دعا الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي إلى تعزيز جهود مواجهة التطرف عبر خطاب ديني وفكري مستنير، مشدداً في كلمته خلال احتفال مصر بليلة القدر أمس على مسؤولية بعض الممارسات التي يقدم عليها مسلمون في إظهار الدين بشكل «غير طيب أو ضعيف». واعتبر السيسي أن «من يؤثر في الدين وصورته لدى الغير بشكل طيب أو غير طيب هو أهله، وأن كل دين بطبيعته قوي، والذي يضعفه هم أهل هذا الدين وممارساتهم الفعلية».
واتفق الرئيس المصري وشيخ الأزهر أحمد الطيب في كلمتيهما ضمن مراسم الاحتفال الذي حضره وزراء ومسؤولون بالدولة وعلماء دين على خطورة ظاهرة «الإسلاموفوبيا» وتداعياتها السلبية، فيما تباينا إزاء مسببات شيوعها وتفشيها، وفيما رأى الطيب أن تمويلاً ضخماً لدعم الاستعمار الحديث وسياساته وراء رواج هذه الفكرة، عزا السيسي معظم ذلك الشيوع إلى «بعض الممارسات التي يقوم بها مسلمون، وتؤدي إلى إظهار الدين بشكل غير طيب أو ضعيف».
كما طالب السيسي علماء الدين بـ«ضرورة الاستفادة مما يحويه تراثنا، وإعمال الفكر والعقل النقدي عند تناولنا لأي مسألة، ما دام أن ذلك بعيد عن الثوابت».
ويركز السيسي منذ وصوله إلى سدة الحكم في عام 2014 على قضية «تجديد الخطاب الديني»، وكثيراً ما تتضمن خطاباته الرسمية ومداخلاته في المناسبات العامة حضاً لعلماء الدين على تفعيل تلك المساعي، وقال في عام 2017 إن مسألة تجديد الخطاب الديني «قضية حياة أو موت لهذا الشعب (المصري) وهذه الأمة (الإسلامية)». وأشار السيسي إلى ضرورة أن نتحلى في خطابنا عن الغير بعدم الإساءة، لافتاً إلى أنه كان حريصاً منذ توليه موقعه على «ألا يقول لفظاً خادشاً أو مسيئاً لأحد، سواء كان عدواً أو حبيباً، حتى في أحلك الأوقات وأصعبها».
وعلّق الرئيس السيسي على ما أشار إليه وزير الأوقاف في كلمته من تفسير للآية القرآنية «ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعاً» بأن «الفهم الصحيح للآية أن المطلوب ليس فقط الحفاظ على حياة الإنسان، وإنما يتسع المعنى ليشمل كل ما يحافظ على سلامة الإنسان ومصلحته».
وأعرب السيسي عن أسفه من وجود بعض أصحاب الفكر المتشدد والمغلوط للدين ممن يجعلون المسلمين غير آمنين في بلادهم، وقال: «نحن نتعرض للقتل ليس فقط منذ خمس سنوات، ولكن منذ سنوات طويلة، بأيدي أناس منا، وننفق على تأميننا مبالغ هائلة نتيجة هذا الفكر المغلوط للدين».
وأكد أن فهمه للدين الإسلامي الصحيح هو ما يدفعه إلى الحرص على تقديم التهنئة لأشقائنا المسيحيين، أو السماح لهم ببناء كنيسة، وقال: «إذا كان هناك من يجد غضاضة عندما يرى كنيسة أمامه، فعليه أن يفتش في كمال إيمانه أولاً، وعليه أن يهتم بنفسه وبحاله عسى أن ينجو بنفسه يوم القيامة، وعليه أن يكون أميناً على دينه، وليس على دين الآخرين».
وفي نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، تعهد السيسي بضمان «حرية العبادة والمعتقد» في البلاد، وكان ذلك بعد أيام من هجوم دامٍ تبناه تنظيم «داعش» أسفر عن مقتل 7 مواطنين أقباط كانوا عائدين من زيارة لأحد الأديرة بمحافظة المنيا (200 كيلومتر جنوب القاهرة)، وقال حينها: «(...) من حق المواطن أن يعبد كما يشاء، أو ألا يعبد، هذا موضوع لا نتدخل فيه». وأبدى السيسي، أمس، تقديراً لـ«جهود علماء الأزهر الشريف، ووزارة الأوقاف، منارات العلم الوسطي القائمين على تصحيح المفاهيم الخاطئة، والتصدي للغلو والتطرف الفكري».
وخاطب الرئيس مواطنيه: «إن هدفنا الأساسي هو الحفاظ على جوهر الدين، وتوعية النشء والشباب لإدراك مخاطر الفكر المتطرف من جهة، وحجم التحديات والمخاطر من جهة أخرى».
بدوره، قال شيخ الأزهر إن «التخويف من الإسلام ما كان له أن يتجذر في ثقافة السياسيين والإعلاميين الغربيين، ثم في وعي جماهير الغرب، لولا التمويل الضخم المخصص لدعمِ الاستعمار الحديث وسياسته في الهيمنة والتوحش والانقضاض».
وأشاد الطيب بكلمة السيسي أمام في مؤتمر القمة الإسلامية بمكة المكرمة، ووجه كلمته للرئيس: «لقد لمستم فيه بحكمة جرح الأُمَة النازف بسبب ما اُبتليت به من جماعات العُنف والإرهاب في الشرق، وبسبب الإسلاموفوبيا وأكاذيبها في الغرب، وطالبتم كل المؤسسات المعنية بالتصدِي لوباء الإرهاب، كما طالبتم بوقف خطاب الإسلاموفوبيا وكراهية العرب والمسلمين، الذي لم يعد مقبولاً، لا إنسانياً ولا حضارياً».
السيسي يدعو لتعزيز جهود مواجهة التطرف بالفكر المستنير
السيسي يدعو لتعزيز جهود مواجهة التطرف بالفكر المستنير
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة