دراسة جديدة تكشف مشاركة 12 ألف متطوع فلسطيني في محاربة النازية

رداً على الاتهامات بتأييد هتلر خلال الحرب العالمية الثانية

صورة أرشيفية  للقاء بين مفتي الديار المقدسة، الحاج أمين الحسيني والزعيم النازي أدولف هتلر (غيتي)
صورة أرشيفية للقاء بين مفتي الديار المقدسة، الحاج أمين الحسيني والزعيم النازي أدولف هتلر (غيتي)
TT

دراسة جديدة تكشف مشاركة 12 ألف متطوع فلسطيني في محاربة النازية

صورة أرشيفية  للقاء بين مفتي الديار المقدسة، الحاج أمين الحسيني والزعيم النازي أدولف هتلر (غيتي)
صورة أرشيفية للقاء بين مفتي الديار المقدسة، الحاج أمين الحسيني والزعيم النازي أدولف هتلر (غيتي)

رداً على الاتهامات الإسرائيلية المتواصلة للفلسطينيين بأنهم دعموا النازية الألمانية، إبان الحرب العالمية الثانية، وأن زعيمهم مفتي الديار المقدسة، الحاج أمين الحسيني، التقى الزعيم النازي أدولف هتلر، ونظم له كتائب من المقاتلين ضد اليهود، أظهرت دراسة جديدة أعدها البروفسور مصطفى العباسي، المحاضر في جامعة «تل حاي» الإسرائيلية، أن نحو 12 ألف فلسطيني تطوعوا في الحرب العالمية الثانية في جيش الحلفاء البريطاني، وحاربوا النازية. وكان بينهم 120 امرأة فلسطينية عربية.
وقال البروفسور العباسي، وهو من بلدة الجش الجليلية، ومتخصص في موضوع تاريخ الشرق الأوسط في العصر الحديث، وجده سعيد كان أحد المتطوعين الفلسطينيين ضد النازية، إن هؤلاء المتطوعين الفلسطينيين حاربوا جنباً إلى جنب مع متطوعين يهود من فلسطين. وأضاف: «صحيح أن المفتي الحسيني دعا الفلسطينيين إلى مساعدة النازيين، لكن الفلسطينيين رفضوا تلبية دعوته، ورأوا أنفسهم جزءاً من الحرب ضد النازية».
كان عباسي قد انطلق في دراسته هذه، عندما استمع إلى رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، وهو يحرض على الفلسطينيين قيادة وشعباً في معركته الانتخابية سنة 2015، ويزعم أن المفتي هو الذي أقنع هتلر بفكرة إبادة اليهود، ويستغل لقاء الحسيني مع هتلر للتحريض ضد الشعب الفلسطيني وقيادته، حتى يومنا هذا. وراح العباسي يتعمق في دراسة التاريخ المتعلق بتلك الفترة، فاكتشف أن الجمهور الفلسطيني رفض دعوة المفتي بشكل قاطع. وقال إن «المؤرخين في إسرائيل وغيرها قللوا من شأن التطوع الفلسطيني للحرب ضد النازية، وتسببوا بذلك في ظلم وتجنٍ شديدين».
وأعد البروفسور عباسي مقالاً بحثياً بعنوان: «فلسطينيون حاربوا النازية: قصة المتطوعين الفلسطينيين في الحرب العالمية الثانية»، الذي سيُنشر في مجلة «كتدرا» البحثية. وجاء في البحث أن تجاهل المتطوعين الفلسطينيين جاء أولاً لأن المؤرخين اليهود ركزوا على المتطوعين اليهود، فيما ركز المؤرخون العرب على دور الفلسطينيين في ثورة 1936، ومحاربتهم الانتداب البريطاني، دون الإشارة إلى دورهم في محاربة النازية. وبذلك وقع كلاهما في خطأ مهني، إذ إن واجب المؤرخ هو أن يكتب التاريخ كما هو ولا يسخّره بالرواية القومية.
وجاء في الدراسة أيضاً أن المتطوعين الفلسطينيين قاتلوا في عدة جبهات، بعضهم قتلوا وبعضهم جرحوا. وقسم منهم لا يزالون يعتبرون مفقودين، وقسم آخر يقدر بالمئات وقعوا في أسر الجيش الألماني، لكن أحداً لم يهتم بتخليد ذكراهم. والقسم الأكبر من قصصهم وتضحياتهم ضاعت من الأرشيف، واختفى أثرها في فترة الحرب الفلسطينية قبيل عام 1948. وقد تمكن الكاتب من تتبع أثرهم مما كان ينشر في الصحافة الفلسطينية التي صدرت أيام الانتداب البريطاني، ومما نشره بعضهم من مذكرات، وأيضاً من دفاتر يوميات كان يكتبها بعضهم، وكذلك من بعض هؤلاء المقاتلين الذين قابلهم في أواخر أيام حياتهم. كما أنه عثر على مواد تؤكد الرواية من أرشيف «الجناة»، التنظيم العسكري للحركات الصهيونية، الذي تحول إلى الجيش الإسرائيلي لاحقاً، وكذلك من أرشيفات بريطانية.
وقال عباسي إن الحديث عن 12 ألف متطوع قد لا يبدو رقماً كبيراً، ولكن بالنسبة لشعب صغير مثل الشعب الفلسطيني يعتبر هذا رقماً كبيراً. ولفت إلى أن البريطانيين وضعوا بعض هؤلاء المتطوعين في كتائب مشتركة مع المتطوعين اليهود، باعتبار أنهم جميعاً فلسطينيون، فحاربوا كتفاً إلى كتف، وسقطوا سوية في الأسر. وكشف البروفسور عباسي أن «أحد الفلسطينيين العرب، يدعى شهاب حجاج، وقع في الأسر سنة 1943 ثم توفي ودُفن في مقبرة عسكرية إسرائيلية مخصصة لما يعرف باسم (مقبرة شهداء حروب إسرائيل). فقد حسبوه يهودياً، بالخطأ، بسبب اسم عائلته، إذ يوجد الاسم نفسه لعائلة يهودية».
وجاء في الدراسة أيضاً أن العلاقات بين المتطوعين اليهود والعرب كانت جيدة بشكل عام، وقد تميز اليهود بوحدتهم في الموقف من أن حربهم هذه سوف تخدم قضيتهم الوطنية لإقامة دولة يهودية، بينما العرب الفلسطينيون لم يضعوا لأنفسهم أجندة وطنية مستقلة. لذلك كان هناك يهود يطالبون بأن تقام لهم وحدات يهودية خاصة، بينما العرب لم يطلبوا الاستقلال في وحدات خاصة بهم.
وأشار عباسي إلى أن الحاج أمين الحسيني لم يكن قائداً للشعب الفلسطيني بشكل حقيقي. فأولاً تغيب عن الوطن في سنة 1937 لمدة 10 سنوات متواصلة. فمن يترك وطنه مدة كهذه في تلك الظروف لا يمكن حسابه قائداً. وثانياً، لم يكن على صلة مع الناس. وثالثاً، كان الجو السائد بين الفلسطينيين هو العداء للنازية، إما لأسباب إنسانية لرفض قيم النازية، أو لكون المثقفين واعين فكرياً وآيديولوجياً. ويشير إلى أن المدن الفلسطينية، من القدس إلى نابلس، ومن طولكرم إلى اللد، وحتى غزة، شهدت عدة مهرجانات شعبية ضد النازية.



هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
TT

هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)

تخضع «هيئة تحرير الشام»، التي قادت قوات المعارضة للإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد، لعقوبات من الأمم المتحدة منذ فترة طويلة، وهو ما وصفه المبعوث الخاص للمنظمة الدولية إلى سوريا غير بيدرسون، بأنه «عامل تعقيد لنا جميعاً».

كانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف في السابق باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت العلاقات بالتنظيم في عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما فُرض عليها تجميد عالمي للأصول وحظر أسلحة.

ويخضع عدد من أعضاء «هيئة تحرير الشام» أيضاً لعقوبات الأمم المتحدة مثل حظر السفر، وتجميد الأصول، وحظر الأسلحة، ومنهم زعيمها وقائد إدارة العمليات العسكرية أحمد الشرع، المكنى «أبو محمد الجولاني»، المدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.

وقال دبلوماسيون إنه لا يوجد حالياً أي مناقشات عن رفع العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة على الجماعة. ولا تمنع العقوبات التواصل مع «هيئة تحرير الشام».

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟ (رويترز)

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

فرضت الأمم المتحدة عقوبات على «جبهة النصرة»، لأن الجماعة مرتبطة بتنظيم «القاعدة»، ولأنها كانت «تشارك في تمويل أو تخطيط أو تسهيل أو إعداد أو ارتكاب أعمال أو أنشطة» مع «القاعدة» أو دعماً لها وتستقطب أفراداً وتدعم أنشطة «القاعدة».

وجاء في قائمة العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة: «في يناير (كانون الثاني) 2017، أنشأت جبهة النصرة (هيئة تحرير الشام)، وسيلة لتعزيز موقعها في التمرد السوري وتعزيز أهدافها باعتبارها فرعاً لتنظيم (القاعدة) في سوريا»... ورغم وصف ظهور «هيئة تحرير الشام» بطرق مختلفة (على سبيل المثال كاندماج أو تغيير في الاسم)، فإن جبهة «النصرة» استمرت في الهيمنة والعمل من خلال «هيئة تحرير الشام» في السعي لتحقيق أهدافها.

وفُرضت عقوبات على الجولاني بسبب ارتباطه بتنظيم «القاعدة» وعمله معه.

كيف يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة؟

تستطيع أي دولة عضو في الأمم المتحدة في أي وقت تقديم طلب لرفع العقوبات عن كيان أو شخص إلى لجنة عقوبات تنظيمي «داعش» و«القاعدة» التابعة لمجلس الأمن الدولي المؤلف من 15 دولة.

وإذا جاء الطلب من دولة لم تقترح في البداية فرض عقوبات الأمم المتحدة، فإن اللجنة تتخذ القرار بالإجماع.

وإذا تقدمت الدولة التي اقترحت في البداية فرض العقوبات بطلب الشطب من القائمة، فسيمحى الاسم من القائمة بعد 60 يوماً، ما لم توافق اللجنة بالإجماع على بقاء التدابير.

لكن إذا لم يتم التوصل إلى إجماع، يستطيع أحد الأعضاء أن يطلب إحالة الطلب إلى مجلس الأمن للتصويت عليه في غضون 60 يوماً.

ولم تتضح بعد الدول التي اقترحت فرض عقوبات على جبهة «النصرة» والجولاني.

ويستطيع أيضاً الشخص أو الكيان الخاضع للعقوبات أن يطلب إزالة التدابير عن طريق الاتصال بأمين عام المظالم، وهو منصب أنشأه المجلس في عام 2009، ليقوم بمراجعة الطلب.

وإذا أوصى أمين عام المظالم بإبقاء اسم ما على القائمة، فسيظل مدرجاً على القائمة. وإذا أوصى أمين عام المظالم بإزالة اسم ما، فسترفع العقوبات بعد عملية قد تستغرق ما يصل إلى 9 أشهر، ما لم توافق اللجنة في وقت أسبق بالإجماع على اتخاذ إجراء أو الإحالة إلى المجلس لتصويت محتمل.

هل هناك استثناءات من العقوبات؟

يستطيع الأشخاص الخاضعون لعقوبات الأمم المتحدة التقدم بطلب للحصول على إعفاءات فيما يتعلق بالسفر، وهو ما تقرره اللجنة بالإجماع.

ويقول المجلس إن عقوباته «لا تستهدف إحداث عواقب إنسانية تضر بالسكان المدنيين».

وهناك استثناء إنساني للأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة يسمح «بتوفير أو معالجة أو دفع الأموال أو الأصول المالية الأخرى أو الموارد الاقتصادية، أو توفير السلع والخدمات اللازمة لضمان تقديم المساعدات الإنسانية في الوقت المناسب، أو لمساندة الأنشطة الأخرى التي تدعم الاحتياجات الإنسانية الأساسية».