مصر: منع إقامة صلاة العيد خارج الساحات الرسمية

TT

مصر: منع إقامة صلاة العيد خارج الساحات الرسمية

لا تكف السياسة عن حشر نفسها في أفراح وأعياد المصريين، فمع حلول عيد الفطر تتجدد تحذيرات الحكومة لمنع استغلال الساحات والميادين التي تقام بها صلاة العيد في الشأن السياسي، من قبل بعض جماعات الإسلام السياسي، بنشر الإشاعات حول الأوضاع المعيشية والاجتماعية في البلاد.
وقال مصدر في وزارة الأوقاف - وهي المسؤولة عن المساجد - إن «هناك حذراً شديداً لمنع استغلال ساحات صلاة عيد الفطر من قبل أي تنظيم أو جماعة سياسية». وتؤكد «الأوقاف» عدم السماح بإقامة صلاة العيد خارج الساحات والمساجد الرسمية في ربوع مصر، وأنها سوف تتعامل بكل حسم تجاه أي مخالفة، وستمنع أي شخص غير مصرح له بالخطابة من أداء خطبة العيد أو إمامة المصلين.
وحظرت «الأوقاف» إقامة صلاة العيد في الشوارع والزوايا والمصليات والطرقات في ربوع البلاد؛ حيث اعتاد المصريون أن يفترشوا الشوارع والأرصفة خارج المساجد في الأعياد. وقال المصدر في الأوقاف لـ«الشرق الأوسط»، إنه «لن يتم السماح بإقامة صلاة العيد في غير الأماكن التي حددتها الوزارة».
وأكدت «الأوقاف» أن «كل ساحة سوف تضم خطيباً أساسياً وآخر احتياطياً، وأن من يقيم ساحة للصلاة بالقوة بعيداً عن الطرق القانونية المعروفة، فإنه يتعدى بذلك على حق الدولة»، لافتة إلى أنه «تم حظر أداء خطبة العيد على أي جماعة أو كيان سياسي؛ خصوصاً بعض المشايخ المؤيدين لـتنظيم (الإخوان) الذي تعتبره السلطات المصرية إرهابياً».
وأكد المصدر في الأوقاف أن «هناك تعليمات للأئمة خلال خطبة العيد بالابتعاد عن أي حديث في موضوعات تتعلق بالسياسة، فضلاً عن التصدي لأي جماعة تحاول السيطرة على ساحات العيد». وتحاول الحكومة المصرية منع استخدام ساحات العيد سياسياً من قبل بعض الجماعات والتيارات الدينية. وأكدت «الأوقاف» ضرورة اتخاذ الإجراءات اللازمة تجاه أي مخالفة.
لكن مراقبين أكدوا أنه «على الرغم من تحذيرات (الأوقاف) من عدم إقامة الصلاة في الزوايا، وقصرها على الساحات والمساجد الرسمية؛ فإن بعض مشايخ (الجماعة الإسلامية)، و(الجمعيات الشرعية)، والمشايخ غير الرسميين، أعلنوا إقامة الصلاة في ساحات بعيدة عن ساحات (الأوقاف)؛ خصوصاً في القرى المصرية وبعض أحياء القاهرة».
وقال إبراهيم علي، وهو يسكن في ضاحية عين شمس، شرق القاهرة، إن «بعض مساجد (الجمعية الشرعية) أعلنت عن إقامة صلاة العيد في أحد الشوارع الكبرى، في تحدٍّ واضح لقرارات (الأوقاف)»، مضيفاً لـ«الشرق الأوسط» أن «كثيراً من مساجد (الجمعيات الشرعية)، والمساجد التابعة لـ(الجماعة الإسلامية) ما زالت تقدم هدايا للأطفال الصغار، لتحفيزهم على الحضور لصلاة العيد في صحبة ذويهم».
وخلال هذه المناسبات يتجدد الجدل بين الدعوة السلفية و«الأوقاف» بسبب عدم منح الوزارة تصاريح لمشايخ «الدعوة»، وحزب «النور». وقال قيادي في الدعوة السلفية لـ«الشرق الأوسط» إن «(الأوقاف) تدفعنا لإقامة الصلاة بعيداً عنها كل عام»، مضيفاً بعد أن تحفظ عن ذكر اسمه: «اعتدنا كل عيد إقامة الصلاة في ساحاتنا بالإسكندرية والبحيرة وكفر الشيخ وبعض محافظات الصعيد»، مؤكداً: «ساحاتنا يخطب فيها كبار المشايخ، ويحضر إليها العشرات، وليس لنا أي مشكلات مع (الأوقاف)، فهدفنا واحد، وهو عدم استغلال الساحات في الحديث عن أي شأن بعيد عن الدين».
ومن جهتها أكدت «الأوقاف» أنه «سيتم الدفع بالواعظات لمصليات السيدات خلال صلاة العيد، فضلاً عن مفتشي الوزارة ممن يحملون (الضبطية القضائية) لإحكام السيطرة على ساحات العيد». وقال المصدر نفسه في «الأوقاف»، إن «المفتشين سيوجدون في المناطق التي كانت تشهد انتشاراً للعناصر الموالية لـ(الإخوان) في القاهرة والمحافظات، لمواجهة ترويج أي إشاعات قد تحدث خلال صلاة عيد الفطر».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».