عيد باهت في صنعاء وإدانة حكومية لقمع الميليشيات

عنصرا أمن حوثيان يتابعان تأدية يمنيين لصلاة العيد في صنعاء أمس (إ.ب.أ)
عنصرا أمن حوثيان يتابعان تأدية يمنيين لصلاة العيد في صنعاء أمس (إ.ب.أ)
TT

عيد باهت في صنعاء وإدانة حكومية لقمع الميليشيات

عنصرا أمن حوثيان يتابعان تأدية يمنيين لصلاة العيد في صنعاء أمس (إ.ب.أ)
عنصرا أمن حوثيان يتابعان تأدية يمنيين لصلاة العيد في صنعاء أمس (إ.ب.أ)

فيما حرمت الميليشيات الحوثية، اليمنيين، من وحدتهم في إعلان يوم عيد الفطر المبارك، عاشت العاصمة المختطفة، صنعاء، أمس، عيد فطر حوثياً باهتاً، بعد أن كان أغلب سكانها فرضوا عيدهم سراً يوم الثلاثاء الماضي اتباعاً لقرار الحكومة الشرعية.
وعلى الرغم من محاولة الجماعة الموالية لإيران إظهار مراسيم العيد لقادتها ومسؤوليها المحليين، إلا أن الأجواء التي سيطرت على العاصمة ومختلف المناطق الخاضعة للجماعة الحوثية هي مظاهر ثاني أيام العيد، بعد أن رفض أغلب السكان القرار الحوثي، وجابهوا حملات القمع المكثفة ضد المخالفين.
وفي أول رد حكومي على ما أقدمت عليه الميليشيات من أعمال تنكيل بحق السكان، لجهة رفضهم التوقيت الحوثي للعيد، دان وزير الإعلام معمر الإرياني، سلوك الجماعة وانتهاكاتها، في بيان رسمي بثته المصادر الرسمية.
ودان الوزير، في بيانه، قيام ميليشيات الحوثي الانقلابية باقتحام عدد من المساجد، واعتقال مئات المواطنين في مناطق سيطرتها على خلفية احتفالهم بعيد الفطر المبارك.
وقال الإرياني «إن منع ‎الميليشيات الحوثية الموالية لإيران، غالبية المواطنين، من الاحتفال بعيد الفطر المبارك، واقتحامها عدداً من المساجد، وحملة الاعتقالات للمواطنين في محافظات صنعاء وذمار وحجة وإب ممن رفضوا الانصياع لقرارها تأجيل الاحتفال بالمناسبة، يضاف لسجل الميليشيات الحافل بالجرائم والانتهاكات لحقوق الإنسان»، على حد تعبيره.
‏وأكد الوزير الإرياني أن احتفال غالبية اليمنيين في مناطق سيطرة ‎الميليشيات الحوثية بعيد الفطر في يوم الثلاثاء، أسقط محاولات الميليشيات خلق الفرقة والعبث بالنسيج الوطني، وأكد حجم العزلة التي تعيشها والرفض العارم لمشروعها الطائفي، واستمرار تسلطها على رقاب المواطنين في باقي مناطق سيطرتها بقوة السلاح.
كانت الجماعة المدعومة من إيران نفذت أعمال قمع واسعة في صنعاء وذمار والبيضاء وإب وعمران بحق السكان الذين جاهروا بعيد الفطر يوم الثلاثاء، مع إعلان الحكومة الشرعية ذلك.
وذكرت مصادر حقوقية أن المئات من السكان تم اعتقالهم، وأودعوا السجون الحوثية، في الوقت الذي كانت الجماعة شددت تدابير أمنية واسعة لمنع إقامة صلاة العيد في المساجد، أو إظهار دلائل الفرح والابتهاج.
وأكد شهود لـ«الشرق الأوسط»، أن الميليشيات اعتقلت عدداً من أئمة المساجد، بعد أن أعلن المصلون تكبيرات العيد بعد مغرب يوم الاثنين، قبل أن تجبرهم على فتح مكبرات الصوت على غير العادة لأداء صلاة التراويح، التي تعترض عليها الجماعة أساساً بسبب أفكارها الطائفية.
وذكر الشهود أن أقارب لهم في صنعاء وذمار تم اعتقالهم على خلفية مجاهرتهم بإعلان العيد، من قبل الميليشيات الحوثية، قبل أن يتم الإفراج عن بعضهم لاحقاً نظير مبالغ مالية تراوحت بين 30 - 50 ألف ريال (الدولار نحو 550 ريالاً).
وكان ناشطون يمنيون أعلنوا فطرهم يوم الثلاثاء، على الرغم من الإجراءات القمعية الحوثية التي امتدت إلى إجبار أصحاب المتاجر والمحلات وبائعي اللحوم الطازجة على الإغلاق.
وحسب مصادر محلية يمنية، كان مسلحو الجماعة أطلقوا قذائف «الهاون» على المصلين في الضالع والبيضاء، لمنع إقامة صلاة العيد، في حين أقدموا في أرحب شمال العاصمة صنعاء على قتل أربعة مدنيين في إحدى نقاط التفتيش على خلفية رفضهم للقرار الحوثي.
وشوهدت، أمس، شوارع صنعاء مليئة بنقاط التفتيش والإجراءات الأمنية، مع حركة أقل من المعتاد للسكان الذين كان أغلبهم أعلن العيد سراً يوم الثلاثاء، في حين شددت الميليشيات من طوقها الأمني على مدينة صنعاء القديمة، حيث أدى كبار قادتها صلاة العيد أمس في الجامع الكبير.
ولم يعرف اليمنيون اختلافاً في إعلان مواعيد الصوم والعيد إلا في عهد الميليشيات الحوثية، التي تحاول أن تفرض نفسها سلطة أمر واقع، بما في ذلك البت في القضايا الدينية والمناسباتية وتحديد مواعيدها.
ونكاية بقرار الميليشيات الحوثية تأجيل يوم العيد من الثلاثاء إلى الأربعاء، كان ناشطون يمنيون ومسؤولون حكوميون بثوا صوراً واضحة لهلال رمضان مغرب يوم الثلاثاء، ما يفيد بأنه ولد قبل يومين، وبأن الميليشيات الحوثية أجبرت أتباعها على صوم يوم العيد نزولاً على رغبة إيرانية.
وزعمت وسائل إعلام الجماعة الحوثية أن قادة الجماعة في صنعاء، وبقية المحافظات الخاضعة للجماعة، توجهوا بعد صلاة العيد لزيارة جرحى الميليشيات في المستشفيات، وتوزيع الهدايا عليهم، كما زعمت أن قادتها المشرفين على جباية أموال الزكاة بدأوا توزيع مبالغ مالية على آلاف السجناء، في خطوة يعتقد أنها من أجل استدراجهم إلى صفوف الجماعة للقتال.
وفي الآونة التي أثارت فيها الميليشيات سخط اليمنيين بقرار تأجيل يوم العيد إلى الأربعاء، أكدت مصادر محلية قيام عناصر الجماعة بتكثيف القصف على مناطق التماس في جبهات القتال، وتنفيذ هجمات مكثفة على مواقع القوات الحكومية في الحديدة وتعز والضالع.
كان الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي، في خطابه لشعبه بمناسبة عيد الفطر المبارك، جدد اتهام الجماعة بأنها أداة تدمير في يد إيران تستخدمها لزعزعة أمن المنطقة والعالم، متعهداً باستمرار الحكومة الشرعية في كفاحها للقضاء على الانقلاب، وتحرير صنعاء، واستعادة مؤسسات الدولة.


مقالات ذات صلة

القوات المسلحة اليمنية: قادرون على تأمين الممرات المائية الاستراتيجية وعلى رأسها باب المندب

المشرق العربي رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني ومحافظ مأرب ورئيس هيئة الأركان خلال زيارة سابقة للجبهات في مأرب (سبأ)

القوات المسلحة اليمنية: قادرون على تأمين الممرات المائية الاستراتيجية وعلى رأسها باب المندب

أكدت القوات المسلحة اليمنية قدرة هذه القوات على مواجهة جماعة الحوثي وتأمين البحر الأحمر والممرات المائية الحيوية وفي مقدمتها مضيق باب المندب الاستراتيجي.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي العام الماضي كان قاسياً على اليمنيين وتضاعفت معاناتهم خلاله (أ.ف.ب)

اليمنيون يودّعون عاماً حافلاً بالانتهاكات والمعاناة الإنسانية

شهد اليمن خلال العام الماضي انتهاكات واسعة لحقوق الإنسان، وتسببت مواجهات البحر الأحمر والممارسات الحوثية في المزيد من المعاناة للسكان والإضرار بمعيشتهم وأمنهم.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي أطفال جندتهم الجماعة الحوثية خلال 2024 في وقفة تحدٍ لتحالف الازدهار (غيتي)

تحالف حقوقي يكشف عن وسائل الحوثيين لاستقطاب القاصرين

يكشف تحالف حقوقي يمني من خلال قصة طفل تم تجنيده وقتل في المعارك، عن وسائل الجماعة الحوثية لاستدراج الأطفال للتجنيد، بالتزامن مع إنشائها معسكراً جديداً بالحديدة.

وضاح الجليل (عدن)
شؤون إقليمية أرشيفية لبقايا صاروخ بالستي قال الجيش الإسرائيلي إنه أطلق من اليمن وسقط بالقرب من مستوطنة تسور هداسا (إعلام إسرائيلي)

الجيش الإسرائيلي يعلن اعتراض صاروخ أطلق من اليمن

قال الجيش الإسرائيلي في ساعة مبكرة من صباح اليوم (السبت)، إن الدفاعات الجوية الإسرائيلية اعترضت صاروخاً أطلق من اليمن.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
الخليج جانب من مؤتمر صحافي عقده «فريق تقييم الحوادث المشترك» في الرياض الأربعاء (الشرق الأوسط)

«تقييم الحوادث» في اليمن يفنّد عدداً من الادعاءات ضد التحالف

استعرض الفريق المشترك لتقييم الحوادث في اليمن عدداً من الادعاءات الموجهة ضد التحالف، وفنّد الحالات، كلٌّ على حدة، مع مرفقات إحداثية وصور.

غازي الحارثي (الرياض)

«الوفد» المصري يدخل أزمة جديدة بعد فصل أحد قادته

رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
TT

«الوفد» المصري يدخل أزمة جديدة بعد فصل أحد قادته

رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)

دخل حزب «الوفد» المصري العريق في أزمة جديدة، على خلفية قرار رئيسه عبد السند يمامة، فصل أحد قادة الحزب ورئيسه الأسبق الدكتور السيد البدوي، على خلفية انتقادات وجَّهها الأخير إلى الإدارة الحالية، وسط مطالبات باجتماع عاجل للهيئة العليا لاحتواء الأزمة، فيما حذَّر خبراء من «موجة انشقاقات» تضرب الحزب.

وانتقد البدوي في حديث تلفزيوني، دور حزب الوفد الراهن، في سياق حديثه عمّا عدَّه «ضعفاً للحياة الحزبية» في مصر. وأعرب البدوي عن استيائه من «تراجع أداء الحزب»، الذي وصفه بأنه «لا يمثل أغلبية ولا معارضة» ويعد «بلا شكل».

وذكر البدوي، أن «انعدام وجوده (الوفد) أفقد المعارضة قيمتها، حيث كان له دور بارز في المعارضة».

و«الوفد» من الأحزاب السياسية العريقة في مصر، وهو الثالث من حيث عدد المقاعد داخل البرلمان، بواقع 39 نائباً. في حين خاض رئيسه عبد السند يمامة، انتخابات الرئاسة الأخيرة، أمام الرئيس عبد الفتاح السيسي، وحصل على المركز الرابع والأخير.

المقر الرئيسي لحزب «الوفد» في القاهرة (حزب الوفد)

وأثارت تصريحات البدوي استياء يمامة، الذي أصدر مساء الأحد، قراراً بفصل البدوي من الحزب وجميع تشكيلاته.

القرار ووجه بانتقادات واسعة داخل الحزب الليبرالي، الذي يعود تأسيسه إلى عام 1919 على يد الزعيم التاريخي سعد زغلول، حيث اتهم عدد من قادة الحزب يمامة بمخالفة لائحة الحزب، داعين إلى اجتماع طارئ للهيئة العليا.

ووصف عضو الهيئة العليا للحزب فؤاد بدراوي قرار فصل البدوي بـ«الباطل»، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن «لائحة الحزب تنظم قرارات فصل أي قيادي بالحزب أو عضو بالهيئة العليا، حيث يتم تشكيل لجنة تضم 5 من قيادات الحزب للتحقيق معه، ثم تُرفع نتيجة التحقيق إلى (الهيئة العليا) لتتخذ قرارها».

وأكد بدراوي أن عدداً من قيادات الحزب «دعوا إلى اجتماع طارئ للهيئة العليا قد يُعقد خلال الساعات القادمة لبحث الأزمة واتخاذ قرار»، معتبراً أن «البدوي لم يخطئ، فقد أبدى رأياً سياسياً، وهو أمر جيد للحزب والحياة الحزبية».

ويتخوف مراقبون من أن تتسبب الأزمة في تعميق الخلافات الداخلية بالحزب، مما يؤدي إلى «موجة انشقاقات»، وقال أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة الدكتور طارق فهمي لـ«الشرق الأوسط» إن «مشكلة فصل البدوي قد تؤدي إلى موجة انشقاقات داخل الحزب، وهي ظاهرة مرشحة للتفاقم في الحياة السياسية المصرية خلال الفترة القادمة، فمشكلة (الوفد) مثل باقي الأحزاب... لا توجد قناعة بتعدد الآراء والاستماع لجميع وجهات النظر».

وأكد فهمي أن «اجتماع الهيئة العليا لحزب (الوفد) لن يحل الأزمة، والحل السياسي هو التوصل إلى تفاهم، للحيلولة دون حدوث انشقاقات، فمشكلة (الوفد) أنه يضم تيارات وقيادات كبيرة تحمل رؤى مختلفة دون وجود مبدأ استيعاب الآراء كافة، وهو ما يؤدي إلى تكرار أزمات الحزب».

وواجه الحزب أزمات داخلية متكررة خلال السنوات الأخيرة، كان أبرزها إعلان عدد من قياداته في مايو (أيار) 2015 إطلاق حملة توقيعات لسحب الثقة من رئيسه حينها السيد البدوي، على خلفية انقسامات تفاقمت بين قياداته، مما أدى إلى تدخل الرئيس عبد الفتاح السيسي في الأزمة، حيث اجتمع مع قادة «الوفد» داعياً جميع الأطراف إلى «إعلاء المصلحة الوطنية، ونبذ الخلافات والانقسامات، وتوحيد الصف، وتكاتف الجهود في مواجهة مختلف التحديات»، وفق بيان للرئاسة المصرية حينها.

وأبدى فهمي تخوفه من أن «عدم التوصل إلى توافق سياسي في الأزمة الحالية قد يؤدي إلى مواجهة سياسية بين قيادات (الوفد)، ومزيد من قرارات الفصل، وهو ما سيؤثر سلباً على مكانة الحزب».

في حين رأى نائب مدير «مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» في مصر الدكتور عمرو هاشم ربيع، أن «(الوفد) سيتجاوز هذه الأزمة كما تجاوز مثلها»، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «الأزمة ستمر مثل كثير من الأزمات، لكنها لن تمر بسهولة، وستحدث عاصفة داخل الحزب».

واستنكر ربيع فصل أحد قيادات حزب ليبرالي بسبب رأيه، قائلاً: «من الغريب أن يقوم رئيس حزب ليبرالي ينادي بحرية التعبير بفصل أحد قياداته بسبب رأيه».

كان البدوي قد أعرب عن «صدمته» من قرار فصله، وقال في مداخلة تلفزيونية، مساء الأحد، إن القرار «غير قانوني وغير متوافق مع لائحة الحزب»، مؤكداً أنه «لا يحق لرئيس الحزب اتخاذ قرار الفصل بمفرده».

وأثار القرار ما وصفها مراقبون بـ«عاصفة حزبية»، وأبدى عدد كبير من أعضاء الهيئة العليا رفضهم القرار، وقال القيادي البارز بحزب «الوفد» منير فخري عبد النور، في مداخلة تلفزيونية، إن «القرار يأتي ضمن سلسلة قرارات مخالفة للائحة الحزب، ولا بد أن تجتمع الهيئة العليا لمناقشة القرار».

ورأى عضو الهيئة العليا لحزب «الوفد» عضو مجلس النواب محمد عبد العليم داوود، أن قرار فصل البدوي «خطير»، وقال في مداخلة تلفزيونية إن «القرار لا سند له ولا مرجعية».

وفي يوليو (تموز) الماضي، شهد الحزب أزمة كبرى أيضاً بسبب مقطع فيديو جرى تداوله على نطاق واسع، على منصات التواصل الاجتماعي، يتعلق بحديث لعدد من الأشخاص، قيل إنهم قيادات بحزب «الوفد»، عن بيع قطع أثرية؛ مما أثار اتهامات لهم بـ«الاتجار غير المشروع في الآثار».