صاحب قانون «القومية اليهودية» يصبح وزيراً للعدل

القرار يلقى ترحيباً شديداً من عشرات آلاف المثليين

أمير أوحانا وزير العدل الإسرائيلي الجديد و«سيلفي» مع رئيس الحكومة نتنياهو في الكنيست ديسمبر الماضي (إ.ب.أ)
أمير أوحانا وزير العدل الإسرائيلي الجديد و«سيلفي» مع رئيس الحكومة نتنياهو في الكنيست ديسمبر الماضي (إ.ب.أ)
TT

صاحب قانون «القومية اليهودية» يصبح وزيراً للعدل

أمير أوحانا وزير العدل الإسرائيلي الجديد و«سيلفي» مع رئيس الحكومة نتنياهو في الكنيست ديسمبر الماضي (إ.ب.أ)
أمير أوحانا وزير العدل الإسرائيلي الجديد و«سيلفي» مع رئيس الحكومة نتنياهو في الكنيست ديسمبر الماضي (إ.ب.أ)

في خطوة فسرت على أنها نفاق لجمهور المثليين الواسع في إسرائيل، أعلن رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، عن تعيين النائب من حزب الليكود، أمير أوحانا، وزيراً للعدل، خلفاً، لأييلت شاكيد، التي أقيلت في مطلع الأسبوع. وقد أثار هذا التعيين جدلاً كبيراً في الحلبة السياسية في تل أبيب، ففي اليمين اعتبروها «ضربة للتيار الديني القومي الصهيوني»، وفي اليسار، اعتبروها ضربة تدل على تمسك نتنياهو بزعزعة الأسس الديمقراطية واستقلالية القضاء.
ويعتبر أوحانا من غلاة المتطرفين سياسياً، كونه أحد أول المبادرين إلى سن قانون القومية اليهودية، الذي يغلب العرق اليهودي على العربي وسائر الأعراق غير اليهودية في إسرائيل. وهو من دعاة ضم أجزاء من الضفة الغربية المحتلة إلى السيادة الإسرائيلية. وقد عمل لفترة طويلة في جهاز الأمن العام (الشاباك) ويعتبر من أشدّ المدافعين عن نتنياهو وعن الدفع بقوانين لتحصينه من التحقيقات.
وجاء قرار تعيينه في خضم نقاشات تخوضها إسرائيل بين العلمانيين والمتدينين حول موضوع المثليين وحقوقهم. فالمثليون يشكلون نسبة تقارب 5 في المائة من السكان ويمثله في الكنيست (البرلمان الإسرائيلي) حالياً، سبعة نواب بشكل معلن. ونتنياهو يحتاج إلى أصواتهم لأنهم بغالبيتهم يصوتون لليسار والوسط الليبرالي. وتحول تعيين أوحانا إلى موضوع احتفال رئيسي في مهرجان المثليين في مدينة القدس، الذي شارك فيه عشرات الألوف أمس الخميس، مع بداية المعركة الانتخابية الإسرائيلية. وأوحانا معروف كمثلي الجنس وهو متزوج من رجل ويربيان معاً طفلين. وسيكون أول وزير مثلي مُعلن في تاريخ إسرائيل.
وفي بيان صدر عن مكتب نتنياهو، جاء أن «أوحانا، عمل محامياً لمدة عشر سنوات طاف خلالها في مختلف المحاكم الإسرائيلية، وحصل على لقب أول في الحقوق، ومتخصص في مكاتب الادعاء العام». وأضاف أن أوحانا عمل على تشريع سلسلة من القوانين، أهمها وأبرزها «قانون أساس القومية».
وقد جاء هذا التعيين مخرجا لنتنياهو من المطب الذي أوقعه فيه رئيس حزب «البيت اليهودي»، بتصلئيل سموتريتش، الذي كان قد طالب بمنصب وزير القضاء، وكان سيحظى به، لولا التصريحات التي أدلى بها قبل يومين وقال فيها إن «إسرائيل يجب أن تسير وفق قوانين الشريعة اليهودية وتعود إلى أسلوب الحكم الذي كان متبعاً في عهد الملك داود». كما قال سموتريتش إنه «يجب أن تسري قوانين التوراة بما يتناسب مع حياة هذه الأيام ومع اقتصاد العام 2019». وقال: «شعب إسرائيل هو شعب خاص، تلقى التوراة، ويجب أن يعيش بموجب حياة التوراة»، مدعياً أن قوانين «الأضرار» المنصوص عليها في التوراة، «أعدل وأصوب»، وبالتالي «يجب إعطاء مكانة احترام للمحاكم الحاخامية وتقويتها»، وتابع أن «القضاء العبري يجب أن تكون له مكانة ومكان في طريقة القضاء في إسرائيل».
واستغلت المعارضة هذه التصريحات لتهاجم نتنياهو الذي يقيم في إسرائيل دولة تعصب ديني و«دولة شريعة توراتية». ونقل على لسان النائب ستاف شبير، أن الحكومة القادمة، إذا فاز نتنياهو برئاستها، فستكون حكومة «داعش يهودية». ولذلك، ردّ نتنياهو، أمس، قائلاً: «دولة إسرائيل لن تكون دولة شريعة يهودية».
وأثار هذا التصريح ردود فعل صاخبة لدى حلفاء نتنياهو في اليمين الراديكالي. وطالب سموترتش رفاقه في تكتل «اتحاد أحزاب اليمين»، بأن يستخلصوا العبر من حرمانه من منصب وزير العدل، بقوله: «إنه يستخف بنا ويعتبرنا قوة ضعيفة في جيبه». وقال سموتريتش إن اختيار أوحانا وزيراً للعدل، يدل على ضياع لأن أوحانا «لا يقيم اعتباراً للصهيونيّة الدينيّة».
لكن نتنياهو، من جهته، حاول إرضاءهم بالإعلان عن نيته تعيين سموتريتش وزيراً للمواصلات، ونيته في تعيين زميله رجل الدين المتطرّف رافي بيرتس، بمنصب وزير التعليم.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».