سوق العقارات في لندن تشهد «ركودا متأرجحا» بسبب ارتفاع الأسعار

أسعار المنازل في بريطانيا ارتفعت بنسبة 11% في أغسطس مقارنة بالعام الماضي

مارة يسيرون بجانب صف من العقارات السكنية في منطقة بيريفال بلندن بالمملكة المتحدة  (بلومبرغ)
مارة يسيرون بجانب صف من العقارات السكنية في منطقة بيريفال بلندن بالمملكة المتحدة (بلومبرغ)
TT

سوق العقارات في لندن تشهد «ركودا متأرجحا» بسبب ارتفاع الأسعار

مارة يسيرون بجانب صف من العقارات السكنية في منطقة بيريفال بلندن بالمملكة المتحدة  (بلومبرغ)
مارة يسيرون بجانب صف من العقارات السكنية في منطقة بيريفال بلندن بالمملكة المتحدة (بلومبرغ)

أفادت مؤسسة «هوم تراك» Hometrack Ltd بأن سوق العقارات في لندن تشهد حالة ركود لشهر ثان في أغسطس (آب) نظرا لتردد المشترين في قبول الأسعار العالية المطروحة في ظل احتمالات زيادة تكاليف الاقتراض.
وأوضح المسح الخاص بوكلاء العقارات أن الأسعار كانت ثابتة بما يمثل تغييرا «صارخا» عن العام الماضي الذي شهد زيادة كبيرة ساعدت على وصول الأسعار الوطنية إلى المستوى القياسي. وقد ارتفعت أسعار العقارات في إنجلترا وويلز بنسبة 0,1 في المائة، مدعومة بالمكاسب التي حققتها المدن السكنية في الجنوب الشرقي. وقدمت وكالة «نيشن وايد بيلدنغ سوسيتي» Nationwide Building Society تقييما أكثر تفاؤلا؛ حيث أوضح مؤشرها الوطني للأسعار أن الأسعار قفزت هذا الشهر بنسبة 0,8 في المائة.
وقال ريتشارد دونيل مدير الأبحاث في «هوم تراك» إن هناك «أدلة تشير إلى تراجع معدل ارتفاع الأسعار في سوق لندن»، وأضاف: «يرجع ذلك إلى الحديث عن فقاعة أسعار المنازل، إلى جانب تحذيرات بنك إنجلترا».
وأوضحت «هوم تراك» أنه في لندن، شهدت 11 في المائة من المناطق التي لديها رمز بريدي زيادة في الأسعار هذا الشهر، بعد أن كانت النسبة 87 في المائة في شهر فبراير (شباط). وقد استغرق بيع المنازل في العاصمة نحو 4,9 أسابيع في شهر أغسطس (آب)، بزيادة عن شهر يوليو (تموز) الذي استغرقت فيه عملية البيع 4,3 أسابيع.
وبينما وصل معدل سعر الفائدة الأساسي لبنك إنجلترا عند مستوى قياسي منخفض بنسبة 0,5 في المائة منذ مارس (آذار) 2009، أيّد صانعو القرار مارتن ويل وإيان مكافيرتي زيادة الأسعار هذا الشهر. ووفقا للعقود الآجلة، يراهن المستثمرون على زيادة الأسعار بنسبة 0,75 في المائة في شهر مايو (أيار).
وتبرهن بيانات «هوم تراك» على انتعاش السوق العقارية بعد ما صرح نائب محافظ بنك إنجلترا بن برودبنت، في مقابلة معه في يوليو بأن «الأمور تسير باتجاه» امتلاك العقارات. وفي سبيل ذلك اتخذ بنك إنجلترا تدابير في شهر يونيو للحد من مخاطر الرهونات العقارية، وذلك بعد أشهر من دخول قواعد جديدة حيز التنفيذ تشترط تحمل تكاليف أكثر صرامة.
توقعات غير مؤكدة
ولفتت «نيشن وايد» في تقريرها إلى ارتفاع أسعار المنازل في بريطانيا بنسبة 11 في المائة في أغسطس مقارنة بالعام الماضي. وأوضح روبرت غاردنر، كبير الاقتصاديين بـ«نيشن وايد»، أن التوقعات «غير مؤكدة بدرجة كبيرة».
وبينما تزايدت احتمالات ارتفاع أسعار الفائدة، ومع احتمالية تراجع الطلب في ظل النمو الضعيف لمعدل الأجور، قال غاردنر «من المحتمل أن تؤدي التوقعات الاقتصادية المتفائلة إلى تقديم دعم متواصل».
وأشارت «هوم تراك» إلى انخفاض عدد المشترين الجدد ممن يجرى تسجيلهم لدى وكلاء العقارات بنسبة 0,9 في المائة هذا الشهر في كل من إنجلترا وويلز. وقد ارتفع عدد العقارات المعروضة للبيع بنسبة 0,1 في المائة عقب تحقيق مكاسب بنسبة 1,6 في الشهر الماضي.
وقال دونيل: المؤشرات تشير إلى «فقدان الزخم»، مضيفا «نحن نتوقع التحول المستمر إلى سوق البائع في مواجهة طلب أقل يتأثر بالأسعار».
وفي تقرير منفصل، أشارت «جي إف كي نوب» (GfK NOP Ltd) إلى ارتفاع مؤشر ثقة المستهلك بمعدل ثلاث نقاط إلى نقطة واحدة هذا الشهر، بما يتماشى مع قراءة شهر يونيو، التي كانت القراءة الأعلى منذ مارس 2005. وقد ارتفع أيضا معدل توقعات البريطانيين بالنسبة لأوضاعهم المالية الشخصية خلال العام المقبل، وكذلك تقييمهم لآفاق تحسن الاقتصاد.
وقال نيك مون، المدير التنفيذي للبحوث الاجتماعية في «جي إف كيه»: «يبدو الأمر كما لو أننا في مرحلة جديدة من الاستقرار النسبي»، مضيفا: «ليس هناك ما يضمن إلى متى سيستمر هذا الوضع المستقر - ومن الممكن أن تؤدي موجة من الأخبار الاقتصادية الجيدة أو السيئة إلى تسجيل ارتفاع أو انخفاض ملحوظ، ولكن يمكن أن يبقى الوضع على ما هو عليه لبعض الوقت».

* بالاتفاق مع «بلومبرغ»



الأحياء المصرية العريقة تربح سوق الوحدات الفارهة

الأحياء المصرية العريقة تربح سوق الوحدات الفارهة
TT

الأحياء المصرية العريقة تربح سوق الوحدات الفارهة

الأحياء المصرية العريقة تربح سوق الوحدات الفارهة

يَعدّ المصريون الاستثمار العقاري من بين أكثر أنواع الاستثمار أمناً وعائداً، مع الأسعار المتزايدة يوماً بعد يوم للوحدات السكنية والتجارية في مختلف الأحياء المصرية، بناءً على تغيّرات السوق، وارتفاع أسعار الأراضي ومواد البناء، ورغم أن هذه المتغيرات تحدد سعر المتر السكني والتجاري، فإن بعض الوحدات السكنية قد تشذّ عن القاعدة، ويخرج سعرها عن المألوف لوقوعها في حي راقٍ شهير وسط القاهرة وتطل على النيل، أو حتى في عمارة سكنية شهيرة.
وبتصفح إعلانات بيع الوحدات السكنية على المواقع الإلكترونية والتطبيقات المخصصة لذلك قد يصطدم المشاهد برقم غريب يتجاوز الأسعار المتعارف عليها في الحي بشكلٍ كبير جداً، لتقفز من وحدات سكنية سعرها 3 ملايين جنيه مصري (الدولار الأميركي يعادل 15.6 جنيه مصري)، إلى أخرى مجاورة لها بأربعين مليوناً، هذه الإعلانات التي يصفها متابعون بأنها «غريبة جداً» على مواقع التواصل الاجتماعي، وسط أسئلة منطقية عن السبب الرئيسي وراء هذه الأسعار، التي تؤكد تفوق أسعار بيع بعض الشقق السكنية على أسعار فيلات بالمدن الجديدة.
على كورنيش النيل، تطل واحدة من أشهر العمارات السكنية بحي الزمالك وسط القاهرة، تحديداً في عمارة «ليبون» التي سكنها عدد من فناني مصر المشهورين في الماضي، تُعرض شقة مساحتها 300 متر للبيع بمبلغ 40 مليون جنيه، أي نحو 2.5 مليون دولار، رغم أن متوسط سعر المتر السكني في الحي يبلغ 23 ألف جنيه، وفقاً لموقع «عقار ماب» المتخصص في بيع وشراء الوحدات السكنية في مصر.
ولا يشتري الناس بهذه الأسعار مجرد شقة، بل يشترون ثقافة حي وجيراناً وتأميناً وخدمات، حسب حسين شعبان، مدير إحدى شركات التسويق العقاري بحي الزمالك، الذي أوضح لـ«الشرق الأوسط» أن «عمارة ليبون واحدة من أعرق العمارات في مصر، وأعلاها سعراً، والشقة المعروضة للبيع كانت تسكنها الفنانة الراحلة سامية جمال»، مؤكداً أن «هذه الإعلانات تستهدف المشتري العربي أو الأجنبي الذي يبحث عن عقار مؤمّن، وجيراناً متميزين، وثقافة حي تسمح له بالحياة كأنه في أوروبا، فسعر الشقة ربما يكون مماثلاً لسعر فيلا في أفضل التجمعات السكنية وأرقاها في مصر، لكنه يبحث عن شقة بمواصفات خاصة».
وفي عام 2017 أثار إعلان عن شقة بجوار فندق «أم كلثوم» بالزمالك، الجدل، بعد عرضها للبيع بمبلغ 3 ملايين دولار، وتبين فيما بعد أن الشقة ملك للسياسي المصري أيمن نور، لكن شعبان بدوره يؤكد أن «الناس لا تهتم بمن هو مالك الشقة في السابق، بل تهتم بالخدمات والجيران، وهذا هو ما يحدد سعر الشقة».
ويعد حي الزمالك بوسط القاهرة واحداً من أشهر الأحياء السكنية وأعلاها سعرها، حيث توجد به مقرات لعدد كبير من السفارات، مما يجعله مكاناً لسكن الأجانب، وينقسم الحي إلى قسمين (بحري وقبلي) يفصلهما محور (26 يوليو)، ويعد الجانب القلبي هو «الأكثر تميزاً والأعلى سعراً، لأنه مقر معظم السفارات»، وفقاً لإيهاب المصري، مدير مبيعات عقارية، الذي أوضح لـ«الشرق الأوسط» أن «ارتفاع الأسعار في الزمالك مرتبط بنقص المعروض في ظل ازدياد الطلب، مع وجود أجانب يدفعون بالعملات الأجنبية، وهم هنا لا يشترون مجرد إطلالة على النيل، بل يشترون خدمات وتأميناً عالي المستوى».
وعلى موقع «أوليكس» المخصص لبيع وتأجير العقارات والأدوات المنزلية، تجد شقة دوبليكس بمساحة 240 متراً في الزمالك مكونة من 4 غرف، معروضة للبيع بمبلغ 42 مليون جنيه، وشقة أخرى للبيع أمام نادي الجزيرة مساحة 400 متر بمبلغ 40 مليون جنيه.
ورغم ذلك فإن أسعار بعض الوحدات المعروضة للبيع قد تبدو مبالغاً فيها، حسب المصري، الذي يقول إن «السعر المعلن عنه غير حقيقي، فلا توجد شقة تباع في عمارة (ليبون) بمبلغ 40 مليون جنيه، وعند تنفيذ البيع قد لا يتجاوز السعر الثلاثين مليوناً، وهو سعر الوحدة السكنية في عمارة (العبد) المطلة على نادي الجزيرة والتي تعد أغلى عقارات الزمالك».
والشريحة المستهدفة بهذه الأسعار هي شريحة مختلفة تماماً عن الشريحة التي يستهدفها الإسكان الاجتماعي، فهي شريحة تبحث عن أسلوب حياة وإمكانيات معينة، كما يقول الخبير العقاري تامر ممتاز، لـ«الشرق الأوسط»، مشيراً إلى أن «التعامل مع مثل هذه الوحدات لا بد أن يكون كالتعامل مع السلع الخاصة، التي تقدم ميزات قد لا تكون موجودة في سلع أخرى، من بينها الخدمات والتأمين».
وتتفاوت أسعار الوحدات السكنية في حي الزمالك بشكل كبير، ويقدر موقع «بروبرتي فايندر»، المتخصص في بيع وتأجير العقارات، متوسط سعر الشقة في منطقة أبو الفدا المطلة على نيل الزمالك بمبلغ 7 ملايين جنيه مصري، بينما يبلغ متوسط سعر الشقة في شارع «حسن صبري» نحو 10 ملايين جنيه، ويتباين السعر في شارع الجبلاية بالجانب القبلي من الحي، ليبدأ من 4.5 مليون جنيه ويصل إلى 36 مليون جنيه.
منطقة جاردن سيتي تتمتع أيضاً بارتفاع أسعار وحداتها، وإن لم يصل السعر إلى مثيله في الزمالك، حيث توجد شقق مساحتها لا تتجاوز 135 متراً معروضة للبيع بمبلغ 23 مليون جنيه، ويبلغ متوسط سعر المتر في جاردن سيتي نحو 15 ألف جنيه، وفقاً لـ«عقار ماب».
وتحتل الشقق السكنية الفندقية بـ«فورسيزونز» على كورنيش النيل بالجيزة، المرتبة الأولى في الأسعار، حيث يبلغ سعر الشقة نحو 4.5 مليون دولار، حسب تأكيدات شعبان والمصري، وكانت إحدى شقق «فورسيزونز» قد أثارت الجدل عندما عُرضت للبيع عام 2018 بمبلغ 40 مليون دولار، وبُرر ارتفاع السعر وقتها بأن مساحتها 1600 متر، وتطل على النيل وعلى حديقة الحيوانات، وبها حمام سباحة خاص، إضافة إلى الشخصيات العربية المرموقة التي تسكن «فورسيزونز».
وتحدد أسعار هذا النوع من العقارات بمقدار الخدمات والخصوصية التي يوفّرها، وفقاً لممتاز، الذي يؤكد أن «العقار في مصر يعد مخزناً للقيمة، ولذلك تكون مجالاً للاستثمار، فالمشتري يبحث عن عقار سيرتفع سعره أو يتضاعف في المستقبل، ومن المؤكد أنه كلما زادت الخدمات، فإن احتمالات زيادة الأسعار ستكون أكبر، خصوصاً في ظل وجود نوع من المستهلكين يبحثون عن مميزات خاصة، لا تتوافر إلا في عدد محدود من الوحدات السكنية».