هل الندلاء الآليون هم مستقبل ثقافة القهوة في كوريا الجنوبية؟

في عام 2017 بلغت قيمة سوق الروبوتات في كوريا الجنوبية 5.5 تريليون وون (4.7 مليار دولار)

هل الندلاء الآليون هم مستقبل ثقافة القهوة في كوريا الجنوبية؟
TT

هل الندلاء الآليون هم مستقبل ثقافة القهوة في كوريا الجنوبية؟

هل الندلاء الآليون هم مستقبل ثقافة القهوة في كوريا الجنوبية؟

تعتقد شركة (دال كوم) لصناعة القهوة أن الروبوت سيغير من ثقافة محلات القهوة في كوريا الجنوبية. وتملك الشركة حاليا 45 منفذا مزودا بالروبوتات في مراكز التسوق، وكافيتريات الشركة، والمدارس، وأحد المطارات حسب ما ذكرت وكالة أسوشييتد برس في تقرير مطول.
والقهوة هي واحدة من العديد من الصناعات التي يمكن تحويلها عن طريق الخدمات الآلية في تلك البلاد المتقدمة تقنيا، وهي الفكرة التي تحمل قدرا متساويا من الإثارة والقلق، سيما مع تناقص الوظائف المتاحة في البلاد.
وتعتمد الصناعات في كوريا الجنوبية، بما في ذلك المطاعم، والمتاجر، والمحلات الكبيرة، والمصارف، والمصانع التحويلية على الروبوتات بصورة متزايدة وغير ذلك من تقنيات الأتمتة. ولكن لذلك تداعياته وعواقبه، إذ يعاني الكثير من الشعب الكوري الجنوبي، ولا سيما الشباب، من ندرة فرص العمل المتاحة.
وفي أحد مقاهي (دال كوم) في العاصمة سيول، يتلقى النادل الآلي طلبات الزبائن عن بُعد من خلال أحد تطبيقات الهواتف أو عبر الصراف الخارجي، ثم يبدأ في إعداد القهوة الطازجة.
وفي أقل من دقيقة، يرسل الروبوت رمزا من 4 أرقام يستخدمه العميل في فتح صندوق الالتقاط. ويمكن للنادل الآلي التعامل مع 14 مشروبا في نفس الوقت. والمشروبات التي لا يتسلمها أصحابها في غضون 10 دقائق يتم التخلص منها فورا، ولكن يمكن طلب مشروب آخر من دون تكاليف إضافية.
يقول الموظف تشوي إيون جين، 30 عاما: «إنها تجربة ممتعة ومريحة كثيرا. المكان يعج بالموظفين والسكان المحليين أثناء وقت الغداء. لذلك من الجيد وجود روبوت مثل هذا حتى يمكن الحصول على القهوة بكل سهولة».
يقول سوه يونغ غو، عميد كلية إدارة الأعمال لدى جامعة سوكميونغ النسائية في سيول: «ارتفع الحد الأدنى للأجور في كوريا الجنوبية بنسبة 27.3 في المائة خلال العامين الماضيين، مما زاد من الحوافز للتخفيض من تكاليف العمال باستخدام الأتمتة».
ونظم العمال الذين يعملون في تشغيل نحو 2500 رافعة برجية إضرابا عن العمل احتجاجا على الاستخدام المتزايد للرافعات البرجية الآلية الصغيرة في مواقع التشييد والبناء. كما احتجت النقابات العمالية كذلك على استخدام عدادات المحاسبة الآلية في (إيمارت) أكبر سلسلة للمتاجر في كوريا الجنوبية.
ويراجع المسؤولون الآن الخطط الأولية المعنية بأتمتة كافة عمليات بوابات التحصيل على الطرق في البلاد بعد شكاوى من احتمال فقدان 6700 وظيفة دفعة واحدة. وبدلا من ذلك، سوف يتم أتمتة النظام بصورة جزئية مع الإبقاء على موظفي التحصيل الحاليين في أعمالهم.
كانت كوريا الجنوبية من أولى الدول المتحمسة للأتمتة، مع أعلى كثافة مسجلة للروبوتات الصناعية في العالم لعام 2017. بواقع 710 روبوتات لكل 10 آلاف عامل صناعي، وفقا إلى الاتحاد الدولي للروبوتات.
وكان المتوسط العالمي 85 روبوتا لكل 10 آلاف عامل أو موظف، وفقا لبيانات الاتحاد، وهو هيئة صناعية دولية غير هادفة للربح ومعنية بتتبع بيانات الروبوتات حول العالم.
ورغم المخاوف بشأن فقدان الوظائف، تواصل شركات الأغذية وتجارة التجزئة في كوريا الجنوبية التحول إلى الأتمتة واستبدال الصرافين من البشر بأكشاك الصرف الآلية. وتملك سلسلة (لوتريا) للوجبات السريعة أكثر من 800 كشك آلي ضمن متاجرها البالغ عددها 1350 متجرا في كافة أنحاء البلاد. كما قامت مطاعم (دجاج كنتاكي) بتركيب الصرافين الآليين في كافة محلاتها في البلاد.
وفي عام 2017، كانت سوق الروبوتات في كوريا الجنوبية تبلغ قيمته 5.5 تريليون وون (أي ما يساوي 4.7 مليار دولار)، من بين الخمسة الأوائل على العالم، إلى جانب الصين، واليابان، والولايات المتحدة، وألمانيا، والتي تشكل مجتمعة أكثر من 70 في المائة من مبيعات الروبوتات العالمية.
وتهدف الحكومة في كوريا الجنوبية إلى توسيع سوق الروبوتات وصولا إلى 15 تريليون وون (ما يساوي 12.7 مليار دولار).
وهو من الاتجاهات المرحب بها لدى بعض الشباب.
يقول البروفسور سوه يونغ غو: «حاليا، يعتبر أبناء جيل الألفية – أولئك المولودون بعد عام 1980 – هم أبرز المستهلكين. ولا يميل أبناء هذا الجيل إلى الاجتماع مع أشخاص آخرين، ولذلك فإنهم يفضلون التكنولوجيا التي تمكن الناس من التقليل من التلاقي والتفاعل المباشر مع الآخرين».
وفي أحد متاجر بيع الجينز الآلية الذي افتتح مؤخرا في حي (هونغداي) العصري في سيول، يُفتح الباب الحديدي الثقيل تلقائيا بمجرد تمرير الزوار بطاقاتهم الائتمانية على شاشة الآلة بجوار المدخل.
ويسمح متجر الجينز، الذي يعمل على مدار الساعة، للعملاء بتجربة ارتداء الجينز داخل المتجر، ثم الدفع باستخدام نظام رقمي ذاتي من دون التعامل مع موظفي المبيعات، رغم أن بعض العيوب الفنية قد تظهر بين الحين والآخر.
يقول كيم كون وو، 29 عاما: «يمكنني البحث بكل حرية وتجربة الجينز كما يروق لي من دون مضايقة من أحد على الإطلاق».
وبالعودة إلى شركة (دال كوم) لصناعة القهوة، يمكن للروبوت صناعة 90 كوبا من القهوة في الساعة، ونحو 330 كوبا من القهوة في اليوم الواحد، بكمية واحدة من البن واللوازم المضافة. ويتكلف الكوب الواحد من 2 إلى 3 دولارات.
ويزور المديرون المكان مرة واحدة يوميا لتفقد الروبوتات وتنظيفها. وهم يراقبون المكان بالكامل من على بُعد عبر كاميرات ومجسات المراقبة المنتشرة في المكان.
وفي حين أن بعض العملاء يفضلون تناول القهوة من الروبوتات، إلا أن البعض الآخر لا تروق له الفكرة.
يقول لي سانغ جين، 30 عاما، الذي يتردد على المقهى من وقت لآخر: «من الناحية الشخصية، أن أفضل الندلاء من البشر لأن الروبوت لا يمكنه ضبط المشروبات بدقة كما يفعل البشر. إنني أحب القهوة الخفيفة، ولكن الروبوت يعجز عن ضبط مقدار البن المضاف إلى الكوب بكل دقة».
وأضاف قائلا بأنه يكون هناك بعض التأخير في تقديم الطلبات عندما يتلقى الروبوت الكثير من الأوامر في نفس الوقت.
وفي وقت لاحق من العام الجاري، يقول مطورو الروبوتات بأنهم يخططون إلى إطلاق نسخة أكثر سرعة وذكاء من الندلاء الآليين الذين سوف يملكون القدرة على التعرف على الأصوات، وحركات وإيماءات العملاء، وتقديم المقترحات بخصوص قائمة الطلبات في المقهى.



بارود «النار بالنار» موهبة صاعدة لفتت المشاهد

عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
TT

بارود «النار بالنار» موهبة صاعدة لفتت المشاهد

عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)

منذ الحلقة الأولى لمسلسل «النار بالنار» لفت تيم عزيز المشاهد في دور (بارود). فهو عرف كيف يتقمص شخصية بائع اليانصيب (اللوتو) بكل أبعادها. فألّف لها قالباً خاصاً، بدأ مع قَصة شعره ولغة جسده وصولاً إلى أدائه المرفق بمصطلحات حفظها متابع العمل تلقائياً.
البعض قال إن دخول تيم عزيز معترك التمثيل هو نتيجة واسطة قوية تلقاها من مخرج العمل والده محمد عبد العزيز، إلا أن هذا الأخير رفض بداية مشاركة ابنه في العمل وحتى دخوله هذا المجال. ولكن المخرج المساعد له حسام النصر سلامة هو من يقف وراء ذلك بالفعل. ويقول تيم عزيز لـ«الشرق الأوسط»: «حتى أنا لم أحبذ الفكرة بداية. لم يخطر ببالي يوماً أن أصبح ممثلاً. توترت كثيراً في البداية وكان همي أن أثبت موهبتي. وفي اليوم الخامس من التصوير بدأت ألمس تطوري».
يحدثك باختصار ابن الـ15 سنة ويرد على السؤال بجواب أقصر منه. فهو يشعر أن الإبحار في الكلام قد يربكه ويدخله في مواقف هو بغنى عنها. على بروفايل حسابه الإلكتروني «واتساب» دوّن عبارة «اخسر الجميع واربح نفسك»، ويؤكد أن على كل شخص الاهتمام بما عنده، فلا يضيع وقته بما قد لا يعود ربحاً عليه معنوياً وفي علاقاته بالناس. لا ينكر أنه بداية، شعر بضعف في أدائه ولكن «مو مهم، لأني عرفت كيف أطور نفسي».
مما دفعه للقيام بهذه التجربة كما يذكر لـ«الشرق الأوسط» هو مشاركة نجوم في الدراما أمثال عابد فهد وكاريس بشار وجورج خباز. «كنت أعرفهم فقط عبر أعمالهم المعروضة على الشاشات. فغرّني الالتقاء بهم والتعاون معهم، وبقيت أفكر في الموضوع نحو أسبوع، وبعدها قلت نعم لأن الدور لم يكن سهلاً».
بنى تيم عزيز خطوط شخصيته (بارود) التي لعبها في «النار بالنار» بدقة، فتعرف إلى باعة اليناصيب بالشارع وراقب تصرفاتهم وطريقة لبسهم وأسلوب كلامهم الشوارعي. «بنيت الشخصية طبعاً وفق النص المكتوب ولونتها بمصطلحات كـ(خالو) و(حظي لوتو). حتى اخترت قصة الشعر، التي تناسب شخصيتي، ورسمتها على الورق وقلت للحلاق هكذا أريدها».
واثق من نفسه يقول تيم عزيز إنه يتمنى يوماً ما أن يصبح ممثلاً ونجماً بمستوى تيم حسن. ولكنه في الوقت نفسه لا يخفي إعجابه الكبير بالممثل المصري محمد رمضان. «لا أفوت مشاهدة أي عمل له فعنده أسلوبه الخاص بالتمثيل وبدأ في عمر صغير مثلي. لم أتابع عمله الرمضاني (جعفر العمدة)، ولكني من دون شك سأشاهد فيلمه السينمائي (هارلي)».
لم يتوقع تيم عزيز أن يحقق كل هذه الشهرة منذ إطلالته التمثيلية الأولى. «توقعت أن أطبع عين المشاهد في مكان ما، ولكن ليس إلى هذا الحد. فالناس باتت تناديني باسم بارود وتردد المصطلحات التي اخترعتها للمسلسل».
بالنسبة له التجربة كانت رائعة، ودفعته لاختيار تخصصه الجامعي المستقبلي في التمثيل والإخراج. «لقد غيرت حياتي وطبيعة تفكيري، صرت أعرف ماذا أريد وأركّز على هدف أضعه نصب عيني. هذه التجربة أغنتني ونظمت حياتي، كنت محتاراً وضائعاً أي اختصاص سأدرسه مستقبلاً».
يرى تيم في مشهد الولادة، الذي قام به مع شريكته في العمل فيكتوريا عون (رؤى) وكأنه يحصل في الواقع. «لقد نسيت كل ما يدور من حولي وعشت اللحظة كأنها حقيقية. تأثرت وبكيت فكانت من أصعب المشاهد التي أديتها. وقد قمنا به على مدى يومين فبعد نحو 14 مشهداً سابقاً مثلناه في الرابعة صباحاً صورنا المشهد هذا، في التاسعة من صباح اليوم التالي».
أما في المشهد الذي يقتل فيه عمران (عابد فهد) فترك أيضاً أثره عنده، ولكن هذه المرة من ناحية الملاحظات التي زوده بها فهد نفسه. «لقد ساعدني كثيراً في كيفية تلقف المشهد وتقديمه على أفضل ما يرام. وكذلك الأمر بالنسبة لكاريس بشار فهي طبعتني بحرفيتها. كانت تسهّل علي الموضوع وتقول لي (انظر إلى عيني). وفي المشهد الذي يلي مقتلها عندما أرمي الأوراق النقدية في الشارع كي يأخذها المارة تأثرت كثيراً، وكنت أشعر كأنها في مقام والدتي لاهتمامها بي لآخر حد»
ورغم الشهرة التي حصدها، فإن تيم يؤكد أن شيئاً لم يتبدل في حياته «ما زلت كما أنا وكما يعرفني الجميع، بعض أصدقائي اعتقد أني سأتغير في علاقتي بهم، لا أعرف لماذا؟ فالإنسان ومهما بلغ من نجاحات لن يتغير، إذا كان معدنه صلباً، ويملك الثبات الداخلي. فحالات الغرور قد تصيب الممثل هذا صحيح، ولكنها لن تحصل إلا في حال رغب فيها».
يشكر تيم والده المخرج محمد عبد العزيز لأنه وضع كل ثقته به، رغم أنه لم يكن راغباً في دخوله هذه التجربة. ويعلق: «استفدت كثيراً من ملاحظاته حتى أني لم ألجأ إلا نادراً لإعادة مشهد ما. لقد أحببت هذه المهنة ولم أجدها صعبة في حال عرفنا كيف نعيش الدور. والمطلوب أن نعطيها الجهد الكبير والبحث الجدّي، كي نحوّل ما كتب على الورق إلى حقيقة».
ويشير صاحب شخصية بارود إلى أنه لم ينتقد نفسه إلا في مشاهد قليلة شعر أنه بالغ في إبراز مشاعره. «كان ذلك في بداية المسلسل، ولكن الناس أثنت عليها وأعجبت بها. وبعدما عشت الدور حقيقة في سيارة (فولسفاكن) قديمة أبيع اليانصيب في الشارع، استمتعت بالدور أكثر فأكثر، وصار جزءاً مني».
تيم عزيز، الذي يمثل نبض الشباب في الدراما اليوم، يقول إن ما ينقصها هو تناول موضوعات تحاكي المراهقين بعمره. «قد نجدها في أفلام أجنبية، ولكنها تغيب تماماً عن أعمالنا الدرامية العربية».