أشكال عصرية لـ«الدورق» بتقنية مستوحاة من الفن الإسلامي

فنان متخصص في الخزف قدمها باستخدام «الطين الأسواني»

أطقم من الدورق والأكواب من الطين المصري لتلبية احتياج الانسان إلى الجذور  -  د. ضياء الدين داوود
أطقم من الدورق والأكواب من الطين المصري لتلبية احتياج الانسان إلى الجذور - د. ضياء الدين داوود
TT

أشكال عصرية لـ«الدورق» بتقنية مستوحاة من الفن الإسلامي

أطقم من الدورق والأكواب من الطين المصري لتلبية احتياج الانسان إلى الجذور  -  د. ضياء الدين داوود
أطقم من الدورق والأكواب من الطين المصري لتلبية احتياج الانسان إلى الجذور - د. ضياء الدين داوود

في مشهد كان يتكرر دوماً في البيوت المصرية، لا سيما في الأحياء القديمة والشعبية، كان للدورق حضور خاص في الأعياد والمناسبات، كما كان وثيق الارتباط بالفرحة، مثل الزواج والميلاد والنجاح، وغيرها من المناسبات التي يستخدم فيها كإناء أو حاوية كبيرة لمجاملة الحاضرين، سواء كان يحوي الماء أو العصير أو الشربات، فيما كانت تظهر بجانبه الحاوية الأصغر حجماً، بأسمائها المختلفة: الكوب أو القدح أو الكأس، كما كانت تظهر الصينية لتحتوي الجميع، ولتستكمل الشكل العام لطقوس تقديم الشراب.
وفي عودة للطبيعة، ومحاولة استعادة هذه الأجواء، قام الدكتور ضياء الدين داود، رئيس قسم الخزف بكلية الفنون التطبيقية جامعة حلوان، بتقديم أشكال يدوية عصرية لأطقم مائدة خزفية تتكون من الدورق، ومجموعة أكواب، استخدم فيها واحدة من أهم تقنيات الفن الإسلامي، وهي تقنية «البريق المعدني»، بصياغة عصرية.
يقول داود لـ«الشرق الأوسط»: «صنعتها يدوياً من خامة أثيرة للإنسان، وهي خامة الطين التي ستظل دائماً قريبة إلى قلوبنا، تحمل الحنين للطبيعة في مجملها، والبساطة في شكلها، والراحة في تناولها، والمتعة في تذوق محتواها».
ويتابع: «إن تضافر العمل اليدوي مع خامة مأخوذة من الطبيعة إنما يعمق إحساس الإنسان الذي يقتني هذا العمل بالحميمية والدفء، وكأنه يعادل به طغيان الحياة المادية، وبرودة المنتجات المعتمدة على مواد صناعية وأساليب آلية».
أما عن سبب احتفائه بالدورق، أو «الشفشق» كما يطلق عليه كثير من المصريين، من بين أدوات المائدة الأخرى، فيقول د. ضياء الدين: «لأن جذور الدورق - وأكوابه - لا ترتبط بالمجتمع المصري وحده، حيث يُعد تطوراً لمحاولات الإنسان الوصول إلى وسيلة مناسبة لشرب المياه في بداية التاريخ، حين كان الإنسان البدائي يستخدم راحتي يديه للشرب من النهر، ثم استخدم جزءاً مقعراً من الخشب لاحتواء المياه، ثم بعد ذلك بدأ يستخدم الطين دون حرقه، ومن ثم توصل إلى حرق الطين لضمان صلابته وتحمله، وصنع منها وعاء لشرب المياه التي اختلف شكلها بين الحضارات المختلفة، فبينما كانت في عهد المصري القديم كوباً طويلاً يشبه الكأس المستخدم الآن، كانت في الحضارة الفرعونية واسعة عميقة لها يدان كبيرتان».
وإذا كانت الطواجن أو فخار الفرن تمنح دوماً الطعام الذي يتم طهيه بداخلها مذاقاً أشهى بسبب صناعتها من مادة طبيعية، فإن الاعتماد على الخزف والخشب والزجاج في تصنيع الدورق والأكواب يحفظ للمياه درجة حرارتها، بالبرودة أو السخونة على السواء، كما أنه لا يضيف إليها أي طعم غير مرغوب فيه، على العكس من اللدائن الصناعية التي تفقده درجة حرارته بسرعة، إضافة إلى خطورة استخدامها، حيت يتم استخدام أنواع رديئة من البلاستيك، على سبيل المثال، فتكون مادة تحمل له «سماً قاتلاً»، كما أن استخدام المواد الطبيعية في منتجات لها استخدامات يومية، على حد تعبير الدكتور داود: «إنما يلبي احتياج الإنسان إلى الحنين للطبيعة، والانفصال للحظات عن ضجيج الحياة التكنولوجية من جهة، ومن جهة أخرى يساعد على نشر ثقافة اقتناء العمل اليدوي، ومن ثم الاستمتاع بالجمال والأصالة».
ويستخدم داوود خامة محلية، هي الطين الأسواني، وتمر أعماله بعدة مراحل، تبدأ بتشكيل الطين يدوياً، وعلى عجلة الخزاف «العجلة الدوارة»، أو عن طريق استخدام الصب في القوالب الجبسية، ثم يجف ويدخل الفرن ويتم تلوينه، وصولاً إلى الصورة النهائية، حيث تتم معالجته بالطلاء الزجاجي، أي مادة عازلة، تجعل سطحه أملس ناعماً، وتحفظه من أي ملوثات أو بكتريا.
وتتميز الأعمال بالبساطة الشديدة، رغم ارتباطها الوثيق بالتراث، وهي معادلة صعبة نجح د. ضياء الدين داود في تحقيقها، عبر اعتماد الأشكال الهندسية الأولية، مثل الشكل الأسطواني والمخروطي، أساساً لتصاميمه. وعن ذلك يقول: «بعد تصميم الشكل أو الخط الخارجي، يوجد تصميم آخر يرتبط بالزخارف وبالمعالجة اللونية، فأحاول تحقيق التجانس والتناسق بين الشكل أو الفورم والمعالجة اللونية، بحيث لا نحصل على قطع فنية مزدحمة بالتفاصيل».
ومن التراث والحضارة العربية يستلهم الفنان تصاميمه، ومن هنا تكتمل المعادلة، حيث يقول: «المرجعية التاريخية حاضرة دوماً في عملي، سواء من ناحية الشكل أو التقنية، فمن الممكن أن استخدم تقنية قديمة بشكل معاصر، مع اختلاف الصياغة».
وفي السياق ذاته، يأخذ د. ضياء عن الفن الإسلامي واحدة من أهم تقنياته، وهي «البريق المعدني»، التي تقوم على فكرة فلسفية، وهي محاولة الوصول إلى شيء نفيس من خلال شيء رخيص، وكان ذلك نوعاً من التحايل من جانب الفنان المسلم أمام تحريم صنع أواني الطهي من الذهب الخالص، بأن يستخدم ألواناً ثرية براقة لإبهار العين، كما لو أنها ذهباً أو فضة.
إلى ذلك، يتمتع السطح في بعض أشكال الدورق والأكواب التي يقدمها د. ضياء بتأثيرات لونية مختلفة، تمنحها الإحساس بالقدم وعبق التاريخ فينتج «Vintage»، كما تجده في أعمال أخرى يحقق تناغماً بين الألوان المعتمة والبرّاقة، في بالتة ألوان غنية، ويحقق براعة فائقة في اختياره درجات الأسود غير المعتاد اختيارها في تصميم الأكواب والدورق، لا سيما عند تجانسها في العمل الواحد مع ألوان أخرى، مثل الأزرق والأخضر والأصفر.



مهرجان الرياض للمسرح ‬⁩يطلق دورته الثانية بـ20 عرضاً وتكريم السباعي

نجل أحمد السباعي يتلقى التكريم من المهرجان (واس)
نجل أحمد السباعي يتلقى التكريم من المهرجان (واس)
TT

مهرجان الرياض للمسرح ‬⁩يطلق دورته الثانية بـ20 عرضاً وتكريم السباعي

نجل أحمد السباعي يتلقى التكريم من المهرجان (واس)
نجل أحمد السباعي يتلقى التكريم من المهرجان (واس)

انطلق، الأحد، مهرجان الرياض للمسرح بدورته الثانية، ويستمر لاثني عشر يوماً من العروض المسرحية المتنوعة، ومنصة محورية لدعم المسرحيين السعوديين، واكتشاف وتطوير المواهب الناشئة، والاحتفاء بالأعمال المميزة.

وشهد حفل افتتاح الدورة الثانية من المهرجان تكريم شخصية هذا العام؛ وهو الأديب والصحافي والمؤرخ الراحل أحمد السباعي، الذي اشتُهر بلقب «أبو المسرح السعودي»، وجَرَت تسميته شخصية العام في المهرجان؛ تقديراً لإسهاماته في إدخال المسرح السعودية وتطوير الفنون في المملكة.

وقُدِّم على خشبة مسرح مركز المؤتمرات بجامعة الأميرة نورة بنت عبد الرحمن بمدينة الرياض حيث يقام المهرجان، عرضٌ مسرحي يحكي انطلاقة المسرح في المملكة على يد الرائد أحمد السباعي، مطلع الستينات الميلادية من القرن العشرين.

والسباعي، المولود عام 1905، عمل، مطلع مشواره العملي، في قطاع التعليم، وشرع خلالها في الكتابة بصحيفة «صوت الحجاز»، التي تولّى رئاسة تحريرها لاحقاً، وأسس صحيفة «الندوة»، ثم مجلة «قريش» الأدبية.

ويسجَّل للسباعي أنه كان من أوائل الدائبين على إنشاء المسرح السعودي في بواكيره، وذلك في مطلع الستينات، واستقطب مدربين ذوي دراية وخبرة، للتمثيل من مصر، وجهز عرض الافتتاح، لكن محاولته لم تكلَّل بالنجاح وقتها، وتُوفي عام 1984. ‏

من حفل افتتاح المهرجان في دورته الثانية بالرياض (واس)

تطلعات طموحة للإبداع

تمثل الدورة الثانية للمهرجان امتداداً للنجاح الذي حققته الدورة الأولى، مع تطلعات طموحة لتقديم مزيد من الإبداع والتميز في السنوات المقبلة. يشارك، في نسخة هذا العام، 20 عرضاً سعودياً مع برنامج يشمل 3 ندوات، و6 ورش عمل، و20 قراءة نقدية، وتتوزع العروض المشارِكة على مسارين؛ أحدهما للمسرح المعاصر ويضم 11 عرضاً، والآخر للمسرح الاجتماعي ويضم 9 عروض.

وقال سلطان البازعي، الرئيس التنفيذي للهيئة، إن مهرجان الرياض للمسرح في دورته الثانية يمثل إنجازاً جديداً لمسيرة المسرح السعودي، وانطلاقة نحو آفاق مسرحية مشرقة. وأضاف: «يجسد المهرجان قيمنا المشتركة، ونهدف إلى أن يكون المسرح السعودي مسرحاً يعكس هويتنا وثقافتنا، في ظل دعم القيادة الرشيدة، ونسعى إلى تحقيق مزيد من النجاحات». وأفاد البازعي بأن المهرجان سيشهد مشاركة 20 عملاً مسرحياً في مسارين مختلفين، إضافة إلى 3 ندوات حوارية، و3 ورش عمل، و20 قراءة نقدية، خلال 10 أيام من الإبداع المسرحي في تجربة ثرية واستثنائية. من جهته، أشار الدكتور راشد الشمراني، مدير المهرجان، إلى أن مهرجان الرياض للمسرح يمثل خطوة نوعية لتعزيز مكانة المسرح في المشهد الثقافي السعودي، موضحاً أن المهرجان يهدف إلى اكتشاف الطاقات الإبداعية ودعمها، إلى جانب تطوير المحتوى المسرحي وتوسيع قاعدة الجمهور، بما يُعزز دور المسرح بوصفه منصة للحوار والتواصل الإنساني، ويسهم في بناء مجتمع واعٍ بفنون الأداء والمسرح. وخلال الحفل، جرى تكريم لجنة الفرز والمشاهدة في المهرجان التي كان لها دور بارز في الدورة الحالية، وضمت نخبة من الأسماء وهم: حمد الرميحي، وعبد الناصر الزاير، وعبد الله ملك، والدكتور عزيز خيون، والدكتور خالد أمين. ويشهد المهرجان عرض مسرحيات الفرق المتأهلة في مسابقة المهرجان، والقادمة من 8 مدن، بالإضافة إلى مجموعة من الفعاليات الثقافية؛ منها ندوات وقراءات نقدية وورشة عمل، كما سيقدم المهرجان عروضاً يومية متنوعة وثقافية تعكس التنوع والإبداع.