لندن تستضيف معرض منير شعراني وترفض منح الفنان السوري فيزا!

TT

لندن تستضيف معرض منير شعراني وترفض منح الفنان السوري فيزا!

«كل سوري متهم بالكذب والتلاعب واللهاث في سبيل اللجوء إلى جنة الضباب التي غابت عنها الشمس»، هذا ما استنتجه الفنان التشكيلي الخطاط السوري منير شعراني من رسالة السفارة البريطانية في بيروت، التي أبلغته برفض منحه الفيزا لحضور معرضه في صالة «ستوريز» اللندنية من 30 مايو (أيار) لغاية 27 يونيو (حزيران) الحالي.
الشعراني الذي تابع من دمشق عبر الإنترنت وقائع افتتاح معرضه، قال إن «بريطانيا رفضت منحي تأشيرة لحضور معرضي في لندن، رغم تقديم الوثائق اللازمة وتزكية مؤسستين فنيتين بريطانيتين لطلبي»؛ الذي أبلغني الرفض قال إنه «غير مقتنع أن نواياي صادقة، وغرضها زيارة عمل»، علماً بأن شعراني سبقت له زيارة بريطانية 3 مرات، بدعوات من سان جون كوليج، وأخرى من المتحف البريطاني، وثالثة من مؤسسة فنية.
لوحات منير شعراني التي زهت بالخط العربي على جدران صالة ستوريز اللندنية افتقدت للتفاعل بين الفنان والجمهور الذي كان من المفترض أن يحيط بها، من خلال ورشات عمل كان من المقرر إقامتها على هامش المعرض، في حال حضور الفنان.
ويستفيد الفنان منير شعراني من الطاقة التعبيرية الموجودة بالخط العربي بأنواعه المختلفة، كالقاسي واللين والمرن، حسب الموضوع الذي يتناوله، فهو ينأى عن العبارات المكررة الرائجة، وينحو باتجاه اختيارات لها علاقة بالمجتمع، ولعل أولى لوحاته كانت عبارة لابن عربي «كل فن لا يفيد علماً لا يعول عليه». فهو لا يقتنع بجماليات منفصلة عن الإنسان والحياة، ويرى أن «الفن إذا لم تكن له علاقة بالمجتمع يصبح بذخاً وترفاً لا مبرر له». فيشتغل على العبارات التي تمسك بتلابيب المرء، وتسحبه نحو تأمل عميق، ويشتغل عليها فنياً، مستفيداً من طواعية الخط العربي في ابتكار تشكيلات جمالية. فتظهر في لوحاته تشكيلات لأبيات شعر، أو عبارات فلسفية غير معروفة، تتضافر مع قوة المعنى، مظهرة روعة التشكيل الخطي. فالخط العربي عند شعراني فن «ليس له صيغة نهائية أو ذروة كغيره من الفنون»، إذ يتركز مشروعه الفني على تحرير الخط العربي من قفص «القدسية الذي وضع فيه منذ العصر العثماني»، معتمداً في بلورة رؤيته الفنية على الوقائع التاريخية والآثار الخطية، حتى توصل إلى تطوير صيغ وأساليب تشكيلية جديدة، تؤكد ما اشتغل عليه شعراني منذ بداية مشروعه الفني.
باعتبار الخط العربي «نتاج حضارة لا نتاج دين... فقد جاء التطوير الأول للخط العربي في العصر الأموي، مترافقاً مع تعريب الدواوين، وحركة الترجمة، ومع تقدم العمارة والفنون، وكل النواحي المرتبطة بالحضارة الصاعدة؛ صار الخط موجوداً في كل تلك التفاصيل، ولبى الخط هذه الحاجة عبر تطوير أساليبه، وأصبح قاسماً مشتركاً لفنون الحضارة العربية».



رحيل عبد الله النعيم... المعلم والمهندس قبل أن يحمل الابتدائية

الراحل عبد الله العلي النعيم
الراحل عبد الله العلي النعيم
TT

رحيل عبد الله النعيم... المعلم والمهندس قبل أن يحمل الابتدائية

الراحل عبد الله العلي النعيم
الراحل عبد الله العلي النعيم

محطات كثيرة ولافتة وعجيبة شكلت حياة عبد الله العلي النعيم، الذي رحل، الأحد، بعد رحلة طويلة في هذه الحياة تجاوزت تسعة عقود، كان أبرزها توليه منصب أمين مدينة الرياض في بدايات سنوات الطفرة وحركة الإعمار التي شهدتها معظم المناطق السعودية، وسبقتها أعمال ومناصب أخرى لا تعتمد على الشهادات التي يحملها، بل تعتمد على قدرات ومهنية خاصة تؤهله لإدارة وإنجاز المهام الموكلة إليه.

ولد الراحل النعيم في مدينة عنيزة بمنطقة القصيم وسط السعودية عام 1930، والتحق بالكتاتيب وحلقات التعلم في المساجد قبل إقرار المدارس النظامية، وأظهر نبوغاً مبكراً في صغره، حيث تتداول قصة عن تفوقه، عندما أجرى معلمه العالم عبد الرحمن السعدي في مدرسته بأحد مساجد عنيزة مسابقة لحفظ نص لغوي أو فقهي، وخصص المعلم جائزة بمبلغ 100 ريال لمن يستطيع ذلك، وتمكن النعيم من بين الطلاب من فعل ذلك وحصل على المبلغ، وهو رقم كبير في وقته يعادل أجر عامل لمدة أشهر.

محطات كثيرة ولافتة وعجيبة شكلت حياة عبد الله العلي النعيم

توجه الشاب النعيم إلى مكة بوصفها محطة أولى بعد خروجه من عنيزة طلباً للرزق وتحسين الحال، لكنه لم يجد عملاً، فآثر الذهاب إلى المنطقة الشرقية من بلاده حيث تتواجد شركة «أرامكو» ومشاريعها الكبرى، وتوفّر فرص العمل برواتب مجزية، لكنه لم يذهب للشركة العملاقة مباشرة، والتمس عملاً في إحدى محطات الوقود، إلى أن وجد عملاً في مشروع خط التابلاين التابع لشركة «أرامكو» بمرتب مجز، وظل يعمل لمدة ثلاث سنوات ليعود إلى مسقط رأسه عنيزة ويعمل معلماً في إحدى مدارسها، ثم مراقباً في المعهد العلمي بها، وينتقل إلى جدة ليعمل وكيلاً للثانوية النموذجية فيها، وبعدها صدر قرار بتعيينه مديراً لمعهد المعلمين بالرياض، ثم مديراً للتعليم بنجد، وحدث كل ذلك وهو لا يحمل أي شهادة حتى الابتدائية، لكن ذلك اعتمد على قدراته ومهاراته الإدارية وثقافته العامة وقراءاته وكتاباته الصحافية.

الراحل عبد الله العلي النعيم عمل مديراً لمعهد المعلمين في الرياض

بعد هذه المحطات درس النعيم في المعهد العلمي السعودي، ثم في جامعة الملك سعود، وتخرج فيها، وتم تعيينه أميناً عاماً مساعداً بها، حيث أراد مواصلة دراسته في الخارج، لكن انتظرته مهام في الداخل.

وتعد محطته العملية في شركة الغاز والتصنيع الأهلية، المسؤولة عن تأمين الغاز للسكان في بلاده، إحدى محطات الراحل عبد الله العلي النعيم، بعد أن صدر قرار من مجلس الوزراء بإسناد مهمة إدارة الشركة إليه عام 1947، إبان أزمة الغاز الشهيرة؛ نظراً لضعف أداء الشركة، وتمكن الراحل من إجراء حلول عاجلة لحل هذه الأزمة، بمخاطبة وزارة الدفاع لتخصيص سيارة الجيش لشحن أسطوانات الغاز من مصدرها في المنطقة الشرقية، إلى فروع الشركة في مختلف أنحاء السعودية، وإيصالها للمستهلكين، إلى أن تم إجراء تنظيمات على بنية الشركة وأعمالها.

شركة الغاز والتصنيع الأهلية تعد إحدى محطات الراحل عبد الله العلي النعيم

تولى النعيم في بدايات سنوات الطفرة أمانة مدينة الرياض، وأقر مشاريع في هذا الخصوص، منها إنشاء 10 بلديات في أحياء متفرقة من الرياض، لتسهيل حصول الناس على تراخيص البناء والمحلات التجارية والخدمات البلدية. ويحسب للراحل إقراره المكتب التنسيقي المتعلق بمشروعات الكهرباء والمياه والهاتف لخدمة المنازل والمنشآت وإيصالها إليها، كما طرح أفكاراً لإنشاء طرق سريعة في أطراف وداخل العاصمة، تولت تنفيذها وزارة المواصلات آنذاك (النقل حالياً)، كما شارك في طرح مراكز اجتماعية في العاصمة، كان أبرزها مركز الملك سلمان الاجتماعي.

تولى النعيم في بدايات سنوات الطفرة أمانة مدينة الرياض