مبعوث الاتحاد الأفريقي: مفتاح النجاح بيد السودانيين وليس أمامهم غير التفاوض

الموريتاني لبات أكد لـ«الشرق الأوسط» تشكيل مجموعة عمل دولية لمتابعة الأزمة ودعم الوساطة الأفريقية

محمد الحسن لبات
محمد الحسن لبات
TT

مبعوث الاتحاد الأفريقي: مفتاح النجاح بيد السودانيين وليس أمامهم غير التفاوض

محمد الحسن لبات
محمد الحسن لبات

أعلن مبعوث الاتحاد الأفريقي إلى السودان محمد الحسن لبات، عن تشكيل مجموعة دولية، لمتابعة الأوضاع في السودان، ودعم ومساندة مبادرة الوساطة التي يقودها الاتحاد الأفريقي من أجل التوصل إلى حل سلمي في السودان، وقال إن هذه المجموعة الدولية تضم بالإضافة إلى الاتحاد الأفريقي، منظمات الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي والدول الأعضاء في مجلس الأمن الدولي، بالإضافة إلى دول الترويكا الغربية، وهي الولايات المتحدة وبريطانيا، والنرويج بالضافة الى المانيا وفرنسا، وكندا.
وقال لبات إن هذه المنظومة الدولية عقدت اجتماعاً، أمس (الخميس)، لمناقشة التطورات الأخيرة في السودان والاطلاع على مستجدات الوساطة الأفريقية بين فرقاء الأزمة، خصوصاً بعد مقتل أكثر من مائة مدني في محاولة الأمن تفريق اعتصام أمام مقر قيادة الجيش في العاصمة الخرطوم.
وأكد لبات أن قرار الاتحاد الأفريقي تعليق عضوية السودان، الذي اتخذه أمس عقب اجتماع طارئ لمجلس السلم والأمن في مقر الاتحاد الأفريقي في أديس أبابا «لا يعني توقف الوساطة الأفريقية»، مشيراً إلى أن الزيارة التي سيقوم بها رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد علي للخرطوم هي امتداد للمبادرة الأفريقية في السودان.
وأوضح أن العمل الذي سيقوم به آبي أحمد علي في الخرطوم، ينطلق من كون بلاده تتولى الرئاسة الدورية لمنظمة «إيقاد»، وهي منظمة إقليمية تابعة للاتحاد الأفريقي، تضم ثماني دول تقع شرقي القارة الأفريقية، من ضمنها السودان، وتتولى شؤون السلام في المنطقة. وعبّر لبات عن تفاؤله حيال التوصل إلى حل سلمي في السودان، وقال إنه «ليست هنالك مسألة جوهرية بقيت عالقة، ليست هنالك على الإطلاق»، وفق تعبيره.

> ما تقييمكم للأوضاع في السودان بعد حادثة ميدان الاعتصام؟
- التطورات الأخيرة لا شك أنها خطيرة وغير مقبولة، والاتحاد الأفريقي ندد باللجوء إلى العنف بكل أشكاله، وطالب بالتحقيق الدقيق من أجل تحديد المسؤوليات عما حصل، هذه النقطة الأولى، أما النقطة الثانية فهي أن الأطراف في السودان اتفقت على حل القضايا المطروحة على بساط البحث، وأنه في الواقع ليست هنالك مسألة جوهرية لم يتم الاتفاق عليها أو لم تتقارب فيها المواقف كثيراً، حتى بالنسبة إلى المجلس السيادي الذي بقي عالقاً بعد جولات المفاوضات الماضية، الآراء تقاربت حوله كثيراً. ثالثاً، الاتحاد الأفريقي يرى أن الأطراف رحبت بوساطة ومجهود بعثة الاتحاد الأفريقي، وكرروا هذا قبل أمس وأمس وحتى الآن، في حديثهم معنا، وهذا مشجع جداً لأن هذه الثقة في الاتحاد الأفريقي وفي بعثته الحالية تساعد على تسهيل الاتفاق وتدفع بالوساطة، وهو أمر إيجابي، ونأمل أن ترجع الأمور بسرعة إلى الحالة الطبيعية، ونتمكن من الوصول إلى الاتفاق الذي أصبح قاب قوسين أو أدنى من التحقق، رغم أن اللجوء إلى العنف في فترة من الفترات عقّد القضية.
> رئيس الوزراء الإثيوبي يزور الخرطوم اليوم في ظل الحديث عن مبادرة بحوزته، هل هي نفس المبادرة الأفريقية المعلن عنها؟
- طبعاً، لأن منظمة «إيقاد» هي منظمة جهوية، ومعنية بشؤون الدول الأعضاء، والسودان عضو في «إيقاد»، وبالتالي فالمنظمة القارية التي تتولى إثيوبيا رئاستها الدورية حالياً تعمل وفق المنهج الأفريقي القائم على التعاون بين المنظمات الجهوية والمنظمة القارية، ونحن نرحب ترحيباً حاراً بمقدم رئيس «إيقاد» رئيس الوزراء الإثيوبي، وأعتقد أنه سيدعم مجهوداتنا دعماً قوياً، وبالتالي فنحن سعداء بمقدمه.
> هل لديكم علم بتفاصيل المبادرة التي يحملها آبي أحمد، وما إذا كان يمكن تسميتها مبادرة إثيوبية؟
- هي مبادرة لهيئة «إيقاد» كما ذكرت، وهي هيئة أفريقية تابعة للاتحاد الأفريقي، تترأسها حالياً إثيوبيا، وستعرض تفاصيلها على الأطراف حين لقائهم، وأعتقد أنها ستُرضي الأطراف.
> القوى السياسية تقول إنها لم تعد تثق بالمجلس العسكري، ألا ترون أن هذا يصعّب مهمتكم؟
- لا شك أن الثقة بين الأطراف هي مسألة أساسية في المصالحة وفي المفاوضات وللتوصل إلى اتفاق، ولا شك أنها تأثرت في الآونة الأخيرة تأثراً سلبياً كبيراً، ولكن هذه ليست المرة الأولى التي يقع فيها هذا بين أطراف متنافسة أو متنازعة، ونحن نأمل أن تستعاد الثقة لأن أساس الثقة هو مصلحة السودان العليا، ومصلحة السودان العليا تكمن في الاتفاق والمصالحة، فليس هنالك خيار آخر سوى هذا، وكل الاختيارات الانفرادية سواء جاءت من المجلس العسكري أو جاءت من قوى الحرية والتغيير، لن تؤدي إلى حل إيجابي، وستكون مكلفة كثيراً للطرف الذي يدعو إليها أو يقرها.
> بعد قرار تعليق عضوية السودان في الاتحاد الأفريقي، ألا يؤثر ذلك على التفاوض؟
- خطوة تعليق عضوية السودان لا تمنع الاتحاد الأفريقي من مواصلة جهوده، وحالما يتم الاتفاق والرجوع إلى تولي المدنيين للسلطة، ستتم مراجعة الأمور لأن قرار تعليق العضوية ليس غرضاً في حد ذاته، ولا يعني أن الاتحاد الأفريقي على المستوى القاري أو على المستوى الجهوي لن يواصل جهده.
هذه الخطوة فقط لتشجيع الأطراف ودفعها إلى أن تسير بخطى حثيثة وسريعة للتوصل إلى حل وتجاوز المرحلة الصعبة كلها.
> هل هناك آليات أفريقية محددة لتدعيم السلم والاستقرار في البلدان المضطربة... وماذا لديكم لتقديمه للسودان؟
- خير شيء يقدَّم للسودان الآن هو مساعدته للتوصل إلى اتفاق بين الفرقاء، لأنه عندما يتم ذلك الاتفاق فإن الاتحاد الأفريقي سيتخذ سلسلة من الإجراءات لدعم الحكومة المدنية الجديدة، ودعم المرحلة الانتقالية الديمقراطية، من خلال تعبئة قواه الذاتية وبالدفع للدعوة مع شركائه لتقديم الدعم الاقتصادي والمالي والإنساني للشعب السوداني ولحكومته المدنية وحكمه الانتقالي.
> هل هناك تنسيق مع الجهات الدولية للعمل لإعادة الاستقرار في السودان؟
- لقد تشكلت منظومة دولية واسعة لدعم الوساطة الأفريقية، وأنا كنت اليوم (أمس الخميس) في اجتماع مع هذه المنظومة، وهي تتشكل من الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي والترويكا الغربية (الولايات المتحدة، وبريطانيا، والنرويج) بالإضافة إلى الدول الأعضاء في مجلس الأمن مثل فرنسا وألمانيا وكندا.
كل هذه الدول والمنظمات التأمت في مجموعة دعم للوساطة الأفريقية ونحن نشترك معهم، وهم يشكلون شريكاً نشطاً معنا في العملية.
> هل أنتم متفائلون؟
- هذا السؤال يجب أن يُطرح على السودانيين لأن الحل بين أيديهم، وكما قلت لكم قبل قليل لم تعد هنالك قضايا جوهرية عالقة، معظمها تمت تسويته، وبالتالي فأنا أمام هذا الوضع متفائل، رغم الصعوبات التي واجهتنا في هذه الأيام، ورغم الآلام ورغم كل ما حدث، وعمق الجرح، إلا أنه ليس هنالك طريق آخر إلا طريق التفاوض والوفاق.



مصر تؤكد تمسكها باحترام سيادة الصومال ووحدة وسلامة أراضيه

الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطاً الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)
الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطاً الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)
TT

مصر تؤكد تمسكها باحترام سيادة الصومال ووحدة وسلامة أراضيه

الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطاً الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)
الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطاً الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)

قالت وزارة الخارجية المصرية، في بيان اليوم (الأحد)، إن الوزير بدر عبد العاطي تلقّى اتصالاً هاتفياً من نظيره الصومالي أحمد معلم فقي؛ لإطلاعه على نتائج القمة الثلاثية التي عُقدت مؤخراً في العاصمة التركية، أنقرة، بين الصومال وإثيوبيا وتركيا؛ لحل نزاع بين مقديشو وأديس أبابا.

ووفقاً لـ«رويترز»، جاء الاتصال، الذي جرى مساء أمس (السبت)، بعد أيام من إعلان مقديشو وإثيوبيا أنهما ستعملان معاً لحل نزاع حول خطة أديس أبابا لبناء ميناء في منطقة أرض الصومال الانفصالية، التي استقطبت قوى إقليمية وهدَّدت بزيادة زعزعة استقرار منطقة القرن الأفريقي.

وجاء في بيان وزارة الخارجية المصرية: «أكد السيد وزير خارجية الصومال على تمسُّك بلاده باحترام السيادة الصومالية ووحدة وسلامة أراضيها، وهو ما أمَّن عليه الوزير عبد العاطي مؤكداً على دعم مصر الكامل للحكومة الفيدرالية (الاتحادية) في الصومال الشقيق، وفي مكافحة الإرهاب وتحقيق الأمن والاستقرار».

وقال زعيما الصومال وإثيوبيا إنهما اتفقا على إيجاد ترتيبات تجارية للسماح لإثيوبيا، التي لا تطل على أي مسطح مائي، «بالوصول الموثوق والآمن والمستدام من وإلى البحر» بعد محادثات عُقدت يوم الأربعاء، بوساطة الرئيس التركي رجب طيب إردوغان.

وهذا الاجتماع هو الأول منذ يناير (كانون الثاني) عندما قالت إثيوبيا إنها ستؤجر ميناء في منطقة أرض الصومال الانفصالية بشمال الصومال مقابل الاعتراف باستقلال المنطقة.

ورفضت مقديشو الاتفاق، وهدَّدت بطرد القوات الإثيوبية المتمركزة في الصومال لمحاربة المتشددين الإسلاميين.

ويعارض الصومال الاعتراف الدولي بأرض الصومال ذاتية الحكم، والتي تتمتع بسلام واستقرار نسبيَّين منذ إعلانها الاستقلال في عام 1991.

وأدى الخلاف إلى تقارب بين الصومال ومصر، التي يوجد خلافٌ بينها وبين إثيوبيا منذ سنوات حول بناء أديس أبابا سداً مائيّاً ضخماً على نهر النيل، وإريتريا، وهي دولة أخرى من خصوم إثيوبيا القدامى.

وتتمتع تركيا بعلاقات وثيقة مع كل من إثيوبيا والصومال، حيث تُدرِّب قوات الأمن الصومالية، وتُقدِّم مساعدةً إنمائيةً مقابل موطئ قدم على طريق شحن عالمي رئيسي.

وأعلنت مصر وإريتريا والصومال، في بيان مشترك، في أكتوبر (تشرين الأول) أن رؤساء البلاد الثلاثة اتفقوا على تعزيز التعاون من أجل «تمكين الجيش الفيدرالي الصومالي الوطني من التصدي للإرهاب بصوره كافة، وحماية حدوده البرية والبحرية»، وذلك في خطوة من شأنها فيما يبدو زيادة عزلة إثيوبيا في المنطقة.

وذكر بيان وزارة الخارجية المصرية، اليوم (الأحد)، أن الاتصال بين الوزيرين تطرَّق أيضاً إلى متابعة نتائج القمة الثلاثية التي عُقدت في أسمرة في العاشر من أكتوبر.

وأضاف: «اتفق الوزيران على مواصلة التنسيق المشترك، والتحضير لعقد الاجتماع الوزاري الثلاثي بين وزراء خارجية مصر والصومال وإريتريا؛ تنفيذاً لتوجيهات القيادات السياسية في الدول الثلاث؛ لدعم التنسيق والتشاور بشأن القضايا الإقليمية ذات الاهتمام المشترك».

وفي سبتمبر (أيلول)، قال مسؤولون عسكريون واثنان من عمال المواني في الصومال إن سفينةً حربيةً مصريةً سلَّمت شحنةً كبيرةً ثانيةً من الأسلحة إلى مقديشو، تضمَّنت مدافع مضادة للطائرات، وأسلحة مدفعية، في خطوة من المرجح أن تفاقم التوتر بين البلدين من جانب، وإثيوبيا من جانب آخر.

وأرسلت القاهرة طائرات عدة محملة بالأسلحة إلى مقديشو بعد أن وقَّع البلدان اتفاقيةً أمنيةً مشتركةً في أغسطس (آب).

وقد يمثل الاتفاق الأمني مصدر إزعاج لأديس أبابا التي لديها آلاف الجنود في الصومال، يشاركون في مواجهة متشددين على صلة بتنظيم «القاعدة».