مصر تدخل موسوعة {غينيس} بأطول مائدة إفطار في العالم

بطول تجاوز 3 آلاف متر وحضور 7 آلاف شخص

أطول مائدة إفطار بالعالم في العاصمة المصرية الجديدة
أطول مائدة إفطار بالعالم في العاصمة المصرية الجديدة
TT

مصر تدخل موسوعة {غينيس} بأطول مائدة إفطار في العالم

أطول مائدة إفطار بالعالم في العاصمة المصرية الجديدة
أطول مائدة إفطار بالعالم في العاصمة المصرية الجديدة

سجلت مصر رقماً قياسياً جديداً في موسوعة «غينيس» للأرقام القياسية، واستطاعت شركة العاصمة الإدارية الجديدة تسجيل أطول مائدة إفطار في رمضان، والبالغ طولها 3189.83 متر، وحضرها نحو 7 آلاف شخص، محطمة الرقم القياسي الذي حصلت عليه إمارة عجمان في الإمارات العربية المتحدة في يونيو (حزيران) 2018 بمائدة طولها 2983 متراً، اتسعت لـ6 آلاف شخص.
وأعلن أحمد مقلد الرئيس التنفيذي والعضو المنتدب للشريك الرسمي لموسوعة غينيس في مصر، في تصريحات صحافية أمس الأحد، أنه «تم تسجيل مائدة العاصمة بعد استيفاء كافة الاشتراطات الخاصة بالتسجيل وتنفيذ كل القياسات والمسوحات التي تؤكد تخطى المائدة لأكبر مائدة سابقة، وتسجيلها في الموسوعة العالمية بطول 3189.83 متر».
وقال مقلد إن «المائدة حضرها أكثر من 7 آلاف شخص، في مشهد كرنفالي كبير ومهيب يوضح بجلاء قوة الشعب المصري وتآخيه»، مشيراً إلى أن «مصر ما زال لديها الكثير من الأرقام القياسية التي يمكن تسجيلها خلال الفترة المقبلة، في المشروعات القومية أو على مستوى المواطنين نظراً لما يملكه الشعب المصري من إمكانيات في التحدي والتغلب على الصعاب».
ونظمت شركة العاصمة الإدارية الجديدة حفل إفطار كبيرا، أول من أمس السبت، بجوار فندق الماسة كابيتال بالعاصمة الإدارية الجديدة، تحت عنوان: «مصر بتفطر في العاصمة»، بهدف الترويج للعاصمة المصرية الجديدة المقرر نقل المقرات الحكومية لها العام المقبل، أعقبه حفل فني، ومشاهدة المباراة النهائية في دوري أبطال أوروبا، لتشجيع النجم المصري ولاعب فريق ليفربول الإنجليزي محمد صلاح، الذي فاز فريقه بالبطولة على فريق توتنهام بهدفين مقابل لا شيء.
وكان من المفترض إعلان الرقم القياسي خلال حفل الإفطار لكن دخول المدعوين بكثافة قبيل موعد الإفطار، اضطر المنظمين لفك بعض الطاولات من المنتصف للسماح لهم من الجلوس، بدلاً من السير مسافات طويلة للوصول إلى مقاعدهم في المائدة التي كانت على شكل عدة حروف U متصلة، وهو ما دعا موسوعة الأرقام القياسية العالمية إلى إرجاء الإعلان، بداعي أنها «ما زالت تعمل على مراجعة البيانات وإجراء القياسات الرسمية للمائدة عبر تقنية الجي بي إس، والمحكم الدولي التابع للموسوعة، ومراجعة اشتراطات الموسوعة التي تتعلق بحجم الطاولة وطريقة تجميعها مع ضرورة أن تكون متصلة بطريقة معينة»، ومنحت الموسوعة وقتاً إضافياً لشركة العاصمة الإدارية لإعادة تركيب المائدة، وهو الأمر الذي بدأ بعد انتهاء مأدبة الإفطار، واستمر حتى ظهر اليوم التالي.
من جانبه أعرب العميد خالد الحسيني، المتحدث الرسمي باسم شركة العاصمة الإدارية الجديدة، عن سعادته بتسجيل مصر لرقم قياسي جديد، وقال الحسيني لـ«الشرق الأوسط» إن «القائمين على تنظيم المائدة عملوا طوال الليل للوفاء باشتراطات موسوعة غينيس للأرقام القياسية، حتى تم تسجيل المائدة ظهر اليوم التالي لمائدة الإفطار»، مشيراً إلى أن «الموسوعة كان لديها اشتراطات في أن تكون المائدة متصلة غير مفصلة بأجزاء ثابتة غير قابلة للرفع، وتم الوفاء بها جميعاً».
وعلى مدار الأسبوع الماضي عملت شركة العاصمة الإدارية بالتعاون مع شركة علاقات عامة على تجهيز المائدة بجوار فندق الماسة كابيتال، وتم تجهيز الطاولات والمسرح، وإعداد أتوبيسات لنقل ضيوف المائدة، الذين اصطحبهم القائمون على تنظيم الحدث في جولة بأهم مشروعات العاصمة الإدارية والتي تم افتتاحها أخيراً، وعلى رأسها كاتدرائية ميلاد المسيح ومسجد الفتاح العليم، واستمرت عمليات التحضير والتنظيم حتى اللحظات الأخيرة قبل أذان المغرب، وبدأ توافد المدعوين قبل موعد الإفطار بنحو ساعة حيث تم توجيههم لأماكنهم على مائدة الإفطار.وتأتي فكرة المائدة رغبة في الترويج للعاصمة الإدارية الجديدة، التي تعد واحدة من المشروعات القومية التي توليها القيادة السياسية المصرية أهمية كبرى، من هنا جاءت فكرة استغلال شهر رمضان المبارك في تنظيم أطول مائدة ودخول موسوعة غينيس للأرقام القياسية والدعاية للعاصمة.
وقال الحسيني، إن «تنظيم المائدة كان هدفه الأول هو الدعاية والترويج للعاصمة، وحتى يشعر الناس بالجهد المبذول فيها»، مشيرا إلى أنه «رغم سعادته بتحطيم مصر للرقم القياسي، فإن سعادته الأكبر كانت بكم الحضور والتنظيم، وبالتجمع الفريد على مائدة الإفطار في العاصمة، وكنّا حريصين على جمع مختلف فئات الشعب على مائدة واحدة حتى يشعروا بحجم الجهد المبذول في المشروع».
وهذا ثالث رقم قياسي تسجله مصر في الموسوعة العالمية خلال أقل من شهر حيث سجلت مؤخراً جسر تحيا مصر، بمحور روض الفرج، كأعرض جسر ملجم في العالم، إضافة إلى تسجيل مشروع «سكاي لاين» بالموسوعة بعد تحطيمه رقم أكبر مبنى سكني في العالم. كما افتتح الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في يناير (كانون الثاني) الماضي مسجد الفتاح العليم، وكاتدرائية ميلاد المسيح اللذين يعتبران «الأكبر في منطقة الشرق الأوسط».



«الجمل عبر العصور»... يجيب بلوحاته عن كل التساؤلات

جانب من المعرض (الشرق الأوسط)
جانب من المعرض (الشرق الأوسط)
TT

«الجمل عبر العصور»... يجيب بلوحاته عن كل التساؤلات

جانب من المعرض (الشرق الأوسط)
جانب من المعرض (الشرق الأوسط)

يجيب معرض «الجمل عبر العصور»، الذي تستضيفه مدينة جدة غرب السعودية، عن كل التساؤلات لفهم هذا المخلوق وعلاقته الوطيدة بقاطني الجزيرة العربية في كل مفاصل الحياة منذ القدم، وكيف شكّل ثقافتهم في الإقامة والتّرحال، بل تجاوز ذلك في القيمة، فتساوى مع الماء في الوجود والحياة.

الأمير فيصل بن عبد الله والأمير سعود بن جلوي خلال افتتاح المعرض (الشرق الأوسط)

ويخبر المعرض، الذي يُنظَّم في «مركز الملك عبد العزيز الثقافي»، عبر مائة لوحة وصورة، ونقوش اكتُشفت في جبال السعودية وعلى الصخور، عن مراحل الجمل وتآلفه مع سكان الجزيرة الذين اعتمدوا عليه في جميع أعمالهم. كما يُخبر عن قيمته الاقتصادية والسياسية والاجتماعية لدى أولئك الذين يمتلكون أعداداً كبيرة منه سابقاً وحاضراً. وهذا الامتلاك لا يقف عند حدود المفاخرة؛ بل يُلامس حدود العشق والعلاقة الوطيدة بين المالك وإبله.

الجمل كان حاضراً في كل تفاصيل حياة سكان الجزيرة (الشرق الأوسط)

وتكشف جولة داخل المعرض، الذي انطلق الثلاثاء تحت رعاية الأمير خالد الفيصل مستشار خادم الحرمين الشريفين أمير منطقة مكة المكرمة؛ وافتتحه نيابة عنه الأمير سعود بن عبد الله بن جلوي، محافظ جدة؛ بحضور الأمير فيصل بن عبد الله بن محمد بن عبد العزيز، رئيس مجلس أمناء شركة «ليان الثقافية»؛ وأمين محافظة جدة صالح التركي، عن تناغم المعروض من اللوحات والمجسّمات، وتقاطع الفنون الثلاثة: الرسم بمساراته، والتصوير الفوتوغرافي والأفلام، والمجسمات، لتصبح النُّسخة الثالثة من معرض «الجمل عبر العصور» مصدراً يُعتمد عليه لفهم تاريخ الجمل وارتباطه بالإنسان في الجزيرة العربية.

لوحة فنية متكاملة تحكي في جزئياتها عن الجمل وأهميته (الشرق الأوسط)

وفي لحظة، وأنت تتجوّل في ممرات المعرض، تعود بك عجلة الزمن إلى ما قبل ميلاد النبي عيسى عليه السلام، لتُشاهد صورة لعملة معدنية للملك الحارث الرابع؛ تاسع ملوك مملكة الأنباط في جنوب بلاد الشام، راكعاً أمام الجمل، مما يرمز إلى ارتباطه بالتجارة، وهي شهادة على الرّخاء الاقتصادي في تلك الحقبة. تُكمل جولتك فتقع عيناك على ختمِ العقيق المصنوع في العهد الساساني مع الجمل خلال القرنين الثالث والسابع.

ومن المفارقات الجميلة أن المعرض يقام بمنطقة «أبرق الرغامة» شرق مدينة جدة، التي كانت ممراً تاريخياً لطريق القوافل المتّجهة من جدة إلى مكة المكرمة. وزادت شهرة الموقع ومخزونه التاريخي بعد أن عسكر على أرضه الملك عبد العزيز - رحمه الله - مع رجاله للدخول إلى جدة في شهر جمادى الآخرة - ديسمبر (كانون الأول) من عام 1952، مما يُضيف للمعرض بُعداً تاريخياً آخر.

عملة معدنية تعود إلى عهد الملك الحارث الرابع راكعاً أمام الجمل (الشرق الأوسط)

وفي حديث لـ«الشرق الأوسط»، قال الأمير فيصل بن عبد الله، رئيس مجلس أمناء شركة «ليان الثقافية»: «للشركة رسالة تتمثّل في توصيل الثقافة والأصالة والتاريخ، التي يجهلها كثيرون، ويشكّل الجمل جزءاً من هذا التاريخ، و(ليان) لديها مشروعات أخرى تنبع جميعها من الأصالة وربط الأصل بالعصر»، لافتاً إلى أن هناك فيلماً وثائقياً يتحدّث عن أهداف الشركة.

ولم يستبعد الأمير فيصل أن يسافر المعرض إلى مدن عالمية عدّة لتوصيل الرسالة، كما لم يستبعد مشاركة مزيد من الفنانين، موضحاً أن المعرض مفتوح للمشاركات من جميع الفنانين المحليين والدوليين، مشدّداً على أن «ليان» تبني لمفهوم واسع وشامل.

نقوش تدلّ على أهمية الجمل منذ القدم (الشرق الأوسط)

وفي السياق، تحدّث محمد آل صبيح، مدير «جمعية الثقافة والفنون» في جدة، لـ«الشرق الأوسط» عن أهمية المعرض قائلاً: «له وقعٌ خاصٌ لدى السعوديين؛ لأهميته التاريخية في الرمز والتّراث»، موضحاً أن المعرض تنظّمه شركة «ليان الثقافية» بالشراكة مع «جمعية الثقافة والفنون» و«أمانة جدة»، ويحتوي أكثر من مائة عملٍ فنيّ بمقاييس عالمية، ويتنوع بمشاركة فنانين من داخل المملكة وخارجها.

وأضاف آل صبيح: «يُعلَن خلال المعرض عن نتائج (جائزة ضياء عزيز ضياء)، وهذا مما يميّزه» وتابع أن «هذه الجائزة أقيمت بمناسبة (عام الإبل)، وشارك فيها نحو 400 عمل فني، ورُشّح خلالها 38 عملاً للفوز بالجوائز، وتبلغ قيمتها مائة ألف ريالٍ؛ منها 50 ألفاً لصاحب المركز الأول».

الختم الساساني مع الجمل من القرنين الثالث والسابع (الشرق الأوسط)

وبالعودة إلى تاريخ الجمل، فهو محفور في ثقافة العرب وإرثهم، ولطالما تغنّوا به شعراً ونثراً، بل تجاوز الجمل ذلك ليكون مصدراً للحكمة والأمثال لديهم؛ ومنها: «لا ناقة لي في الأمر ولا جمل»، وهو دلالة على أن قائله لا يرغب في الدخول بموضوع لا يهمّه. كما قالت العرب: «جاءوا على بكرة أبيهم» وهو مثل يضربه العرب للدلالة على مجيء القوم مجتمعين؛ لأن البِكرة، كما يُقال، معناها الفتيّة من إناث الإبل. كذلك: «ما هكذا تُورَد الإبل» ويُضرب هذا المثل لمن يُقوم بمهمة دون حذق أو إتقان.

زائرة تتأمل لوحات تحكي تاريخ الجمل (الشرق الأوسط)

وذُكرت الإبل والجمال في «القرآن الكريم» أكثر من مرة لتوضيح أهميتها وقيمتها، كما في قوله: «أَفَلا يَنْظُرُونَ إِلَى الإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ» (سورة الغاشية - 17). وكذلك: «وَلَكُمْ فِيهَا جَمَالٌ حِينَ تُرِيحُونَ وَحِينَ تَسْرَحُونَ» (سورة النحل - 6)... وجميع الآيات تُدلّل على عظمة الخالق، وكيف لهذا المخلوق القدرة على توفير جميع احتياجات الإنسان من طعام وماء، والتنقل لمسافات طويلة، وتحت أصعب الظروف.