وزيرة الداخلية اللبنانية: الأمن «ممسوك» ما دامت الأجهزة متحدة

وزيرة الداخلية ريا الحسن تتجول في موقع العملية الإرهابية مع مدير عام قوى الأمن الداخلي اللواء عماد عثمان (رويترز)
وزيرة الداخلية ريا الحسن تتجول في موقع العملية الإرهابية مع مدير عام قوى الأمن الداخلي اللواء عماد عثمان (رويترز)
TT

وزيرة الداخلية اللبنانية: الأمن «ممسوك» ما دامت الأجهزة متحدة

وزيرة الداخلية ريا الحسن تتجول في موقع العملية الإرهابية مع مدير عام قوى الأمن الداخلي اللواء عماد عثمان (رويترز)
وزيرة الداخلية ريا الحسن تتجول في موقع العملية الإرهابية مع مدير عام قوى الأمن الداخلي اللواء عماد عثمان (رويترز)

توالت الاستنكارات من المسؤولين اللبنانيين للعملية الإرهابية في طرابلس، في حين ترأست وزيرة الداخلية والبلديات ريا الحسن اجتماعاً لمجلس الأمن الفرعي في طرابلس، أكدت فيه أن «الأمن في البلد سيبقى ممسوكاً ما دامت كل الأجهزة الأمنية والعسكرية متحدة ومتضامنة لمواجهة الإرهاب ومكافحته».
وقالت الحسن في مؤتمر صحافي: «إن هذا العمل الإرهابي المدان والمستنكر من الجميع الذي انتهى بتفجير الإرهابي نفسه، وضع القوى الأمنية من قوى الأمن الداخلي والجيش في دائرة الاستهداف الدموي من جديد». وأضافت: «لقد انتصرت طرابلس من جديد على الإرهاب بفضل التنسيق الكبير بين القوى الأمنية والعسكرية، وكذلك بفضل التفاف اللبنانيين ودعمهم للقوى الأمنية والعسكرية في عمليات مكافحة الإرهاب»، مطالبة بالحفاظ على التماسك، ومؤكدة أن «الأمن سيبقى ممسوكاً ما بقينا متحدين ومتضامنين».
وقالت: «أعرف تماماً أن رهان كل اللبنانيين على قوى الأمن الداخلي والجيش اللبناني وكل المؤسسات الأمنية، كبير جداً، وهو رهان في محله؛ لأن هذه المؤسسات لن تسمح باستباحة أمن أي منطقة في لبنان من قبل مجموعات أهدافها وخلفياتها مشبوهة. أعدكم أننا سنبقى متيقظين لحماية كل شبر وكل منطقة من هذا الوطن».
وعن رسالتها إلى القضاء بعدما أمضى الإرهابي سنة واحدة في السجن وهو الذي قاتل في صفوف تنظيم «داعش»، قالت الحسن: «نحن بصدد التحري عن هذا الموضوع، وبالتالي متابعة ملفه القضائي، ونحن لا يجب أن نعمم على كل السجناء الإسلاميين، فمن يثبت ارتكابه جرماً إرهابياً وقتل القوى الأمنية يجب أن ينال عقابه، ومن لم يشارك فينظر في ملفه القضائي إن كان بريئاً أم لا. فلا يجوز التعميم في مثل هذه الحالات. وأنا أدعو إلى تسريع المحاكمات».
وحيا المدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء عماد عثمان، أبناء طرابلس وأثنى على دورهم في «إرشاد الأجهزة الأمنية والعسكرية إلى تحركات الإرهابي ومكان اختبائه»، مؤكداً أن «لا بيئة حاضنة للإرهاب في طرابلس كما في كل المناطق اللبنانية»، وقال: «وضع الإرهابي النفسي مشوش وغير سوي، فكل من يقوم بهذا الفعل هو إنسان مختل وغير سوي».
واستنكر الرئيس فؤاد السنيورة الجريمة الإرهابية التي شهدتها مدينة طرابلس، معتبراً «أن هذه الجريمة الإرهابية بتوقيتها المشبوه، تثبت أن يد الغدر لا تزال كامنة للبنان ولمدينة طرابلس».
وأعلن رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع، أن يد الغدر وبعدما أيقنت أنها لن تتمكن من خوض مواجهة مباشرة مع القوى الأمنية اللبنانية «لجأت إلى الغدر في غياهب الليل للنيل من عناصر الجيش اللبناني وقوى الأمن الداخلي، وهذا خير دليل على فاعلية ما يقوم به الجيش اللبناني وقوى الأمن الداخلي وبقية الأجهزة الأمنية في مواجهة الإرهاب وترسيخ الاستقرار وحماية لبنان».
بدوره، نبّه البطريرك الماروني بشارة الراعي «إلى خطورة أن يشهد لبنان مجدداً أعمالاً تزعزع أمنه واستقراره»، داعياً «اللبنانيين جميعاً إلى «التيقظ والوحدة في مواجهة أي خطر»، سائلاً الله «أن يحمي المؤسسة العسكرية وقوى الأمن وسائر الأجهزة المكرسة نفسها لخدمة الوطن والمواطنين»، متوجهاً إلى كل من قيادة الجيش وقوى الأمن باحر التعازي ومتمنياً للجرحى الذين أصيبوا الشفاء العاجل».



قتال عنيف في منبج... وتوتر في حمص والساحل

رجال موقوفون في إطار حملة على خلايا موالية للنظام السابق في حمص الجمعة (أ.ب)
رجال موقوفون في إطار حملة على خلايا موالية للنظام السابق في حمص الجمعة (أ.ب)
TT

قتال عنيف في منبج... وتوتر في حمص والساحل

رجال موقوفون في إطار حملة على خلايا موالية للنظام السابق في حمص الجمعة (أ.ب)
رجال موقوفون في إطار حملة على خلايا موالية للنظام السابق في حمص الجمعة (أ.ب)

بينما واصلت السلطات السورية الجديدة حملاتها لملاحقة خلايا تتبع النظام السابق في أحياء علوية بمدينة حمص وفي الساحل السوري، أفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان»، الجمعة، بأن قتالاً عنيفاً يدور بين الفصائل المدعومة من تركيا وقوات سوريا الديمقراطية (قسد) التي يقودها الأكراد في منطقة منبج شمال سوريا.

وأشار «المرصد السوري» الذي يتخذ من بريطانيا مقراً له، إلى مقتل ما لا يقل عن 28 عنصراً من الفصائل الموالية لتركيا في الاشتباكات في محيط مدينة منبج. وذكر «المرصد» أيضاً أن الجيش التركي قصف بعنف مناطق تسيطر عليها «قسد».

وجاء ذلك في وقت قالت فيه «قوات سوريا الديمقراطية» إن القوات الموالية لتركيا شنّت هجوماً واسع النطاق على عدة قرى جنوب منبج وشرقها، مؤكدة أنها نجحت في التصدي للمهاجمين الذين يحاولون منذ أيام السيطرة على المنطقة المحيطة بسد تشرين على نهر الفرات.

جانب من تشييع مقاتلَيْن كرديين قُتلا في معارك منبج ودُفنا في القامشلي بشمال شرقي سوريا يوم الخميس (أ.ف.ب)

وتريد تركيا طرد «وحدات حماية الشعب» الكردية التي تشكّل عماد «قوات سوريا الديمقراطية» من المنطقة؛ بحجة أنها فرع سوري لـ«حزب العمال الكردستاني» المصنّف إرهابياً.

إلى ذلك، في حين كان التوتر يتصاعد في الأحياء ذات الغالبية العلوية في حمص خلال عمليات دهم بحثاً عن عناصر من النظام السابق وتصل ارتداداته إلى الساحل السوري، اجتمع نحو خمسين شخصية من المجتمع الأهلي بصفتهم ممثلين عن طوائف دينية وشرائح اجتماعية في محافظة طرطوس مع ممثلين سياسيين من إدارة العمليات العسكرية (التي تولت السلطة في البلاد الآن بعد إطاحة نظام الرئيس السابق بشار الأسد). وعلى مدى أربع ساعات، طرح المشاركون بصراحة مخاوف المناطق الساحلية؛ حيث تتركز الغالبية الموالية للنظام السابق، وتم التركيز على السلم الأهلي والتماسك المجتمعي في سوريا عموماً والساحل السوري خصوصاً، بعد تقديم إحاطة سياسية حول الوضع في الداخل السوري والوضع الدولي، والتطورات الحالية وتأثيرها في الواقع السوري.

قوات أمنية خلال عمليات التمشيط في حمص الجمعة (أ.ب)

قالت ميسّرة الجلسة الصحافية، لارا عيزوقي، لـ«الشرق الأوسط»، إن المشاركين في الجلسة التي نظّمتها «وحدة دعم الاستقرار» (s.s.u) مثّلوا أطيافاً واسعة من المجتمع المحلي، من مختلف الطوائف الدينية، والشرائح الاجتماعية، بالإضافة إلى مشاركة ممثلين سياسيين من إدارة العمليات. وأكدت لارا عيزوقي أن أبرز مطلب للوفد الأهلي كان ضرورة إرساء الأمن، مشيرة إلى تقديم اقتراح بتفعيل لجان حماية محلية؛ بحيث تتولى كل منطقة حماية نفسها في المرحلة الراهنة لمنع الفوضى، مع الاستعداد لتسليم المطلوبين، على أن تُمنح ضمانات فعلية لمنع الانتقامات.

معتقلون يُشتبه بأنهم من النظام السابق في حمص الجمعة (أ.ب)

وتابعت لارا عيزوقي أن الافتقار إلى الأمن، وحالة الانفلات على الطرقات، أديا إلى إحجام كثير من الأهالي عن إرسال أولادهم إلى المدارس والجامعات، وبالتالي حرمانهم من التعليم. وأشارت إلى أن الجلسة الحوارية تضمّنت مطالبات بالإفراج عن المجندين الإلزاميين الذين كانوا في جيش النظام السابق رغماً عنهم، وجرى اعتقالهم من قِبل إدارة العمليات.

ولفتت إلى أن الوفد الأهلي شدد أيضاً على ضرورة وضع حد لتجاوزات تحدث، مضيفة أنه جرت مناقشة مطولة لما جرى في قرية خربة معزة؛ حيث أقر الأهالي بخطأ حماية المطلوبين، وأن ذلك لا يبرر التجاوزات التي حصلت أثناء المداهمات.

يُشار إلى أن اشتباكات حصلت في طرطوس في 25 ديسمبر (كانون الأول) الماضي لدى ملاحقة قوى الأمن الضابط في جيش النظام السابق محمد حسن كنجو الملقب بـ«سفاح سجن صيدنايا»، وهو رئيس محكمة الميدان العسكري التي تُتهم بأنها السبب في مقتل آلاف المعتقلين.

ومما طرحه أهالي طرطوس، في الجلسة، مطلب صدور عفو عام، إذ إن هناك مئات من الشباب المتعلم اضطرهم الفقر إلى العمل في الأجهزة الأمنية والعسكرية التابعة للنظام. ويريد ممثلو الأهالي بحث إمكانية ضم هؤلاء إلى وزارة الدفاع مجدداً، لتجنّب الانعكاسات السلبية لكونهم عاطلين عن العمل. وحسب لارا عيزوقي، كشف ممثل الإدارة الجديدة عن نية «إدارة العمليات» إصدار عفو عام يستثني المتورطين بشكل مباشر في جرائم النظام السابق.

مواطنون في حمص خلال قيام قوات أمن الحكم الجديد بعمليات دهم الجمعة بحثاً عن عناصر من النظام السابق (أ.ب)

ولفتت لارا عيزوقي إلى وجود ممثلين عن شباب بأعمار تتراوح بين 20 و30 سنة، وقالت إنهم يعتبرون أنفسهم ينتمون الى سوريا، لا إلى طائفة معينة ولا يريدون الهجرة ويتطلعون الى لعب دور في مستقبل سوريا، متسائلين عن كيف يمكن أن يحصل ذلك إذا تمّ تأطيرهم داخل مكوّن طائفي.

وحول تسريح الموظفين، عبّر مشاركون عن مخاوف من تسريح آلاف الموظفين لا سيما النساء من ذوي قتلى النظام واللواتي تعلن عائلاتهن -مع لفت النظر إلى اتساع رقعة الفقر وتعمّقها في الساحل خلال سنوات الحرب- حالة الإفقار الممنهجة التي طالت محافظة طرطوس بصفتها محافظة زراعية تدهورت زراعتها في السنوات الماضية.

أطفال في شاحنة بمدينة حمص الجمعة (أ.ب)

وشهدت مدينة طرطوس، بين مساء الخميس وصباح الجمعة، حالة توتر مع توارد أنباء عن جريمة قتل وقعت قرب «شاليهات الأحلام» حيث تستقر مجموعات من «فصائل إدارة العمليات». وحسب المعلومات، أقدم مجهولون على إطلاق نار على شخصين، مما أدى إلى مقتل أحدهما وإصابة الآخر. وقال «المرصد السوري لحقوق الإنسان» إن الأهالي طالبوا «هيئة تحرير الشام» التي تقود إدارة العمليات العسكرية، «بوضع حد للاعتداءات والانتهاكات التي تُسهم في زعزعة الاستقرار وضرب السلم الأهلي الذي تعيشه المنطقة».

وأشار «المرصد» إلى أن ملثمين مسلحين أعدموا أحد أبناء حي الغمقة الشرقية في مدينة طرطوس، وهو شقيق شخص مطلوب بقضايا جنائية، وذلك خلال تفقد القتيل شاليهاً يملكه في منطقة «شاليهات الأحلام».

وتشهد مناطق تركز العلويين في محافظات حمص وطرطوس واللاذقية انفلاتاً أمنياً بسبب انتشار السلاح، وتحصّن مطلوبين من عناصر النظام السابق في أحياء وقرى، مما يثير مخاوف من تأجيج نزاع مناطقي.

يُشار إلى أن «إدارة العمليات العسكرية» استكملت، الجمعة، حملة التمشيط التي بدأتها في حمص يوم الخميس، وشملت أحياء العباسية والسبيل والزهراء والمهاجرين، بحثاً عن فلول ميليشيات النظام السابق. وأفيد باعتقال عشرات الأشخاص بينهم من أُفرج عنهم بعد ساعات فقط.