النفط يتراجع بعد ارتفاع مفاجئ في المخزونات الأميركية

مضخة وقود في حقل نفط بولاية تكساس الأميركية (رويترز)
مضخة وقود في حقل نفط بولاية تكساس الأميركية (رويترز)
TT

النفط يتراجع بعد ارتفاع مفاجئ في المخزونات الأميركية

مضخة وقود في حقل نفط بولاية تكساس الأميركية (رويترز)
مضخة وقود في حقل نفط بولاية تكساس الأميركية (رويترز)

استأنفت أسعار النفط تراجعها أمس (الأربعاء)، لينزل خام غرب تكساس الوسيط أكثر من 4% بعد صعود مخزونات الخام الأميركية على غير المتوقع.
وبحلول الساعة 14:54 بتوقيت غرينتش، كانت العقود الآجلة لخام برنت منخفضة 1.77 دولار بما يعادل 2.9% عند 60.20 دولار للبرميل، بعد أن تحولت إلى الصعود لفترة وجيزة في وقت سابق من الجلسة. ونزل خام غرب تكساس الوسيط 2.17 دولار أو 4% إلى 51.31 دولار للبرميل.
ونقلت «رويترز» عن جون كيلدوف من «أجين كابيتال» قوله: «زيادات المخزون عبر شتى الفئات جعلت التقرير عامل مراهنة على انخفاض الأسعار»، مضيفاً أن صعود الواردات وزيادة الإنتاج المحلي رفعا المخزونات. وأضافت: «جاءت زيادات المخزون رغم طلب قوي على النفط الخام من شركات التكرير وعلى البنزين من سائقي السيارات».
وسجّلت أسعار النفط هبوطاً حاداً بفعل مخاوف من تباطؤ الطلب العالمي، لكنها تلقت دعماً في آخر جلسة، الثلاثاء، بعد صعود أسواق الأسهم العالمية بدعم من آمال بخفض أسعار الفائدة الأميركية.
وقالت إدارة معلومات الطاقة الأميركية أمس، إن مخزونات النفط الخام بالولايات المتحدة زادت الأسبوع الماضي رغم قيام مصافي التكرير بزيادة الإنتاج، كما ارتفعت مخزونات البنزين ونواتج التقطير. وزادت مخزونات الخام 6.8 مليون برميل على مدى الأسبوع المنتهي في 31 مايو (أيار)، بينما توقع المحللون انخفاضها 849 ألف برميل.
وقالت إدارة المعلومات إن المخزونات بنقطة التسليم في كاشينغ بولاية أوكلاهوما زادت 1.8 مليون برميل.
ونما استهلاك الخام بمصافي التكرير 171 ألف برميل يومياً، حسبما أظهرته البيانات. وزاد معدل استغلال طاقة المصافي 0.6 نقطة مئوية.
وارتفعت مخزونات البنزين 3.2 مليون برميل، في حين توقع المحللون في استطلاع أجرته «رويترز» أن تزيد 630 ألف برميل. وزادت مخزونات نواتج التقطير، التي تشمل الديزل وزيت التدفئة، 4.6 مليون برميل، في مقابل توقعات بأن تزيد 499 ألف برميل. وارتفع صافي واردات الخام الأميركية 1.1 مليون برميل يومياً الأسبوع الماضي.
وللحيلولة دون حدوث تخمة في الإمدادات ودعم الأسعار، تعكف منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) وحلفاؤها بما في ذلك روسيا على كبح الإنتاج منذ بداية العام.
ويعتزم المنتجون اتخاذ قرار في وقت لاحق هذا الشهر أو أوائل يوليو (تموز) بخصوص ما إذا كانوا سيواصلون تقييد الإمدادات. ومما يبرز المخاوف من تخمة المعروض، قال إيجور سيتشن رئيس شركة النفط الروسية العملاقة «روسنفت»، إن روسيا يجب أن تضخ كيفما تشاء وإنه سيطلب تعويضاً من الحكومة إذا جرى تمديد التخفيضات.
وأمس قالت وزارة الطاقة الروسية إن وزيري الطاقة الروسي ألكسندر نوفاك، والسعودي خالد الفالح، سيترأسان لجنة معنية بالتجارة والاقتصاد في موسكو يوم العاشر من يونيو (حزيران).
وذكرت الوزارة أن نوفاك والفالح سيناقشان التعاون التجاري والاقتصادي بين البلدين، ومشروعات مشتركة في مجالي الطاقة والزراعة.
وهبط متوسط إنتاج روسيا اليومي من النفط الخام إلى أدنى مستوياته في ثلاث سنوات، بعدما تسبب نفط ملوث في توقف مسارها الرئيسي للتصدير.
ونقلت «رويترز» عن مصدرين مطلعين على البيانات الرسمية قولهما إن متوسط إنتاج روسيا النفطي بلغ 10.87 مليون برميل يومياً في الفترة من الأول إلى الثالث من يونيو، انخفاضاً من متوسط قدره 11.11 مليون برميل يومياً في مايو.
وإنتاج النفط في أول ثلاثة أيام من يونيو هو الأقل منذ منتصف 2016، وفقاً لحسابات «رويترز».
ويأتي الانخفاض في أعقاب اكتشاف خام أورال ملوث في منتصف أبريل (نيسان) في خط أنابيب دروجبا المتجه إلى أوروبا.
وتم استئناف الصادرات عبر المسار الجنوبي لخط الأنابيب، لكن المسار الشمالي الذي يمد بولندا وألمانيا لا يزال متوقفاً. وتشير تقديرات رسمية إلى أن التنظيف الكامل لأنظمة خط الأنابيب سيستغرق شهوراً.
وتعهدت «ترانسنفت» الروسية، التي تحتكر خطوط الأنابيب، بتوريد خام أورال نظيف إلى الحدود البولندية في التاسع من يونيو. وامتنعت وزارة الطاقة الروسية عن التعليق على أحدث بيانات للإنتاج.
وقال فاديم ياكوفليف نائب الرئيس التنفيذي لشركة «غازبروم نفط» في مقابلة مع وكالة «ريا نوفوستي» للأنباء إن شركات النفط الروسية مستعدة للاستجابة سريعاً وتعزيز إنتاج الخام إذا قررت «أوبك» وحلفاؤها زيادة الإنتاج.
وأضاف أن «غازبروم نفط» لديها القدرة الفنية على زيادة إنتاجها النفطي بمقدار 50 ألف برميل يومياً في خلال شهرين إلى ثلاثة أشهر.



الدردري لـ«الشرق الأوسط»: الناتج السوري خسر 54 مليار دولار في 14 عاماً

TT

الدردري لـ«الشرق الأوسط»: الناتج السوري خسر 54 مليار دولار في 14 عاماً

الأمين العام المساعد للأمم المتحدة مدير برنامج الأمم المتحدة الإنمائي للدول العربية د. عبد الله الدردري (تركي العقيلي)
الأمين العام المساعد للأمم المتحدة مدير برنامج الأمم المتحدة الإنمائي للدول العربية د. عبد الله الدردري (تركي العقيلي)

كشف الأمين العام المساعد للأمم المتحدة مدير برنامج الأمم المتحدة الإنمائي للدول العربية الدكتور عبد الله الدردري، أن الأمم المتحدة أعطت البرنامج الضوء الأخضر لبدء التواصل مع الحكومة المؤقتة السورية الجديدة تعزيزاً للعمل الإنساني وبدء مسار التعافي لإعادة تفعيل الاقتصاد السوري، خصوصاً أن البلاد خسرت 54 مليار دولار من ناتجها المحلي خلال 14 عاماً.

وقال الدردري في حديث إلى «الشرق الأوسط» بمناسبة وجوده في الرياض للمشاركة في فعاليات مؤتمر «كوب 16»، إنه وجّه مكتب البرنامج في دمشق اعتباراً من (الخميس) للتواصل مع الجهات الحكومية وبدء عملية التقييم التي تحتاج إليها البلاد.

كان نظام بشار الأسد قد ترك خلفه تحديات اقتصادية كبيرة مع انهيار شبه كامل للبنية التحتية الاقتصادية وتدمير آلاف المنازل وتشريد الملايين.

رجل سوري يتحدث عبر هاتفه المحمول وهو يقف على درج مبنى مدمَّر في مدينة حرستا شرق دمشق (أ.ب)

واستعرض الدردري الوضع الراهن في سوريا، فقال «إن تقديراتنا الأولية أن الاقتصاد السوري خسر حتى الآن 24 عاماً من التنمية البشرية، فيما سجل الناتج المحلي الإجمالي تراجعاً كبيراً من 62 مليار دولار في عام 2010 إلى 8 مليارات فقط اليوم، أي خسر 54 مليار دولار في 14 عاماً. أما معدل الفقر، فارتفع من نحو 12 في المائة عام 2010 إلى أكثر من 90 في المائة. وبات معدل الفقر الغذائي يتجاوز 65 في المائة من السكان».

وإذ أوضح أن أمام سوريا مرحلة صعبة، قال إن تقديرات البرنامج تشير إلى أنه من أصل 5 ملايين و500 ألف وحدة سكنية، فإن نحو مليوني وحدة سكنية دمِّرت بالكامل أو جزئياً.

وعن تكلفة عملية إعادة الإعمار، أوضح الدردري أن احتساب تكلفة إعادة بناء الوحدات السكنية يحتاج إلى تحديث، كون أسعار البناء تختلف اليوم. لكنه شدد على أن أخطر ما جرى في سوريا هو الضعف المؤسساتي مقارنةً بما كان عليه الوضع قبل عام 2011، «حيث كانت هناك مؤسسات دولة قوية، فيما تراجعت بشكل كبير اليوم». من هنا، فإن تركيز برنامج الأمم المتحدة اليوم هو على الدعم المؤسساتي، «لأنه من دون مؤسسات قادرة على التخطيط والتنفيذ والمتابعة، لا توجد تنمية ولا إعادة إعمار»، كما يركز على القطاع الخاص الذي استطاع أن يصمد رغم كل الهزات، والجاهز اليوم لتلقف أي حالة من الأمن والانفتاح للعمل.

وقال: «خلال الساعات الـ48 الأخيرة، ولمجرد أن الحكومة المؤقتة أعلنت أن الاقتصاد السوري هو اقتصاد سوق حر مع بعض الإجراءات السريعة لتسيير عمل التجارة وغيرها، تحسن سعر صرف الليرة السورية أمام الدولار من 30 ألف ليرة إلى 14 ألف ليرة، مما يعني تحسناً بأكثر من 50 في المائة».

رجل يعد النقود بمحطة بنزين في مدينة حلب شمال سوريا (أ.ف.ب)

ولكن كيف يرى نائب الوزراء السوري السابق للشؤون الاقتصادية بين سنوات 2006 و2011، خريطة طريق إعادة النهوض بالاقتصاد السوري؟ أجاب: «في الحقيقة، لا أرى فرقاً بين دوري في الأمم المتحدة وبين عملي سابقاً. فسوريا تحتاج إلى إصلاح حوكمي سريع وفعال، بمعنى أنها تحتاج إلى إصلاح القضاء، وتطوير المؤسسات وترسيخ مبدأ الفصل بين السلطات، وترسيخ القانون. كما أنها بحاجة إلى رؤية للمستقبل، وإلى حوار وطني. تحتاج إلى تحديد الوضع الراهن في المجال الاقتصادي وأين هو موقع البلاد في هذا الإطار. هي تحتاج إلى رسم سيناريوهات التعافي والنمو... وهو ما تراه الأمم المتحدة أيضاً لإعادة إحياء البلاد».

وأضاف: «سندعم كل ما من شأنه أن يجعل سوريا جاذبة للاستثمار، وإرساء منظومة لحماية اجتماعية فاعلة... فنمو اقتصادي يقوده القطاع الخاص وعدالة اجتماعية من خلال منظومات حماية اجتماعية متكاملة هما ما تحتاج إليه سوريا، وهما ما سنعمل عليه».

وعود بمساعدة غزة

وفي ما يتعلق بالوضع في غزة، قال الدردري إن التقديرات الأولية جداً تشير إلى أنها تحتاج إلى 50 مليار دولار، موضحاً أن إعادة تعويم الاقتصاد الفلسطيني إلى ما كان عليه في عام 2022، إنما يحتاج إلى معونات إنسانية تقدَّر بـ600 مليون دولار سنوياً على مدى السنوات العشر المقبلة.

فلسطينيون يتفقدون الدمار في منطقة استهدفتها غارة جوية إسرائيلية قرب مخيم النصيرات للاجئين (أ.ف.ب)

وعن الجهات المستعدة لتأمين هذه المبالغ، قال: «هناك وعود بأن المجتمع الدولي مستعد للمساعدة، ولكن إلى الآن لا شيء ملموساً».

وأضاف: «هناك حاجة ماسة إلى رفع القيود عن عمل الفلسطينيين، وعن أموال المقاصة التي يجب أن تذهب إلى السلطة الفلسطينية، وأن يُسمح للاقتصاد الفلسطيني بالاندماج».

خسائر لبنان من الحرب

وشرح الدردري أن لبنان خسر 10 في المائة من ناتجه المحلي الإجمالي خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة بسبب الحرب مع إسرائيل، تضاف إلى ما نسبته 35 في المائة خسارة في الناتج المحلي منذ 2019. في حين دُمر نحو 62 ألف منزل وأكثر من 5 آلاف منشأة اقتصادية.

شخصان يتعانقان على أنقاض المباني المتضررة في قرية جون بقضاء الشوف بلبنان (رويترز)

ووُضع برنامج للتعافي الاقتصادي في لبنان يعتمد بشكل أساسي على تعزيز المجتمعات المحلية والشركات الصغيرة وإعادة إحياء التمويل في لبنان، وعلى دعم البلديات التي تأثرت بشكل كبير، وعلى الجمعيات الأهلية. وتوقع أن يستعيد لبنان تعافيه مع استمرار حالة الهدوء، وذلك بفعل أهمية الدور الذي يلعبه قطاعه الخاص.