العراق: الحكيم يعلن وقوفه مع إيران ويهدد بمعارضة حكومة عبد المهدي

الصدر غاضب لعدم تحقيق الإصلاح... والعميري يتحدث عن تقسيم المناصب

عادل عبد المهدي - عمار الحكيم
عادل عبد المهدي - عمار الحكيم
TT

العراق: الحكيم يعلن وقوفه مع إيران ويهدد بمعارضة حكومة عبد المهدي

عادل عبد المهدي - عمار الحكيم
عادل عبد المهدي - عمار الحكيم

أعلن زعيم «تيار الحكمة» عمار الحكيم عدم الحيادية تجاه الحصار الذي تفرضه الإدارة الأميركية ضد إيران، رافضاً «سياسات الحصار والتجويع التي يتعرض لها الشعب الإيراني بعقوبات آحادية مستنكر»، وقال الحكيم خلال خطبة صلاة العيد، أمس، إن العراق يقع في قلب الصراع الأميركي - الإيراني، مشدداً على أن العراق سيِّد نفسه، ولا يمكن أن يكون تحت ظل المواقف التابعة أو الموجهة، وقال: «لنا مصالحنا وأمننا الوطني، كما لغيرنا مصالحه وأمنه الوطني الخاص، وليس بالضرورة أن تكون تلك المصالح متقاطعة، بل يمكن أن تكون متبادلة ومتشابكة ما دام الهدف نابعاً من استقرار المنطقة وحفظ أمنها وسلامة شعوبها».
واستدرك الحكيم بأن «الانجرار إلى سياسات غير حكيمة قد يعرض العراق إلى عزلة دولية، وحينها نكون قد رجعنا إلى المربع الأول الذي ابتدأنا منه، فلا يمكن أن نكون طرفاً في أي محور تصادم، كما لا يمكن أن نقف متفرجين في الوقت ذاته حينما يتعلق الأمر بمصالح العراق، وأمنه القومي».
وفي وقت لا تزال مؤشرات عدم إكمال الكابينة الوزارية في حكومة عادل عبد المهدي هي الأكثر ترجيحاً رغم تحديد موعد ما بعد عطلة عيد الفطر، لوّح زعيم الحكيم بالتوجه نحو المعارضة. وقال الحكيم إنه «اليوم وبعد أكثر من سبعة أشهر، نشهد تلكؤاً واضحاً في إكمال التشكيلة الحكومية... فبعض الوزارات بلا وزير... ووزارات أخرى تحتاج إلى تعديل وزاري ومواقع حساسة ومهمة ما زالت تُدار بالوكالة».
وأضاف الحكيم: «لقد قدمنا، ومعنا العديد من القوى السياسية، الدعم الكافي للحكومة، وتنازلنا عن استحقاقنا السياسي والانتخابي من أجل أن تأخذ فرصتها الكاملة في إنجاز ما وعدت به في عقدها وعهدها مع الشعب أمام مجلس النواب من إنهاء الفوضى العامة وانتشار السلاح وتفكيك الدولة العميقة وعدم السماح بالدويلات خارج الدولة وإعطاء الأولوية للمواطن وترشيق مؤسسات الدولة واستكمال القوانين الأساسية ومكافحة الفساد وتحريك عجلة الاستثمار وتوفير الخدمات الأساسية والضرورية للمواطنين، وغير ذلك من القضايا الجوهرية مما جاء في برنامجها الحكومي».
ودعا الحكيم الحكومة إلى مصارحة الشعب عما تم إنجازه وما لم يتم إنجازه، وأسباب عدم الإنجاز، مبيناً أنه «على ضوء ذلك سنحدد خياراتنا المستقبلية؛ فخيار المعارضة السياسية الوطنية ما زال قائماً، وإنما تم تجميده لإعطاء مزيد من الوقت للتقييم والمراجعة». وعد الحكيم أن «القصور السياسي الذي نشاهده اليوم يدل على وجود مشكلة حقيقية في طبيعة التفاعلات السياسية الجارية بل يدل أيضاً على وجود خلل كبير في إجراءات المعالجة الخدمية في الأداء الحكومي... لا سيما أننا مقبلون على صيف لاهب... وما زالت مؤشرات تحسن الطاقة الكهربائية، دون المستوى المطلوب». في السياق نفسه، عبر زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر عن خيبة أمله حيال عدم التجاوب مع دعوات الإصلاح التي أطلقها خلال السنوات الأخيرة. وقال خلال خطبة صلاة العيد في مدينة النجف: «يا قومي، إني لكم مصلح أمين، وإني أدعوكم لحفظ العراق فاسمعوا»، مستهجناً عدم التجاوب مع دعوته وعدم محاسبة الفاسدين على الرغم من دعواته المستمرة ليلاً ونهاراً، في السر والجهر «فلم يزد تلك الدعوات إلا النفور والمكر ولا يرجون للعراق وقاراً». إلى ذلك أكد النائب محمد البلداوي عضو البرلمان العراقي عن «تحالف الفتح» عدم وجود إي اتفاق سياسي لملء الوزارات الشاغرة بعد عطلة العيد. وأضاف أن «التوافقات السياسية لم تتوصل إلى أي نتيجة حتى الآن بشأن استكمال الكابينة الوزارية، إذ إن الأمر لا يزال صعباً، وقد يأخذ وقتاً طويلاً». في السياق نفسه، أكد غايب العميري عضو البرلمان العراقي عن تحالف الإصلاح إن «الكتل السياسية تريد تقسيم المناصب الخاصة للدولة، وفق منهج المحاصصة الحزبية، بعيداً عن الكفاءة والنزاهة والإخلاص».
من جهته، عدَّ عميد كلية النهرين للعلوم السياسية الدكتور عامر حسن فياض في حديث لـ«الشرق الأوسط» إن «المشكلة التي نعانيها في العراق أن الجميع يتحدث عن الديمقراطية، لكنه لا يمارسها، وإنما يبحث عن حصته في السلطة، علماً بأن كل الأحزاب والكتل تتحدث عن الديمقراطية عبر الانتخابات والتداول السلمي للسلطة، لكن دون وجود من يؤمن بالديمقراطية أو في أفضل الأحوال تبدو ممارسة الديمقراطية مشوهة بالكامل».
وحول ما تعبر عنه الكتل السياسية بشأن خيار الذهاب إلى المعارضة أو البقاء في السلطة مقابل الحصول على مناصب ومواقع يقول فياض إن «المشكلة تكمن في عدم وجود ثقافة معارضة، التي تقوم على أساس وجود قوى مساندة للحكومة وأخرى معارضة»، مشيراً إلى أن «جوهر الديمقراطية هو الإقرار بالتعددية وقبول المعارضة وشيوع ثقافة الاستقالة، وما إلى ذلك من ممارسات إيجابية».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».