«هي لمة الحبايب في حضن مصر.. ربنا يحفظ مصر». هكذا وصف حسين، وهو رجل عجوز مصري، مشهد طوابير الناخبين وهم ينتظرون بابتسامة أدوارهم ليصوتوا للدستور الجديد للبلاد.
«اللمة» التي اختصر بها العجوز وصف الاستفتاء، تنوعت ملامحها وإيقاعاتها في أكثر من لجنة انتخابية، من خلال جولة ميدانية لـ«الشرق الأوسط» على عدد من اللجان بالعاصمة القاهرة. طوابير الاقتراع لم تفرق بين الغني والفقير، بين العامل والموظف الكبير، بين المسلم والمسيحي، الكل اصطف في هدوء، بعضهم تبادل الأحاديث الجانبية الودودة المرحة مع أفراد الجيش والشرطة الذين يؤمنون اللجان، وبعضهم استعاد روح الدعابة التي يمتع بها المصريون، للترويح عن أنفسهم وتخفيف مشقة فترة الانتظار، خاصة في اللجان التي تتمتع بكثافة تصويتية عالية.
يقول عمر جمال (32 عاما)، وهو يفض غلاف قطعة الحلوى التي أهداها له أحد المواطنين بإحدى اللجان الانتخابية بمدينة نصر (شرق القاهرة): «سأصوت بنعم لعودة الاستقرار للبلاد التي عانت من الفوضى طويلا، ولتأييد خارطة الطريق التي ستعبر بالبلاد إلى بر الأمان». يضيف جمال: «أعتقد أن هذا الدستور سيعيد لمصر مكانتها اللائقة بها بين دول العالم ويساعد في تقوية دورها الريادي في المنطقة العربية، بل والعالم أيضا». وبجانب الأعداد الغفيرة من القوات المسلحة والشرطة التي انتشرت لتأمين العملية التصويتية من أي محاولات شغب لعرقلتها، كان هناك بعض الشباب يعلقون في أعناقهم شارة «منسق تنظيمي». يقول أحدهم ويدعى طارق إبراهيم: «جئنا لنساعد الجيش والشرطة في تأمين اللجان، هذا واجبنا، وقد قمنا بالتنسيق معهم.. والأمور تسير على ما يرام، كما ترى». وعلى مقربة منه يقول هاني السيد (25 عاما)، أحد الناخبين: «لم أكن أتوقع هذا الكم الهائل من التأمين والتنظيم عالي المستوى، وجئت اليوم لأصوت بنعم للدستور، ولخارطة الطريق للعبور إلى مستقبل أفضل، وأعتقد أن النسبة الأكبر ستصوت بنعم وتقر الدستور، وهو ما سيعد الضربة القاضية لقوى الإرهاب التي تتربص بالبلاد».
وفي بعض اللجان كان لافتا مشهد النساء وصغار السن من الشباب، وهم يحنون على ذوي الاحتياجات الخاصة، ويفسحون لهم الطريق للتصويت.
وعلى أحد الكراسي المتحركة جلس علي رأفت (36 عاما) في انتظار دخوله اللجنة الانتخابية، سألته لماذا تحرص على المشاركة، قال بنبرة حماسية: «كان لا بد لي أن أحضر اليوم وأصوت على أفضل الدساتير المصرية، فهذا الدستور لأول مرة يكفل حقوق ذوي الاحتياجات الخاصة من أمثالي، وهو ما أقدره أنا شخصيا من الناحية الإنسانية». ويضيف: «لقد اطلعت على الدستور كاملا، وتنص المادة الخاصة بنا على التزام الدولة بضمان حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة والأقزام صحيا واجتماعيا، وتوفير فرص العمل لهم بالمساواة مع جميع المواطنين ودمجهم تعليميا، وهو ما يعد تقديرا لنا على المستويين الاجتماعي والإنساني كذلك».
ورغم مكابدات الشيخوخة كان لافتا كذلك حرص كبار السن على المشاركة في الاستفتاء، ولوحظ تسهيل وصولهم للجان وإنهاء عملية تصويتهم من قبل الناخبين وقوات التأمين مراعاة لكبر سنهم. تقول فادية عبد الهادي (74 عاما): «أنا سعيدة بهذه الوجوه من حولي، من الأطفال والرجال والنساء والشباب. الجميع هنا اليوم للمشاركة في رسم ملامح المستقبل، صورة جميلة ولمة حميمة غابت عنا طويلا».
وتضيف: «الناخبون وقوات التأمين كانوا متعاونين معنا لأقصى درجة ممكنة، وساعدونا على إتمام التصويت بأقل جهد ممكن. ربنا يحرس الجميع، ويحرس مصر». بينما يقول الشاب محمد سويلم (19 عاما)، وهو ينتظر دوره بلهفة للدخول إلى اللجنة: «إنها تجربة فريدة بالنسبة لي، فالعام الماضي كنت لا أملك حق التصويت، واليوم أشعر بأن لي دورا في تحديد المستقبل من خلال صوتي وصوت كل مصري.. أنا سعيد بجد».
طوابير الاستفتاء على الدستور تعزز وحدة المصريين
عودة دفء «اللمة» مع طول الانتظار
طوابير الاستفتاء على الدستور تعزز وحدة المصريين
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة