الياقات العالية... المصممون يتفننون ويتطلعون إلى الأعناق

الياقات العالية... المصممون يتفننون ويتطلعون إلى الأعناق
TT

الياقات العالية... المصممون يتفننون ويتطلعون إلى الأعناق

الياقات العالية... المصممون يتفننون ويتطلعون إلى الأعناق

سواء كان مصدر الإلهام هو السيرك أو الأزياء الإليزابيثية، فإن الياقات العالية عادت لتمثل أحد أهم اتجاهات الموضة لهذا العام. فدار الأزياء الراقية «ديور» استوحت تشكيلة خريف وشتاء 2019 - 2020 من أجواء السيرك، وصممت مشهداً دراماتيكياً يحاكي هذا العالم المليء بالتناقضات. وكان من ضمن العلامات البارزة في هذا العرض الياقات العالية المصممة من كشاكش استوحتها المديرة الإبداعية لدار «ديور»، ماريا غراتسيا كيوري، من بدلة المهرج.
وانعكس هذا الاتجاه على الاهتمام برقبة المرأة بشكل عام، سواء بتزينها بطيات من الكرانيش أو برباط عنق منتهي بفيونكة أو حتى وردة مجسمة مستوحاة من التسعينات.
ولوحظ بشكل بارز الاتجاه نفسه ضمن تشكيلة مارك جاكوبس للربيع والصيف، حيث ركز على رقبة المرأة لتكون مصدر الجذب في تشكيلته. شاهدنا فستاناً من الأورجانزا مصمماً من طيات القماش المكشكش ليطوق الرقبة ويبرزها خصوصاً بياقة امتدت لأعلى من الخلف، كذلك قدم تصاميم مزدانة برباط عنق اختياري ينتهي بزهرة مجسمة من القماش.
كذلك ذهبت المصممة إميليا ويكستيد إلى قمصان نسائية بياقات عريضة برزت خارج السترة الرسمية، كما قدمت فساتين بياقة ممتدة أخفت الرقبة. أما دار «فندي» فطرحت معطفاً ربيعياً من البلاستيك الشفاف مع ياقة عالية من الجلد، فضلاً عن القمصان البيضاء الرسمية المزدانة بياقات أخفت الرقبة.وربما اختلف الأمر بالنسبة لدار «بالمان» التي اكتفت بتصاميم مزدانة بنصف ياقة لتوازن بين الأناقة وقواعد أزياء الربيع.
وجرت العادة على أن يستحضر المصممون الصيحات القديمة بخطوات ناعمة، ثم تتسلل وتصعد إلى الواجهة في الموسم التالي، لذلك لم يكن أمراً مفاجئاً أن نشهد الياقات العالية بشكل أوضح ورسائل أكثر تعددية من خلال تشكيلات الخريف والشتاء.
وظهرت القمصان النسائية والفساتين المزينة برباط العنق المميز لموضة السبعينات الحاضرة هذا العام ضمن تشكيلة بالنسياغا، وسيلين، وفالنتينو، أما الدار الفرنسية شانيل فقد اكتفت بوشاح مثلث لف الرقبة، فيما ذهبت دار غوتشي إلى الياقات المصممة على شكل الأقواس العريضة حتى أخفت الكتفين.
وبرزت الرقبة أيضاً كعنصر رئيسي في تشكيلة دار «إرديم»، فتنوعت أشكال الياقات بين رباط عنق ضخم لدرجة قد تدعو إلى السخرية، كما أطلت العارضات بفساتين مزدانة بورق أشجار الخريف مع ياقة تلف العنق لتخفيها، فضلاً عن الياقة المصممة من كشاكش طوقت الصدر والكتفين وجزء من الرقبة.
وطوعت دار كلوي الرقبة لمزيد من العصرية، من خلال بلوزات نسائية تناسب إطلالة كل يوم. أما دار بروك كوليكشن فقدمت ياقات من الكرانيش بطريقة دراماتيكية، برزت فيها الياقات للخارج باللون الأحمر، مع بدلة وردية مطبعة بالزهور.
أصول ملكية
وفي حين استوحت دار ديور اتجاه الياقات العالية المكشكشة من عالم المهرجين، يرى أستاذ تصميم الأزياء وليد خيري أن الياقات العالية التي تخفي جزءاً من الرقبة كانت على مدار التاريخ علامة مميزة للأزياء الملكية. ويقول لـ«الشرق الأوسط» إن «أزياء الملوك والملكات في العصور الماضية عرفت بالياقات العالية، ولم تكن مرتبطة بجنس، بينما هي دلالة على الترف والفخامة، فقط اختلفت ياقات ملابس الرجال عن النساء بتغيير الخامات، إذ كان الشيفون والدانتيل والأورجانزا خامات مميزة لياقات النساء أكثر».
وارتبطت الياقات العالية بالملكة إليزابيث الأولى، فهي واحدة من أكثر نساء التاريخ أناقة، حتى أن الأزياء في هذا الوقت عُرفت بالأزياء الإليزابيثية. وتعتبر واحدة من العناصر الأكثر تميزاً للأزياء الإليزابيثية هي الياقة التي تطوق الرقبة بكرانيش بارزة. وفي البدايات، كانت تعتمد الملكة إليزابيث الأولى كشاكش محدودة تلف الرقبة، ثم تطور هذا الاتجاه ليصبح أكثر بروزاً، حتى أنها كانت تستعين بياقة منفصلة مُصممة من الدانتيل الفاخر أو الكتان المطرز، ويضاف إليه النشا ليمنحه بعض الثبات، حتى ارتبطت فكرة الياقة العالية بالحياة الفاخرة للطبقات العليا والنخبة.
كذلك، إذا تعلمنا أي شيء من ويليام شكسبير، بخلاف آلاف الدروس حول الطبيعة البشرية، سيكون أن الياقات البارزة يمكن أن تشتت انتباه الرائي عن بعض العيوب مثل الصلع.
ويقول خيري إنه يمكن لاتجاه واحد أن يحمل أكثر من دلالة «عندما يفكر المصمم في تشكيلته الجديدة، تكون هناك فكرة تلوح له في الأفق تحرك أنامله ليعبر عنها من خلال القصات والألوان، وحتى خامات القماش، ومن ثم شاهدنا الياقات العالية على ممشى العروض هذا العام بتصاميم متنوعة، فلكل مصمم تيمة مختلفة يعبر عنها بإضافات يكمل بعضها بعضاً».
وفاة لي رادزيويل
بيد أن هناك أسباباً أخرى ساهمت في صعود هذا الاتجاه. فحسب تقرير نشرته صحيفة «الغارديان»، يعود إلى وفاة لي رادزيويل، شقيقة السيدة الأولى السابقة للولايات المتحدة جاكي كينيدي. فقد ألقى موتها بظلاله على الموضة، حيث تداولت الصحف صورة لها وهي بقميص أبيض بياقات بارزة مع وشاح حريري يلف رقبتها، ما اعتبره التقرير صدفة عززت رواج هذا الاتجاه.
انتقال الموضة من ممشى العروض إلى السجاد الأحمر يعد دليلاً على الرواج الحتمي، حيث احتل فستان الممثلة جيما تشان خلال حفل الأوسكار لهذا العام، الذي جاء بتوقيع دار فالنتينو، على لقب الأكثر أناقة. وبالنظر لتفاصيله، نجد أن الأبرز كان الياقات العالية التي لفت الرقبة بكشاكش متتالية.
ولم تكن تشان وحدها التي أبرزت موضة الياقات في حفل الأوسكار، فقد أقدمت أوليفيا كولمان (الحاصلة على جائزة أفضل ممثلة) على الظهور بفستان برقبة ممتدة، وكذلك فعلت جينيفر لوبيز التي حضرت بفستان بالمان الذي زين الرقبة بفتات المرايا.



اختيار أميرة ويلز له... مواكبة للموضة أم لفتة دبلوماسية للعلم القطري؟

الملك تشارلز الثالث يتوسط أمير قطر الشيخ تميم بن حمد وزوجته الشيخة جواهر والأمير ويليام وكاثرين ميدلتون (رويترز)
الملك تشارلز الثالث يتوسط أمير قطر الشيخ تميم بن حمد وزوجته الشيخة جواهر والأمير ويليام وكاثرين ميدلتون (رويترز)
TT

اختيار أميرة ويلز له... مواكبة للموضة أم لفتة دبلوماسية للعلم القطري؟

الملك تشارلز الثالث يتوسط أمير قطر الشيخ تميم بن حمد وزوجته الشيخة جواهر والأمير ويليام وكاثرين ميدلتون (رويترز)
الملك تشارلز الثالث يتوسط أمير قطر الشيخ تميم بن حمد وزوجته الشيخة جواهر والأمير ويليام وكاثرين ميدلتون (رويترز)

لا يختلف اثنان أن الإقبال على درجة الأحمر «العنابي» تحديداً زاد بشكل لافت هذا الموسم، سواء تعلق الأمر بمناسبات النهار أو المساء والسهرة. ثم جاءت أميرة ويلز، كاثرين ميدلتون، لترسِخ مكانته منذ أيام قليلة، لدى مشاركتها مراسيم استقبال الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، والشيخة جواهر بنت حمد بن سحيم آل ثاني. ظهرت به من الرأس إلى أخمص القدمين، في لوحة مفعمة بالجرأة والكلاسيكية في الوقت ذاته. هذه اللوحة ساهم في رسمها كل من مصممة دار «ألكسندر ماكوين» السابقة سارة بيرتون من خلال المعطف، ومصممة القبعات «سحر ميليناري» ودار «شانيل» من خلال حقيبة اليد.

الملك تشارلز الثالث يتوسط أمير قطر الشيخ تميم بن حمد وزوجته الشيخة جواهر والأمير ويليام وكاثرين ميدلتون (رويترز)

كان هذا اللون كافياً لكي يُضفي عليها رونقاً ودفئاً من دون أن يحتاج إلى أي لون آخر يُسنده. ربما تكون أقراط الأذن والعقد المرصعين باللؤلؤ هما الاستثناء الوحيد.

لكن من يعرف أميرات القصر البريطاني يعرف أن اختياراتهن لا تخضع لتوجهات الموضة وحدها. هن أيضاً حريصات على توظيف إطلالاتهن كلغة دبلوماسية في المناسبات الرسمية. في هذا الحالة، يمكن أن نقرأ أن سبب اختيارها هذا اللون كان من باب الاحتفاء بالضيفين العربيين، بالنظر إلى أنه أحد ألوان العلم القطري.

لكن إذا تقيّدنا بتوجهات الموضة، فإنها ليست أول من اكتشفت جمالياته أو سلّطت الضوء عليه. هي واحدة فقط من بين ملايين من نساء العالم زادت قابليتهن عليه بعد ظهوره على منصات عروض الأزياء الأخيرة.

اختيار أميرة ويلز لهذا اللون من الرأس إلى أخمص القدمين كان مفعماً بالأناقة (رويترز)

«غوغل» مثلاً أكدت أن الاهتمام بمختلف درجاته، من العنابي أو التوتي أو الرماني، بلغ أعلى مستوياته منذ 5 سنوات، في حين ارتفعت عمليات البحث عنه بنسبة 666 في المائة على منصات التسوق الإلكترونية، مثل «ليست» و«نيت أبورتيه» و«مايتريزا» وغيرها.

ورغم أنه لون الخريف والشتاء، لعُمقه ودفئه، فإنه سيبقى معنا طويلاً. فقد دخل تشكيلات الربيع والصيف أيضاً، معتمداً على أقمشة خفيفة مثل الكتان والساتان للنهار والموسلين والحرير للمساء، بالنظر إلى أن أول تسلل له، كان في تشكيلات ربيع وصيف 2024 في عرضي كل من «غوتشي» و«بوتيغا فينيتا». كان جذاباً، الأمر الذي جعله ينتقل إلى تشكيلات الخريف والشتاء الحاليين والربيع والصيف المقبلين.

بغضّ النظر عن المواسم والفصول، كان هناك إجماع عالمي على استقباله بحفاوة جعلته لون الموسم بلا منازع. لم يعد يقتصر على العلامات الكبيرة والغالية مثل «غوتشي» و«برادا» وغيرهما. انتقلت عدواه سريعاً إلى المحلات الكبيرة من «بريمارك» إلى «زارا» و«أيتش أند إم» مروراً بـ«مانغو» وغيرها من المتاجر الشعبية المترامية في شوارع الموضة.

الجميل فيه سهولة تنسيقه مع ألوان كثيرة مثل الرمادي (إ.ب.أ)

ورغم أن أميرة ويلز ارتدته من الرأس إلى القدمين، فإن أحد أهم عناصر جاذبيته أنه من الدرجات التي يسهل تنسيقها مع ألوان أخرى كثيرة، من دون أن يفقد تأثيره. يمكن تنسيقه مثلاً مع الأسود أو البيج أو الرمادي أو الأزرق الغامق. يمكن أيضاً تنسيق كنزة صوفية بأي درجة من درجاته مع بنطلون جينز بسيط، أو الاكتفاء بمعطف منه أو حقيبة أو حذاء حتى قفازات فقط.