كان أليسون يشرح أول خطأ وقع فيه بعد انتقاله لحراسة مرمى ليفربول، وفي ثنايا شرحه كشف النقاب عن جانبه الفلسفي بقوله في تصريحات في سبتمبر (أيلول): «سر الرجل الحكيم يكمن في قدرته على التعلم من أخطاء الآخرين». وما ينطبق على لحظة تردد على أرض ملعب ليستر سيتي، ينطبق كذلك على توجه ليفربول إزاء مشاركته الثانية في نهائي دوري أبطال أوروبا في غضون عامين. هذه المرة، تضرب حالة الثقة بجذورها في الأسس التي يقوم عليها الفريق الذي يقوده المدرب يورغين كلوب، وبالأخص خط هجومه.
لم تكن الهزيمة التي وقعت في كييف أمام ريال مدريد في نهائي دوري أبطال أوروبا، في مايو (أيار) الماضي، هي الدافع وراء استثمار ليفربول 65 مليون جنيه إسترليني في بديل لحارس مرماه لوريس كاريوس. وكان ليفربول قد بدأ في الاستفسار عن إمكانية ضم أليسون حارس مرمى روما في ذلك الوقت. وكانت الهزيمة أمام ريال مدريد قد سلطت الضوء على نقاط الضعف في فريق ليفربول، وخاصة في حراسة المرمى. وكانت معالجة نقاط الضعف هذه أولوية أمام مدرب الفريق يورغن كلوب خلال الصيف.
جدير بالذكر أنه لدى مراجعته الهزيمة الكارثية أمام ريال مدريد، قال المدرب: «علينا تقبل الهزيمة والتعلم منها في المرة القادمة». وبالفعل، جاءت «المرة القادمة» سريعاً، الأمر الذي يعود جزء كبير في الفضل وراءه إلى إسهام حارس المرمى القادم من البرازيل. يمكن القول ببساطة إن أليسون واحد من الأسباب الرئيسية وراء تمتع ليفربول بفرصة كبيرة في تصحيح أخطاء الـ12 شهراً الماضية وضمان التتويج الأوروبي السادس في تاريخه غداً.
وكان يمكن أن يودع ليفربول دوري أبطال أوروبا خلال اللحظات الأخيرة من دور المجموعات، لولا نجاح الحارس البالغ 26 عاماً في إنقاذ مرماه من كرة بالغة الخطورة أطلقها أركاديوش ميليك في إطار مواجهة أمام نابولي انتهت بفوز ليفربول بهدف دون مقابل. وكان من الضروري فوز ليفربول في المباراة بعد تعرضه لثلاثة هزائم خارج أرضه.
ومن دون أدائه الرائع في التصدي بثقة لانطلاقات ليونيل ميسي وجوردي ألبا وفيليبي كوتينيو ولويس سواريز، لم تكن مباراة الإياب في دور قبل النهائي أمام برشلونة لترسخ وجودها في فلكلور أنفيلد باعتبارها عودة تاريخية بعد الهزيمة بثلاثية في مباراة الذهاب، بجانب أنها كانت درساً قاسياً في قوة الأهداف التي يجري إحرازها خارج الأرض. ومثلما كان الحال مع جميع لاعبي ليفربول، شارك أليسون بتألقه في تلك الليلة التي لا تنسى.
اللافت أن ثاني أكبر صفقة في تاريخ ليفربول فيرجيل فان ديك ترك تأثيراً مشابهاً مثل أليسون، فيما يخص التحسن العام والحيوي في الأداء الدفاعي للفريق. جدير بالذكر أن ليفربول اخترقت شباكه 22 هدفاً خلال مواجهات الدوري الممتاز هذا الموسم، مقارنة بـ38 هدفاً خلال موسم 2017 - 2018. أما البطل المتوج، مانشستر سيتي، فقد اخترق شباكه 23 هدفاً.
مثلما الحال مع فان دياك من قبله، نجح أليسون في إضفاء ثقة كبيرة في خط دفاع ليفربول لينجح بذلك في اقتناص جائزة «القفاز الذهبي» في أول موسم له مع الكرة الإنجليزية. وجاء إنجازه بحفاظه على شباكه نظيفة طوال 21 مباراة من إجمالي 38 مباراة ليتفوق بصورة كبرى على الرقم القياسي في ليفربول المسجل باسم الحارس بيبي رينا مرتين بعدد 20 مباراة. ويعتبر بيتر تشيك الذي حافظ على شباكه نظيفة لمدة 24 مباراة مع تشيلسي خلال موسم 2004 - 2005. الوحيد الذي تفوق عليه في إطار بطولة الدوري الممتاز.
أيضاً، من بين السمات المميزة لأليسون خلال موسمه الأول مع ليفربول قدرته على تجاوز الأخطاء. ويعكس هذا الأمر جانباً فلسفياً لديه ونشأته باعتباره حفيداً لحارس مرمى بدوري الهواة ونجل لأبوين كانا يعملان بمجال كرة القدم، بجانب كونه الشقيق الأصغر لحارس مرمى محترف، مورييل. ورغم أنه قد يقع في أخطاء في توزيع الكرة، وارتكب بالفعل ثلاثة أخطاء أسفرت عن أهداف في إطار بطولة الدوري الممتاز، فإن أياً منها لم يكبد فريقه نقطة. جدير بالذكر أن هوغو لوريس، الذي سيحرس مرمى توتنهام ضد أليسون في نهائي دوري الأبطال، وقع في خطأ أسفر عن هدف وتسبب في هزيمة فريقه أمام ليفربول في الدقيقة 90 في مارس (آذار).
وكان جيمس ميلنر لاعب وسط ليفربول من بين من أظهروا انبهارهم بسرعة أليسون الكبيرة وقدرته على الاندماج داخل وخارج الملعب. يذكر أن أليسون كان يتحدث الإنجليزية على نحو لا بأس به قبل قدومه إلى ليفربول. وقال ميلنر معلقاً على حارس المرمى: «الانتقال إلى بطولة دوري جديدة ليست بالأمر السهل على الإطلاق، إنه انتقال إلى أسلوب حياة جديد وطقس جديد وأشياء من هذا القبيل. ومع هذا، فإن قدرة أليسون على التكيف بدت مذهلة، خاصة شعوره بالألفة داخل البلاد وداخل أرض الملعب والكرات التي يتصدى لها ببراعة. بالتأكيد يقع جميع اللاعبين في أخطاء وأحياناً تبدو أخطاء حارس المرمى مختلفة لأنها نوعية من الأخطاء غالباً ما تؤدي إلى هدف. ومع هذا، فإنه عندما يقع أليسون في خطأ، فإن هذا لا يؤثر على ثقته إطلاقاً، وإنما يظل محافظاً على رباطة جأشه ويستمر في اللعب، وكأن شيئاً لم يحدث. هذا أمر بالغ الأهمية. إنه أمر وجدنا صعوبة في تصديقه».
المؤكد أن اللاعب البرازيلي الدولي، الذي سيشارك في بطولة «كوبا أميركا» التي تستضيفها بلاده بعد نهائي دوري أبطال أوروبا، سيضفي على كلوب وليفربول شعوراً بالطمأنينة والثقة أمام توتنهام هوتسبر غداً، التي كانت غائبة أمام ريال مدريد في نهائي الموسم الماضي. وربما يبدو هذا قولاً قاسياً بالنسبة لكاريوس بالنظر إلى أنه تعرض لارتجاج في المخ في تلك المباراة التي شارك بها في أوكرانيا، مما اضطر زوجة كلوب، أولا ساندروك لمغادرة مقعدها والتوجه إلى أمه وخطيبته لمواساتهما. ومع هذا، تبقى الحقيقة أن المنافسة على حصد أكبر قدر من البطولات في كرة القدم أمر يخلو من العاطفة، مثلما ذكر كلوب عدما أثيرت مسألة إصابة كاريوس خلال جولة ليفربول بالولايات المتحدة.
وبدا مدرب ليفربول غير مهتم بعواقب اصطدام لاعب ريال مدريد سيرغيو راموس بحارس مرماه حتى اتصل به فرانز بكنباور بعدها بثلاثة أيام وسأله: «أخبرني بأمانة، ماذا كان اعتقادك عندما اطلعت على التقرير الطبي؟» وجاءت الإجابة: «كانت هذه ذريعة جيدة». وأضاف: «نعم، لكنها الحقيقة، والمشكلة أن الناس ما زالوا غير مصدقين لها. وقد استعننا بحارس مرمى جديد، ومع هذا يظن الناس أننا لا نصدق هذه الحقيقة، وهذا أمر غير صحيح. لو كان أليسون متاحاً في سوق الانتقالات وكنا فزنا في النهائي، كنا سنسعى خلف ضمه لأنه حارس المرمى الذي نريده».
ليفربول يعول على أليسون أولاً للفوز بدوري الأبطال غداً
الفريق خسر نهائي البطولة في الموسم الماضي أمام ريال مدريد بسبب أخطاء حارسه كاريوس
ليفربول يعول على أليسون أولاً للفوز بدوري الأبطال غداً
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة