عملية طرابلس تجدد القلق في لبنان من خطر «الذئاب المنفردة»

عون: مواجهة الإرهاب مهمة متواصلة والتنسيق بين الأجهزة ضروري

أحد رجال الأمن داخل الشقة التي فجر فيها الإرهابي نفسه في طرابلس (أ.ب)
أحد رجال الأمن داخل الشقة التي فجر فيها الإرهابي نفسه في طرابلس (أ.ب)
TT

عملية طرابلس تجدد القلق في لبنان من خطر «الذئاب المنفردة»

أحد رجال الأمن داخل الشقة التي فجر فيها الإرهابي نفسه في طرابلس (أ.ب)
أحد رجال الأمن داخل الشقة التي فجر فيها الإرهابي نفسه في طرابلس (أ.ب)

جددت العملية التي نفذها أحد المتشددين بمدينة طرابلس في شمال لبنان ليل أول من أمس، مخاطر العمليات التي تنفذها «ذئاب منفردة» تنتمي إلى تنظيمات متطرفة، بعد أن فكَّك الجيش اللبناني التكتلات والخلايا الإرهابية، وفقدت العناصر المتشددة حرية التحرك، ورفعت هذه العملية منسوب خطر عمليات أخرى على أبواب موسم سياحي يُنظر إليه على أنه واعد.
وفي ظل هذه التطورات، ترأس رئيس الجمهورية ميشال عون اجتماعاً أمنياً في قصر بعبدا، في حضور وزيرة الداخلية والبلديات ريا الحسن، ووزير الدفاع الوطني إلياس بو صعب، وقائد الجيش العماد جوزيف عون، ومدير عام قوى الأمن الداخلي اللواء عماد عثمان، ومدير المخابرات العميد طوني منصور، ورئيس فرع المعلومات في قوى الأمن العميد خالد حمود، وذلك للبحث في اعتداء طرابلس الإرهابي. وأكد عون خلال الاجتماع أن «مواجهة الإرهاب مهمة متواصلة، والتنسيق والتعاون بين مختلف الأجهزة ضروري». كما شدد على «أهمية متابعة المشبوهين وتنفيذ عمليات أمنية استباقية».
وأفادت مصادر مطلعة على الاجتماع الأمني بأن الرئيس عون استمع إلى عرض للمعطيات الأمنية المتعلقة بالاعتداء الإرهابي الذي استهدف طرابلس الاثنين الماضي، وبأن كل المعطيات أكدت أن هذا الاعتداء له دافع ثأري، وأنه لدى الإرهابي نزعة عدائية نحو الجيش وقوى الأمن الداخلي.
وكان المدعو عبد الرحمن مبسوط هاجم بعض المراكز العسكرية التابعة للجيش وقوى الأمن الداخلي في منطقة طرابلس، ما أدى إلى سقوط 4 عسكريين. وقامت وحدة خاصة من مديرية المخابرات بدهم المبنى السكني الموجود داخله الإرهابي مبسوط قرب مبنى دار التوليد لتوقيفه، واشتبكت هذه الوحدة معه، فأقدم على تفجير نفسه بواسطة حزام ناسف كان يرتديه دون وقوع أي إصابات، بحسب ما أعلنت قيادة الجيش في بيان أصدرته ليل أول من أمس، فيما قالت معلومات أخرى إنه قتل بانفجار قنبلة كان يحاول رميها على عناصر الجيش.
ومبسوط كان مسجوناً في سجن رومية بتهمة تنفيذ عمليات إرهابية، وينتمي إلى «مجموعة أسامة منصور» الذي كان يشارك شادي المولوي في معارك ضد الجيش اللبناني في عام 2014. وغادر مبسوط لبنان إلى سوريا عبر تركيا للالتحاق بالتنظيمات المتطرفة؛ قبل أن يعود إلى لبنان في عام 2016 حيث تم القبض عليه، وحكم عليه بالسجن لعام ونصف العام ليطلق سراحه في عام 2017.
ويعدّ هذا التطور الأمني الأولَ منذ أكثر من فترة عامين ونصف العام، شهد خلالها لبنان مرحلة هدوء أمني كبيرة، في ظل ملاحقة الجيش والقوى الأمنية للمطلوبين والعائدين من القتال في سوريا، وعمدت السلطات اللبنانية إلى تفكيك الخلايا النائمة، وملاحقة الأفراد المشتبه بتورطهم أو تخطيطهم لعمليات إرهابية، بالتنسيق مع أجهزة أمنية غربية.
ويُصنف مبسوط ضمن خانة «الذئاب المنفردة» التي تنفذ عمليات إرهابية؛ بعد تفكيك تجمعات وتكتلات التنظيمات المتطرفة منذ معركة «فجر الجرود» في أغسطس (آب) 2017 على الحدود الشرقية مع سوريا. وقالت مصادر عسكرية لـ«الشرق الأوسط» إن قائد الجيش لم يسقط مطلقاً من الحسابات أن الخطر الأمني لا يزال قائماً، وإنه حذر مراراً من ذلك بعد عملية «فجر الجرود»، كما حذر من عودة المقاتلين المتطرفين من سوريا إلى لبنان، لذلك «تم تكثيف الدوريات والكمائن لإقفال الحدود أمام تهريب الأشخاص والبضائع... وغيرها، إلى جانب ملاحقة المشتبه بهم وتكثيف المراقبة والملاحقة والمتابعة في الداخل».
وبالفعل، أوقف الجيش وقوى الأمن الداخلي والأمن العام وأمن الدولة، عشرات المطلوبين والمشتبه بهم في تهم مرتبطة بالإرهاب، وأحيل كثيرون منهم إلى المحاكمات أمام القضاء اللبناني. لكن العملية الأخيرة كشفت عن واقع أمني أكثر خطورة. وأكدت المصادر العسكرية أن «المخاوف من عمليات إرهابية قائمة، ولا تزال موجودة، والخطر لا يزال قائماً رغم تقويض حركتهم كمجموعات»، رغم أن العملية كشفت عن أنهم لا يزالون قادرين على التحرك على شكل «ذئاب منفردة».
وقالت المصادر: «الإرهاب لم يعد كتلة واحدة بعد (فجر الجرود)، والإرهابيون لم يعودوا قادرين على التجمع أو العمل على شكل خلايا كما في السابق، أو العمل بشكل جماعي، فقد فقدوا حرية التحرك» من غير أن تنفي أن «وجودهم بصفتهم أفراداً لا يزيل الخطر، وهو أمر يتم العمل عليه عبر ممارسة التضييق الأمني وملاحقة الأفراد والخلايا وضبط الحدود».
وجاء الهجوم بالتزامن مع سجالات سياسية داخلية لتقليص مخصصات ورواتب العسكريين ضمن الموازنة المالية العامة لعام 2019 بهدف عصر النفقات. وطال التخفيض المخصصات السرية العائدة للجيش والأجهزة الأمنية، وهي مخصصات للعمل الاستخباري والأمني العامل في الداخل. كما جاءت تلك التطورات في ظل سجالات سياسية بين «التيار الوطني الحر» و«تيار المستقبل» خلقت تشنجات في البلاد، وزادت الضغوط السياسية، في وقت حذرت فيه مصادر مواكبة للتطورات الأخيرة من أن «أمن البلد بات مكشوفاً».
لكن المسؤولين اللبنانيين طمأنوا على الوضع الأمني؛ إذ قال الرئيس اللبناني ميشال عون في تغريدة على «تويتر» صباح أمس الثلاثاء إن «أي عبث بالأمن سيلقى الرد الحاسم والسريع، وما حصل في طرابلس لن يؤثر على الاستقرار في البلاد». وشدد رئيس الحكومة سعد الحريري بدوره على «وجوب اتخاذ كل التدابير التي تحمي أمن طرابلس وأهلها، وتقتلع فلول الإرهاب من جذورها».



نيجيريا تقترب من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية لتعزيز الأمن ومكافحة الإرهاب

وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)
وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)
TT

نيجيريا تقترب من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية لتعزيز الأمن ومكافحة الإرهاب

وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)
وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)

كشف وزير الدولة لشؤون الدفاع النيجيري، الدكتور بلو محمد متولي، لـ«الشرق الأوسط»، عن اقتراب بلاده من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية، بشأن برامج التدريب المشتركة، ومبادرات بناء القدرات، لتعزيز قدرات القوات المسلحة، فضلاً عن التعاون الأمني ​​الثنائي، بمجال التدريب على مكافحة الإرهاب، بجانب تبادل المعلومات الاستخبارية.

وقال الوزير إن بلاده تعمل بقوة لترسيخ الشراكة الاستراتيجية بين البلدين، «حيث ركزت زيارته إلى السعودية بشكل أساسي، في بحث سبل التعاون العسكري، والتعاون بين نيجيريا والجيش السعودي، مع وزير الدفاع السعودي الأمير خالد بن سلمان».

الدكتور بلو محمد متولي وزير الدولة لشؤون الدفاع النيجيري (فيسبوك)

وأضاف قائلاً: «نيجيريا تؤمن، عن قناعة، بقدرة السعودية في تعزيز الاستقرار الإقليمي والتزامها بالأمن العالمي. وبالتالي فإن الغرض الرئيسي من زيارتي هو استكشاف فرص جديدة وتبادل الأفكار، وسبل التعاون وتعزيز قدرتنا الجماعية على معالجة التهديدات الأمنية المشتركة».

وعن النتائج المتوقعة للمباحثات على الصعيد العسكري، قال متولي: «ركزت مناقشاتنا بشكل مباشر على تعزيز التعاون الأمني ​​الثنائي، لا سيما في مجال التدريب على مكافحة الإرهاب وتبادل المعلومات الاستخبارية»، وتابع: «على المستوى السياسي، نهدف إلى ترسيخ الشراكة الاستراتيجية لنيجيريا مع السعودية. وعلى الجبهة العسكرية، نتوقع إبرام اتفاقيات بشأن برامج التدريب المشتركة ومبادرات بناء القدرات التي من شأنها أن تزيد من تعزيز قدرات قواتنا المسلحة».

وتابع متولي: «أتيحت لي الفرصة لزيارة مقر التحالف الإسلامي العسكري لمحاربة الإرهاب في الرياض أيضاً، حيث التقيت بالأمين العام للتحالف الإسلامي العسكري لمكافحة الإرهاب، اللواء محمد بن سعيد المغيدي، لبحث سبل تعزيز أواصر التعاون بين البلدين، بالتعاون مع الدول الأعضاء الأخرى، خصوصاً في مجالات الأمن ومكافحة الإرهاب».

مكافحة الإرهاب

في سبيل قمع الإرهاب وتأمين البلاد، قال متولي: «حققنا الكثير في هذا المجال، ونجاحنا يكمن في اعتماد مقاربات متعددة الأبعاد، حيث أطلقنا أخيراً عمليات منسقة جديدة، مثل عملية (FANSAN YAMMA) التي أدت إلى تقليص أنشطة اللصوصية بشكل كبير في شمال غربي نيجيريا».

ولفت الوزير إلى أنه تم بالفعل القضاء على الجماعات الإرهابية مثل «بوكو حرام» و«ISWAP» من خلال عملية عسكرية سميت «HADIN KAI» في الجزء الشمالي الشرقي من نيجيريا، مشيراً إلى حجم التعاون مع عدد من الشركاء الدوليين، مثل السعودية، لتعزيز جمع المعلومات الاستخبارية والتدريب.

وحول تقييمه لمخرجات مؤتمر الإرهاب الذي استضافته نيجيريا أخيراً، وتأثيره على أمن المنطقة بشكل عام، قال متولي: «كان المؤتمر مبادرة مهمة وحيوية، حيث سلّط الضوء على أهمية الجهود الجماعية في التصدي للإرهاب».

وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)

وتابع الوزير: «المؤتمر وفر منصة للدول لتبادل الاستراتيجيات والمعلومات الاستخبارية وأفضل الممارسات، مع التأكيد على الحاجة إلى جبهة موحدة ضد شبكات الإرهاب، حيث كان للمؤتمر أيضاً تأثير إيجابي من خلال تعزيز التعاون الأعمق بين الدول الأفريقية وشركائنا الدوليين».

ويعتقد متولي أن إحدى ثمرات المؤتمر تعزيز الدور القيادي لبلاده في تعزيز الأمن الإقليمي، مشيراً إلى أن المؤتمر شدد على أهمية الشراكات الاستراتيجية الحيوية، مثل الشراكات المبرمة مع التحالف الإسلامي العسكري لمكافحة الإرهاب (IMCTC).

الدور العربي ـ الأفريقي والأزمات

شدد متولي على أهمية تعظيم الدور العربي الأفريقي المطلوب لوقف الحرب الإسرائيلية على فلسطين ولبنان، متطلعاً إلى دور أكبر للعرب الأفارقة، في معالجة الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، على العرب الأفارقة أن يعملوا بشكل جماعي للدعوة إلى وقف إطلاق النار، وتقديم الدعم والمساعدات الإنسانية للمواطنين المتضررين.

وأكد متولي على أهمية استغلال الدول العربية الأفريقية أدواتها في أن تستخدم نفوذها داخل المنظمات الدولية، مثل «الأمم المتحدة» و«الاتحاد الأفريقي»؛ للدفع بالجهود المتصلة من أجل التوصل إلى حل عادل.

وحول رؤية الحكومة النيجيرية لحل الأزمة السودانية الحالية، قال متولي: «تدعو نيجيريا دائماً إلى التوصل إلى حل سلمي، من خلال الحوار والمفاوضات الشاملة التي تشمل جميع أصحاب المصلحة في السودان»، مقراً بأن الدروس المستفادة من المبادرات السابقة، تظهر أن التفويضات الواضحة، والدعم اللوجيستي، والتعاون مع أصحاب المصلحة المحليين أمر بالغ الأهمية.

وأضاف متولي: «حكومتنا مستعدة للعمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين، لضمان نجاح أي مبادرات سلام بشأن الأزمة السودانية، وبوصفها رئيسة للجماعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا والاتحاد الأفريقي، تدعم نيجيريا نشر الوسطاء لتسهيل اتفاقات وقف إطلاق النار والسماح بوصول المساعدات الإنسانية».

وفيما يتعلق بفشل المبادرات المماثلة السابقة، وفرص نجاح نشر قوات أفريقية في السودان؛ للقيام بحماية المدنيين، قال متولي: «نجاح نشر القوات الأفريقية مثل القوة الأفريقية الجاهزة (ASF) التابعة للاتحاد الأفريقي في السودان، يعتمد على ضمان أن تكون هذه الجهود منسقة بشكل جيد، وممولة بشكل كافٍ، ومدعومة من قِبَل المجتمع الدولي».

ولفت متولي إلى تفاؤل نيجيريا بشأن هذه المبادرة بسبب الإجماع المتزايد بين الدول الأفريقية على الحاجة إلى حلول بقيادة أفريقية للمشاكل الأفريقية، مبيناً أنه بدعم من الاتحاد الأفريقي والشركاء العالميين، فإن هذه المبادرة لديها القدرة على توفير الحماية التي تشتد الحاجة إليها للمدنيين السودانيين، وتمهيد الطريق للاستقرار على المدى الطويل.