لفتت الممثلة اللبنانية رلى حمادة المشاهدين في لبنان والعالم العربي بأدائها المحترف لشخصية «سوزان» في المسلسل الرمضاني «خمسة ونص». فمن تابعها منذ أولى حلقاته وحتى النهاية لا بد أن يتوقف عند إتقانها تقديم هذا الدور الذي يضعها في مصاف نجمات عالميات. وقد لا يكون دور المرأة الشريرة الذي تجسده في هذا العمل جديداً عليها إلا أنه يختلف عن غيره بخطوطه من ناحية وبنبض ممثلة مبهرة من ناحية ثانية. فهي تألّقت في تغليف الشرّ بهالتها الإبداعية.
وتقول في حديثها لـ«الشرق الأوسط»: «(في خمسة ونص) تعاطفت مع شخصية (سوزان) لأن تصرفاتها ومنحى الشر الذي يسكنها هما نتيجة تراكمات سلبية تكدست لديها بفعل حياة اضطرت خلالها أن تأخذ فيها حقها بيدها. فظروفها هي التي صنعت منها امرأة ناقمة وهي بالتالي امرأة محبة عندما تلامسها عن قرب». وبرز هذا الأمر في الحلقات الأخيرة من المسلسل المذكور عندما خفتت نار انتقامها أمام براءة الطفل «جونيور» فرأيناها تستعيد دورها كوالدة مشتاقة للحنان.
وعما إذا أدوار الشر يبحث عنها الممثل أكثر من غيرها توضح: «أدوار الشر في الإجمال تحمل متعة أكبر للممثل، كون تلك التي تدور في نطاق الخير لا تقلبات فيها. وهذه التقلبات تلامس مؤديها منذ اللحظة الأولى لقراءته الورق. فيشعر بأن كتابتها تخص شخصية ملتبسة لا تلزمها وتيرة واحدة فتحفر ملامحها فيه بأسلوب آخر».
وتؤكد رلى حمادة بأنها تلميذة لمدرسة التمثيل التي ترتكز على إخراج كل ما لديك من أحاسيس تسكنك. «هناك مدارس أخرى تعتمد على تقمص الدور بحيث يلبسه الممثل ويتصرف على أساسه، أما أنا فأتبع المدرسة التي تزود فيه الدور من عندياتك. فليس من الضروري أن أتذكر وأستعين بأدوات أخزنها في رأسي، بل يكفي أن أصدق تلك الشخصية كي أستطيع أداء المشهد المطلوب مني. وبرأي قد تنطبع أدوار الممثل بالتشابه إذا ما ارتبطت فقط بعملية تقمصها، ولذلك عليه أن يبحث باستمرار عن عناصر أخرى تصقلها عكس ما يتبعه النجوم عادة».
ولكن ماذا تقصدين بذلك وأنت تندرجين على لائحة النجوم؟ توضح: «الممثل يكتشف نفسه تماما مثل صفحات كتاب يقرأها، أما النجم فيهتم في الحفاظ على إطلالته ولا يتطرق إلى نواح قد تبدّل من صورته هذه من خوفه على مكانته». ولكن لا ينطبق هذا الأمر على نجوم هوليود؟ «لا يمكننا المقارنة ما بين الجمهور الغربي وجمهورنا في المشرق العربي. فمتطلباته مغايرة تماما ولدى الممثل هناك ملء حرية الأداء. أما هنا فنلاحظ تشابها كبيرا بين نجومنا وإلا فإنهم قد لا يحققون الدور أو المستوى الذي يطمحون له».
وتضيف في سياق حديثها لـ«الشرق الأوسط»: «هو ليس بالأمر الخاطئ أبدا، وكممثلين يجب أن نقطع في هذه المرحلة. وأنا من الممثلين الذين لم تفسح لهم الحرب اللبنانية أن يستمتعوا بجميع المراحل كما يجب، سيما وأن وسائل التواصل الاجتماعي لم تكن موجودة بعد فلم ألحق زمنها. لم أر اسمي متصدرا، كما أن أعمالنا لم تكن منفتحة عليها الدول العربية بعد».
وعن موسم الدراما الرمضاني تقول: «يمكنني وصفه بـ(لعبة) يشارك فيها عدد كبير من الممثلين فيحفظون مكانا لهم فيها بحيث لا يطلون إلا من خلالها ولو لمرة واحدة في السنة. ويلعب الذباب الإلكتروني دوره على أكمل وجه ليتسلط على هذه (اللعبة) ويتحكم بها بحسب الوجهة التي ينتمي إليها. وعندما ينتهي الموسم يعم الهدوء الساحة».
وعن رأيها بدراما رمضان 2019 تقول: «أجد موسم هذه السنة من بين الأفضل كونه يتمتع بدراما منوعة فيها موضوعات غنية، وهذا الأمر انعكس على الممثل اللبناني فتألق فيها بامتياز. حتى الكتّاب نلاحظ أن غالبيتهم من النساء تماما مثل يم مشهدي وإيمان سعيد وكلوديا مرشيليان وريم حنا. وأنا من الأشخاص المقتنعين بأن العنصر النسائي في مجال الدراما يحدث الفرق. ولا أقول هذا عن تعصب بل لأنها أثبتت بأنها مرهفة الأحاسيس وتلامس قضايا وموضوعات قد لا تخطر على بال الكاتب الرجل. وربما يعود ذلك لأنه لا يتعرّض لهذه المواقف أو لأنه لا يحتك بها مباشرة. كما أن غياب حصرية البطولة بممثل واحد أو اثنين غيبها القلم النسائي. فنصوصها تتألف من عدة قصص ولا يعود حصرها باسم ممثل معين متاحا. وتكمن جمالية الدراما الحالية بتلونها بممثلين «قبضايات» اشتقنا لإطلالتهم بعد غياب مما زوّدها بحضور رفيع المستوى».
وماذا عن المخرجين؟ «فليب أسمر تألق في هذا الموسم كونه في طور البحث الدائم عن الجديد وهنا تكمن نقاط قوته». والمعروف أن أسمر وقع عملية إخراج مسلسل «خمسة ونص».
وتشير حمادة بأن نهاية «خمسة ونص» وهو من إنتاج شركة «الصباح إخوان» وعرض على شاشة «إم تي في» اللبنانية، أخذت منحى مأساويا بشكل عام وذلك بحسب سياق القصة. وتعلق: «هي جزء من الحياة التي يتحكم فيها المال والسلطة فيتغلبان على العدل. وهذا الأمر يحصل في العالم أجمع وليس في منطقتنا فقط. فصحيح بأنها كانت نهاية مخيبة بالنسبة لكثيرين كانوا يفضلون أن يتغلّب الخير على الشر، ولكن الدراما أحيانا كثيرة تنقل الواقع كما هو من دون ماكياج».
وتشير حمادة إلى أن نص مسلسل «خمسة ونص» لفتها بشموليته. وتقول في سياق حديثها لـ«الشرق الأوسط»: «أحببت في مسلسل (خمسة ونص) هذه الخلطة التي يتألف منها النص بدءا من مشكلات الفساد، مرورا بالتوريث السياسي وسلطة المال، ووصولا إلى كيفية تأثيرها على مجتمعاتنا. كما أنه يجمع الحلم والرومنسية في سياق أحداثه. وهو أمر ممتع يمارس على المشاهد إيجابية معينة. فالفن في النهاية هو أيضا وسيلة علاج تداوي الجراح. وليس المطلوب دائما أن يتفرج المشاهد على المآسي والسلبية فقط، بل أيضا على أمور إيجابية أخرى يمكننا أن نصادفها في حياتنا اليومية. ومهما بلغ سواد النفق الذي نمر به فلا بد بأن نتأمل بخاتمة بيضاء له».
وعن الدور الذي تطمح إلى لعبه يوما ترد: «لقد جسدت كما كبيرا من الشخصيات وقد يكون دور الفتاة المقاومة الوحيد الذي يغيب عن أجندتي المهنية، وأتمنى بأن ألعبه يوما وقبل رحيلي عن هذه الدنيا. ولكني أود القول بأنني أحب اكتشاف جميع الأدوار وأفرح بكل منها، لأنني أجدها بمثابة هدية تقدم لي وأتحمس لرؤية ما في داخلها. فالدور التمثيلي يشبهها تماما وعندما تقرأينه على الورق يكون مغلفا بتوليفة ملونة تماما كورق الهدية، فتتخيلين المحتوى كما الأداء إلى أن تكتشفيه على حقيقته بلمس اليد». وعما إذا كلمات الإطراء على أعمالها لا تزال تحدث المفعول الإيجابي نفسه عليها كما في بداياتها ترد: «بالطبع كلمات الإطراء تفرحني وتعطي قيمة لما أقوم به من جهد في عملي، وبأن حفري للشخصية التي ألعبها وبالطريقة التي أفكر فيها جاءت على المستوى المطلوب».
رلى حمادة: دراما رمضان هذه السنة حملت موضوعات غنية ومنوعة
لفتت المشاهد العربي في دور «سوزان» في «خمسة ونص»
رلى حمادة: دراما رمضان هذه السنة حملت موضوعات غنية ومنوعة
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة