سقوط هدنة في مدينة التل بريف دمشق والنظام يحاصر مليون نازح فيها

تذرع بحادث أمني مدبر ومنع إدخال المواد الغذائية ومخاوف من تدهور الوضع الإنساني

سقوط هدنة في مدينة التل بريف دمشق والنظام يحاصر مليون نازح فيها
TT

سقوط هدنة في مدينة التل بريف دمشق والنظام يحاصر مليون نازح فيها

سقوط هدنة في مدينة التل بريف دمشق والنظام يحاصر مليون نازح فيها

فرضت القوات النظامية السورية، أمس، حصارا جديدا على مدينة التل الواقعة في الريف الشمالي للعاصمة دمشق، إثر فشل هدنة مع الجيش السوري الحر، ما يهدد الوضع الإنساني لنحو مليون نازح لجأوا إليها من بلدات ريف دمشق والقلمون، بحسب ما أكدت مصادر المعارضة لـ«الشرق الأوسط». وذكرت أن النظام «جدد إحكام إغلاقه التام للمدينة، ومنع أبناءها من الدخول والخروج منها، وسدّ جميع المنافذ والطرقات أمام كل المواد الغذائية والتموينية الداخلة إليها».
وأكدت المصادر أن قوات النظام أنهت، أمس، هدنة اتفق عليها النظام والمعارضة في التل، بعدما كان وجهاء من الأهالي وقادة في الجيش الحر توصلوا لاتفاق يقضي بأن تبقى مدينة التل مكانا آمنا للنازحين، مقابل أن يتعهد الجيش الحر بالحفاظ على سلامة المؤسسات والممتلكات العامة، ويمنع أي مظاهر مسلحة داخل المدينة. وتوصل الاتفاق في حينها إلى خروج بعض الفصائل الإسلامية المقاتلة، ومنها جبهة النصرة، كونها لا ترغب في أي تسوية لأوضاع عناصرها في المستقبل.
ولجأت أعداد كبيرة من النازحين من بلدات ريف دمشق وغوطتيها الشرقية والغربية إلى التل، هربا من الاشتباكات الدائرة، فيما استقبلت المدينة الهاربين من معارك القلمون بريف دمشق الشمالي، العام الماضي. وحيدت المدينة عن الصراع، بحكم الاتفاق الذي توصل إليه الطرفان في الربيع الماضي.
وذكر مصدر معارض لـ«الشرق الأوسط» أن توترا وقع في التل إثر افتعال قوات النظام حادثة أمنية، بقتلها شابا أثناء مروره على حاجز «الضاحية»، ما ضاعف الشحن والغضب بين السكان من جهة، وعناصر النظام من جهة أخرى، ما دفع قوات النظام إلى قصف بعض المواقع على أطراف التل وإغلاق جميع المداخل والمخارج الواصلة إلى المدينة، باستثناء حاجز «القوس» المسيطر عليه من قبل قوات المخابرات الجوية التي بقيت المتحكمة الوحيدة بحركة الدخول والخروج من وإلى المدينة. وأوضح أن قوات النظام «لم تسمح بخروج ودخول السكان، باستثناء الموظفين الموصى بهم من قبله، ما اضطر بعض وجهاء المدينة للتدخل والوساطة لدى مسؤولين أمنيين للسماح للطلاب بالخروج والدخول وفق حركة مقننة عبر ذلك الحاجز فقط».
وأشار المصدر أن جميع الحواجز أقفلت تماما أمام المواطنين من غير سكان التل، فيما «يستمر عناصرها بالتعرض للمارة بمعاملة غير أخلاقية ونعتهم للناس بكلمات بذيئة ونابية».
ويهدد حصار التل بتفاقم الوضع الإنساني في المدينة، نظرا لأعداد السكان الضخمة فيها، وحدوث كارثة إنسانية نتيجة الضغط السكاني داخلها.
وبدأت إجراءات التضييق بتقنين دخول المواد الغذائية، إذ أكدت المصادر أن حواجز النظام «سمحت الأربعاء (أمس) بإدخال شاحنتي خضار فقط، بينما منعت دخول جميع المواد الغذائية حتى تلك التي حملها الأهالي الذين سمح لهم بالدخول والخروج في وقت سابق».
وتأتي سياسة النظام بحصار مدينة التل استكمالا لاستراتيجية إخضاع مدن وبلدات دمشق وريفها، كل منها على حدة، وذلك بغية تأمين حزام آمن يحيط بالعاصمة، ويمنع تقدم قوات المعارضة نحوها.
ويهدف النظام من حصاره الجديد لمدينة التل إلى دفع الأهالي والسكان المحليين إلى الضغط على فصائل المعارضة المسلحة وإرغامها على القبول بشروط اتفاقية جديدة قد تفرض خروج جميع المسلحين من المدينة أو القبول بتسوية أوضاعهم والتمهيد لتحويل العناصر فيها إلى لجان حماية ذاتية أو ما يعرف بجيش الدفاع الوطني، بما يشبه ما اعتمد في مناطق متعددة في دمشق وريفها، منها القدم وعسالي التي وقعت مؤخرا على مصالحة أمنت للنظام الهدوء على تلك الجبهة.
وكانت مجموعة من قادة الجيش الحر في مدينة التل أوضحوا في بيان صدر عنهم أخيرا، التزامهم بالعهد الذي قطعوه لأهالي التل في اتفاق الهدنة، لإدراكهم التام أن قرار الحرب والسلم «لا يمتلكه الجيش الحر وحده بل للسكان الرأي فيه»، بعد أن تبين أن قرابة 80 في المائة من أهالي التل والضيوف فيها «لا يريدون سوى العيش بسلام». وأوضحت الفصائل العسكرية الموقعة على البيان «إننا ما زلنا على العهد باقين لن نركع إلا لله وما هذا الذي شهدتموه إلا لأجل الشعب. ونحن لم نمد يدنا للنظام، لم نصالح ولن نقبل أن نكون جيش دفاع وطنيا. إلا أننا قبلنا أن نكون حماة للتل ولأهلها وساكنيها المهجرين».



​انخفاض صادرات العسل في اليمن بنسبة 50 %‎

نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
TT

​انخفاض صادرات العسل في اليمن بنسبة 50 %‎

نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)

انخفض إنتاج وتصدير العسل في اليمن خلال السنوات الخمس الأخيرة بنسبة تصل إلى 50 في المائة بسبب تغيرات المناخ، وارتفاع درجة الحرارة، إلى جانب آثار الحرب التي أشعلها الحوثيون، وذلك طبقاً لما جاء في دراسة دولية حديثة.

وأظهرت الدراسة التي نُفّذت لصالح اللجنة الدولية للصليب الأحمر أنه خلال السنوات الخمس الماضية، وفي المناطق ذات الطقس الحار، انخفض تعداد مستعمرات النحل بنسبة 10 - 15 في المائة في حين تسبب الصراع أيضاً في انخفاض إنتاج العسل وصادراته بأكثر من 50 في المائة، إذ تركت سنوات من الصراع المسلح والعنف والصعوبات الاقتصادية سكان البلاد يكافحون من أجل التكيف، مما دفع الخدمات الأساسية إلى حافة الانهيار.

100 ألف أسرة يمنية تعتمد في معيشتها على عائدات بيع العسل (إعلام محلي)

ومع تأكيد معدّي الدراسة أن تربية النحل ليست حيوية للأمن الغذائي في اليمن فحسب، بل إنها أيضاً مصدر دخل لنحو 100 ألف أسرة، أوضحوا أن تغير المناخ يؤثر بشدة على تربية النحل، مما يتسبب في زيادة الإجهاد الحراري، وتقليل إنتاج العسل.

وأشارت الدراسة إلى أن هطول الأمطار غير المنتظمة والحرارة الشديدة تؤثران سلباً على مستعمرات النحل، مما يؤدي إلى انخفاض البحث عن الرحيق وتعطيل دورات الإزهار، وأن هذه التغييرات أدت إلى انخفاض إنتاج العسل في المناطق الأكثر حرارة، وأدت إلى إجهاد سبل عيش مربي النحل.

تغيرات المناخ

في حين تتفاقم الأزمة الإنسانية في اليمن، ويعتمد 70 في المائة من السكان على المساعدات، ويعيش أكثر من 80 في المائة تحت خط الفقر، توقعت الدراسة أن يؤدي تغير المناخ إلى ارتفاع درجات الحرارة في هذا البلد بمقدار 1.2 - 3.3 درجة مئوية بحلول عام 2060، وأن تزداد درجات الحرارة القصوى، حيث ستصبح الأيام الأكثر سخونة بحلول نهاية هذا القرن بمقدار 3 - 7 درجات مئوية عما هي عليه اليوم.

شابة يمنية تروج لأحد أنواع العسل في مهرجان بصنعاء (إعلام محلي)

وإذ ينبه معدّو الدراسة إلى أن اليمن سيشهد أحداثاً جوية أكثر شدة، بما في ذلك الفيضانات الشديدة، والجفاف، وزيادة وتيرة العواصف؛ وفق ما ذكر مركز المناخ، ذكروا أنه بالنسبة لمربي النحل في اليمن، أصبحت حالات الجفاف وانخفاض مستويات هطول الأمطار شائعة بشكل زائد. وقد أدى هذا إلى زيادة ندرة المياه، التي يقول مربو النحل إنها التحدي المحلي الرئيس لأي إنتاج زراعي، بما في ذلك تربية النحل.

ووفق بيانات الدراسة، تبع ذلك الوضع اتجاه هبوطي مماثل فيما يتعلق بتوفر الغذاء للنحل، إذ يعتمد مربو النحل على النباتات البرية بصفتها مصدراً للغذاء، والتي أصبحت نادرة بشكل زائد في السنوات العشر الماضية، ولم يعد النحل يجد الكمية نفسها أو الجودة من الرحيق في الأزهار.

وبسبب تدهور مصادر المياه والغذاء المحلية، يساور القلق - بحسب الدراسة - من اضطرار النحل إلى إنفاق مزيد من الطاقة والوقت في البحث عن هذين المصدرين اللذين يدعمان الحياة.

وبحسب هذه النتائج، فإن قيام النحل بمفرده بالبحث عن الماء والطعام والطيران لفترات أطول من الزمن وإلى مسافات أبعد يؤدي إلى قلة الإنتاج.

وذكرت الدراسة أنه من ناحية أخرى، فإن زيادة حجم الأمطار بسبب تغير المناخ تؤدي إلى حدوث فيضانات عنيفة بشكل متكرر. وقد أدى هذا إلى تدمير مستعمرات النحل بأكملها، وترك النحّالين من دون مستعمرة واحدة في بعض المحافظات، مثل حضرموت وشبوة.

برنامج للدعم

لأن تأثيرات تغير المناخ على المجتمعات المتضررة من الصراع في اليمن تشكل تحدياً عاجلاً وحاسماً لعمل اللجنة الدولية للصليب الأحمر الإنساني، أفادت اللجنة بأنها اتخذت منذ عام 2021 خطوات لتوسيع نطاق سبل العيش القائمة على الزراعة للنازحين داخلياً المتضررين من النزاع، والعائدين والأسر المضيفة لمعالجة دعم الدخل، وتنويع سبل العيش، ومن بينها مشروع تربية النحل المتكامل.

الأمطار الغزيرة تؤدي إلى تدمير مستعمرات النحل في اليمن (إعلام محلي)

ويقدم البرنامج فرصة لدمج الأنشطة الخاصة بالمناخ التي تدعم المجتمعات لتكون أكثر قدرة على الصمود في مواجهة تغير المناخ، ومعالجة تأثير الصراع أيضاً. ومن ضمنها معلومات عن تغير المناخ وتأثيراته، وبعض الأمثلة على تدابير التكيف لتربية النحل، مثل استخدام الظل لحماية خلايا النحل من أشعة الشمس، وزيادة وعي النحالين بتغير المناخ مع المساعدة في تحديث مهاراتهم.

واستجابة لارتفاع درجات الحرارة الناجم عن تغير المناخ، وزيادة حالات الجفاف التي أسهمت في إزالة الغابات والتصحر، نفذت اللجنة الدولية للصليب الأحمر أيضاً برنامجاً لتعزيز قدرة المؤسسات المحلية على تحسين شبكة مشاتل أنشطة التشجير في خمس محافظات، لإنتاج وتوزيع أكثر من 600 ألف شتلة لتوفير العلف على مدار العام للنحل.