هجوم بقنبلة يدوية على مقر «الشيوعي العراقي» في البصرة

المجلس السياسي في المحافظة يدين الحادث

TT

هجوم بقنبلة يدوية على مقر «الشيوعي العراقي» في البصرة

شن مجهولون، فجر أمس، هجوماً بقنبلة يدوية على مقر الحزب الشيوعي العراقي في حي الجزائر، بالقرب من مبنى مجلس محافظة البصرة الجنوبية الغنية بالنفط. يأتي الحادث بعد فترة هدوء نسبي شهدتها المحافظة عقب موجة احتجاجات كبيرة انطلقت الصيف الماضي.
يأتي ذلك فيما يتوقع ناشطون ومراقبون للأوضاع البصرية تجدد الاحتجاجات المطلبية في أشهر الصيف المقبلة، مع الارتفاع التدريجي في درجات الحرارة، وعدم معالجة الحكومة الاتحادية والسلطات المحلية لملف الخدمات وتراجعها المستمر.
وذكرت المنظمة المحلية لـ«الشيوعي العراقي» في البصرة، في بيان أمس، أنها تعرضت «في تمام الساعة الثانية والربع (صباح أمس) لاعتداء آثم جبان بإلقاء عبوة متفجرة داخل المبنى».
ولحقت بالمبنى أضرار مادية، ولم تسجل أي إصابات بشرية، واعتبر بيان منظمة «الشيوعي»، أن «العمل الجبان يؤكد همجية من قام بالاعتداء، معبراً عن وحشية وضيق أفق سياسي وفكري ومعادٍ للقوى الوطنية والديمقراطية». وحمّل البيان الأجهزة الأمنية مسؤولية حماية مقرات الأحزاب السياسية في المحافظة، وإلقاء القبض على الجناة، وتقديمهم إلى المحاكم.
إلى ذلك، يرى عضو اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي في البصرة، ثامر الحسيني، أن «الاعتداء يأتي في سياق استهداف مواقف الحزب الرافضة للفساد والتدخلات الخارجية واستقلالية القرار العراقي». ويضيف الحسيني، في حديث لـ«الشرق الأوسط»، أن «الحادث يستهدف أيضاً، إشاعة الفوضى وتخريب العلاقات الإيجابية بين الأحزاب الدينية والعلمانية في البصرة، وهذا ما أكده المجلس السياسي البصري»، مستبعداً الأنباء التي تتحدث عن احتمال ضلوع ناشطين من حزب «الفضيلة» الإسلامي في الحادث، على خلفية الخلاف الذي نشب بين الجانبين، الشهر الماضي، وقيامهم بحرق بعض مقرات «الحزب الشيوعي» في محافظة ذي قار المجاورة.
وعن توقعاته بشأن احتمال انطلاق موجة احتجاجات بصرية جديدة، في الأيام المقبلة، أكد الحسيني أن «هناك نيراناً كثيرة تحت رماد الصمت الحالي. احتمالات اندلاع المظاهرات واردة بنسبة كبيرة جداً، نظراً لبقاء حالة التدهور في البنى التحتية والفساد والبطالة بين صفوف الشباب».
ووجه الحسيني انتقادات لاذعة لمحافظ البصرة الحالي، أسعد العيداني، واعتبر أنه «يعمل لمصالحه الخاصة، ولا يعمل للبصرة، وهو لا يحترم مجلس البصرة، ويتخذ قراراته على هواه، لذلك نجده متمسكاً بالمنصب، وعدم التحاقه بالبرلمان الذي يشغل مقعداً فيه؛ الاستثمارات والأموال هائلة في البصرة، ويبدو أنه لا يريد ترك كل ذلك».
وأثار الاعتداء على مقر «الحزب الشيوعي» استياء واستنكار الأوساط السياسية والشعبية، نظراً للطبيعة «المسالمة» للقوى اليسارية في البصرة، وعدم لجوئها للعنف، أو امتلاكها فصائل مسلحة. واستنكر المجلس السياسي، الذي تنضوي غالبية القوى السياسية البصرية في عضويته، وضمنهم «الشيوعي العراقي»، الحادث، معتبراً، في بيان، أنه «يريد إعادتنا إلى مسلسل الحرق والتخريب في البصرة»، في إشارة إلى عمليات الحرق التي طالت مقرات الأحزاب السياسية وفصائل «الحشد الشعبي» ومبنى القنصلية الإيرانية في سبتمبر (أيلول) 2018.
كذلك، استنكرت تنسيقية «التيار الديمقراطي» في البصرة ما وصفته بـ«الاعتداء الآثم الجبان الذي تعرض له مقر الحزب الشيوعي»، واعتبرت في بيان أن الاعتداء بمثابة «رفسة محتضر يخشى بزوغ فجر الحقيقة الذي سوف يكشف دناءة هؤلاء المتخلفين الفاسدين السائرين بعمى البصيرة والعقل خلف سراب الوعود الكاذبة القادمة من وراء حدود الوطن».
واتهمت «تنسيقية الديمقراطي» من سمتهم بـ«شرذمة من الفاسدين المارقين والخارجين على السلم الاجتماعي والقانون» بالوقوف وراء حادث الاعتداء.
من جهة أخرى، نظم عدد من طلبة جامعة البصرة، أمس، وقفة أمام مبنى الرئاسة بشارع الكورنيش، احتجاجاً على قرار فصل طالبتين. وقال عدد من الطلبة المحتجين لوسائل إعلام محلية إن «قرار الفصل صدر من قبل عمادة كلية التربية للعلوم الصرفة، بسبب إدخال هواتف جوالة للقاعة الامتحانية، واعتبروه بموجب التعليمات الامتحانية غشاً أثناء أداء الامتحانات النهائية».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».