غارات على شمال حماة... والكرملين يدافع عن قصف «الإرهابيين»

معارك عنيفة جنوب إدلب وشرق اللاذقية

عناصر من «الدفاع المدني» يسعفون شخصاً بعد غارة على معرة النعمان في إدلب أمس (أ.ف.ب)
عناصر من «الدفاع المدني» يسعفون شخصاً بعد غارة على معرة النعمان في إدلب أمس (أ.ف.ب)
TT

غارات على شمال حماة... والكرملين يدافع عن قصف «الإرهابيين»

عناصر من «الدفاع المدني» يسعفون شخصاً بعد غارة على معرة النعمان في إدلب أمس (أ.ف.ب)
عناصر من «الدفاع المدني» يسعفون شخصاً بعد غارة على معرة النعمان في إدلب أمس (أ.ف.ب)

أكد الكرملين، أمس (الاثنين)، أن الجيش الروسي لا يستهدف إلا «إرهابيين» في محافظة إدلب، في شمال غربي سوريا، فيما اتهم الرئيس الأميركي دونالد ترمب، روسيا وحليفتها دمشق بقتل «العديد من المدنيين الأبرياء» في تلك المنطقة. واستمر القصف على مناطق في ريف إدلب مع معارك شرق اللاذقية وجنوب إدلب.
وقال الناطق باسم الكرملين ديمتري بيسكوف، للصحافيين إن «القصف الذي يقوم به الإرهابيون من إدلب غير مقبول، ويجري اتخاذ إجراءات لإسكات مواقع المدفعية هذه».
وأضاف: «في إدلب، لا يزال هناك حشد كبير لإرهابيين ومقاتلين يستخدمون هذا الوجود لاستهداف مدنيين أو القيام بأعمال عدائية ضد منشآت عسكرية روسية».
وتأتي هذه التصريحات بعدما طلب الرئيس الأميركي دونالد ترمب من سوريا وحليفتها روسيا ليل الأحد - الاثنين عبر «تويتر» «وقف القصف الجهنمي» لإدلب.
وكتب ترمب في تغريدته قبيل مغادرته واشنطن إلى لندن: «نسمع أنّ روسيا وسوريا، وبدرجة أقلّ إيران، تشنّ قصفاً جهنّمياً على محافظة إدلب في سوريا، وتقتل من دون تمييز العديد من المدنيين الأبرياء. العالم يراقب هذه المذبحة. ما الهدف منها؟ ما الذي ستحصلون عليه منها؟ توقفوا!».
والجمعة نددت عدة منظمات غير حكومية سورية بعدم تحرك المجموعة الدولية أمام تصعيد النظام السوري وحليفته روسيا في محافظة إدلب.
من جهته، قال المرصد السوري لحقوق الإنسان إن نحو 950 شخصاً غالبيتهم من المقاتلين ونحو ثلثهم من المدنيين قُتلوا خلال شهر في المعارك في إدلب وضواحيها.
ومنذ نهاية أبريل (نيسان) تستهدف الطائرات الحربية السورية والروسية ريف إدلب الجنوبي ومناطق مجاورة له، ويترافق ذلك مع اشتباكات على الأرض بين قوات النظام من جهة والفصائل المتطرفة والمقاتلة من جهة أخرى.
وأفاد المرصد السوري، أمس (الاثنين)، بمقتل 6 مدنيين جراء القصف الجوي بينهم 4 في مدينة معرة النعمان في ريف إدلب الجنوبي.
وفاقت حصيلة القتلى المدنيين منذ نهاية أبريل جراء القصف السوري والروسي الـ300 شخص بينهم نحو 70 طفلاً، حسب المصدر ذاته.
وتسيطر هيئة تحرير الشام (جبهة النصرة سابقاً) على الجزء الأكبر من محافظة إدلب وأجزاء من محافظات حماة وحلب واللاذقية المجاورة، كما توجد في المنطقة فصائل إسلامية ومقاتلة أخرى أقل نفوذاً.
ويتواصل التصعيد في إدلب رغم دعوات متكررة من الأمم المتحدة ودول أخرى على رأسها الولايات المتحدة لوقف إطلاق النار.
ودفع التصعيد أيضاً خلال شهر بـ270 ألف شخص للنزوح إلى مناطق أكثر أمناً غالبيتها بالقرب من الحدود التركية، وفق الأمم المتحدة. كما طال القصف 23 منشأة طبية.
ولجأ الجزء الأكبر من النازحين إلى حقول الزيتون في شمال إدلب، كون مخيمات النازحين المنتشرة هناك مكتظة أساساً بعشرات الآلاف الذين فروا من المعارك خلال السنوات الماضية.
وتخضع المنطقة المستهدفة لاتفاق روسي - تركي ينص على إقامة منطقة منزوعة السلاح تفصل بين قوات النظام والفصائل الجهادية والمقاتلة، لم يتم استكمال تنفيذه.
وفضلاً عن القصف المستمر، تسعى قوات النظام للتقدم على الأرض.
من جهتها، أفادت شبكة «الدرر الشامية» المعارضة، بأن «هيئة تحرير الشام وفصائل الثوار صدتا محاولة تقدمٍ لقوات الأسد والميليشيات الموالية لروسيا على بلدة القصابية بريف إدلب الجنوبي».
وقالت مصادر ميدانية لـ«شبكة الدرر الشامية» إن اشتباكات عنيفة اندلعت بين مقاتلي «هيئة تحرير الشام» من جهة، وقوات النظام من جهة أخرى، بعد محاولة الأخيرة التقدم على «مواقع الثوار» في بلدة القصابية جنوب إدلب.
وأكدت المصادر أن «تحرير الشام» نجحت في صدّ الهجوم الذي نفّذه النظام المدعوم بغطاء ناري مكثف وتمكنت من قتل نحو 13 عنصراً وجرح عدد من قواته المهاجمة.
وأشارت المصادر إلى أن النظام بدأ معركته «عبر قصف تمهيدي مكثف بعشرات الغارات الجوية والبراميل المتفجرة، إضافة لعشرات القذائف والصواريخ على منطقة القصابية شمال حماة والقرى القريبة منها جنوب إدلب». ونفت المصادر سيطرة الأخيرة على البلدة الواقعة شمال كفرنبودة.



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.