مقتل شابين فلسطينيين بالرصاص في مواجهات جديدة مع القوات الإسرائيلية

وسط تشديد الإجراءات الأمنية في المسجد الأقصى

أسرة الفتى القتيل عبد الله غيث  تتابع تشييع جنازته من نافذة منزل الأسرة في الخليل أمس (أ.ب)
أسرة الفتى القتيل عبد الله غيث تتابع تشييع جنازته من نافذة منزل الأسرة في الخليل أمس (أ.ب)
TT

مقتل شابين فلسطينيين بالرصاص في مواجهات جديدة مع القوات الإسرائيلية

أسرة الفتى القتيل عبد الله غيث  تتابع تشييع جنازته من نافذة منزل الأسرة في الخليل أمس (أ.ب)
أسرة الفتى القتيل عبد الله غيث تتابع تشييع جنازته من نافذة منزل الأسرة في الخليل أمس (أ.ب)

شهدت جمعة أمس عدة صدامات مع قوات الاحتلال الإسرائيلي، أسفرت عن استشهاد شابيين فلسطينيين، فيما أدى أكثر من ربع مليون فلسطيني صلاة «الجمعة اليتيمة» من شهر رمضان في المسجد الأقصى المبارك في القدس الشرقية المحتلة، وسط إجراءات أمنية إسرائيلية مشددة.
واستشهد الفتى عبد الله غيث (15 عاماً) من مدينة الخليل، في وادي الحمص قرب مدينة بيت لحم في الضفة الغربية المحتلة، صباح أمس أثناء محاولته الوصول إلى المسجد الأقصى، وذلك عقب استشهاد الشاب يوسف وجيه (18 عاماً)، برصاص الاحتلال إثر عمليتي طعن في مدينة القدس الشرقية المحتلة. وبحسب شهود عيان، أطلقت قوات الاحتلال المتمركزة على حاجز «مزموريا» شرق بيت لحم، الرصاص على مواطنين بينما كانا يحاولان اجتياز الجدار الفاصل بين مدينتي بيت لحم والقدس، ما أدى إلى استشهاد الفتى غيث وإصابة الشاب الآخر.
وفي وقت سابق، استشهد شاب فلسطيني، برصاص قوات الاحتلال للاشتباه بتنفيذه عمليتي طعن في محيط البلدة القديمة في القدس المحتلة، أسفرتا عن إصابة إسرائيليين بإصابات متفاوتة. وجاء أن أحد المصابين، ويبلغ من العمر 45 عاماً، قد تعرض للطعن قرب باب العامود في القدس، ووصفت إصابته بالخطيرة، أو بالحرجة في تقارير لاحقة.
وبحسب طواقم الإسعاف فإن المصاب قد تعرض للطعن على درجات باب العامود في الجزء العلوي من جسده. وعملت طواقم الإسعاف على وقف النزيف قبل نقله بحالة حرجة إلى مستشفى «شعاري تسيدك» في القدس. وبعد وقت قصير وفي موقع قريب، أصيب إسرائيلي ثان (18 عاماً) في عملية طعن أخرى، ووصفت إصابته بأنها ما بين طفيفة ومتوسطة. وأطلقت قوات الاحتلال الرصاص الحي على الشاب (19 عاماً) الذي نسبت إليه تنفيذ عمليتي الطعن. وبعد وقت قصير، أعلنت تقارير إسرائيلية أن منفذ العملية قد استشهد برصاص شرطة الاحتلال.
وفي أعقاب ذلك، عززت قوات الاحتلال من قواتها في جميع أنحاء الضفة الغربية المحتلة، فيما شددت إجراءات الرقابة والتفتيش على الفلسطينيين الذين يتوافدون لأداء صلاة الجمعة الأخيرة في شهر رمضان المبارك، وسط تشديد أمني في القدس القديمة ومحيطها، وعلى جميع الحواجز المؤدية إليها. واندلعت مواجهات ضد قوات من جيش الاحتلال الإسرائيلي، وسجلت طواقم الإسعاف إصابات بالرصاص الحي والمعدني والغاز المدمع في مواجهات بقلنديا والخليل وبيت لحم.
ويفصل بيت لحم عن القدس ما تطلق عليه إسرائيل اسم «سياج أمني»، وتقول إنها شيدته لمنع هجمات مصدرها الضفة الغربية المحتلة. وبدأ بناؤه في أوج الانتفاضة الفلسطينية (2000 - 2005) وسيبلغ طوله عند الانتهاء منه 712 كلم. ويصفه الفلسطينيون بـ«جدار الفصل العنصري»، وهو مكون من أسلاك شائكة وخنادق وأسلاك كهربائية وجدران من الإسمنت المسلح يبلغ ارتفاعها تسعة أمتار. ويقع 85 في المائة من الجدار في أراضي الضفة الغربية المحتلة. وهو يعزل 9.4 في المائة من الأراضي الفلسطينية، بحسب الأمم المتحدة.
واعتقلت قوات الاحتلال الإسرائيلي رجلاً على حاجز قلنديا جنوب مدينة رام الله، وذلك بتهمة حيازة سكين، واقتيد إلى التحقيق لدى أجهزة أمن الاحتلال الإسرائيلي. وخلال الليلة الماضية، أصيب، شاب برصاص الاحتلال الحي، فيما أصيب 8 آخرون بالرصاص المعدني المغلف بالمطاط، خلال اقتحام جيش الاحتلال المنطقة الشرقية لمدينة نابلس. وذكرت المصادر طبية الفلسطينية، أن طواقم الإسعاف نقلت شاباً أصيب بالرصاص الحي بمنطقة القدم، خلال مواجهات اندلعت مع جنود الاحتلال في شارع عمان شرقي مدينة نابلس. وأفادت المصادر بأن 8 مواطنين أصيبوا بالرصاص المغلف بالمطاط، و16 مواطناً بحالة اختناق بالغاز المسيل للدموع.
وجاء اقتحام قوات الاحتلال الإسرائيلي لمدينة نابلس، لتأمين قدوم 3000 مستوطن إلى «قبر يوسف» في نابلس، وشارك في الاقتحام قوات من «حرس الحدود» التابعة لشرطة الاحتلال، وقوات تابعة للإدارة المدنية التابعة للجيش، بالإضافة لدوريات الشرطة والعسكرية. وفي كفر قدوم، أصيب ٤ شبان بالرصاص المعدني المغلف بالمطاط خلال قمع جيش الاحتلال للمسيرة السلمية الأسبوعية المناهضة للاستيطان.
في غضون ذلك، وكما هي العادة في كل أسبوع، شددت قوات الاحتلال الإسرائيلي منذ فجر أمس القيود على دخول المواطنين الفلسطينيين إلى القدس المحتلة والمسجد الأقصى المبارك لأداء الصلاة في الجمعة الأخيرة من شهر رمضان.
وذكرت مصادر فلسطينية أن عشرات الآلاف من الفلسطينيين من الضفة الغربية قد توجهوا منذ الصباح الباكر إلى حواجز الاحتلال العسكرية في محاولة للدخول للأقصى لأداء الصلاة فيه، فيما توجهت جموع الفلسطينيين من القدس وضواحيها وأراضي الـ48. من الجليل والمثلث والنقب والساحل لقضاء يوم الجمعة الأخير من رمضان في القدس، وإمضاء ليلة القدر في رحابه.
وفيما استعدت دائرة الأوقاف الإسلامية واللجان المساندة ولجان الحارات والأحياء داخل البلدة القديمة بالقدس المحتلة، لاستقبال عشرات الآلاف من المصلين، شرعت سلطات الاحتلال الإسرائيلي منذ الليلة السابقة بنشر تعزيزاتها العسكرية في المدينة المقدسة وعلى الحواجز العسكرية على المداخل الرئيسية لمدينة القدس، وعلى طول مقاطع جدار الضم والتوسع العنصري، ووسط المدينة ومحيط البلدة القديمة. ورغم ذلك، احتشدت باحات الأقصى وقبة الصخرة المشرفة بالمصلين رغم درجات الحرارة المرتفعة، فيما قام فلسطينيون برش بعض المصلين بالمياه الباردة للتخفيف من وطأة الحرارة، وقدمت الجمعيات واللجان الطبية الإسعافات الأولية لعشرات الأشخاص الذين أصيبوا بالإغماء والغثيان بسبب الحر الشديد.
وأفاد الهلال الأحمر الفلسطيني أن طواقمه تعاملت مع 70 حالة في المسجد الأقصى ومحيط القدس وتم نقل 7 حالات إلى مستشفى المقاصد. وتنوعت الحالات المرضية بين سكري وضغط وأمراض القلب والمعدة وارتفاع درجة الحرارة والإغماء.



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».