شلل بالنظام المصرفي في السودان

شلل بالنظام المصرفي في السودان
TT

شلل بالنظام المصرفي في السودان

شلل بالنظام المصرفي في السودان

أصيب النظام المصرفي في السودان، أمس الأربعاء، بشلل نتيجة إضراب العاملين ببنك السودان المركزي والبنوك التجارية، وأغلق العاملون بـ«المركزي» الأنظمة المالية ونظم التشغيل الآلية، احتجاجاً على اقتحام قوة عسكرية لمباني البنك بالخرطوم أول من أمس، إثناء تنفيذهم إضراباً عن العمل.
وفي الوقت ذاته توقف العمل في البنوك التجارية، إذ رفض كثير من العاملين ممارسة نشاطهم اليومي، وأعلنوا إضراباً تاماً، فيما حضر إلى البنوك كثير من العملاء وعادوا إدراجهم دون الحصول على أي خدمة.
واعتبر خبراء مصرفيون ومراقبون أن إضراب بنك السودان المركزي قد سبب ضربة قاتلة لاقتصاد ظل يعاني من سكرات انفصال الجنوب، الذي أخذ معه نصف الإيرادات الحكومية وثلثي الحقول النفطية.
ويرون أن توقف البنك المركزي له انعكاسات خارجية، على مستوى الثقة والتعامل مع البنك من قبل البنوك المركزية العالمية. وشهد مقر بنك السودان المركزي أمس تجمعاً كبيراً للعاملين بالبنك، ومعهم العاملون بالبنوك التجارية الأخرى، يرددون هتافات وشعارات تحث على استمرار الاعتصام والإضراب عن العمل.
وبينما تواترت أنباء عن استقالة محافظ بنك السودان المركزي بعد اقتحام القوات المسلحة لمقر البنك، أعلن تجمع المهنيين السودانيين في بيان في صفحته على «فيسبوك» عن إغلاق بنك السودان المركزي لحين إشعار آخر.
وقال محمد عصمت يحيى، القيادي في «المركزي» وتجمع الحرية والتغيير، لوكالة السودان للأنباء، أثناء الوقفة الاحتجاجية التي نفذها العاملون بالبنك أمس، إن إضرابهم مستمر حتى يتم تسليم السلطة من العسكريين إلى المدنيين.
وكان نحو 100 من العاملين في بنك السودان تجمهروا الأسبوع الماضي في ساحة مقر البنك بحي المقرن جنوب الخرطوم؛ حيث نددوا بسياسات «المركزي»، ووجهوا انتقادات حادة لها، خاصة القرار الأخير بفك حسابات بعض الجهات المنضوية للنظام السابق، بعد قرار بتجميدها بداية الشهر الجاري.
وذكر متحدثون باسم البنك خلال التجمهر الذي أعلنوا فيه استعدادهم للعصيان المدني، أن كثيراً من السياسات التي كانت تحدث أمامهم في معظم قطاعات وأقسام البنك المركزي، كموضوع الذهب، لم تكن تعجبهم، وكانوا مجبرين على العمل. وقالوا إنهم يريدون أن يعيدوا لبنك السودان سمعته وهيبته التي فقدها خلال الأعوام الماضية، نتيجة السياسات المالية والنقدية التي قادت البلاد إلى تدهور مريع في الاقتصاد.
وبينما يرى مراقبون أن توقف العمل في بنك السودان المركزي والبنوك التجارية، يعد مؤشراً لانهيار الاقتصاد السوداني؛ حيث يعتبر هو رأس الرمح في إدارة اقتصاد البلاد وهو الذراع المالي والنقدي للدولة، يرى خبراء اقتصاديون وأساتذة جامعات ومحللون اقتصاديون، أن «المركزي» فشل في لعب دوره الاقتصادي كاملاً، الذي يتمثل في دعم الصناعة وزيادة الناتج القومي وخلق فرص العمل.
وقالت الدكتورة ماجدة مصطفى، رئيسة قسم الاقتصاد بجامعة «السودان العالمية»، لـ«الشرق الأوسط»، إن بنك السودان المركزي واجه في السنوات الأخيرة ارتفاع سعر الصرف وانفلات نسبة التضخم وقلة الصادرات وارتفاع الواردات، وذلك منذ انفصال الجنوب عام 2011، آخذاً معه ثلثي الإنتاج النفطي ونصف الإيرادات الحكومية. وأضافت أن البنك خلال الفترة الأخيرة سعى لمعالجة العجز الداخلي والخارجي، وتبني سياسات وأدوات مالية، منها طباعة كميات ضخمة من العملة وضخها في الاقتصاد، من دون أن يوازيها من الإنتاج، مما أدى إلى مزيد من التضخم، وتهاوي قيمة الجنيه السوداني. وبينت أن القيود الصارمة التي فرضها «المركزي» على سعر صرف الجنيه مقابل الدولار، أدت لحدوث الفرق الشاسع بين سعر البنك المركزي وسعر السوق السوداء، مقروناً بالحاجة الضخمة وارتفاع الطلب على الدولار لاستيراد السلع الاستهلاكية والوقود، وغيرها من المستلزمات.
وترى مصطفى أن البنك المركزي فشل في لعب دوره الاقتصادي كاملاً، الذي يتمثل في دعم الصناعة وزيادة الناتج القومي، وأرجعت ذلك إلى الوضع السياسي المضطرب في البلاد، وعدم استقلالية البنك، وتدخل الحكومة في سياساته وأدواته المالية.
من جهته، قال الخبير الاقتصادي والمصرفي الدكتور حامد الأمين لـ«الشرق الأوسط»، إن المطلوب الآن ليس تغييراً شكلياً في بنك السودان، ولا مجرد تغيير الأشخاص، وإنما تغيير السياسات، مشيراً إلى أن بداية إصلاح بنك السودان لن تكون الآن، وإنما بعد الحكومة المدنية التي سوف تعين محافظاً له.
ودعا الأمين إلى ضرورة إجراء دراسة مقارنة لخمسين بنكاً مركزياً عالمياً، لمعرفة كيف تعمل البنوك المركزية، وذلك للخروج بنموذج يناسب السودان. ويرى أن بنك السودان في وضعه الحالي مكبل بإرث سياسات عفى عليها الزمان؛ حيث كان التعيين في الوظائف يتم عبر التمكين في فترة «الإنقاذ»، مما أفقد البنك كثيراً من المهام والوظائف، وأصبح في السنين الأخيرة مجرد مكتب تابع للقصر الجمهوري، مؤكداً على ضرورة تغيير القوانين والعلاقات الرأسية والأفقية.
وبدوره يرى الخبير الاقتصادي الدكتور هيثم محمد فتحي، أن بنك السودان شهد في آخر سنتين بعض قضايا الفساد المالي والإداري، مثل قضية عوائد الصادر، وقضية دولار الدواء المدعوم، بجانب بعض التمويلات المالية لشخصيات نافذة من بعض البنوك التجارية، قائلاً لـ«الشرق الأوسط» إن كل هذه الأمور أسهمت في ضعف القطاع المصرفي الذي كان على حافة الانهيار.



شركات البتروكيميائيات السعودية تتحول للربحية وتنمو 200% في الربع الثالث

موقع تصنيعي لـ«سابك» في الجبيل (الشركة)
موقع تصنيعي لـ«سابك» في الجبيل (الشركة)
TT

شركات البتروكيميائيات السعودية تتحول للربحية وتنمو 200% في الربع الثالث

موقع تصنيعي لـ«سابك» في الجبيل (الشركة)
موقع تصنيعي لـ«سابك» في الجبيل (الشركة)

سجلت شركات البتروكيميائيات المدرجة في السوق المالية السعودية (تداول) تحولاً كبيراً نتائجها المالية خلال الربع الثالث من 2024، مقارنةً بالربع المماثل من العام السابق، لتتحول إلى الربحية وبنسبة نمو تجاوزت 200 في المائة.إذ وصلت أرباحها إلى نحو 525 مليون دولار (1.97 مليار ريال) مقارنةً بتسجيلها خسائر في العام السابق وصلت إلى 516 مليون دولار (1.93 مليار ريال).

ويأتي هذا التحول للربحية في النتائج المالية لشركات القطاع، وتحقيقها لقفزة كبيرة في الأرباح، بفعل ارتفاع الإيرادات ودخل العمليات والهامش الربحي وزيادة الكميات والمنتجات المبيعة.

ومن بين 11 شركة تعمل في مجال البتروكيميائيات مدرجة في «تداول»، حققت 8 شركات ربحاً صافياً، وهي: «سابك»، و«سابك للمغذيات»، و«ينساب»، و«سبكيم»، و«المجموعة السعودية»، و«التصنيع»، و«المتقدمة»، و«اللجين»، في حين واصلت 3 شركات خسائرها مع تراجع بسيط في الخسائر مقارنةً بالربع المماثل من العام السابق، وهي: «كيمانول»، و«نماء»، و«كيان».

وبحسب إعلاناتها لنتائجها المالية في «السوق المالية السعودية»، حققت شركة «سابك» أعلى أرباح بين شركات القطاع والتي بلغت مليار ريال، مقارنةً بتحقيقها خسائر بلغت 2.88 مليار ريال للعام السابق، وبنسبة نمو تجاوزت 134 في المائة.

وحلت «سابك للمغذيات» في المركز الثاني من حيث أعلى الأرباح، رغم تراجع أرباحها بنسبة 21 في المائة، وحققت أرباحاً بقيمة 827 مليون ريال خلال الربع الثالث 2024، مقابل تسجيلها لأرباح بـ1.05 مليار ريال في الربع المماثل من العام السابق.

وفي المقابل، حققت «اللجين»، أعلى نسبة نمو بين الشركات الرابحة، وقفزت أرباحها بنسبة 1936 في المائة، بعد أن سجلت صافي أرباح بلغ 45.8 مليون ريال في الربع الثالث لعام 2024، مقابل أرباح بلغت 2.25 مليون ريال في العام السابق.

مصنع تابع لشركة كيميائيات الميثانول (كيمانول) (موقع الشركة)

توقعات استمرار التحسن

وفي تعليق على نتائج شركات القطاع، توقع المستشار المالي في «المتداول العربي» محمد الميموني خلال حديثه لـ«الشرق الأوسط» أن تستمر حالة التحسن في أرباح شركات قطاع البتروكيميائيات خلال الربعين المقبلين، بفعل حالة ترقب التحسن في الاقتصاد الصيني الذي يعد من أهم وأكبر المستهلكين لمنتجات شركات البتروكيميكال، والاستقرار المتوقع في الأوضاع الجيوسياسية، مضيفاً أن تلك العوامل ستعمل على بدء انفراج في أسعار منتجات البتروكيميكال، وتجاوزها للمرحلة الماضية في تدني وانخفاض أسعارها. وقال «لا أتوقع أن يكون هناك مزيد من التراجع، ومن المتوقع أن يبدأ الاستقرار في أسعار منتجات البتروكيميائيات خلال الربعين المقبلين، وهو مرهون بتحسن أسعار النفط، وتحسن الطلب على المنتجات».

وأشار الميموني إلى أن أسباب تراجع أرباح بعض شركات القطاع أو استمرار خسائرها يعود إلى انخفاض متوسط أسعار مبيعات منتجات البتروكيميكال نتيجة لاتجاه السوق والأسعار نحو الانخفاض بالإضافة إلى فترة الصيانة الدورية لعدد من مصانع شركات القطاع، وكذلك ارتفاع تكلفة وقود الديزل في الفترة منذ بداية يناير (كانون الثاني) 2024 وارتفاع تكلفة الشحن بسبب الاضطرابات الجيوسياسية التي أثرت على مسار الشحن من خلال مسار البحر الأحمر، وارتفاع تكاليف التمويل، ورغم اتجاه أسعار الفائدة نحو الانخفاض منذ سبتمبر (أيلول) الماضي، فإنه لم ينعكس بشكل جيد على وضع نتائج شركات البتروكيميكال حتى الآن، مجدِّداً توقعه بتحسن النتائج المالية لشركات القطاع خلال الربعين المقبلين.

تحسن الكفاءة التشغيلية

من جهته، قال المحلل المالي طارق العتيق، خلال حديثه لـ«الشرق الأوسط» إن شركات القطاع أظهرت منذ بداية السنة تحسناً في الكفاءة التشغيلية لجميع عملياتها وأدائها، وارتفاع في أعداد الكميات المنتجة والمبيعة، وتكيّف شركات القطاع مع تغير ظروف السوق. وقابل ذلك تحسّن ظروف السوق وزيادة الطلب على المنتجات البتروكيماوية، وتحسّن الهوامش الربحية ومتوسط الأسعار لبعض منتجات البتروكيميائيات الرئيسة.

وعّد العتيق تسجيل 8 شركات من أصل 11 شركة تعمل في القطاع، أرباحاً صافية خلال الربع الثالث، أنه مؤشر مهم على تحسن عمليات وأداء شركات القطاع، ومواكبتها لتغير الطلب واحتياج السوق، مضيفاً أن القطاع حساس جداً في التأثر بالظروف الخارجية المحيطة بالسوق وأبرزها: تذبذب أسعار النفط، والظروف والنمو الاقتصادي في الدول المستهلكة لمنتجات البتروكيميائيات وأهمها السوق الصينية، والأحداث الجيوسياسية في المنطقة وتأثيرها على حركة النقل والخدمات اللوجستية، لافتاً إلى أن تلك الظروف تؤثر في الطلب والتكاليف التشغيلية لمنتجات البتروكيميائيات، إلا أنها قد تتجه في الفترة الراهنة باتجاه إيجابي نحو تحسن السوق والطلب على منتجات البتروكيميائيات.