رئيس الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية يتهم روسيا بـ«افتعال احتكاكات»

TT

رئيس الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية يتهم روسيا بـ«افتعال احتكاكات»

أطلق رئيس الاستخبارات العسكرية في الجيش الإسرائيلي (أمان)، تمير هايمن، تصريحات تثير جدلاً شديداً، حول الأوضاع في الشرق الأوسط. ونقلت وسائل الإعلام العبرية تصريحات لمسؤولين في الجيش والمخابرات تتحفظ على مضمون تصريحاته، وتشكك فيما إذا كانت رئاسة الأركان توافق عليها.
وخرجت صحيفة «يديعوت أحرونوت» بمقال افتتاحي تتهمه فيه بالعربدة والغرور. وتشكك فيما إذا كان يمثل بها قيادة الجيش، خصوصاً عندما ادعى أن «حركة (حماس) غير معنية بجولة قتالية أخرى مع الجيش الإسرائيلي، وأن صواريخ (حزب الله) ليست دقيقة، وأن روسيا تفتعل أزمات في سوريا لكي يتوجه إليها الأطراف راجين تدخلها وطلب مساعدتها».
وكان هايمن يتحدث في افتتاح المعرض الأمني للأسلحة (ISDEF) في تل أبيب، مساء أول من أمس (الأربعاء)، بحضور ضيوف من «مركز تراث الاستخبارات»، فادعى، بداية، أن حركة «حماس» «مرتدعة من الحرب»، وأنها تعبّر عن رغبتها في مواصلة «مسار التهدئة». وقال: «يوجد لـ(حماس) التزام سيادي يتزايد، وصار عليها أن تهتم بإطعام الناس وتشغيلهم وتعليمهم بصفتها حاكمة. وتأمل بالحصول على مقابل معين عن طريق التسوية». وأضاف أن «التزامات (حماس) هذه تؤدي إلى توتر بينها وبين (حركة الجهاد الإسلامي)، التي تعتبر مجرد مقاومة مسلحة لا دخل لها في الحكم. وأنه على الرغم من أن الأخيرة لا تزال تنسق مع (حماس)، فإن احتمالات تفجر الأوضاع لا تزال عالية».
وتطرق هايمن في حديثه إلى العقوبات الاقتصادية الجديدة التي فرضتها الولايات المتحدة على إيران، وربط ذلك بـ«فرملة» التموضع العسكري الإيراني في سوريا، وقال: إن «الضغوط التي مارسناها على إيران أدت إلى توقف نسبي في تموضعها في سوريا». وأضاف أن الحافزية لا تزال موجودة لدى إيران، وهي تبحث عن مواقع أخرى للتموضع، مثل العراق. وقال أيضاً إن إيران لا تزال تشكل مركز ثقل إقليمياً في الشرق الأوسط، وتؤثر بواسطة نشر التكنولوجيا الخاصة بها، والأموال التي تقدمها لمجمل اللاعبين في المنطقة، بينما لا تزال تحت الضغوط الأميركية؛ الأمر الذي يعزز احتمالات خرقها الاتفاق النووي، لكن ليس بالضرورة السعي نحو القنبلة النووية، على حد قوله. وتابع أن العقوبات الأميركية غير المسبوقة على إيران أدت إلى تدهور اقتصادي دفعها للعمل ضد تجارة النفط، وإطلاق تصريحات بشأن مشروعها النووي.
وفي حديثه عن روسيا، قال هايمن، إن الهيمنة الروسية في المنطقة باتت ملموسة، ولمح إلى أن «الاحتكاكات» الأخيرة تسببت بها روسيا حتى تكون ذات صلة بالحلول من خلال حضورها المتصاعد في المنطقة. وعن سوريا، قال: إن «الجيش السوري يعيد بناء نفسه بأسرع مما كان متوقعاً».
وادعى هايمن أنه بموجب تقديرات الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية؛ فإن «قدرات الصواريخ الدقيقة لدى (حزب الله) ليست عملانية»، مضيفاً أن ذلك لا يزال تحت الرصد. وقال: إن لبنان يواجه ضغوطاً أميركية تغيرت قليلاً بعد تولي مايك بومبيو منصب وزير الخارجية؛ الأمر الذي «دفع (حزب الله) إلى إطلاق تصريحات عدة بشأن الصواريخ الدقيقة». كما ادعى هايمن أن الاستخبارات العسكرية ليست في حاجة إلى الأمين العام لـ«حزب الله»، حسن نصر الله، ليتحدث عن مشاريعه، بادعاء أن «الاستخبارات العسكرية تعرف ذلك جيداً أكثر منه، وكل ما كشفه معروف»، مضيفاً أن الصواريخ «ليست دقيقة». وتابع: «نحن نعرف الدور الإيراني في محاولة خلق نفوذ كبير من إنتاج وتطور الصواريخ داخل لبنان، ونحن نتابع ذلك». وتحدث هايمن عن وضع السلطة الفلسطينية، وقال إن هناك «استعدادات معينة على المستوى الميداني في السلطة لليوم الذي يلي نقل السلطة من محمود عباس». وادعى أن الوضع الاقتصادي للسلطة «معقول»، وأن «الجهاز لا يزال يعمل بشكل جيد».
وردت عليه صحيفة «يديعوت أحرونوت» بمقالها الافتتاحي، أمس (الخميس)، بعنوان «خطيئة الغطرسة»، فقالت: إن أقواله تنافس كلام حسن نصر الله في العربدة والغطرسة. وهي تتسم بالغرور. فالمخابرات الإسرائيلية فوجئت بأنفاق «حزب الله». وبعد أن كانت قد طمأنت الجمهور الإسرائيلي بأنه لن يستطيع شق أنفاق في أرض الجليل الصخرية وجدنا أنه حفر ستة أنفاق، أكبرها وأخطرها ذلك الذي تم إطلاع الجمهور عليه في الأسبوع الماضي والذي يمتد مسافة كيلومتر تقريباً، منها 77 متراً في عمق الأراضي الإسرائيلية. ويقول إن «حماس» مرتدعة بينما رأيناها تشن معارك قوية ضد إسرائيل وتطلق فيها 700 صاروخ في غضون 36 ساعة. ويقول إن روسيا تفتعل الاحتكاكات، ونحن عشية لقاء تنسيق أمنى معها ومع الولايات المتحدة حول الأوضاع في سوريا. فما الفائدة من هذه المغالطات؟ وهل هي بتنسيق مع رئيس الأركان؟



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.