغييرات قد تزيد من قدرته على الانتشار أو تسبب أعراضاً أشد.