مصر: اقتراحات بحجب مواقع المشايخ غير الرسميين

برلمانيون أكدوا إثارتها للفتن والعنف والتطرف

TT

مصر: اقتراحات بحجب مواقع المشايخ غير الرسميين

فيما عده مراقبون «محاولة لضبط مشاهد انفلات المواقع الإلكترونية التابعة للمشايخ غير الرسميين في مصر». اقترح عدد من نواب البرلمان المصري حجب هذه المواقع، مؤكدين أنها «تروج لفتاوى وآراء تُثير الفتن، وتنشر أحاديث تحض على التطرف والعنف».
واتفق مع اقتراحات النواب، العقيد حاتم صابر، خبير مكافحة الإرهاب الدولي، مضيفاً لـ«الشرق الأوسط» أن «حجب هذه المواقع سوف يحد من نشر أي آراء أو دعوات إرهابية خاصة بين الشباب».
وتعاني مصر من ظاهرة الآراء العشوائية، التي يروج لها مشايخ غير رسميين تابعين لتيارات إسلامية، بعضها متشدد، على بعض المواقع الإلكترونية، وصفحات مواقع التواصل الاجتماعي. وأكد المراقبون أن «لهذه المواقع المتشددة متابعين من داخل وخارج مصر، وأغلب المتابعين يطرحون على هؤلاء المشايخ، وأغلبهم تابعين لـ(الجماعة الإسلامية) أو لـ(الإخوان) ولتيارات جهادية، أسئلة، ويصدقون آراءهم التي يغلب عليها التشدد في جميع الأمور الحياتية والاجتماعية والفقهية».
وقال مصدر برلماني لـ«الشرق الأوسط»، إن «عدداً من النواب سوف يتقدمون بطلبات عاجلة لاتخاذ قرارات فورية تجاه هذه المواقع»، مؤكداً أن «هذه المواقع هي منصات تقوم هذه التيارات بمخاطبة المواطنين عليها، من خلال الترويج وبث أفكارها الإرهابية».
وسبق أن أكد الكاتب الصحافي مكرم محمد أحمد، رئيس المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام في مصر، أن «المجلس لم يرخص أو يعطِ أي تصريح لأي من المواقع التابعة للتيارات الإسلامية»، لافتاً في تصريحات سابقة له، إلى أن «الترخيص سيكون للمواقع الإلكترونية المهنية فقط، وليست المواقع التي تحرض على التطرف».
من جانبه، قال الدكتور عمر حمروش، أمين سر اللجنة الدينية بمجلس النواب (البرلمان)، إن «المواقع الإلكترونية التي يمتلكها عدد من التيارات والجماعات، لا بد من اتخاذ موقف ضدها وحجبها، نظراً لما ينشر على هذه المواقع من فتاوى مثيرة وأحاديث تحض على العنف»، مضيفاً أنه «جهَّز قائمة بهذه المواقع التي تعمل لحساب تيارات إسلامية، وتبث من داخل مصر»، مؤكداً أنه «سوف يقدمها للمجلس الأعلى للإعلام، لمطالبته باتخاذ قرارات تجاه هذه المواقع».
يشار إلى أن هناك مواقع أخرى تبث من خارج مصر. وأكد المراقبون أنه «منذ عزل الرئيس الأسبق محمد مرسي عن الحكم في يوليو (تموز) 2013، فر المئات من قادة وأنصار (الإخوان) إلى دول أخرى؛ حيث تم توفير الحماية الكاملة لهم، مع امتلاكهم منصات إعلامية ومواقع تدار بلا رقيب، تُبث من هناك، وتهاجم النظام المصري على مدار الساعة، في محاولة منهم لشغل الرأي العام».
وكانت آخر فتوى لوجدي غنيم، القيادي في تنظيم «الإخوان» الذي تعتبره السلطات المصرية إرهابياً، والهارب إلى قطر، على أحد المواقع الإرهابية، وقد حرض فيها على قتل الإعلاميين المصريين.
وقال العقيد صابر، إنه «حال حجب هذه المواقع غير المعروفة، التي تصدر آراء وفتاوى غير رسمية، فسوف نتصدى بقوة لمنابر التحريض. وحجب هذه المواقع سيكون له مردود كبير، خصوصاً بعد حظر الفتاوى والآراء التي تدعو إلى العنف والقتل».
في السياق نفسه، أكد النائب أحمد درويش، عضو مجلس النواب لـ«الشرق الأوسط»، أن «مواقع بعض تيارات الإسلام السياسي تنشر مواد وتعليقات بلا أي رقابة عليها، وتتسبب في إحداث فتن كثيرة، فضلاً عن كونها أداة في يد هذه التيارات لنشر أفكار معينة ضد الدولة المصرية». بينما أكد المصدر البرلماني نفسه، أن «مجلس النواب المصري (البرلمان)، يسير بقوة إلى محاربة هذه المواقع، ومواجهة الفوضى التي تبثها، عبر عدد من مشروعات القوانين وطلبات الإحاطة للنواب».



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.