«ربع شاعر» لا يقنع امرأة جميلة بالحب

قليلون يعترفون بأن الشعر ليس ميدانهم فينصرفون لميادين أخرى

محمد مهدي الجواهري  -  صدام حسين  -  نزار قباني  -  حسام الآلوسي
محمد مهدي الجواهري - صدام حسين - نزار قباني - حسام الآلوسي
TT

«ربع شاعر» لا يقنع امرأة جميلة بالحب

محمد مهدي الجواهري  -  صدام حسين  -  نزار قباني  -  حسام الآلوسي
محمد مهدي الجواهري - صدام حسين - نزار قباني - حسام الآلوسي

نشر الإعلامي الدبلوماسي السعودي تركي الدخيل، يوم الثلاثاء (28 - 5)، مقالاً في «الشرق الأوسط» بعنوان «ربع شاعر». وهذا العنوان مثيرٌ لأننا نحن معشر الشعراء نعتقد أن هذا العنوان ينطوي على شتيمة هائلة للشعراء ذوي المواهب البسيطة، أو معدومي الموهبة الشعرية، ولكنهم يُصرَّون على أنَّهم شعراء، ويواصلون مسيرتهم بهذا التخثر الشعري الذي لا تنفعه كل عمليات القسطرة النقدية، ولا فتح صدر القصيدة، أو تبديل شرايينها بشرايين من قصيدة النثر، أو الشعر المترجم.
ولكن بعد قراءة هذا المقال، وهو مقال شيِّقٌ رائقٌ، تبيَّن أنَّ «ربع شاعر» هو عنوان فيه من الطرافة والأريحية ما فيه، ذلك أنَّ الزاوية التي عالجها في هذه المقالة زاوية مختلفة، تنتصر لروح الشعر المتسللة لكل الأرواح اللائبة، وتناقش بأريحية عالية مهابة الشعر وقدسيته، والسحر الذي يكمن فيه، بحيث يلهث كثير من الناس خلفه، ولا يقبلون بلقبٍ دون لقب الشاعر، حتى لو كانوا تجاراً، أو رجال دين، أو رجال سياسة، وإلَّا ما الذي يدعو شخصاً مثل «صدام حسين»، وفي نهاية حكمه للعراق، أنْ يكون شاعراً، ويكتب نصوصاً شعرية، ويتعلم العروض، ويقرأ في الأوزان الشعرية، حتى أنَّ القصيدة التي قرأها في خطابه بعد اليوم الأول من قصف الأميركان بغداد بالصواريخ، في العشرين من مارس (آذار) 2003، والتي أذكر منها (أطلق لها السيف لا خوفٌ ولا وجلُ - أطلق لها السيف وليشهد لها زحلُ)، يُروى أنَّها لصدام حسين، إذ لم يخرج لنا أي شاعر بتبني هذه القصيدة، فأي جنون يمارسه هذا الشخص؟ وما الذي يضيفه الشعر للحكام؟ وهناك المئات من رجال الدين لم يكتفوا بالفقه والأصول والعقائد، إنما راحوا ينظمون الشعر، ويُصرَّون على كتابته، علماً بأنَّ معظم ما كتبوه هو شعرٌ باهتٌ باردٌ لا قيمة فنية فيه.
كذلك هناك أسماء مهمة في عالم الفكر والفلسفة والمعرفة ركبوا موجة الكتابة الشعرية، على جلالة قدرهم المعرفي، وأصرَّوا على أنْ يكونوا شعراء، علماً بأنَّ خزينهم من الفلسفة يفوق موهبتهم الشعرية التي تقف عند حدود الوزن الخارجي، وكيفية السيطرة عليه، ومنهم على سبيل المثال الفيلسوف العراقي الدكتور حسام الدين الآلوسي الذي التقيتُه في أحد الأيام، وأصرَّ على أن يقرأ شعراً ضمَّنه معظم أفكاره في الفلسفة والمعرفة، ولكنه شعرٌ خالٍ من الحرارة والعاطفة، إلا أنه يُصرُّ على لقب الشاعر، وقال لي - وقتذاك - إنَّه يعبِّر بالشعر عن أفكاره الفلسفية أكثر من تعبيره بالنثر، وهذه مسألة شائكة من الصعب الوقوف عندها، وتحليل دوافعها ونزعاتها.
ولدينا نماذج مختلفة من هذا النوع الذي يكتب كلاماً يظنُّ أنَّه شعر، ويطلب من الجميع تصديق ذلك، ولنا بكتَّاب الخواطر مثالٌ مهمٌ على هذا الأفق من النظر والتصور بأنهم أصبحوا شعراء، كما أنَّ مواقع التواصل الاجتماعي فتحت باب الاستسهال الشعري على مصراعيه، فانعدمت الحدود وتلاشى الرقيب القابع في الصحف والمجلات، وأصبح النشر مفتوحاً للجميع، بل إن المنشور الممول يصلك شئت أم أبيت، والجمهور يصفق باللايكات والفولو والتعليقات، وبهذا لا يمكن أنْ تقنع من لديه آلاف المتابعين الذين يعلقون له حين ينشر نصاً باهتاً بأنَّه نصٌ عظيمٌ، لا يمكن أنْ تقنعه بأنَّه غير شاعر، ومن الصعب جداً جداً أنْ يتراجع، ويعترف بنفسه من ظن أنَّه أصبح شاعراً، وهو ليس كما يظن، وهي مسألة تحتاج إلى شجاعة اعتراف، كما تحلَّى بها تركي الدخيل الذي تجاوز عقدة الشعر، وبالشعر نفسه نصحاً وحكماً إلى ما يستطيعه، واستطاعته كانت في محلها، فالأفق الذي انتقل إليه ليس أقل شأناً من الشعر، فالكتابة لا تقتصر على الشعر، إنَّما هي عوالم متعددة، لذلك تجاوزها، ونجح في الإعلام، والكتابة بشكل عام.
إنَّ مقالة الدخيل درس أخلاقي قبل أنْ تكون درساً فنياً، فهي تدعو إلى التخصص، وأن على المرء أنْ يفهم ويعرف بالضبط توجهه لينجح فيه، وأذكر أن أحد أصدقائي كان يتحدث عن أستاذه عالم اللغة والنحو العلامة الدكتور خليل بنيان، حيث كان يقول لطلابه، وهو على أبواب التقاعد نهاية التسعينات، إنَّه كان يكتب الشعر، وينشر بعضاً منه أيام الخمسينات والستينات، أيام كان شاباً، ولكنَّه قرأ مرة لـ«نزار قباني» قصيدة، وذكر الجملة أو التركيب الذي أبهره، فترك الشعر بسببها، إذ يقول حين قرأت «طعم الحريق» لنزار قباني، عرفت أني أسير باتجاه مغاير للشعر، وأني في منطقة أخرى تماماً غير الشعر، فترك الشعر من لحظتها، واتجه للدرس النحوي واللغوي، وأصبح أحد أهم اللغويين والعلماء في اختصاصهم.
ولكن الغريب في الأمر أنَّ هناك شخوصاً قليلين يعترفون بأنَّ الشعر ليس ميدانهم، فينصرفون لميادين أخرى يُجيدون اللعب فيها، والصراخ بصوتٍ عالٍ واضحٍ، وفي هذا الخصوص هناك طرائفُ كثيرة سمعتُها من شعراء كبار سُخر منهم، ولكنهم واصلوا حياتهم الشعرية، فمرة كان يتحدث لنا الشاعر عبد الرزاق عبد الواحد، قائلاً إنَّه ذهب بدعوة من السياب ليلتقي شلة شعراء الحداثة، نهاية الأربعينات، في أحد مقاهي بغداد، وكان رشيد ياسين أحد هؤلاء الشعراء الذين جمعتهم هذه الجلسة؛ يذكر عبد الرزاق أنَّ السياب قدمني لهم، وهم يتعرفون عليه لأول مرة، وقرأتُ نصاً أو نصين، ومن ثم انسحبت من المقهى وغادرت. وبعد مدة، يذكر له رشيد ياسين أنَّه قال للسياب بعد انصراف عبد الرزاق إن هذا الشخص يصلح أنْ يكون «كصاب» (صاحب محل قصابة)، ولا يمكن أنْ يكون شاعراً، يقول ذكرها لي فضحكنا. ولكن بعد سنوات دارت، استمر عبد الرزاق عبد الواحد، فيما تراجع مشروع رشيد ياسين الشعري لأسباب كثيرة، قد تكون السياسة على رأسها، حتى وصل الحال برشيد ياسين أنْ يمسك بعبد الرزاق من على جسر الأحرار، أو جسر الجمهورية، ليرميه في دجلة، لولا السياج الحديدي الذي منعه، وذلك لأنَّ رشيد ياسين استكثر على عبد الرزاق بعض الزهو الذي طفح على عبد الرزاق بعد طباعة كم ديوان، ونجاحات في مهرجانات ومؤتمرات أدبية، فقال له عبد الرزاق، بعد سخرية ياسين، إننَّي كنتُ أركض خلفكم، ولا أرى إلَّا غباركم، أنتم شعراء الريادة، فأسرعت بحصاني لعلَّي أرى ظلالكم، فرأيت بعضاً منها، ومن ثم أسرعتُ وأسرعتُ فرأيتكم، ولحقت بكم، وبدأت أركض معكم، وها أنا بعد سنوات قليلة من لحاقي بكم، التفت خلفي فلا أراكم، وفي تلك اللحظة أمسك رشيد ياسين بعبد الرزاق عبد الواحد ليرميه في دجلة لولا السياج. ويروى أنَّ أحد شعراء الدرجة العاشرة - إذا صح هذا التصنيف - وقف على رأس الجواهري في بغداد، وأنشد بين يديه قصيدة، وطلب من الجواهري أنْ يعترف به شاعراً، ولكنَّ الجواهري حاول أنْ يتخلص بكل الطرق من الاعتراف به، لكنَّه لم يستطع الفكاك منه، فقال له «عيني الشعراء ثلاثة: الأول شاعر، والثاني شاعر عظيم، والثالث شعرور، فأما الشاعر فقد أخذتُها لي، وما تبقى من الصفات تقاسم بها أنت والمتنبي»، ولهذا فالشعر لا يحتمل المناطق الرخوة، فإما أنْ تكون شاعراً حقيقياً، وتشكل إضافة للجمال والتحدي الفني، وإما أن تتنازل عن صفة الشاعر، إذ لا داعي لكتابة الشعر الباهت من الأصل، والتحول إلى مناطق أخرى من الكتابة، لأنَّ «ربع شاعر» لا تسد رمق هذه الحياة الصاخبة، ولا تقنع امرأة جميلة بالحب.

- شاعر عراقي



شكوك حول أسباب وفاة الملحن المصري محمد رحيم

الملحن المصري الراحل محمد رحيم خاض تجربة الغناء (حسابه على «فيسبوك»)
الملحن المصري الراحل محمد رحيم خاض تجربة الغناء (حسابه على «فيسبوك»)
TT

شكوك حول أسباب وفاة الملحن المصري محمد رحيم

الملحن المصري الراحل محمد رحيم خاض تجربة الغناء (حسابه على «فيسبوك»)
الملحن المصري الراحل محمد رحيم خاض تجربة الغناء (حسابه على «فيسبوك»)

أثار خبر وفاة الملحن المصري محمد رحيم، السبت، بشكل مفاجئ، عن عمر يناهز 45 عاماً الجدل وسط شكوك حول أسباب الوفاة، كما تصدر اسم رحيم «ترند» موقعي «غوغل»، و«إكس»، خلال الساعات الأخيرة.

وكان الفنان المصري تامر حسني قد أعلن عن موعد مراسم الجنازة عبر خاصية «ستوري» بصفحته الرسمية بموقع «إنستغرام»، لكنه سرعان ما أعلن تأجيل المراسم، لافتاً إلى أن طاهر رحيم، شقيق الفنان الراحل، سيعلن عن موعد الجنازة مجدداً، وكان الأخير أعلن تأجيلها «حتى إشعار آخر»، وفق ما كتب عبر حسابه بـ«فيسبوك».

وحسب مواقع إخبارية محلية، فقد تم تأجيل مراسم الجنازة عقب توقيع الكشف الطبي على جثمان الملحن الراحل، ووجود شكوك في شبهة جنائية حول وفاته، إذ تضمن تقرير طبي متداول إعلامياً ومنسوب لإحدى الإدارات الصحية بمحافظة الجيزة وجود «خدوش وخربشة»، و«كدمات» في الجثمان.

يذكر أن رحيم كان قد أعلن في شهر فبراير (شباط) الماضي عبر حسابه بموقع «فيسبوك» عن اعتزاله الفن، لكنه تراجع عن قراره ونشر مقطعاً مصوراً أكد خلاله عودته مجدداً من أجل جمهوره.

الملحن محمد رحيم والفنانة نانسي عجرم (حسابه على «فيسبوك») ‫‬

كان الراحل قد تعرض لذبحة صدرية في شهر يوليو (تموز) الماضي، دخل على أثرها إلى العناية المركزة، حسبما أعلنت زوجته مدربة الأسود المصرية أنوسة كوتة.

من جانبها، أعلنت أرملة رحيم قبل ساعات عبر صفحتها الشخصية بموقع «فيسبوك»، عن موعد الجنازة مجدداً بعد صلاة عصر اليوم (السبت)، من مسجد الشرطة بمدينة الشيخ زايد، لكنها قامت بحذف المنشور.

الشاعر والناقد الموسيقي المصري فوزي إبراهيم أكد أن «وفاة رحيم شكلت صدمةً لجمهوره ومحبيه حيث كان بصحة جيدة، وخرج من محنته المرضية الأخيرة وتعافى تماماً وذهب لأداء العمرة قبل شهر».

الملحن المصري محمد رحيم (حسابه على «فيسبوك»)

وتحدث فوزي لـ«الشرق الأوسط» عن رحيم الملحن، لافتاً إلى أن «إنتاجاته لها مذاق مختلف، وهذه السمة نادرة الوجود حيث عُرف بالتفرد والإبداع والابتكار الذاتي».

وذكر فوزي أن تعاونه مع رحيم بدأ مطلع الألفية الحالية واستمر حتى رحيله، حيث كان على موعد لتسجيل أحدث أغاني «الكينج» محمد منير من كلماته وتلحين رحيم.

ووصف فوزي، رحيم، بأنه «أحد عباقرة العصر وإحدى علامات الأغنية المصرية في الربع قرن الأخير»، لكنه كان يعاني بسبب تجاهله وعدم تقديره إعلامياً.

ويستكمل فوزي حديثه قائلاً: «إحساسه بعدم التقدير جعله يوظف طاقته بالعمل، ويبتعد عن السلبيات، حتى صار مؤخراً في المرتبة الأولى في قائمة التحصيل وحق الأداء العلني بالأرقام الرسمية من جمعية (المؤلفين والملحنين المصرية - الساسيرو)، حتى أن اسمه فاق اسم الموسيقار بليغ حمدي في التحصيل، كما جرى تكريمه بالعضوية الذهبية».

الملحن محمد رحيم والفنان محمد منير (حساب الملحن الراحل على «فيسبوك»)

وتعاون رحيم مع عدد من الفنانين، من بينهم نانسي عجرم، وعمرو دياب، ومحمد منير، وأصالة، وإليسا، ونوال الزغبي، وأنغام، وآمال ماهر، وروبي، ومحمد حماقي، وتامر حسني، وساندي، وكارول سماحة، وبهاء سلطان، وتامر عاشور، وجنات، وهيفاء وهبي، وغيرهم.

ومن بين الألحان التي قدمها محمد رحيم منذ بدايته قبل 26 عاماً أغنيات «وغلاوتك» لعمرو دياب، و«أنا لو قلت» لمحمد فؤاد، و«الليالي» لنوال الزغبي، و«يصعب علي» لحميد الشاعري، و«ياللي بتغيب» لمحمد محيي، و«أحلف بالله» لهيثم شاكر، و«جت تصالحني» لمصطفى قمر، و«مشتاق» لإيهاب توفيق»، و«أنا في الغرام» لشيرين، و«بنت بلادي» لفارس، و«ليه بيداري كده» لروبي، و«في حاجات» لنانسي عجرم.